ماكرون يزور الرباط بدعوة من العاهل المغربي

في ظلّ وصول العلاقة مع الجزائر إلى حدّ القطيعة

ملك المغرب محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الأخير للمغرب في نوفمبر من عام 2018 (رويترز)
ملك المغرب محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الأخير للمغرب في نوفمبر من عام 2018 (رويترز)
TT

ماكرون يزور الرباط بدعوة من العاهل المغربي

ملك المغرب محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الأخير للمغرب في نوفمبر من عام 2018 (رويترز)
ملك المغرب محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الأخير للمغرب في نوفمبر من عام 2018 (رويترز)

يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صفحة جديدة مع المغرب بزيارة دولة يؤديها للرباط نهاية الشهر الحالي، بعد توتر حاد عاشته العلاقات الثنائية خلال العامين الأخيرين، على خلفية «أزمة التأشيرات» وغيرها من قضايا خلافية.

ويزور ماكرون الرباط، بين 28 و30 أكتوبر (تشرين الأول)، بدعوة من الملك محمد السادس، وفق ما أعلن القصر الملكي، الاثنين. وقالت وزارة القصور الملكية، في بيان، إن هذه الزيارة «تعكس عمق العلاقات الثنائية، القائمة على شراكة راسخة وقوية، بفضل الإرادة المشتركة لقائدي البلدين لتوطيد الروابط المتعددة الأبعاد التي تجمع البلدين».

العاهل المغربي الملك محمد السادس (رويترز)

وكان البلدان قد اتفقا مبدئياً، منذ ثلاث سنوات، على مشروع زيارة للرئيس الفرنسي إلى الرباط، لكنّ أحداثاً بارزة ومشكلات حالت دون إنجازها، يأتي على رأسها قرار فرنسا عام 2021 تقليص تأشيرات الدخول للمغاربة، والضغوط التي مارستها على المغرب لاستقبال مواطنيه غير القانونيين الذين تم طردهم من فرنسا. وتم اتخاذ القرار نفسه ضد مهاجري الجزائر وتونس غير النظاميين. ورأى المغرب، مثل جيرانه، قرار السلطات الفرنسية نوعاً من الابتزاز، وأيضاً اعتداء على حرية التنقل. من جانبها، كانت باريس تعبر عن رغبتها في الضغط على جيرانها في البحر الأبيض المتوسط، لتعزيز التعاون في مجال إدارة تدفقات الهجرة.

وبينما بلغت علاقات فرنسا والجزائر حدود القطيعة، بسبب إرث المرحلة الاستعمارية ومشكلة الهجرة ونزاع الصحراء الغربية، ترك «حياد» فرنسا إزاء ذلك النزاع أثراً سلبياً على علاقاتها مع المغرب، بعد أن دام سنوات طويلة. واتبعت باريس هذا النهج، في وقت مضى، تجنباً لحدوث توتر في علاقاتها مع الجزائر التي ترفض مقترح الحكم الذاتي للصحراء بشدة، وتطرح بديلاً له «استفتاء لتقرير مصير الصحراويين عن طريق الاستفتاء».

وبدت علاقات باريس بمستعمرتيها السابقتين في شمال أفريقيا، كما لو أنها لا يمكن أن تتحسن مع أي منهما من دون أن يكون ذلك على حساب الأخرى. زيادة على أن قضية الاستعمار وتبعاته، لم تكن قط عائقاً لتجاوز المطبات التي وقعت فيها فرنسا والمغرب، بعكس الجزائر التي ظلت منذ الاستقلال عام 1962 تضع «اعتذار فرنسا عن جرائمها بحق الإنسانية» التي ارتكبتها خلال احتلال دام 132 سنة، شرطاً لا يمكن التنازل عنه لتطبيع العلاقات.

ماكرون مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون خلال زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر في أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

غير أن تصاعد التوتر بين الجزائر وفرنسا منذ بداية العام دفع ماكرون إلى حسم خياره لصالح تحسين العلاقة مع الرباط، خصوصاً بعد أن ثبت استحالة تجسيد مشروع زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس، بعد أن تم الاتفاق على إنجازه خريف هذا العام. ففي نهاية يوليو (تموز) الماضي، أبلغ ماكرون العاهل محمد السادس عبر رسالة، أن مخطط الحكم الذاتي «الأساس الوحيد» للتوصل إلى تسوية للنزاع المستمر منذ نحو 50 سنة مع «بوليساريو» المدعومة من الجزائر.

وكان هذا الموقف كافياً لطي كل الحساسيات التي لبَّدت سماء العلاقات بين البلدين، ودافعاً قوياً لفتح صفحة جديدة. لكن بالمقابل زاد من عمق الفجوة مع الجزائر التي احتجت بشدة على قرار ماكرون، وعبَّرت عن ذلك بخطاب حاد جاء فيه أن الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء «هو بمثابة تفاهم بين القوى الاستعمارية القديمة والحديثة».


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي - الماليزي في الرياض (الخارجية السعودية)

مباحثات سعودية - ماليزية تعزّز للتعاون في مختلف المجالات

بحث وزير الخارجية السعودي مع نظيره الماليزي المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من اجتماع الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين السعودية وأذربيجان (الخارجية السعودية)

مشاورات سعودية - أذربيجانية تبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية

شهدت الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والأذربيجانية، الاثنين، بحث تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

الخليج الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس) play-circle 00:33

محمد بن سلمان وستارمر يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية

بحث الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، مع كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني، المستجدات الإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا الكاتب الجزائري بوعلام صنصال  (أ.ب)

مصير الكاتب الجزائري الفرنسي صنصال يُعْرَف الأربعاء

في عمله الأدبي «قرية الألماني» يصف قادة حرب التحرير الجزائرية بـ«النازيين»، كما أن زياراته المتكررة لإسرائيل أثارت استياءً، لكن لم يتعرض قط للمضايقات.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».