الدبيبة يدعو لإنعاش الحياة السياسية الليبية عبر «دستور دائم وانتخابات نزيهة»

أزمة رئاسة «المجلس الأعلى للدولة» تراوح مكانها في انتظار حسم القضاء

الدبيبة مترئساً اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة مترئساً اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)
TT

الدبيبة يدعو لإنعاش الحياة السياسية الليبية عبر «دستور دائم وانتخابات نزيهة»

الدبيبة مترئساً اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة مترئساً اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)

راوحت أزمة النزاع على رئاسة «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا مكانها، بانتظار الحسم القضائي، بينما أكد رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة أنه «لا يمكن تحقيق الاستقرار، إلا بوضع حد للتفاهمات المؤقتة والظرفية، التي راكمت الأزمات لسنوات».

واعتبر الدبيبة خلال اجتماع، الاثنين، لحكومته في العاصمة طرابلس، أنه «لا بد من إنعاش الحياة السياسية، عبر دستور دائم وانتخابات نزيهة على أسس عادلة وقابلة للتطبيق»، على حد قوله.

الدبيبة خلال اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)

وقال إن قرار «تغيير إدارة المصرف المركزي، جاء لبدء مرحلة مؤسساتية جديدة في هذا المرفق المهم، وإنه بهذا القرار، طوينا صفحة الفردية والمزاجية والابتزاز السياسي باستخدام أهم منصب مالي في البلاد».

وعدّ الدبيبة تحقيق «رغبة الشعب في الذهاب للانتخابات، لتجديد الأجسام التشريعية والتنفيذية، خطاً أحمر» بالنسبة له، وأوضح أنه «لن يقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الفئة التي تعرقل الانتخابات، وتصادر إرادة الشعب».

ولفت إلى أن «كل الحلول التلفيقية التي جربت مراراً وتكراراً، لن تكون هي الخريطة المقبلة»، مخاطباً وزراءه قائلاً: «هناك ملايين تدفع وأسلحة تشحن وأدوات إعلامية ومخابراتية تعمل ليل نهار وذمم تُشترى، هدفها النيل من استقراركم، وضرب اقتصادكم».

وأعلن الدبيبة دخول حكومته «مرحلة جديدة»، متعهداً بأن تكون الأيام المقبلة «حافلة بالمشروعات الكبرى»... وكان قد دعا «لمواجهة المخاطر التي تهدد البلاد من خلال مكافحة المخدرات التي يتم إدخالها عبر المنافذ المختلفة».

وشدد، خلال متابعته مساء الأحد سير العمل بمصلحة الجمارك وخطتها لعام 2025 والصعوبات التي تواجهها في خطة العام الحالي، في اجتماعه مع مدير عام المصلحة اللواء موسى محمد، على ضرورة «محاربة التهرب الجمركي بجميع أشكاله وأنواعه».

كما طالب «بضرورة توحيد الجهود مع الجهات المعنية لمواجهة فصل الشتاء، والقيام بأعمال الصيانة الدورية والعاجلة لمحطات الصرف الصحي».

كما شدد خلال اجتماعه مساء الأحد مع إدارة «الشركة العامة للمياه والصرف الصحي»، على ضرورة استكمال الإجراءات التعاقدية للمشروعات المعتمدة بالبرنامج الوطني للصرف الصحي، وإعطائه الأولوية في الخطة المعتمدة من الحكومة.

من جهة أخرى، نفى خالد المشري، رئيس «المجلس الأعلى للدولة»، في تصريحات تلفزيونية مساء الأحد، وجود لجنة رسمية للتواصل داخل المجلس، ووصف ما يتردد بشأن الوصول إلى حلول لإجراء انتخابات جديدة لرئاسة المجلس، بأنه عارٍ من الصحة، وأضاف: «ارتضينا المسار القضائي فقط، وسنقبل بنتائجه لحل الخلاف بشأن الرئاسة».

صورة وزعتها هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا للقاء رئيسها مع سفراء عرب وأجانب بطرابلس

من جهته، ناقش عبد الله قادربوه، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، في لقائه مساء الأحد بطرابلس، مع مجموعة من سفراء الدول الكبرى وممثلي البعثات الدولية، تقرير الهيئة السنوي للعام الماضي، وفرص الدعم الفني واللوجيستي المتاحة من الشركاء الدوليين.

وشدّد في حضور سفراء عرب وأجانب وبعثتي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على «أهمية التعاون الدولي في تعزيز الشفافية والمساءلة القانونية، وضرورة بناء مؤسسات رقابية قوية تحقق طموحات الشعب الليبي في إدارة رشيدة للموارد العامة».

ونقل عن السفراء التزام دولهم بدعم ليبيا في «المرحلة الحرجة»، مؤكدين «أهمية التعاون المشترك لتعزيز استقرار المؤسسات الليبية والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للشعب الليبي».

بدوره، قال نيكولا أورلاندو سفير الاتحاد الأوروبي إن التقرير سلّط الضوء على «الجهود الحاسمة التي تبذلها الهيئة في الكشف عن الهدر والفساد ومكافحتهما والحفاظ على الثروة الوطنية في ليبيا».

وأكد «ضرورة تكاتف جميع المؤسسات في القضاء على سوء استخدام الموارد العامة، وهو أمر ضروري لاستعادة ثقة المواطنين وجذب الأعمال والاستثمار الأجنبي»، وجدد التزام الاتحاد الأوروبي «بدعم الهيئة من خلال بناء القدرات والمساعدة الفنية».

في شأن مختلف، التقى القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، خلال اجتماعه مساء الأحد في مدينة بنغازي بشرق البلاد، مع أعضاء مجلس إدارة «معرض ليبيا بيلد»، الذين أشادوا بنجاح دورته السابقة في بنغازي، «وبالنهضة والتطور العمراني الذي تشهده المدينة والمنطقة الشرقية، والأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما».

ولفت حفتر إلى «أهمية دعم مثل هذه المعارض التي تسهم في تعزيز التعاون الدولي والمحلي، وتفتح آفاقاً جديدة للتنمية العمرانية».


مقالات ذات صلة

غرق 12 مصرياً أمام طبرق الليبية خلال محاولتهم «الهجرة»

شمال افريقيا من عملية إنقاذ عدد من المهاجرين من طرف خفر السواحل بغرب ليبيا (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

غرق 12 مصرياً أمام طبرق الليبية خلال محاولتهم «الهجرة»

أعلنت مؤسسة حقوقية ليبية انقلاب قارب كان يقل 13 مصرياً، أمام ساحل مدينة طبرق (شرق)، غرق منهم 12 فرداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وميلوني على هامش افتتاح أعمال الدورة الـ30 لمنتدى الأعمال الليبي - الإيطالي (الوحدة)

الدبيبة وميلوني يفتتحان منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي في طرابلس

دشن عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة مع نظيرته الإيطالية المنتدى الاقتصادي الليبي - الإيطالي.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)

دفاع الساعدي القذافي عن الوجود التركي في ليبيا يفجر انتقادات

يرى الساعدي نجل الرئيس الراحل معمر القذافي أن «وجود الأتراك أو المصريين أو أي دولة مسلمة في ليبيا؛ شرط التنسيق مع السلطات أمر محمود ومفيد استراتيجياً ودينياً».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا أبو عجيلة المريمي ضابط الاستخبارات الليبية السابق (أرشيفية - رويترز)

عائلة الليبي المتهم بتفجير «لوكربي» تطالب بعلاجه وزيارته في أميركا

طالبت عائلة أبو عجيلة المريمي، ضابط الاستخبارات الليبي السابق، وزارةَ الخارجية التابعة لحكومة الدبيبة، بتسهيل سفرها إلى أميركا؛ لزيارته في محبسه.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المبعوث الفرنسي بول سولير في لقاء مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في طرابلس (السفارة الفرنسية)

تحرك دبلوماسي فرنسي «نشط» في ليبيا... ماذا يستهدف؟

تكثَّفت المساعي الدبلوماسية الفرنسية بين الأفرقاء الليبيين، على مدار شهر أكتوبر الحالي عبر سلسلة لقاءات أجراها بول سولير مبعوث الرئيس إيمانويل ماكرون إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«بعثة تقصي الحقائق الأممية»: حجم العنف الجنسي في السودان «مهول»

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)
مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)
TT

«بعثة تقصي الحقائق الأممية»: حجم العنف الجنسي في السودان «مهول»

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)
مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)

حمّلت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان «قوات الدعم السريع» في السودان، المسؤولية عن ارتكاب عنف جنسي على نطاق واسع و«بدرجة مهولة»، في أثناء تقدمها في مناطق سيطرتها، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي والخطف والاحتجاز ضمن ظروف ترقى لـ«الاستعباد الجنسي». وقالت إن «الحالات» المنسوبة للجيش السوداني وحلفائه، محدودة ولا تزال بحاجة لمزيد من التحقيقات.

وقالت البعثة، في تقرير صادر الثلاثاء، إنها خلصت إلى وجود «أسباب معقولة» تشير إلى أن هذه الأفعال ترقى لـ«جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، وتتضمّن التعذيب والاغتصاب والاستعباد الجنسي، والاضطهاد على أسس إثنية وجنسانية.

ونسبت البعثة «حالات» لـ«القوات المسلحة السودانية» والجماعات المتحالفة معها، بيد أنها قالت إنها تحتاج لمزيد من التحقيق لتحديد نطاقها وأنماطها. وأوضحت أن غالبية حالات الاغتصاب والعنف الجنسي والجنساني ارتكبتها «قوات الدعم السريع» في ولايات الخرطوم ودارفور والجزيرة، إرهاباً وعقاباً لمدنيين متهمين بصلاتهم بالطرف الآخر.

قلق على المدنيين

وقال رئيس البعثة محمد شاندي عثمان بحسب التقرير، إن بعثته ذُهلت مما سمّاه «النطاق المهول للعنف الجنسي الذي نقوم بتوثيقه في السودان»، وتابع: «وضع المدنييّن الأكثر حاجة، لا سيما النساء والفتيات من جميع الأعمار، يبعث على القلق الشديد، ويتطلّب معالجة عاجلة».

الدمار الذي حل بمستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)

وقالت البعثة إن دارفور شهدت أعمال عنف جنسية قاسية، تحت التهديد بالأسلحة النارية والبيضاء والسياط؛ لترهيب وإكراه الضحايا، بالازدراء، والعبارات العنصرية والتحيز الجنسي، تحت التهديد بالقتل، وإن هذه الأفعال تتم أمام أفراد العائلة.

وقطعت البعثة بأنها عثرت على «أسباب معقولة» تؤكد أن «قوات الدعم السريع» والميليشيات المتحالفة معها «ارتكبت الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي»، وانتهاكات أخرى ضد القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ولم ترد «قوات الدعم السريع»، التي تقاتل الجيش السوداني، على طلب للتعليق. وسبق أن قالت إنها ستحقق في الادعاءات، وستقدم الجناة إلى العدالة.

تجنيد الأطفال

وقالت البعثة في التقرير إنها وثّقت عدداً أقل من حالات العنف الجنسي التي تَورَّط فيها الجيش السوداني، وإن الأمر يحتاج إلى مزيد من التحقيق. وأضافت أيضاً أن لديها تقارير موثقة تفيد بأن الطرفين المتحاربين جنَّدا أطفالاً. ووجدت البعثة، الشهر الماضي، أن الجيش و«قوات الدعم السريع» ارتكبا انتهاكات جسيمة؛ مثل التعذيب والاعتقال القسري.

مرضى بمستشفى مؤقت تابع لمنظمة «أطباء بلا حدود» في أدري بتشاد على الحدود مع السودان (رويترز)

وإلى جانب العنف الجنسي، ذكر تقرير البعثة أن هناك عنفاً ضد الحياة والسلامة البدنية، لا سيما التعذيب، وأشكال مختلفة من «المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية المهينة والمُحِطَّة للكرامة الإنسانية»، بما في ذلك «اختطاف النساء والفتيات»، واحتجازهن وحبسهن لأغراض جنسية.

ودعت عضو البعثة، جوي نجوزي إيزيلو، لوقف الإفلات من العقاب، ومحاسبة الجناة، وقالت: «النساء والفتيات والفتيان والرجال في السودان الذين يتعرَّضون بشكل متزايد للعنف الجنسي والجنساني بحاجة إلى الحماية». وحذَّرت من عدم المساءلة. وأضافت: «دون المساءلة، ستستمر دوامة الكراهية والعنف. يجب علينا وقف الإفلات من العقاب، ومحاسبة الجناة».

وذكر التقرير أنه بسبب غياب الرعاية الطبية والدعم النفسي والاجتماعي، يتفاقم تأثر ضحايا الاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى بهذه الجرائم؛ نتيجة لتدمير المرافق الطبية أو نهبها أو احتلالها من قبل الطرفَين المتحاربَين، بجانب معاناة أفراد وعائلات ضحايا العنف الجنسي بشدّة من الوصمة الاجتماعية، ولوم الضحية والشعور بالعار.

أحد مخيمات اللاجئين في تشاد حيث يئنّ العشرات من العائلات الفارّة من الحرب في دارفور (نيويورك تايمز)

ودعت عضو البعثة، منى رشماوي، لتوسيع نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ليشمل أنحاء السودان كافة، وللحد من مواصلة الجناة للجرائم والتسبب في الإرهاب والخراب وتمزيق السودان، وإنشاء آلية قضائية مستقلة تعمل بالتنسيق والتكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، من أجل «تحميل مسؤولية وعار هذه الأعمال الشائنة للجناة دون سواهم».

وأنشأ مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «بعثة تقصي الحقائق» من 3 أعضاء، وفوَّضها التحقيق في الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ويتضمَّن تحقيقها الجرائم ضد اللاجئين، والجرائم المرتبطة بالنزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» وغيرهما من أطراف النزاع، وإثبات الوقائع، وظروفها، وأسبابها.

تم تمديد ولاية البعثة لسنة جديدة، تستمر حتى 1 أكتوبر 2025، ويترأسها القاضي التنزاني السابق محمد شاندي عثمان، وعضوية المحامية النيجرية جوي إيزيلو، والأردنية منى رشماوي.

14 مليون نازح

وتسببت حرب السودان في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، مع مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 14 مليون شخص، وانتشار الجوع على نطاق واسع وتدخل قوى أجنبية. وقالت مديرة «المنظمة الدولية للهجرة»، إيمي بوب، الثلاثاء، إن أكثر من 14 مليون شخص نزحوا من منازلهم في السودان؛ إما داخل البلاد وإما لجأوا إلى خارج الحدود، بينهم نحو 200 ألف شخص نزحوا منذ الشهر الماضي.

وأوضحت المديرة العامة لـ«المنظمة الدولية للهجرة» للصحافيين: «11 مليون شخص نزحوا في داخل البلاد، و3.1 مليون شخص هم أولئك الذين عبروا الحدود». وأضافت لاحقاً أن الرقم الإجمالي يشمل بعض الأشخاص الذين نزحوا قبل بدء الحرب الأهلية في أبريل (نيسان) 2023.