البرهان يتوعد بمواصلة الحرب وتسليح المدنيين

واشنطن تفرض عقوبات على مدير «الصناعات الدفاعية» في السودان

قائد الجيش الفريق البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان 28 أغسطس (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان 28 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

البرهان يتوعد بمواصلة الحرب وتسليح المدنيين

قائد الجيش الفريق البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان 28 أغسطس (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان 28 أغسطس (أ.ف.ب)

توعد قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، بمواصلة حربه ضد «قوات الدعم السريع» حتى هزيمتها تماماً، رافضاً التفاوض معها، ومؤكداً أن لقاءه الوحيد مع هذه القوات سيكون عبر ميدان القتال. وأضاف البرهان، في خطاب جماهيري بمنطقة البطانة، أن الجيش على استعداد لتسليح كل من أراد أن يتسلح من المدنيين، مشيراً إلى أن الجيش قد فعل ذلك من قبل مع مجموعات أخرى من المدنيين.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان، أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات يوم الخميس على ميرغني إدريس سليمان، وهو شخصية بارزة ساهمت في جهود القوات المسلحة السودانية للحصول على أسلحة تخوض بها الحرب ضد «قوات الدعم السريع»، وفق ما ذكرت وكالة «رويترز».

وجاء في البيان أن إدريس بصفته مدير منظومة الصناعات الدفاعية، الذراع الرئيسية للجيش السوداني في شراء الأسلحة، «كان... أساس صفقات الأسلحة التي غذّت وحشية الحرب ونطاقها». وقال برادلي سميث القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، إن «إجراء اليوم يؤكد الدور الأساسي الذي لعبه أفراد رئيسيون مثل ميرغني إدريس سليمان في شراء الأسلحة واستمرار العنف وإطالة أمد القتال في السودان». وفرضت وزارة الخزانة عقوبات على منظومة الصناعات الدفاعية العام الماضي.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على مناطق كبيرة من السودان في صراع مع الجيش تقول الأمم المتحدة إنه تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وأسفرت الحرب عن نزوح أكثر من عشرة ملايين شخص، ومعاناة سكان بعض المناطق من الجوع الشديد أو المجاعة، وجذبت تدخلاً من قوى أجنبية قدمت دعماً مادياً للجانبين.

مدينة السوكي

استعاد الجيش السوداني مدينة السوكي في ولاية سنار بوسط السودان، وذلك بعد يوم واحد من استعادته مدينة الدندر، في حين انسحبت «قوات الدعم السريع» التي كانت تسيطر على المدينة منذ يوليو (تموز) الماضي، دون أن يصدر عنها تعليق.

وأدان التحالف المدني «تقدم»، انتهاكات طرفَي الحرب، ودعا المجتمعين الإقليمي والدولي لممارسة المزيد من الضغوط من أجل وقف فوري للحرب، في حين لقي العشرات مصرعهم في هجمات انتقامية أدت لنزوح شامل من مدن وقرى شرق ولاية الجزيرة هرباً من الاشتباكات العسكرية. ونقلت منصات مستقلة وموالية للجيش مقاطع فيديو لجنود الجيش وهم يهللون ويكبرون فرحين باستعادة المدينة، وذكرت أن الجيش دخل المدينة بذات الطريقة التي دخل بها مدينة الدندر.

وفي يوليو الماضي، سيطرت «قوات الدعم السريع» على معظم محليات ولاية سنار، باستثناء محلية واحدة، لكن الجيش ألحق بـ«الدعم السريع» هزيمة في منطقة «جبل موية»، وعزل قواتها في مدينة سنجة حاضرة الولاية التي لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع». وتوقعت منصات موالية للجيش، استعادة كامل الولاية، استناداً إلى أن «قوات الدعم السريع» أصبحت معزولة وتعاني من نقص الذخائر والوقود، وأن الجيش يحاصرها من كافة الجهات. ولم تعلق «قوات الدعم السريع» على خسارتها لمدينة السوكي، إلّا أنها كانت قد ذكرت، إثر خسارتها لمدينة الدندر، أن قواتها انسحبت إلى سنجة قبل يومين من استلام الجيش لها، وفقاً لخطة القيادة العسكرية.

وقال شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن عشرات الآلاف من المدنيين نزحوا من ديارهم في تلك المناطق، هرباً من اشتعال الاشتباكات المستمرة منذ قرابة الأسبوع، في حين أدان تحالف «تقدم» الانتهاكات في شرق ولاية الجزيرة، واستهداف طيران الجيش للمدنيين، وطالب التحالف طرفَي القتال بالالتزام بحماية المدنيين، وحثّ المجتمع الدولي على ممارسة مزيد من الضغط من أجل وقف فوري للحرب.

الحرب أجبرت الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أرشيفية - أ.ف.ب)

انتهاكات واسعة النطاق

وقال «تقدم» في بيان: «إن تطور الأحداث في شرق الجزيرة، والانتهاكات الواسعة النطاق على مدن رفاعة وتمبول والهلالية، وقرى وبلدات شرق الجزيرة، وما صاحبها من عمليات ترويع ضخمة بلغت نزع الحق في الحياة، وممارسة عمليات نهب واسع للأسواق الرئيسية... فاقمت الأوضاع الإنسانية، وأدت لنزوح جماعي واسع من المنطقة». كما ندد البيان باستهداف الطيران الحربي التابع للقوات المسلحة (الجيش) لأحد المساجد في مدينة ود مدني، والذي أدى إلى مقتل عشرات المدنيين أثناء الصلاة، قائلاً: «هذا يؤكد عدم إيلاء طرفَي الحرب أي اهتمام بالمواثيق والعهود الدولية، حيال حماية المدنيين».

وحث «تقدم» طرفَي القتال على الالتزام بالقوانين الدولية وما تم الاتفاق عليه في «إعلان جدة» الإنساني، خاصة مبدأ «حماية المدنيين وعدم تعريض حياتهم للخطر»، وطلب من القوى المحلية والإقليمية والدولية الشروع الجدي في مساعي وقف الحرب، «والمضي قدماً في التأسيس لعهد جديد يُخرج البلاد من دائرة الحروب والانقلابات ويعيدها إلى مسار التحول المدني الديمقراطي، وصولاً إلى دولة الحرية والعدالة والسلام».

ومنذ انشقاق قائد «قوات الدعم السريع» في ولاية الجزيرة، أبو عاقلة كيكل، وإعلانه الانضمام إلى الجيش في الأسبوع الماضي، شهدت منطقة شرق ولاية الجزيرة انتهاكات واسعة في عدد من القرى والبلدات في المنطقة المعروفة باسم «البطانة».

وإحدى هذه المدن هي مدينة مبول التي شهدت معارك شرسة بين «قوات الدعم السريع» والجيش، انتهت بهزيمة الجيش، في حين شنت «قوات الدعم السريع» حملة انتقام واسعة في المدينة إثر احتفال المواطنين بوصول الجيش إلى مدينتهم قبل قيام «قوات الدعم السريع» بطرده.


مقالات ذات صلة

«بعثة تقصي الحقائق الأممية»: حجم العنف الجنسي في السودان «مهول»

شمال افريقيا مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)

«بعثة تقصي الحقائق الأممية»: حجم العنف الجنسي في السودان «مهول»

حمّلت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان «قوات الدعم السريع» في السودان، المسؤولية عن ارتكاب عنف جنسي على نطاق واسع و«بدرجة مهولة».

شمال افريقيا عناصر من قوات الأمن السودانية يشاركون في حفل افتتاح مقر في مدينة بورتسودان التي يسيطر عليها الجيش السوداني 28 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ميليشيا «الأورطة الشرقية» تعلن نشر قواتها في شرق السودان

أعلنت ميليشيا «الأورطة الشرقية»، الثلاثاء، نشر قواتها في شرق السودان، بالتنسيق مع قوات الجيش الذي يخوض حرباً طاحنة مع «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
العالم العربي نازحون من المناطق الشرقية لولاية الجزيرة السودانية يصلون إلى مدينة القضارف أول من أمس (أ.ف.ب)

أكثر من 14 مليون نازح في السودان

نزوح أكثر من 14 مليون شخص من منازلهم في السودان.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
شمال افريقيا النساء يخشين الانتهاكات ضدهن في الحروب (رويترز)

جدل في السودان حول استخدام الاغتصاب «أداة في الحرب»

يدور بالسودان جدل حول الاتهامات باستخدام الاغتصاب «أداة في الحرب»، حيث توجه أصابع الاتهام إلى «قوات الدعم السريع» التي تنفي وتعدها اتهامات كيدية لتشويه سمعتها.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز) play-circle 00:24

غوتيريش: السودان يعاني «كابوس» الجوع والأمراض والعنف الإثني

أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاثنين، أن الشعب السوداني الذي يواجه معاناة كبيرة كل يوم، يعيش «كابوساً» من الجوع والأمراض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دفاع الساعدي القذافي عن الوجود التركي في ليبيا يفجر انتقادات

الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)
الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)
TT

دفاع الساعدي القذافي عن الوجود التركي في ليبيا يفجر انتقادات

الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)
الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)

أثار دفاع الساعدي، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، عن الوجود التركي في ليبيا منذ مئات السنين «موجة انتقادات واسعة في البلاد، ولا سيما بين أنصار النظام السابق، الذين عدوا حديثه تكريساً للاحتلال».

والساعدي، الذي يقيم منذ خروجه من بلده على ما يبدو في تركيا، بدأ ينشط في التدوين على حساب منسوب له عبر منصة «إكس» في قضايا تتعلق بالشأن الداخلي، وبعض القضايا العربية.

وقال الساعدي إن «إخوتنا الأتراك كانوا معنا عبر التاريخ، يدافعون عن الإسلام والعرب والمسلمين منذ مئات السنين، وعندما ضعفت الدولة العثمانية احتُلت فلسطين وتشققت الكتلة الإسلامية، وجاءت (سايكس بيكو)، ووضعت حدودها».

من لقاء سابق بين رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة والرئيس التركي (الوحدة)

وعدّ الساعدي عبر منصة «إكس» أن «وجود الأتراك أو المصريين، أو أي دولة مسلمة في ليبيا؛ بشرط التنسيق مع السلطات، أمر محمود ومفيد استراتيجياً ودينياً».

وعدّ ليبيون الحديث المنسوب للساعدي «تبريراً غير مقبول» للوجود التركي في ليبيا عبر عناصر (المرتزقة) السوريين، الموجودين في البلاد منذ عام 2019.

ووقعت اتفاقية «سايكس بيكو» بين فرنسا وبريطانيا بشكل سري على اقتسام تركة «الدولة العثمانية» على الأراضي العربية الواقعة شرق المتوسط عام 1916.

وسبق أن برّأت دائرة الجنايات بمحكمة استئناف طرابلس الساعدي في أبريل (نيسان) 2018، من تهمة قتل وتعذيب لاعب كرة القدم عام 2005. وظل النجل الثالث للرئيس الراحل قابعاً في السجن إلى أن أطلق سراحه في 6 من سبتمبر (أيلول) 2021، ليغادر البلاد متوجهاً إلى تركيا، وسط تباين الآراء حول إقامته راهناً.

فريق عسكري تركي خلال إشرافه على تدريب عسكريين بمدرسة عسكرية ضواحي طرابلس (الشرق الأوسط)

وعدّ مصطفي الفيتوري، الكاتب والأكاديمي الليبي، حديث الساعدي «تبريراً للاحتلال التركي السابق لقرون متواصلة بحجة نصر الإسلام وحماية المسلمين»، ورأى أن «الأخطر من هذا؛ التبرير لاتفاقية فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي السابق، مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عام 2019، التي أعطت لبلاده الحق في إقامة قواعد عسكرية في ليبيا، بالإضافة لجلب عساكرها ومرتزقتها، بعد أن كان بلدنا محرّماً على القواعد والقوات الأجنبية».

وجاءت تصريحات الساعدي في أعقاب انطلاق «حراك اجتماعي ليبي» يطالب بإخراج عناصر «المرتزقة» من البلاد، يتزعمه موالون للنظام السابق، الأمر الذي أثار استغرابهم. و«للعلم لا توجد قوات مصرية في أي منطقة بالأراضي الليبية».

ووجه الفيتوري حديثه للساعدي، قائلاً: «إن كنت تعني بالتنسيق توقيع الاتفاقيات مثلاً فذلك هو الضلال بعينه؛ ومن هذا المنطلق، فإنه إذا وقعت السلطة الليبية اتفاقية تطبيع مع الصهاينة فعلينا أن نقبلها لأنها تمت وفق اتفاق».

رئيس الأركان التركي خلال زيارة سابقة لمركز قيادة العمليات التركي الليبي في طرابلس (وزارة الدفاع التركية)

وبعدما قال الفيتوري إن هذا هو حساب الساعدي على «إكس»، أكد على ضرورة «رفض أي اتفاق يأتينا بالقواعد والقوات الأجنبية»؛ وأرجع أسباب الرفض لأن ذلك «يعد انتقاصاً من السيادة الليبية الوطنية، ويعني تراجعاً عن أهم درس تعلمناه عبر 42 عاماً؛ وهو رفض الوجود الأجنبي المسلح، وبأي صيغة على الأرض الليبية». في إشارة إلى عهد القذافي.

وكان العجمي العتيري، قائد كتيبة «أبو بكر الصديق»، والمسؤول السابق عن تأمين سيف الإسلام، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، إبان فترة احتجازه بمدينة الزنتان، قد دعا لإطلاق حملة شعبية لإخراج القوات التركية من ليبيا.

واستدعت تصريحات الساعدي انتقادات عدة من أطراف مختلفة، بينا التمس له البعض الأعذار، وهو ما أقدم عليه صاحب حساب «سيفيون ونفتخر» على موقع التواصل «فيسبوك»، بقوله: «تصريحات الساعدي القذافي لا تعني بالضرورة أنها صحيحة، أو هو من كتبها. الإشارة واضحة إلى أنه تحت الإقامة الجبرية».

بينما رأى صاحب حساب آخر يدعى «القاضي المعلم» أن «من حكموا ليبيا لا يهمهم إلا مصلحتهم فقط»؛ مستغرباً وصف الساعدي للأتراك الذين يحتلون طرابلس بـ«الإخوة».

والساعدي الذي يبدأ عقده السادس، كان لاعب كرة قدم سابقاً، وحاول من دون جدوى أن يؤسس مسيرة كروية في الدوري الإيطالي، قبل أن يقود وحدة نخبة عسكرية في ليبيا.