انشقاق في «الدعم السريع» يهدد بإطالة حرب السودان

الجيش يرحب... ويأمل في استعادة ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

انشقاق في «الدعم السريع» يهدد بإطالة حرب السودان

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

رحَّب الجيش السوداني، في بيان يوم (الأحد)، بأول انشقاق لقائد كبير في «قوات الدعم السريع» مع قواته، وانضمامه إلى صفوف الجيش؛ مما يهدد بتعقيد الحرب في البلاد وإطالة أمدها.

وانضم اللواء في «قوات الدعم السريع»، أبو عاقلة كيكل، إلى الجيش، وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة له وسط أشخاص بأزياء عسكرية، يحملون رتباً عليا، وتحيط بهم أعداد من جنود الجيش. ووفقاً لما يُتداول، سلَّم كيكل نفسه للجيش في أقصى منطقة البطانة، وهي سهل يغطي مساحات كبيرة على حدود 4 ولايات هي: الخرطوم، والجزيرة (وسط السودان) وكسلا والقضارف (في شرقه).

وقال عددٌ من سكان ولاية الجزيرة، التي كان جزء كبير منها يخضع لسيطرة كيكل، إن انشقاقه مع قواته يهدد بإطالة أمد الحرب السودانية التي اندلعت في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأشاروا إلى أن الحرب تتخذ مزيداً من أشكال الحروب المناطقية والجهوية، في إشارة إلى أن كيكل ينتمي أصلاً إلى ولاية الجزيرة، بينما يأتي معظم مقاتلي «الدعم السريع» من ولايات غرب السودان. وأضافوا أن كيكل ضابط متقاعد في الجيش كان محسوباً على التيار الإسلامي، ثم أنشأ ما سمّاها قوات «درع السودان»، وهي قوات قوامها 35 ألف مقاتل، وانضم إلى «قوات الدعم السريع» في أغسطس (آب) من العام الماضي، ودعّمها في مواجهة الجيش السوداني، مشيراً إلى ما سمّاها «نصرة الهامش، ومحاربة فلول النظام السابق».

من جانبه، أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية (الجيش)، نبيل عبد الله في بيان صحافي، أن اللواء أبو عاقلة كيكل، ومعه مجموعة كبيرة من قواته، «انحاز إلى جانب الحق والوطن بعد مغادرته صفوف المتمردين، مقرراً القتال جنباً إلى جنب مع قواتنا، بعد أن تكشَّف لهم زيف وباطل دعاوى ميليشيا آل دقلو الإرهابية وأعوانهم، وأنهم مجرد أدوات رخيصة لتمرير أجندة إجرامية دولية وإقليمية لتدمير البلاد أرضاً وشعباً ومقدرات».

وأضاف البيان أن «القوات المسلحة ترحِّب بهذه الخطوة الشجاعة من قبلهم، وتؤكد أن أبوابها ستظل مشرعة لكل مَن ينحاز إلى صف الوطن وقواته المسلحة، كما نجدد عفو السيد رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة عن أي متمرد ينحاز لجانب الوطن، ويبلغ لأقرب قيادة عسكرية بكل مناطق السودان».

‏ولم يصدر أي تعليق رسمي من «قوات الدعم السريع» بشأن انضمام قائد قواتها الفعلي بولاية الجزيرة. ويعد انشقاقه ضربة قوية لـ«الدعم السريع» التي أعلن قائدها، محمد حمدان دقلو (حميدتي) تصعيد القتال في كل المحاور.

الحرب أجبرت الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أ.ف.ب)

وعقب استيلاء «الدعم السريع» على ولاية الجزيرة في ديسمبر (كانون الأول) 2023، بعد انسحاب قوات الجيش منها، عُيِّن كيكل قائداً للفرقة الأولى مشاة، ومقرها في عاصمة الولاية، مدينة ود مدني.

وكانت منصات إعلامية محسوبة على الجيش السوداني تداولت، في وقت سابق، أن مفاوضات تجري منذ أشهر مع كيكل للانحياز إلى الجيش. وفي المقابل قللت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي تابعة لـ«قوات الدعم السريع» من انسلاخ كيكل وتسليم نفسه، ووصفته بـ«الخائن». ويتحدر كيكل من قبائل بولاية الجزيرة التي لها امتدادات كبيرة في وسط السودان.

وتعدّ هذه المرة الأولى التي ينشق فيها قائد كبير في «قوات الدعم السريع»، وينضم للجيش. وتُتَّهم «قوات الدعم السريع» التي يقودها كيكل في ولاية الجزيرة، بارتكاب انتهاكات واسعة في الولاية، أدت إلى مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين العزل، بجانب نهب ممتلكاتهم، وتهجير مئات الآلاف من الولاية إلى ولايات شرق السودان.

وتوجد قواته في مناطق شرق الجزيرة، بينما يسيطر قادة آخرون على القوات في غرب الولاية، وهي التي تقاتل قوات الجيش التي تحاول منذ أشهر استعادة ولاية الجزيرة.


مقالات ذات صلة

جدل في السودان حول استخدام الاغتصاب «أداة في الحرب»

شمال افريقيا النساء يخشين الانتهاكات ضدهن في الحروب (رويترز)

جدل في السودان حول استخدام الاغتصاب «أداة في الحرب»

يدور بالسودان جدل حول الاتهامات باستخدام الاغتصاب «أداة في الحرب»، حيث توجه أصابع الاتهام إلى «قوات الدعم السريع» التي تنفي وتعدها اتهامات كيدية لتشويه سمعتها.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

غوتيريش: السودان يعاني «كابوس» الجوع والأمراض والعنف الإثني

أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاثنين، أن الشعب السوداني الذي يواجه معاناة كبيرة كل يوم، يعيش «كابوساً» من الجوع والأمراض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا طفلان يحملان مساعدات بمدرسة تؤوي نازحين فروا من العنف في السودان 10 مارس 2024 (أ.ف.ب)

برنامج الأغذية العالمي يحذر من «مجاعة محدقة» في السودان

طالبت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بوصول كامل إلى السودان من مختلف المعابر لمواجهة «مجاعة محدقة».

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا نازحون من ولاية الجزيرة في وسط السودان لدى وصولهم إلى مدينة القضارف شرقاً 27 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

تصاعد المطالبة بقوات حفظ سلام في السودان وفرض حظر تسلح

علت الأصوات المحلية والدولية المطالبة بتدخل أممي في السودان، وإرسال قوات حفظ سلام دولية لحماية المدنيين، بعد الأحداث الدامية التي شهدتها مؤخراً ولاية الجزيرة.

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)

السودان: 124 قتيلاً في مجزرة «السريحة» بولاية الجزيرة

صعّدت «قوات الدعم السريع» من هجماتها ضد المدنيين في مناطق شرق ولاية الجزيرة (وسط السودان)، وارتكبت مجزرة مروعة في بلدة السريحة، سقط خلالها أكثر من 124 قتيلاً.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

مصر تدعو الأطراف الدولية للدفع بقوة باتجاه وقف النار في غزة ولبنان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل في القاهرة مانفريد فيبر رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل في القاهرة مانفريد فيبر رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعو الأطراف الدولية للدفع بقوة باتجاه وقف النار في غزة ولبنان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل في القاهرة مانفريد فيبر رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل في القاهرة مانفريد فيبر رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي (الرئاسة المصرية)

طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بضرورة تضافر جميع جهود الأطراف الدولية، للدفع بقوة في اتجاه التهدئة ووقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وإنهاء الاعتداءات في الضفة الغربية، والإنفاذ الكامل والفوري للمساعدات الإغاثية.

استقبل السيسي، في القاهرة، مانفريد فيبر، رئيس مجموعة «حزب الشعب الأوروبي»، التي تعد أكبر مجموعة سياسية في البرلمان الأوروبي، وفق بيان للرئاسية المصرية.

وشهد اللقاء تأكيد عمق العلاقات المصرية - الأوروبية، التي تكللت مؤخراً بالشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي، وأكد رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي «التقدير الكبير لمصر على المستوى الأوروبي، وحرص مجموعته السياسية على تعزيز التعاون المشترك في جميع المجالات»، حسب البيان.

وبشأن مستجدات الأوضاع الإقليمية، نقل البيان المصري عن الجانب الأوروبي «إشادته بدور مصر الثابت والراسخ في تدعيم الاستقرار الإقليمي، وجهودها الحثيثة لتسوية الأزمات القائمة في المنطقة».

وأكد السيسي «ضرورة تضافر جميع جهود الأطراف الدولية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، للدفع بقوة في اتجاه التهدئة ووقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وإنهاء الاعتداءات في الضفة الغربية، والإنفاذ الكامل والفوري للمساعدات الإغاثية»، مشيراً إلى أن «حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً لمرجعيات الشرعية الدولية، هو سبيل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة».

من جهته، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، «محورية دور وكالة (أونروا) في دعم اللاجئين الفلسطينيين».

وفي لقاء منفصل مع رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي بالبرلمان الأوروبي، تناول الوزير عبد العاطي العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، مشيداً بالنسق التصاعدي الذي تشهده العلاقات مع الاتحاد الأوروبي منذ زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية إلى القاهرة في 17 مارس (آذار) الماضي، والإعلان عن ترفيع العلاقات، مؤكداً حرص مصر على تنفيذ محاور الشراكة كافة، ومرحِّباً بدعم مجموعة الحزب الشعب الأوروبي لتعزيز التعاون المشترك مع مصر.

وزير الخارجية المصري يستقبل رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي (الخارجية المصرية)

وأكد الوزير عبد العاطي مواصلة مصر تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي رغم التحديات الإقليمية والدولية الفاعلة التي أثَّرت بشكل مباشر على اقتصادات دول الإقليم بما فيها مصر، موضحاً أن تلك التحديات لم تمنع الحكومة المصرية من مواصلة تنفيذ خطتها الطموحة لدعم خطط التنمية.

واستعرض الوزير عبد العاطي، حسب بيان للخارجية المصرية، في هذا السياق الخطوات التي اتخذتها الحكومة المصرية مؤخراً لدعم الاستثمارات الخارجية المباشرة في مصر، وتذليل العقبات أمام المستثمرين، وتهيئة بيئة الأعمال بما يساعد على تحقيق مستهدفات الإصلاح الاقتصادي.

كما تناول اللقاء التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة في إطار شامل يقوم على ربط الهجرة بالتنمية ومعالجة الأسباب الجوهرية التي تدفع إلى الهجرة غير الشرعية. ونوَّه الوزير عبد العاطي في هذا الإطار إلى النجاحات المصرية في وقف موجات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وكذا التحديات والأعباء المترتبة على ذلك.

كما تطرق إلى مجال مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، خصوصاً البعد الآيديولوجي ومكافحة الخطاب المتطرف، حيث استعرض الوزير عبد العاطي المقاربة المصرية الشاملة لمكافحة الإرهاب التي تستند إلى معالجة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والآيديولوجية للإرهاب.

وفيما يتعلق بالتطورات في الإقليم، تناول الوزير عبد العاطي الاتصالات والجهود المصرية لخفض التصعيد في المنطقة والجهود المبذولة من مصر للوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، ونفاذ المساعدات الإنسانية، وأكد أهمية دعم الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية.