محكمة تونسية تقضي بسجن وزير سابق 10 سنوات

البحيري اتهم بـ«التحريض والتآمر على أمن الدولة»

البحيري في وقفة احتجاجية (الموقع الخاص بالبحيري)
البحيري في وقفة احتجاجية (الموقع الخاص بالبحيري)
TT

محكمة تونسية تقضي بسجن وزير سابق 10 سنوات

البحيري في وقفة احتجاجية (الموقع الخاص بالبحيري)
البحيري في وقفة احتجاجية (الموقع الخاص بالبحيري)

أصدرت محكمة تونسية، ليلة أمس الجمعة، حكماً بسجن وزير العدل السابق والقيادي في حركة «النهضة» الإسلامية، نور الدين البحيري، عشر سنوات، بحسب ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

ويواجه البحيري تهمة «التحريض والتآمر على أمن الدولة»، وكذلك عدد آخر من القياديين الموقوفين في السجن، إلى جانب زعيم الحركة راشد الغنوشي. وقال المحامي والسياسي المعارض سمير ديلو إن البحيري «يحاكم من أجل تدوينة غير موجودة». فيما اتهمت حركة «النهضة» والمعارضة، السلطةَ التي يقودها الرئيس قيس سعيد، الفائز بولاية رئاسية ثانية والقضاء، بتلفيق تهم لخصومه.

ومَثُل البحيري في أبريل (نيسان) 2023، أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس لاستنطاقه، على خلفية «تدوينة» أحيل على أساسها على الفصل 72 من المجلة الجزائية، الذي ينص على تهمة «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة». وقد نسب للبحيري تدوينة تمس أمن الدولة، إثر تحرك احتجاجي دعت له «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، في يناير (كانون الثاني) 2023 بمنطقة المنيهلة، الواقعة في ولاية أريانة. وكانت هيئة الدفاع عن البحيري قد أعلنت في تصريحات إعلامية سابقة «أن التّدوينة التي نسبت للبحيري مزورة ووهميّة، ولا وجود لها أصل، وذلك بعد مقارنة المضمون المدلّس لها بالنص الكتابي للتّصريح المنسوب له».

يشار إلى أن البحيري موقوف منذ فبراير (شباط) 2023 على ذمة قضية ما يعرف «بالتآمر على أمن الدولة»، إلى جانب قضايا أخرى؛ أبرزها قضية وفاة النائب السابق ورجل الأعمال الجيلاني الدبوسي. وقد نفى البحيري وهيئة الدفاع عنه أن يكون قد نشر التدوينة التي يُحاكم من أجلها.

وسبق أن تم توقيف البحيري (64 عاماً) في عام 2022، في إطار تحقيقات في قضية تتعلق «بشبهات إرهابية» ليطلق سراحه القضاء لاحقاً. وإثر ذلك أدانت حركة «النهضة»، في بيان، «الاختطاف والتنكيل الممنهجَين بالمعارضين من سلطة (الرئيس) قيس سعيّد». وقالت إن «توسع سلطة الانقلاب في التنكيل برموز المعارضة، وبكل صوت حر من النقابيين والإعلاميين ورجال الأعمال، يُعد دليلاً على تخبط وعجز عن مواجهة الأزمات التي خلقها الانقلاب».



مطالب جزائرية ملحَّة بـ«اعتراف فرنسا بجرائم الاستعمار»

تدهور العلاقات الجزائرية - الفرنسية كان سبباً في إلغاء زيارة الرئيس تبون إلى باريس (أ.ف.ب)
تدهور العلاقات الجزائرية - الفرنسية كان سبباً في إلغاء زيارة الرئيس تبون إلى باريس (أ.ف.ب)
TT

مطالب جزائرية ملحَّة بـ«اعتراف فرنسا بجرائم الاستعمار»

تدهور العلاقات الجزائرية - الفرنسية كان سبباً في إلغاء زيارة الرئيس تبون إلى باريس (أ.ف.ب)
تدهور العلاقات الجزائرية - الفرنسية كان سبباً في إلغاء زيارة الرئيس تبون إلى باريس (أ.ف.ب)

بينما ازدادت العلاقات الجزائرية - الفرنسية تدهوراً خلال الشهور الأخيرة، شدد كبار المسؤولين الجزائريين وناشطون في تنظيمات مهتمة بالتاريخ على تمسكهم بمطلب «اعتراف الدولة الفرنسية بجريمة الاستعمار»، المرتكبة خلال فترة الاحتلال (1830 - 1962).

الرئيس الجزائري هاجم اليمين الفرنسي بسبب ضغوط لإلغاء اتفاق الهجرة (الرئاسة)

وتجدد الخطاب المعادي لفرنسا بمناسبة احتفالات الجزائريين بمرور 63 سنة على «مظاهرات باريس 17 أكتوبر/ تشرين الثاني 1961»، حينما تعرض مئات المهاجرين الجزائريين في فرنسا لقمع شديد على أيدي الشرطة الباريسية، بسبب خروجهم في مظاهرات دعماً لثورة التحرير، التي كانت تقترب من نهايتها. وخلَّف التدخل الأمني العنيف للمظاهراتلا ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى، حسب كتب أرّخت للأحداث.

أعضاء لجنة الذاكرة خلال اجتماع لهم بالرئيس تبون نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

ونُظّمت مؤتمرات وندوات في عدة مناطق بالجزائر، خلال اليومين الأخيرين، استحضرت الذكرى، ترأس بعضها وزير المجاهدين، العيد ربيقة، الذي أكد «تمسك الجزائريين باحترام واجب الذاكرة، ما يبقينا على عهد الألم والذكرى، والتقدير لدماء الجزائريين سفراء الوطن، ومدولي القضية العادلة في عقر دار المستعمر»، ويقصد بذلك أن «أحداث 17 أكتوبر 1961» سرّعت من رفع «القضية الجزائرية» أمام الأمم المتحدة، وكانت سبباً في تدويلها، ومهّدت لخروج الاستعمار من البلاد في 1962.

صورة أرشيفية لمظاهرات 8 مايو 1945 بشرق الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

وعدّ الوزير مظاهرات المهاجرين في باريس «يوماً حزيناً من أيام الدفاع عن الوطن المفدى، فهي ذاكرة تحيل الجزائريين على يوم خارج الإنسانية... يوم سجل مجازر دموية وجرائم خارج العرف الإنساني، فكان نهر السين شاهداً على تقتيل شعب أراد حقه في البقاء على شرف السيادة والحرية، وعلى ترويع متوحش ضد أبنائنا المسالمين».

وحسب كتب التاريخ، فقد رمى البوليس الفرنسي بالعديد من المتظاهرين في نهر السين، عندما كان يطاردهم بين الأزقة والشوارع، بذريعة «خرق حظر التجوال»، الذي فرضه عليهم يومها، كرد فعل على نداء «جبهة التحرير الوطني» الجزائرية إلى تنظيم احتجاجات ضد المستعمر في بلده.

متظاهرون جزائريون اعتقلوا في بوتو غرب باريس خلال مظاهرة 17 أكتوبر 1961 (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

وأكد الرئيس تبون، في خطاب مكتوب بالمناسبة، نشرته الرئاسة، على «تمسك الجزائر بمبدأ الحق والإنصاف في قضية المهاجرين ‏الجزائريين، ضحايا مظاهرات 17 أكتوبر، وعدم تكريس النسيان على هذه الأحداث ‏الدامية»، عاداً «المشاهد المأساوية في محطات مترو الأنفاق، وجسور نهر السين بباريس، التي يحتفظ بها الأرشيف الموثق لحقد الاستعمار ودمويته وعنصريته في تلك اللحظات المجنونة، الخارجة عن أدنى حس حضاري وإنساني، تأكيداً على عمق الرابطة الوطنية المقدسة بين أبناء وطننا العزيز».

وفي إسقاط على واقع العلاقة مع باريس، هاجم تبون «أوساطاً متطرفة (في فرنسا)، تحاول تزييف ملف الذاكرة أو إحالته إلى رفوف النسيان»، في إشارة إلى رفض اليمين التقليدي واليمين المتطرف في فرنسا أي تنازل من جانب باريس في «قضية الاشتغال على الذاكرة»، التي تعني جزائرياً الاعتراف بـ«جريمة الاستعمار»، و«طلب الصفح من الضحية». ويدعو الفرنسيون إلى «فصل براغماتي بين الذاكرة ومستقبل العلاقات الثنائية»، وهو الأمر الذي يتحفظ عليه الجزائريون بشدة، وهو ما كان أيضاً سبباً في عدم تطبيع العلاقات بشكل كامل، على الرغم من استمرار التجارة، و«التبادل الإنساني» بين ضفتي المتوسط.

صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

وكان مرتقباً أن يزور تبون فرنسا، بداية الشهر الحالي، على أساس اتفاق جرى بينه وبين الرئيس إيمانويل ماكرون في أبريل (نيسان) الماضي. غير أن المشروع تم التخلي عنه، وصرح تبون للصحافة في بداية هذا الشهر بأنه يرفض التوجه إلى باريس في الظروف الحالية، عادّاً الخطوة «إهانةً» لبلده. ولمح في تصريحاته إلى وجود سببين لإلغاء الزيارة: الأول، ضغط يمارسه اليمين التقليدي واليمين المتطرف في فرنسا لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يُسيّر مسائل الإقامة والدراسة والعمل في فرنسا بالنسبة للجزائريين، بحجة أنه «يقيد خطة التصدي للهجرة»، التي تطبقها الحكومة. أما السبب الثاني فهو إعلان ماكرون نهاية يوليو (تموز) الماضي، دعم فرنسا مقترح الحكم الذاتي للصحراء، ما دفع الجزائر إلى التنديد بشدة به، وسحب سفيرها من باريس.