السيسي مستعيداً سيرة السادات: يهزم خصومه في الغياب

الرئيس المصري أشاد بالخط السياسي للزعيم الراحل

السيسي تحدّث عن السادات خلال افتتاح محطة قطارات «بشتيل» بالجيزة (الرئاسة المصرية)
السيسي تحدّث عن السادات خلال افتتاح محطة قطارات «بشتيل» بالجيزة (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي مستعيداً سيرة السادات: يهزم خصومه في الغياب

السيسي تحدّث عن السادات خلال افتتاح محطة قطارات «بشتيل» بالجيزة (الرئاسة المصرية)
السيسي تحدّث عن السادات خلال افتتاح محطة قطارات «بشتيل» بالجيزة (الرئاسة المصرية)

مستعيداً سيرة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالخط السياسي للزعيم الراحل، ووصفه بأنه «صاحب رؤية ثاقبة، واستطاع هزيمة خصومه في الغياب»، وهو ما ربطه خبراء تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط» بـ«التصعيد الحالي في المنطقة»، وعدُّوه رسالةً تؤكد «تمسُّك القاهرة بخيار السلام».

وقال السيسي، في كلمته خلال افتتاح محطة قطارات «بشتيل»، في الجيزة، السبت، إن «السادات كانت لديه رؤية ثاقبة، وأثبت لخصومه في هذا الوقت أن ما فعله كان الصواب»، مضيفاً: «الجميع قاطَعَ السادات عندما تحدّث عن السلام، وأساء إليه، ولكن الزمن بيَّن أنه كان على صواب، وأن ما فعله كان الأفضل للجميع».

ولفت الرئيس المصري إلى أن «السادات تعرّض لانتقادات وقطيعة من بعض الدول بسبب اتفاقية السلام مع إسرائيل». وقال: «أعتقد أن كل 10 سنوات يُكتَب للسادات صفحة جديدة في التاريخ، مفادها: أنت هزمت خصومك وكل من أساء إليك وأنت غير موجود»، مشيراً إلى أنه «ليس بالضرورة أن تكون جميع القرارات مفهومة في وقتها، فالزمن كفيل في النهاية بتوضيح الأمور وتفسيرها».

وتسبَّب توقيع مصر على اتفاقية السلام مع إسرائيل في مقاطعة عربية بموجب قرارات قمة بغداد 1978، ونقل مقر جامعة الدولة العربية من القاهرة إلى تونس، وظل هناك حتى مؤتمر الدار البيضاء عام 1990.

الرئيس المصري يتفقّد محطة قطارات «بشتيل» بالجيزة (الرئاسة المصرية)

وكان الرئيس المصري قد أشاد بالسادات في كلمته خلال اصطفاف «تفتيش حرب» الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثاني الميداني، الثلاثاء الماضي، وقال: «الدولة المصرية حقّقت النصر في أكتوبر (تشرين الأول) 1973 رغم فارق الإمكانات، بالإرادة والرؤية العبقرية التي سبقت عصرها، وحقّقت لمصر السلام حتى الآن». وأضاف: «الأوضاع الحالية في المنطقة تؤكد أن رؤية قادة السلام في مصر بعد حرب أكتوبر كانت شديدة العبقرية، وكانت سابقة لعصرها».

الخبير الاستراتيجي، عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية في البرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «حديث السيسي عن السادات اليوم يستهدف إلى جانب إبداء الإعجاب بخطه السياسي، التأكيد على أن مصر تسير في طريق السلام الذي رسمه السادات».

وأضاف أن «مصر حريصة على تأكيد السلام خياراً استراتيجياً لها، لا سيما في ظل حالة التصعيد الإقليمي، والمخاوف من اتساع رقعة الصراع»، مشيراً إلى أن «التحركات المصرية تركّز على المسارات الدبلوماسية لوقف الحرب في غزة ولبنان، والعمل من أجل تنفيذ حل الدولتين».

واتفق معه مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو الشوبكي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «استعادة سيرة السادات تأتي في وقت تشتعل فيه المواجهات العسكرية في المنطقة، لا سيما في لبنان وغزة، في حين يظل السلام هو الخيار الآخر للحَدّ من التصعيد».

وأضاف أن «السيسي يؤكد رغبة مصر في السلام، وأنها منذ سنوات قدّمت بديلاً سياسياً للحل، وأُفُقاً للتسوية السلمية، في مواجهة الخيارات الأخرى».


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تعلن حظراً للصادرات السودانية إلى مصر

شمال افريقيا محمد حمدان دقلو (حميدتي) «الشرق الأوسط»

«الدعم السريع» تعلن حظراً للصادرات السودانية إلى مصر

أصدرت «قوات الدعم السريع» قرارات إدارية فرضت بموجبها حظراً تجارياً على تصدير السلع السودانية إلى مصر من المناطق التي تسيطر عليها في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا مشهد من المعارك التي تجددت قبل أيام في أحد أحياء الخرطوم (رويترز)

القاهرة تتفادى تصعيداً كلامياً مع «قوات الدعم السريع» السودانية

تفادت مصر الانخراط في تصعيد كلامي مع «قوات الدعم السريع»، التي اتهمتها، في بيان، مساء الجمعة، بـ«عرقلة الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار في السودان».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الري المصري خلال اجتماع «اللجنة الاستشارية لمجلس وزراء المياه الأفارقة» في القاهرة  (الري المصرية)

مصر لطرح قضايا «ندرة المياه» دولياً وأفريقياً خلال «أسبوع القاهرة»

تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في بداية يوليو 2024 (الخارجية المصرية)

الخلاف بين القاهرة و«الدعم السريع» مرشح لمزيد من التصعيد

يتجه الخلافُ بين القاهرة و«قوات الدعم السريع» في السودان إلى «مزيدٍ من التصعيد» عقب دعوة مستشار قائد «الدعم السريع»، الباشا طبيق، لإيقاف صادرات بلاده إلى مصر.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة سابقة من «الحوار الوطني» في مصر (الحوار الوطني)

مصر: «الحوار الوطني» لمناقشة مقترحات ملف «الدعم النقدي»

بدأت الأمانة الفنية لـ«الحوار الوطني» في مصر حصر المقترحات والملاحظات التي تلقتها على مدار أسبوعين بشأن ملف التحول من «الدعم العيني» إلى «النقدي».

أحمد عدلي (القاهرة )

القلق الإثيوبي يتصاعد بسبب التعاون المصري - الصومالي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال نظيره الصومالي حسن شيخ محمود بالقاهرة في وقت سابق (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال نظيره الصومالي حسن شيخ محمود بالقاهرة في وقت سابق (الرئاسة المصرية)
TT

القلق الإثيوبي يتصاعد بسبب التعاون المصري - الصومالي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال نظيره الصومالي حسن شيخ محمود بالقاهرة في وقت سابق (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال نظيره الصومالي حسن شيخ محمود بالقاهرة في وقت سابق (الرئاسة المصرية)

انتقادات إثيوبية للحضور المصري - الصومالي زادت وتيرتها مع شراكة ثلاثية بين القاهرة وأسمرة ومقديشو، بعد نحو شهرين من اتهامات أديس أبابا للقاهرة بشأن مخاوف من «زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي».

القلق الإثيوبي لم يتوقف منذ إعلان القاهرة المشاركة في قوات حفظ السلام في الصومال، ثم وصول معدات عسكرية مصرية في أغسطس (آب) الماضي، حتى انعقاد قمة رؤساء مصر والصومال وإريتريا بأسمرة، ويمضي في «تصاعُد».

ووفق خبراء تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، فإن «أديس أبابا تحاول إيجاد عدوّ خارجي أمام الإثيوبيين، مع تَنامي الأزمات والقلاقل الداخلية وتصاعد قلقها»، وتوقّعوا ألا يتحول ذلك القلق لصدام أو حرب بالوكالة، مع ترجيح «إمكانية الذهاب لحلول دبلوماسية» مع زيادة الضغوط على إثيوبيا.

وبعد يوم من قمة التعاون المصرية - الصومالية - الإريترية، نقلت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، انتقادات مباشرة للقاهرة بشأن حضورها في مقديشو، بعد مرات لجأت فيها الدبلوماسية الإثيوبية لاتهامات «غير مباشرة لم تحدّد خلالها اسم القاهرة صراحةً».

ونقلت الوكالة الإثيوبية عن رئيس معهد الدبلوماسية العامة الإثيوبي في السويد، ياسين أحمد، قوله إن «تدخّل مصر في الصومال يشكّل تهديداً غير مسبوق للاستقرار الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي»، لافتاً إلى أن «مصر غير قادرة على المساهمة في حفظ السلام بالدول المجاورة لها، مثل السودان وليبيا، ولا تستطيع حتى حماية حدودها من التهديدات، وستفشل في حفظه بالصومال»، وحسب حديث أحمد، في المنبر الإثيوبي الرسمي، فإن «السبب الرئيسي وراء تدخّل مصر في الصومال هو مَطالبها فيما يتعلق بـ(سد النهضة)، ومحاولة خلق ضغوط على إثيوبيا»، داعياً مصر «إلى التعاون مع إثيوبيا في تعزيز الأمن الإقليمي».

وعبَّر أحمد عن قلقه إزاء «إمداد مصر للصومال بالأسلحة، وأن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم التحديات الأمنية القائمة، وتقويض الجهود الجارية لتحقيق الاستقرار في الصومال»، مدافعاً عن حق وصول إثيوبيا إلى البحر من خلال مذكرة التفاهم مع «أرض الصومال» الموقَّع مطلع العام.

في المقابل، فنّدت عضو «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، الدكتورة أماني الطويل، ما اعتبرته «أخطاء وقع فيها المسؤول الإثيوبي تكشف عن قلق غير مبرّر» من أديس أبابا، بشأن حق مصري قانوني في التعاون مع الصومال، موضحةً أن مصر لها وجود تاريخي في الصومال، وشاركت في جهود إنهاء الحرب الأهلية بمقديشو، وكانت تستقبل الوفود لبحث حلول، بخلاف حضورها الحالي الداعم لدولة صديقة.

وكان لمصر أيضاً تاريخ كبير في مهام حفظ السلام بأفريقيا، ولم يصدر عن أي جهة أي ملاحظات بشأن القوات المصرية التي تأتي من بين جيش مصنَّف عالمياً، وفق الطويل، التي لفتت إلى أن «الحديث عن عدم قدرة القاهرة على حماية حدودها أمر لا يستند لوقائع»، والواقع يقول عكس ذلك، و«إثيوبيا هي الأضعف، ولا تستطيع حماية أراضيها».

جانب من القمة الثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (الرئاسة المصرية)

أما الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد المنعم أبو إدريس، فيرى أن القلق الإثيوبي المتصاعد منبعه أن «أديس أبابا تعتقد أن التحركات المصرية في الصومال موجَّهة ضدها مساندةً لموقف مقديشو في اعتراض على اتفاقية أديس أبابا مع (أرض الصومال) بمنحها أرضاً على ساحل البحر الأحمر، وبالتالي يقف ضد خطها الاستراتيجي، بأن يكون لديها إطلالة على العالم عبر البحر الأحمر، وهو ما يهدّد أمن مصر القومي، وترفضه القاهرة».

وانتقدت إثيوبيا الموقف المصري الرافض لعقد أديس أبابا اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي في يناير (كانون الثاني) الماضي، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري، وكانت القاهرة عدّت الاتفاق حينها «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداءً على السيادة الصومالية».

ولم تقبل أديس أبابا في أواخر أغسطس الماضي، إعلان سفير الصومال لدى مصر، علي عبدي أواري، في بيان صحافي، «بدء وصول المعدات والوفود العسكرية المصرية إلى العاصمة الصومالية مقديشو في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام ببعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال (AUSSOM)، التي من المقرّر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية (ATMIS) بحلول يناير 2025».

وانتقد متحدث «الخارجية الإثيوبية»، نبيو تاديلي، في بيان صحافي وقتها، ما وصفه بـ«التدخلات الخارجية» في الصومال، مؤكداً أن بلاده «لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي»، وتلاه دعوة وزير الخارجية الإثيوبي، تاي أصقي سيلاسي، في مؤتمر صحافي، أغسطس الماضي، مقديشو، إلى «وقف تحركاتها مع جهات تسعى لاستهداف مصالح إثيوبيا»، محذّراً من أن لبلاده «حدوداً للصبر».

كما رفضت أديس أبابا إعلان «الخارجية المصرية»، في سبتمبر (أيلول) الماضي «وصول شحنة من المساعدات العسكرية المصرية إلى مقديشو للجيش الصومالي، بهدف دعم وبناء قدراته»، وأعرب وزير الخارجية الإثيوبي، حينها، عن «قلقه من أن إمداد الذخائر من قِبل قوى خارجية من شأنه أن يزيد من تفاقم الوضع الأمني الهشّ، وينتهي به الأمر في أيدي الإرهابيين في الصومال»، وفق إفادة لـ«الخارجية الإثيوبية».

وهو ما ردّ عليه وزير خارجية الصومال، أحمد معلم فقي، في تصريحات لـ«رويترز» وقتها، قائلاً إن «الدافع وراء هذه التصريحات المسيئة هو محاولتها (إثيوبيا) إخفاء التهريب غير القانوني للأسلحة عبر الحدود الصومالية التي تقع في أيدي المدنيين والإرهابيين».

حسن شيخ محمود خلال توقيعه قانوناً يلغي اتفاق إقليم «أرض الصومال» مع أديس أبابا في يناير الماضي (الرئاسة الصومالية)

وترى أماني الطويل أن «القلق الإثيوبي المتصاعد» منذ اتفاقية التعاون العسكري مع إثيوبيا، نتيجة «محاولة أديس أبابا خلْق عدو خارجي للتغطية على الأزمات والقلاقل الداخلية المتصاعدة، ومحاولة للقفز للأمام، واختلاق أزمات غير حقيقية».

وحسب الطويل، «ليس أمام إثيوبيا إلا مراجعة مواقفها تجاه مصر والصومال»، مؤكدةً أن «الظروف الداخلية الإثيوبية وقدرتها العسكرية الضعيفة لا تسمح بأي صدام، أو الانجرار لمواجهات مباشرة».

وكذلك مصر، وفق تقدير الطويل، «ليس في نيتها أي ضرر بأي أطراف، وسياساتها الخارجية قائمة على التوازن والشراكة والتعاون لمن أراد، ومجابهة أي تهديدات محتملة أيضاً بكل الوسائل القانونية والمشروعة لمن لم يستجِب».

كما يرى عبد المنعم أبو إدريس أن «القلق الإثيوبي لا يمكن أن يصل إلى المواجهة العسكرية المباشرة مع مصر، لكن الاحتمال الوارد أن تحدث مواجهة بين إثيوبيا والصومال، أو بين إريتريا وإثيوبيا، وهما حليفتان للقاهرة».

وما يقلّل من فرص تحوّل القلق المتصاعد لمواجهة محتملة، وفق أبو إدريس، أن «أديس أبابا تعاني من أوضاع معقدة في إقليمَي تيغراي وأمهرا، ومن الصعب أن تدخل في نزاع خارجي في الوقت الراهن، قد يهدّد وحدة الدولة الإثيوبية، والأقرب أن تحاول نسج حلف مُوازٍ لما صنعته مصر».