​«المصالحة الليبية»… مسار يعترضه الانقسام و«الحسابات الجهوية»

الاتحاد الأفريقي يسعى للتقريب بين الأطراف المتنازعة

وفد الاتحاد الأفريقي بقيادة الرئيس الموريتاني في اجتماع مع «الرئاسي» بطرابلس (المجلس الرئاسي)
وفد الاتحاد الأفريقي بقيادة الرئيس الموريتاني في اجتماع مع «الرئاسي» بطرابلس (المجلس الرئاسي)
TT

​«المصالحة الليبية»… مسار يعترضه الانقسام و«الحسابات الجهوية»

وفد الاتحاد الأفريقي بقيادة الرئيس الموريتاني في اجتماع مع «الرئاسي» بطرابلس (المجلس الرئاسي)
وفد الاتحاد الأفريقي بقيادة الرئيس الموريتاني في اجتماع مع «الرئاسي» بطرابلس (المجلس الرئاسي)

يأمل الاتحاد الأفريقي، الذي وصل وفد منه إلى العاصمة طرابلس، وفي جعبته «أمنيات وطموحات» أن يُحدث اختراقاً في مسار «المصالحة الوطنية» المتعثر، يقرّب بين الأطراف المتصارعة، ويوفر على ليبيا إهدار مزيد من الوقت في فترات انتقالية.

اجتماع المجلس الرئاسي الليبي ووفد الاتحاد الأفريقي في طرابلس (المجلس الرئاسي)

وسبق أن لعب الاتحاد دوراً ملحوظاً مع «المجلس الرئاسي» الليبي لجهة تحريك هذا المسار من خلال المساعي التي بُذلت، بداية من اجتماعات شهدتها المدن الليبية، وصولاً إلى عقد لقاءات بالكونغو برازافيل، قبل أن تتجمد هذه الجهود لأسباب كثيرة.

وترأس وفد الاتحاد، الذي زار طرابلس الجمعة الماضي، الرئيس الحالي للاتحاد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وضم رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي، وممثل رئيس الكونغو برازافيل، رئيس لجنة الاتحاد رفيعة المستوى المعنية بليبيا، وزير الخارجية جان كلود جاكوسو.

ومنذ رحيل الرئيس معمر القذافي عام 2011 شهدت ليبيا اشتباكات وخلافات مناطقية، بعضها يرتبط بتصفية حسابات مع النظام السابق، والبعض الآخر كرّسه الانقسام السياسي الذي عرفته ليبيا بداية من عام 2014، وهي الرؤية التي بات يميل إليها كثير من المتابعين لملف «المصالحة».

ويرى رئيس حزب «صوت الشعب» الليبي، فتحي عمر الشبلي، أن ملف «المصالحة الوطنية» بات يستخدم لـ«المزايدة السياسية، وتحقيق نقاط» من قبل «المجلس الرئاسي» ومجلس النواب؛ وفق قوله.

وقال الشبلي في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن «أزمة ليبيا تتمثل في ساستها؛ نحن في حاجة إلى مصالحة بين السياسيين وليس المواطنين»، لافتاً إلى «أن طبيعة الليبيين لا تسمح بتدخل الغريب فيما بينهم».

الرئيس الموريتاني في طرابلس (المجلس الرئاسي)

وخلال العامين الماضيين، احتضنت أكثر من مدينة ليبية اجتماعات اللجنة التحضيرية لمؤتمر المصالحة، التي رعاها «المجلس الرئاسي»، وظلت المساعي تُبذل على أمل عقد «مؤتمر وطني جامع للمصالحة»، بمدينة سرت في 28 أبريل (نيسان) الماضي، لكنها تعثرت بعد تصاعد الأزمات.

وسبق أن انسحب ممثلو القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي من المشاركة في ملف المصالحة؛ رداً على سحب رئيس «المجلس الرئاسي» قرار ضم «قتلى وجرحى» قوات الجيش إلى «هيئة الشهداء».

وكان وفد الاتحاد الأفريقي، أكد خلال اجتماعه مع «المجلس الرئاسي»: «استمرار التزامه بمسار المصالحة الوطنية، وبوحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها في مواجهة التدخلات الخارجية». وقال إن زيارته إلى طرابلس العاصمة «تأتي تجسيداً لقرار الاتحاد في دورته المنعقدة في فبراير (شباط) 2024، ولنداء برازافيل الصادر عن قمة لجنة الاتحاد رفيعة المستوى المعنية بليبيا».

ويعتقد أحد المعنيين بملف «المصالحة الوطنية»، بأن «الحسابات الشخصية، لغالبية ساسة البلاد، تحول دون نجاح عمليات المصالحة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الوطن يحتاج إلى رجال يُؤثرونه على أنفسهم؛ وليس لشخصيات تتصارع على المكاسب الخاصة والجهوية».

وكانت أطياف ليبية كثيرة شاركت في الاجتماعات التحضيرية لـ«المصالحة الوطنية»، من بينها الفريق الممثل لسيف الإسلام معمر القذافي، قبل أن تنسحب تباعاً لأسباب، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق من السجن، والدفاع عن «نسبة مشاركتهم» في اجتماعات اللجنة التحضيرية لـ«المؤتمر العام».

ويضرب رئيس حزب «صوت الشعب» مثلاً على اتفاق الليبيين بمواقفهم خلال الإعصار الذي ضرب مدينة درنة قبل عام من الآن، وقال: «عندما وقعت كارثة درنة تداعى جميع الليبيين من الأنحاء كافة، وهذا يوضح أنه ليست هناك أي مشاكل اجتماعية بين المواطنين، ولكنها بين قادتهم».

وسبق للمبعوث الأممي السابق عبد الله باتيلي، القول خلال اجتماع اللجنة الأفريقية في برازافيل، إن المصالحة الوطنية «مهمة طويلة الأمد، تتطلب الصبر والتصميم، والاستناد إلى منهجية عمل أثبتت نجاحها».

وأبرز باتيلي أن «إطلاق سراح المعتقلين من شأنه أن يشجع المشاركة الفعالة للعائلات السياسية، التي كانت حتى الآن مترددة في المشاركة في العملية»، وهو الرهان الذي يستند إليه أنصار النظام السابق للمشاركة مرة ثانية في عملية المصالحة.

وكانت بعثة الاتحاد الأفريقي أعلنت بعد مباحثاتها مع السلطة التنفيذية في طرابلس، أنها بصدد إجراء مشاورات مماثلة مع السلطة بمدينة بنغازي في أقرب وقت، دون تحديد موعد.

عبد الله السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)

وتعلل فريق سيف القذافي، بالإبقاء على رموز من النظام السابق معتقلين، وقال: «لا يُعقل أن يستمر إنسان في السجن دون محاكمة، وتؤجل الجلسات 15 مرة دون سبب قانوني وجيه»، في إشارة إلى عبد الله السنوسي (73 عاماً)، صهر القذافي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق.

وأمام تعثر ملف المصالحة في البلد المنقسم بين حكومتين، بدأ مجلس النواب في دراسة قانون للمصالحة. ودعا رئيسه عقيلة صالح، في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية، ودعمها بكل الإمكانيات لتشمل «جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ»؛ وفق قوله.


مقالات ذات صلة

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرقي ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

لماذا يتجه بعض الليبيين للهروب إلى أوروبا عبر «المتوسط»؟

منذ سنوات، تتعالى أصوات التحذير من ارتياد شباب ليبيين قوارب الموت إلى الشواطئ الأوروبية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركون في المناورات البحرية التي نفذتها «أفريكوم» (السفارة الأميركية)

تعهد أميركي بدعم القوات البحرية الليبية

تعهدت واشنطن بمواصلة العمل لدعم القوات البحرية الليبية في تعزيز جهود الأمن البحري الموحدة.

خالد محمود (القاهرة )

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
TT

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)

ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قام بزيارة قصيرة إلى المغرب في وقت سابق الخميس.

وقالت الوكالة إن ولي العهد الأمير مولاي الحسن يرافقه رئيس الحكومة عزيز أخنوش استقبلا الرئيس الصيني في مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء مشيرة إلى أن الزيارة تعكس روابط الصداقة والتعاون والتضامن القوية بين الشعبين المغربي والصيني. وقام شي بالزيارة بعد حضوره قمة مجموعة العشرين في البرازيل.

كثفت الصين استثماراتها في قطاع البنية التحتية والسكك الحديدية في المغرب في السنوات الأخيرة. ويجذب المغرب مصنعي بطاريات السيارات الكهربائية الصينيين في ظل موقعه الجغرافي بالقرب من أوروبا، واتفاقياته للتجارة الحرة مع أسواق رئيسية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وصناعة السيارات القائمة في المملكة.

وفي يونيو (حزيران)، اختارت شركة "جوشن هاي تك" الصينية لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية المغرب مقرا لأول مصنع ضخم في إفريقيا بتكلفة إجمالية تبلغ 1.3 مليار دولار.