مصر: تحقيقات مع مواقع إلكترونية أذاعت «أغانيَ قرآنية»

بعد بلاغ من جهاز «تنظيم الاتصالات»

رجل يقرأ القرآن الكريم داخل الجامع الأزهر في القاهرة (غيتي)
رجل يقرأ القرآن الكريم داخل الجامع الأزهر في القاهرة (غيتي)
TT

مصر: تحقيقات مع مواقع إلكترونية أذاعت «أغانيَ قرآنية»

رجل يقرأ القرآن الكريم داخل الجامع الأزهر في القاهرة (غيتي)
رجل يقرأ القرآن الكريم داخل الجامع الأزهر في القاهرة (غيتي)

أعلنت السلطات القضائية بمصر عن «التحقيق في قيام بعض مواقع إلكترونية بعرض وبث آيات قرآنية على أنغام الموسيقى»، تلبية لبلاغ قدمه «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات المصري» ضد هذه المواقع.

وتقدم الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بمصر (جهاز حكومي تابع لوزارة الاتصالات) ببلاغ للنائب العام المصري بالتحقيق في قيام عددٍ من المواقع مؤخراً بعرض وإذاعة آيات من القرآن الكريم، تغنى بها قراؤها على أنغام الموسيقى، ما أثار موجة اعتراضات من المؤسسات الدينية بمصر.

وأمر النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، باتخاذ إجراءات التحقيق مع هذه المواقع، حسب بيانٍ للنيابة العامة المصرية، الاثنين.

وأشار البيان إلى أن نيابة الشؤون الاقتصادية وغسل الأموال أمرت «بحجب المواقع التي عرضت وأذاعت المحتوى»، موضحاً أن «محكمة جنايات القاهرة الاقتصادية أيدت هذا الإجراء لحين استكمال التحقيقات».

وأثارت إحدى القنوات الإلكترونية، التي تبث محتواها عبر «يوتيوب»، جدلاً واسعاً في مصر خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد بثها محتوى بعنوان «أغانٍ قرآنية»، يتضمن آيات وسوراً من القرآن الكريم، بشكل غنائي، تتخلله بعض النغمات الموسيقية، ما تسبب في موجة غضب من مستخدمين لمنصات التواصل الاجتماعي.

وتدخلت المؤسسات الدينية المصرية على خط التفاعل الرافض للمحتوى المقدم، وحذرت دار الإفتاء المصرية، في إفادة لها على موقعها الرسمي، من «مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبة بالموسيقى أو الترويج لها»، معتبرة أن هذا الأمر ممنوعٌ شرعاً.

مصلون داخل الجامع الأزهر (مشيخة الأزهر)

وأوضحت دار الإفتاء أنّ «متابعة تلك المقاطع المسيئة إعانة على إذاعة الباطل والمنكر ومساعدة له في الانتشار بكثرة عدد مرات المشاهدات»، وحثَّت على «ضرورة المبادرة إلى الإبلاغ عن هذه القنوات باعتبارها قنوات تدعو إلى الكراهية وتتضمن الإساءة إلى الأديان».

ويرى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أحمد كريمة، إجراءات النيابة العامة المصرية ضد المواقع التي بثت محتوى «أغانٍ قرآنية»، «إجراءً ضرورياً، للحفاظ على قدسية الدين الإسلامي، خصوصاً القرآن الكريم»، عاداً محتوى تلك المواقع «يحمل ازدراء لقدسية القرآن الكريم»، ومشيراً إلى أن «ممارسة مثل هذه الأفعال محرمة شرعاً».

وشدد كريمة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على ضرورة «تغليظ العقوبات ضد مثل هذه الممارسات»، مشيراً إلى أن «إجراءات غلق المواقع وحجبها تتفق مع نصوص الدستور المصري، الذي يؤكد على أن الإسلام دين الدولة»، وقال إن «حالة الانفلات في محتوى بعض مواقع التواصل الاجتماعي تستوجب تشديد العقوبات حفاظاً على قدسية الأديان».

ووصفت وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب المصري (البرلمان)، مرثا محروس، نشر هذه المقاطع بـ«الأمر الخطير»، وأن «خطورته تتجاوز فكرة محتوى مرفوض بثته مواقع إلكترونية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الأمر يصنف كقضية رأي عام، لأنه يمس طبيعة المجتمع المصري التي ترفض المساس بالمقدسات الدينية»، وأشارت إلى أنه «رغم المخاطر المجتمعية لمثل هذه الممارسات على المواقع الإلكترونية، فإن مؤسسات الدولة تلتزم في مواجهتها بالآليات المنصوص عليها قانوناً».

وترى البرلمانية المصرية أن «الاستخدامات الخاطئة للتكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي تفرض تحديثات تشريعية باستمرار لمواكبة المتغيرات والتحولات في ممارسات المستخدمين»، وقالت: «من الضروري أن تكون هناك مواكبة تشريعية لمتغيرات الاستخدامات الرقمية، نظراً لتأثيراتها طويلة الأمد على تفكك المجتمع»، ودعت في الوقت نفسه إلى «تعزيز الوعي المجتمعي بخطورة مثل هذه الممارسات، من قبل منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية».


مقالات ذات صلة

مطعم تركي يُجدد الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر

يوميات الشرق الشيف بوراك في أحد المقاطع الدعائية  (صفحته على فيسبوك)

مطعم تركي يُجدد الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر

جددت أسعار فواتير «باهظة» لمطعم تركي افتُتح حديثاً بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة) الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
رياضة عالمية نادي باريس سان جيرمان (الشرق الأوسط)

سان جيرمان يحتكم إلى الاتحاد الفرنسي في نزاعه مع مبابي

قدّم نادي باريس سان جيرمان طلبا لمناقشة نزاعه المالي مع مهاجمه السابق كيليان مبابي أمام اللجنة التنفيذية للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بعد القرارات المؤيدة للاعب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الطبيبة المصرية التي نشرت مقطع فيديو أثار جدلاً (جزء من المقطع على يوتيوب)

توقيف طبيبة لـ«إفشاء أسرار المرضى» يثير انقساماً «سوشيالياً» بمصر

أثار توقيف طبيبة مصرية بتهمة «إفشاء أسرار المرضى»، تبايناً وانقساماً «سوشيالياً» في مصر، بعد أن تصدرت «التريند» على «غوغل» و«إكس»، الثلاثاء.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)

«أحلامنا ليست للبيع والشراء»... صرخة الطفولة العربية لعالَم عادل

يصرخ الأطفال عالياً في الكليب: «أحلامنا ليست للبيع والشراء»، ويعبّرون عن إحباطهم من عالَمٍ لا يكترث لغدهم، ينادون بتغيير جذري يجعل من رفاهيتهم ومستقبلهم أولوية.

فاطمة عبد الله (بيروت)
الاقتصاد أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)

نزاع المساهمين يعمّق خسائر «هرفي» السعودية

تواجه شركة «هرفي» السعودية نزاعات بين كبار المساهمين وصلتْ إلى مطالبات بعزل رئيس مجلس الإدارة بسبب تراجع الأداء المالي للشركة.

عبير حمدي (الرياض)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.