10 % من سكان موريتانيا أجانب... أين الخطر؟

وزير الخارجية: ضغط المهاجرين يسبب تحديات للتعايش السلمي

مئات آلاف اللاجئين يستقرون منذ عشر سنوات في الشرق الموريتاني (الأمم المتحدة)
مئات آلاف اللاجئين يستقرون منذ عشر سنوات في الشرق الموريتاني (الأمم المتحدة)
TT

10 % من سكان موريتانيا أجانب... أين الخطر؟

مئات آلاف اللاجئين يستقرون منذ عشر سنوات في الشرق الموريتاني (الأمم المتحدة)
مئات آلاف اللاجئين يستقرون منذ عشر سنوات في الشرق الموريتاني (الأمم المتحدة)

دقت الحكومة الموريتانية ناقوس الخطر الذي يمثله تدفق أمواج المهاجرين عليها، بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية الصعبة في دول أفريقيا جنوب الصحراء، وقالت إن عدد اللاجئين والمهاجرين في موريتانيا أصبح يمثل 10 في المائة من مجموع السكان، وهو ما يؤثر سلباً على «التعايش السلمي» في البلاد.

وتشير الأرقام الصادرة عن الحكومة الموريتانية إلى أن قرابة نصف مليون مهاجر يقطنون في موريتانيا، وهو ما يمثل نسبة 10 في المائة من إجمالي تعداد السكان البالغ خمسة ملايين نسمة، حسب آخر إحصاء رسمي صادر عن الحكومة.

كثرة أعداد المهاجرين تزيد الضغط على الموارد المحلية المحدودة (حكومة موريتانيا)

وقال وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك، خلال افتتاح مؤتمر المانحين لدعم اللاجئين في الساحل وحوض بحيرة تشاد، السبت الماضي، في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، إن موريتانيا «تواجه تحديات جدية وتهديداً لأمنها بسبب موجات المهاجرين». وأوضح أن موريتانيا تستضيف أكثر من 400 ألف شاب مهاجر من دول الساحل، بالإضافة إلى آلاف المهاجرين غير الشرعيين.

وأشار الوزير إلى أن بلاده «تحتضن أكثر من 250 ألف لاجئ مالي في مخيم أمبرة»، وهو مخيم للاجئين قرب الحدود مع دولة مالي موجود منذ تسعينات القرن الماضي، ولكنه يستقبل اللاجئين منذ 2012 مع تجدد التمرد المسلح في شمال مالي.

وأكد أن المخيم «بلغ منذ أكثر من سنة أقصى طاقته الاستيعابية»، لأنه يعتمد بشكل أساسي على «الموارد الذاتية المحدودة»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن الاكتظاظ في المخيم «دفع اللاجئين الجدد للتوجه إلى قرى موريتانية أخرى، متضررة أصلاً من تأثيرات التغيرات المناخية».

لاجئون ماليون في مخيم أمبرة شرق موريتانيا (الأمم المتحدة)

وقال الوزير أيضاً إنه «من الطبيعي أن تتولد عن هذا الأمر تحديات كبيرة تؤثر سلباً على التعايش السلمي، وتوفير المياه، والصرف الصحي، والمأوى، والغذاء... وفي ذلك يتساوى اللاجئون مع المجتمعات المستضيفة».

وخلص الوزير إلى أن موريتانيا «ملتزمة بدمج اللاجئين في أنظمة الحماية الاجتماعية والتعليم الوطنية، وتحويل مخيم أمبرة إلى مؤسسة إنسانية متكاملة ومستدامة». وقال إن موريتانيا «وجهت نسبة كبيرة من موارد قواتها الأمنية لإدارة تدفق اللاجئين والمهاجرين، مما يؤثر على قدرتهم على الاستجابة للتحديات الأمنية الأخرى».

القلق الرسمي الموريتاني، يرافقه قلق شعبي من أن تتحول موريتانيا من بلد عبور لمهاجري دول أفريقيا جنوب الصحراء نحو أوروبا، لتصبح بلد استقرار، خاصة بعد اتفاقيات التعاون التي وقعتها مؤخراً مع إسبانيا والاتحاد الأوروبي لمحاربة الهجرة غير النظامية.

وفي هذا السياق، يقول الخبير في الشأن الأفريقي، محمد الأمين ولد الداه، إن «تصريحات وزير الخارجية الموريتاني تعكس رغبة زائدة من الحكومة الموريتانية في إظهار دورها في مكافحة الهجرة السرية، وسعيها إلى تقدير أكثر لهذا الدور من طرف شركائها».

مهاجرون أفارقة في نواكشوط يبيعون بضائع تقليدية من أجل تمويل رحلتهم إلى أوروبا عبر «قوارب الموت» (أ.و.ب)

وأوضح الخبير أن موريتانيا «أصبحت في السنوات الأخيرة محطة رئيسية لعشرات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، الذين يسعون للعبور إلى أوروبا. ويعكس هذا الوضع ضغوطاً زائدة على الخدمات العامة والبنية التحتية في البلاد».

وأضاف أن الحكومة وقعت اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، تشمل دعماً مالياً يصل إلى 200 مليون يورو، بهدف تعزيز القدرات الأمنية والحد من تدفق المهاجرين، بالإضافة إلى تشديد القوانين المتعلقة بتهريب البشر، وإنشاء محاكم متخصصة لمكافحة هذه الظاهرة، ولكن هذه الإجراءات «أثارت جدلاً داخلياً في موريتانيا، حيث يخشى البعض من أن تتحول البلاد إلى نقطة استقرار دائم لهؤلاء المهاجرين، ما يزيد العبء على الاقتصاد الوطني والخدمات الأساسية».

ويشير الخبير في الشأن الأفريقي، إلى أنه أصبح من الملاحظ في موريتانيا «سيطرة العمالة الأجنبية التي تأتي من أفريقيا جنوب الصحراء ومن دول الساحل على قطاعات اقتصادية كثيرة وحيوية، مثل الصيد التقليدي، واستخراج الذهب».


مقالات ذات صلة

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

الولايات المتحدة​ مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

تبدو ضفاف نهر يفصل بين المكسيك وأميركا شبه مهجورة، وغدت ملاجئ مخصصة للمهاجرين شبه خاوية، بعد أن كانت مكتظة سابقاً، نتيجة سياسات أميركية للهجرة باتت أكثر صرامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (أ.ف.ب)

تقرير: إيلون ماسك عمل في أميركا بشكل غير قانوني قبل 30 عاماً

كشف تقرير صحافي جديد أن الملياردير إيلون ماسك عمل لفترة وجيزة بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة بعد تركه برنامجاً للدراسات العليا في كاليفورنيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا السويد تعزز المساعدات للدول القريبة من مناطق النزاع في محاولة لخفض تدفق المهاجرين (إ.ب.أ)

الحكومة السويدية تخصص مساعدات إنمائية للدول التي يتدفق منها المهاجرون

أعلنت السويد أنها ستعزز المساعدات للدول القريبة من مناطق النزاع وعلى طرق الهجرة، في أول بادرة من نوعها تربط بين المساعدات الإنمائية ومحاولة خفض تدفق المهاجرين.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
شمال افريقيا جانب من ترحيل مهاجرين ينتمون إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا)

ليبيا ترحّل 165 نيجيرياً إلى بلدهم... وتتأهب للمزيد

أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا أنه رحّل 165 مهاجراً نيجيرياً عن طريق مطار بنينا الدولي في بنغازي إلى بلدانهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (د.ب.أ)

ترمب يصر: مهاجرون يأكلون الحيوانات الأليفة

كرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أمس (الأربعاء)، ادعاءه بأن المهاجرين الهايتيين في سبرينغفيلد بولاية أوهايو يأكلون حيوانات جيرانهم الأليفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

المغرب: اعتقال ناشط حقوقي بتهمة «نشر أخبار زائفة»

الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني (الشرق الأوسط)
الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني (الشرق الأوسط)
TT

المغرب: اعتقال ناشط حقوقي بتهمة «نشر أخبار زائفة»

الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني (الشرق الأوسط)
الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني (الشرق الأوسط)

ألقت الشرطة المغربية القبض على الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني للاشتباه في أنه أبلغ عن «جريمة خيالية يعلم بعدم حدوثها، ونشر أخبار زائفة عديدة» على مواقع التواصل الاجتماعي، وفق ما أوردته وكالة «رويترز» للأنباء، اليوم الخميس.

وقال وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، في بيان، اليوم الخميس، إن عبد المومني، الذي أُلقي القبض عليه أمس الأربعاء، سيظل «تحت تدبير الحراسة النظرية»، على ذمة التحقيق.

وجاء في بلاغ للوكيل العام أنه «على أثر ما نُشر ببعض وسائط التواصل الاجتماعي من معطيات مغلوطة حول ظروف وملابسات البحث والاحتفاظ بأحد الأشخاص تحت تدبير الحراسة النظرية، فإن النيابة العامة لدى هذه المحكمة قد أمرت بفتح بحث قضائي في مواجهة المعني بالأمر من أجل الاشتباه في ارتكابه أفعالاً جرمية يعاقب عليها القانون، لا سيما التبليغ عن جريمة خيالية يعلم بعدم حدوثها، ونشر أخبار زائفة عديدة».

وكان عبد المومني كتب على «فيسبوك»، خلال الزيارة الرسمية التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الأسبوع إلى الرباط، أن المغرب يستخدم الهجرة والاستخبارات الأمنية والتجسس للضغط على فرنسا، لكنه لم يقدم أي أدلة على ذلك.

وزار ماكرون المغرب في الوقت الذي يسعى فيه البلدان إلى طيّ صفحة توتر العلاقات الدبلوماسية، وهو التوتر الذي استمر سنوات، وكانت قضية الهجرة من أسبابه.

وقالت سعاد براهمة، محامية عبد المومني، إن اعتقال موكلها يعد «انتهاكاً لحرية التعبير»، مضيفة: «لقد جرى توقيفه بسبب نشاطه السياسي وآرائه، التي عبر عنها بحرية على وسائل التواصل الاجتماعي».