ليبيا: تحديات أمنية واقتصادية أمام القمة المغاربية «المصغرة»

«الرئاسي» يبحث تحديد موعد عقدها في طرابلس مع باقي الأطراف

الرئيس التونسي يتوسط تبون والمنفي خلال قمة تونس في أبريل الماضي (الرئاسة التونسية)
الرئيس التونسي يتوسط تبون والمنفي خلال قمة تونس في أبريل الماضي (الرئاسة التونسية)
TT

ليبيا: تحديات أمنية واقتصادية أمام القمة المغاربية «المصغرة»

الرئيس التونسي يتوسط تبون والمنفي خلال قمة تونس في أبريل الماضي (الرئاسة التونسية)
الرئيس التونسي يتوسط تبون والمنفي خلال قمة تونس في أبريل الماضي (الرئاسة التونسية)

تنتظر «القمة المغاربية المصغرة»، المقرر عقدها في العاصمة الليبية طرابلس، مجموعة من التحديات، وفي مقدمتها الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية.

وبحسب مصادر مقربة من المجلس الرئاسي في طرابلس، فإن المشاورات تتواصل راهناً بين ليبيا وتونس والجزائر بشأن موعد وجدول أعمال «قمة الترويكا المغاربية»، المقرر عقد نسختها الثالثة في ليبيا. علما بأنه سبق أن تأجل اللقاء منذ يوليو (تموز) الماضي، رغم اتفاق قادة الدول الثلاث، خلال اجتماعهم الأول في فبراير (شباط) الماضي، على دورية انعقاده كل 3 أشهر.

وإلى جانب الملفات الأمنية والاقتصادية والسياسية، يتوقع مراقبون أن تتطرق القمة إلى عمليات تأمين الحدود وقضية اللاجئين، بالإضافة إلى التبادل التجاري بين الدول المغاربية.

صورة للرؤساء الثلاثة خلال قمة تونس في أبريل الماضي (الرئاسة التونسية)

وقال مصدر مقرب من المجلس الرئاسي لـ«الشرق الأوسط» إن المشاورات الفنية «متواصلة بين الوزارات المعنية في الدول الثلاث، لكنها لم تستقر على موعد القمة النهائي، والذي ينتظر تحديده قريباً».

ويوم الأحد الماضي، بحث وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ونظيره التونسي محمد علي النفطي، «التحضيرات الخاصة بانعقاد القمة الثلاثية المقبلة بين الجزائر وتونس وليبيا في طرابلس»، حسب بيان مشترك صدر عقب لقاء الوزيرين. فيما لم يوضح البيان جدول أعمال وموعد هذه القمة.

وظهرت للعلن تساؤلات حول عدم عقد القمة بحسب اتفاق القادة على عقدها كل ثلاثة أشهر في أحد البلدان الثلاثة، لكن المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الجزائري، يحيى بوزيدي، أرجع ذلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «الانشغال بالاستحقاقات الانتخابية الرئاسية في الجزائر وتونس مؤخراً».

قيس بن سعيد مستقبلاً المنفي (المجلس الرئاسي الليبي)

ومع انطلاق التحضيرات لـ«الترويكا المغاربية» المصغرة على مستوى المشاورات الفنية أو الدبلوماسية بلقاء الوزيرين التونسي والجزائري، لم تتضح على نحو رسمي أجندة الاجتماع، فيما يتوقع مراقبون أن تتمحور المشاورات حول ما اتفق عليه القادة خلال اجتماعهم الأخير في تونس.

وخلال قمة تونس، اتفق قيس سعيد ومحمد المنفي وعبد المجيد تبون على «تنسيق الجهود من مخاطر وتبعات الهجرة غير النظامية، وتنمية المناطق الحدودية، وتوحيد الموقف في الخطاب من مختلف الدول المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية، بين دول شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية جنوب الصحراء»، وفق بيان مشترك.

ويتوقع الباحث السياسي الجزائري، يحيى بوزيدي، أن «تستكمل الملفات التي جرى الاتفاق عليها في قمة تونس، وبحث المستجدات الثنائية والثلاثية، والتطورات الإقليمية وانعكاساتها على الدول الثلاث، وسبل التنسيق لمواجهتها»، مشيراً على وجه الخصوص إلى «المناطق الحدودية وقضايا الهجرة واللجوء، خاصة في ظل التطورات التي تشهدها منطقة الساحل الأفريقي».

تبون مستقبلاً المنفي في لقاء بالجزائر في 16 أكتوبر (المجلس الرئاسي الليبي)

ويُتوقع أن تفرض الأزمة الليبية نفسها على مناقشات القمة المرتقبة، خصوصاً في ضوء ما يصفه رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة درنة، يوسف الفارسي، بـ«تحالف استراتيجي» بين الجزائر وحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

ومنذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، تعاني ليبيا من انقسامات ونزاعات مسلحة وصراع سياسي، وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا.

من جانبه، يرصد المحلل الأمني التونسي، فيصل الشريف، رهان حكومة «الوحدة» على «حياد الأجواء خصوصاً على الحدود مع تونس والجزائر؛ ربما لتفعيل اتفاقيات ثنائية أمنية وعسكرية».

وعلاوة على الأزمة الليبية بتداعياتها السياسية والأمنية، فإن دوامة العنف المستمرة في دول منطقة الساحل الأفريقي تستدعي بدورها قلقاً مغاربياً متصاعداً منذ سنوات.

اقتصادياً، من المرجح أن تكون «الخلافات والتوترات السياسية هي السبب الرئيسي المعرقل لتنشيط التبادل التجاري بين الدول المغاربية»، وفق رؤية الخبير الاقتصادي، وحيد الجبو، المسؤول السابق في الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة في ليبيا.

يشار إلى أن التجارة البينية لدول المغرب العربي لا تتجاوز 5 في المائة مـن إجمالي التجـارة في دول المغرب العربي، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.

وعدّ الجبو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إغلاق الحدود بين البلدين الجزائر والمغرب، «ضربةً لتجارة العبور بين دول المغرب العربي»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن ليبيا «قلصت من حجم التبادل بين بلدان شمال أفريقيا».

ويحدد الخبير الاقتصادي الليبي معوقات أخرى للتبادل الاقتصادي، تطرح نفسها على مخرجات أي قمة مغاربية، من بينها «عدم تبادل الخبرات في المجالات الزراعية والصناعية والعلمية ونقل التقنية»، مشيراً إلى «تعطل زيارات وفود تجارية بين هذه البلدان بسبب توقف حركة الطيران وفرض التأشيرة».

ومن بين التحديات الأخرى، التي شرحها الجبو، «ضعف تبادل اليد العاملة في بلدان الاتحاد، خصوصاً مع حاجة ليبيا وموريتانيا إلى عمالة من المغرب وتونس والجزائر لتطوير البنية التحتية». مشيراً أيضاً إلى «تقلص معدلات التدفق السياحي بين ليبيا والمغرب، وبين الجزائر والمغرب مع توقف شركات الطيران في الدول الثلاث عن نقل الركاب بين عواصمها»، وهو ما أرجعه إلى «فرض تأشيرة دخول بينها».


مقالات ذات صلة

مطالب أميركية لليبيين بالتحقيق في «انتهاكات» خلال اشتباكات طرابلس

شمال افريقيا زيارة خوري لبلدية الزنتان (البلدية)

مطالب أميركية لليبيين بالتحقيق في «انتهاكات» خلال اشتباكات طرابلس

أكد بيان لـ«دعم الاستقرار» التابع للمجلس الرئاسي، أن ما وصفه بـ«مؤامرة اغتيال الككلي»، حُبكت قبل أيام من الحادث دون تدخل دولي.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا اجتماع مجلس النواب في بنغازي (المجلس)

خلاف بين «الرئاسي» الليبي و«النواب» حول تسمية رئيس الحكومة الجديدة

برز خلاف علني جديد في ليبيا، الأربعاء، بين المجلس «الرئاسي» ومجلس «النواب» بشأن التنازع على أحقية واختصاص أيهما في تكليف حكومة جديدة للبلاد.

خالد محمود (القاهرة )
تحليل إخباري عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)

تحليل إخباري ما خيارات الدبيبة في التعامل مع الميليشيات بالعاصمة الليبية؟

باتت هناك أسئلة تتعلق بخيارات الدبيبة وخططه في التعامل مع الميليشيات لا سيما أن هناك قرارات لم تنفذ بإخراجها من طرابلس

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
رياضة عربية محمود «كهربا» أحد أبرز اللاعبين المصريين المحترفين في الدوري الليبي (صفحة اللاعب على «فيسبوك»)

هل يعود نجوم الكرة المصريون للدوري الليبي؟

مع مؤشرات عن هدوء الأوضاع الأمنية والسياسية في ليبيا، عقب تشكيل لجنة الهدنة في طرابلس، وما ترتب عليه من قرار الاتحاد الليبي لكرة القدم استئناف مباريات الدوري.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا المقر الذي يقول «اللواء 444» إنه عثر فيه على «مقبرة جماعية» ويعود إلى نجل الككلي (اللواء 444 قتال التابع للدبيبة)

«الجثث»... سلاح حكومة «الوحدة» الليبية لـ«إدانة» الككلي وفلوله

تتحدَّث قوات حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، عن العثور على جثث بثلاجة داخل مستشفى كانت تسيطر عليه قوات الككلي، كما تقول إنها عثرت على مقبرة في منطقة نفوذ لنجله.

جمال جوهر (القاهرة)

تقرير أممي: انخفاض حالات الوفاة بين المهاجرين في الشرق الأوسط

منظمة الهجرة الدولية تؤكد نقص توافر المعلومات حول أعداد الضحايا (المنظمة)
منظمة الهجرة الدولية تؤكد نقص توافر المعلومات حول أعداد الضحايا (المنظمة)
TT

تقرير أممي: انخفاض حالات الوفاة بين المهاجرين في الشرق الأوسط

منظمة الهجرة الدولية تؤكد نقص توافر المعلومات حول أعداد الضحايا (المنظمة)
منظمة الهجرة الدولية تؤكد نقص توافر المعلومات حول أعداد الضحايا (المنظمة)

أفادت المنظمة الدولية للهجرة، الأربعاء، بأن 3 آلاف و400 مهاجر فقدوا وماتوا خلال عام 2024 من بينهم 159 طفلاً و257 امرأة.

ويُجبر العديد من المهاجرين، في ظل الصراعات والانهيار الاقتصادي وانعدام المسارات النظامية، على خوض رحلات محفوفة بالمخاطر تهدد حياتهم.

وذكر تقرير «المهاجرون المفقودون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2024» الصادر عن المنظمة الدولية للهجرة، الأربعاء، في القاهرة، أن «الطرق البحرية المغادرة من المنطقة لا تزال الأكثر فتكاً»، حيث شهدت أكثر من 2500 حالة وفاة وفقدان، فيما تم تسجيل أكثر من 900 حالة على الطرق البرية عبر المنطقة.

ورغم أن هذا العدد يُمثل انخفاضاً بنسبة 30 في المائة مقارنة بعام 2023، حين تم تسجيل نحو 5000 حالة، إلا أنه لا يزال مرتفعاً بشكل مقلق، ومن المرجح أنه لا يعكس الحجم الحقيقي للمأساة. فكثير من الوفيات لا يتم الإبلاغ عنها بسبب فجوات البيانات، خاصة في الصحاري النائية ومناطق النزاع، أو في حوادث الغرق التي لا يُعثر فيها على أي ناجين. كما أن عدم الاتساق في التتبع وانعدام التنسيق بين البلدان، فضلاً عن محدودية الوصول الإنساني؛ كل ذلك ساهم في عدم تعبير الأرقام عن الوضع الحقيقي.

وسلط التقرير الضوء على الحقائق المفجعة لمسارات «الهجرة غير الآمنة» في جميع أنحاء المنطقة، ودعا إلى تعزيز التعاون الإقليمي، وتحسين جمع البيانات، وتبني استجابات شاملة قائمة على حماية كرامة وحقوق المهاجرين وتُعطي الأولوية لإنقاذ الأرواح ودعم أسر المفقودين.

جانب من الاحتفال بإطلاق التقرير بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وقال المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عثمان البلبيسي: «لقد وُصفت الإحصائيات بأنها أرقام جافة، كل رقم في هذا التقرير يُمثّل حياة انتهت قبل أوانها. هذه ليست مآسي مجهولة المصدر، أو لا مفر منها؛ فهي مآسٍ شخصية ويمكن تجنبها». وأضاف: «يجب أن نتحرك بشكل عاجل ونبذل المزيد من الجهود لحماية الأرواح من خلال تحسين البيانات، وضمان مسارات أكثر أماناً، وتعزيز المسؤولية المشتركة».

وبحسب التقرير، فإن 739 من المهاجرين الذين فقدوا أرواحهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2024 هم من مواطني المنطقة، كما أن أكثر من 80 في المائة من هؤلاء فقدوا أرواحهم داخل المنطقة أيضاً.

ويذكر أن تقرير «المهاجرون المفقودون» قد وثق أكثر من 9103 حالات وفاة وفقدان على مستوى العالم في 2024. ويؤدي نقص توفر البيانات إلى استمرار عدم القدرة على رصد الظاهرة، حيث يموت المهاجرون دون الكشف عن هويتهم، وتُترك عائلاتهم في حالة من الكرب، وغالباً دون إجابات أو سبل للإنصاف.

الطرق البحرية لا تزال الأكثر خطورة بين مسارات الهجرة (منظمة الهجرة الدولية)

ودعا التقرير إلى إعادة النظر في كيفية إدارة ملف الهجرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويسلط الضوء على أهمية تعزيز أنظمة جمع البيانات وتحديد هوية الضحايا عبر الحدود، وتحسين آليات الإنذار المبكر لتنبيه المهاجرين بشكل فعال بشأن المخاطر المحتملة، وبالتالي اتخاذ الإجراءات المناسبة والمساعدة في منع وقوع خسائر في الأرواح أثناء رحلاتهم، وتوفير مسارات هجرة نظامية أكثر فعالية، ودعم سرديات إعلامية مسؤولة ومتوازنة تعكس الطابع الإنساني لسياق الهجرة وتُثري النقاش العام، وتعزيز الانخراط الأكاديمي لسد فجوات البيانات والأدلة والمساهمة في صياغة السياسات.

وتم إطلاق التقرير بالتزامن مع عرض فيلم قصير وحلقة نقاش حول المخاطر والواقع والمسؤوليات المتعلقة بالهجرة غير النظامية في المنطقة، نظمها مركز البيانات الإقليمي التابع للمنظمة الدولية للهجرة بالشراكة مع مركز دراسات الهجرة واللاجئين بالجامعة الأميركية بالقاهرة ومهرجان «ميدفيست مصر» للأفلام القصيرة الذي يُركز على العلاقة بين السينما والصحة. وناقش المشاركون من منظمات إنسانية وأوساط أكاديمية وإعلامية، الأربعاء، كيف ساهمت عمليات جمع ومشاركة وتحقيق البيانات غير المنسقة والسرديات السلبية والسياسات المحصورة في رد الفعل في استمرار فقدان الأرواح، وأهمية تبني نهج منسق قائم على الأدلة لتغيير هذا الواقع.