الخلاف بين القاهرة و«الدعم السريع» مرشح لمزيد من التصعيد

مستشار «حميدتي» دعا لإيقاف صادرات بلاده إلى القاهرة

مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في بداية يوليو 2024 (الخارجية المصرية)
مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في بداية يوليو 2024 (الخارجية المصرية)
TT

الخلاف بين القاهرة و«الدعم السريع» مرشح لمزيد من التصعيد

مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في بداية يوليو 2024 (الخارجية المصرية)
مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في بداية يوليو 2024 (الخارجية المصرية)

يتجه الخلاف بين القاهرة و«قوات الدعم السريع» في السودان إلى «مزيدٍ من التصعيد» عقب دعوة مستشار «قائد الدعم السريع»، الباشا طبيق، لإيقاف صادرات بلاده إلى مصر. جاء ذلك في أعقاب اتهام قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الأربعاء، لمصر، بالمشاركة في «ضرب قواته»، وهو الاتهام الذي رفضته القاهرة، في بيان حاد وصفت فيه قواته بـ«الميليشيا».

ووفق خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، فإن تصعيد «الدعم السريع» ضد مصر يستهدف «استدراج القاهرة إلى أزمة على المستوى الإقليمي والدولي»، كما أنه «جزءٌ من اتهامات متبادلة بين الجيش السوداني و(الدعم السريع) بالحصول على دعم مباشر من قوى إقليمية في القتال الدائر بينهما منذ أبريل (نيسان) 2023».

ورفضت مصر اتهامات قائد «قوات الدعم السريع» في السودان بمشاركتها في غارات جوية ضد قواته، مؤكدة في إفادة رسمية، مساء الأربعاء، «استمرار جهودها لوقف الحرب وحماية المدنيين».

مشهد من المعارك التي تجددت قبل أيام في أحد أحياء الخرطوم (رويترز)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخليةً، بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع»، بقيادة «حميدتي»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت نحو 13 مليون سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وقال قائد «قوات الدعم السريع»، في مقطع فيديو مسجل، الأربعاء، إن مصر «دربت الجيش السوداني، وأمدته بطائرات مُسيرة»، كما اتهمها «بشن ضربات جوية ضد قواته».

ورفضت وزارة الخارجية المصرية تلك الاتهامات، ووصفتها بـ«المزاعم»، داعية «المجتمع الدولي للوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره قائد ميليشيا الدعم السريع».

من جانبه رفض طبيق وصف «الدعم السريع» بـ«الميليشيا»، وقال عبر حسابه الشخصي على «إكس»، مساء الخميس، إن هذا «يعبر عن التدخل المصري في السودان»، عاداً أن «التدخلات المصرية تسببت في تدمير البنية التحتية والمؤسسات المدنية السودانية». وطالب بضرورة «وقف الصادرات السودانية إلى مصر»، كما عدَّ أن «الخيارات مفتوحة للتعامل مع الملف المصري».

حديث طبيق تزامن مع تصريحات لعضو المكتب الاستشاري لقائد «الدعم السريع» في لندن، عمران عبد الله، التي قال فيها إن «طائرات مصرية قصفت مواقع بالسودان، ما تسبب في تدمير البنية التحتية والمنشآت».

وعدَّ عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب يحيى كدواني، أن اتهامات «الدعم السريع» تعد «تطاولاً على مصر»، وقال إن «الهدف مضايقة بلاده باتهامات ممنهجة وكاذبة لإثارة الشعب السوداني».

في المقابل، توقع الخبير المصري في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، اتجاه الخلاف المصري مع «الدعم السريع» إلى «التصعيد حال ازدياد النبرة العدائية من جانب تلك القوات تجاه الدولة المصرية». ودلل على ذلك بأن وصف «الخارجية المصرية» لتلك القوات بـ«الميليشيا»، هو «إحدى صور التصعيد».

واستضافت العاصمة المصرية في يوليو (تموز) 2023 «قمة دول جوار السودان» لبحث إنهاء الحرب، كما نظمت في يوليو (تموز) الماضي «مؤتمراً للفصائل السياسية والمدنية المتنازعة» لبحث التوافق على مسار حل سياسي.

وقال كدواني إن التحركات المصرية خلال الأزمة السودانية «تدحض اتهامات (الدعم السريع)»، مضيفاً أن «القاهرة فتحت أبوابها لآلاف السودانيين، الفارين من الحرب، ويعاملون معاملة المصريين في مختلف المدن وليس في مراكز ومعسكرات إيواء للنازحين، كما يحدث في دول أخرى».

وتستضيف مصر آلاف السودانيين الذين فروا من الحرب الداخلية، وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن «القاهرة استقبلت نحو مليون و200 ألف سوداني»، إلى جانب آلاف من السودانيين الذين يعيشون في مصر منذ سنوات، حسب السفير المصري بالسودان، السفير هاني صلاح.

قوى سياسية سودانية في مؤتمر بالعاصمة المصرية القاهرة مايو 2024 (الشرق الأوسط)

ووفق الباحث السوداني المقيم بمصر، صلاح خليل، فإن الاتهامات الصادرة عن قادة «الدعم السريع»، «محاولة لاستدراج مصر إلى أزمة على المستوى الإقليمي والدولي»، مضيفاً أن تصعيد «الدعم السريع» ضد مصر «جزءٌ من اتهامات متبادلة بين قواته والجيش السوداني بالحصول على دعم مباشر من قوى إقليمية في القتال الدائر بينهما منذ أبريل 2023».

وفسر خليل وصف «الخارجية المصرية» لـ«الدعم السريع» بـ«الميليشيا» بأنه «أمر طبيعي»، لأنها «لا تمثل الشعب السوداني»، مشيراً إلى أن من محددات الموقف المصري في الأزمة السودانية «دعم المؤسسات الوطنية، على رأسها المؤسسة العسكرية للحفاظ على وحدة وسيادة السودان».

ويصنف مجلس السيادة السوداني، «قوات الدعم السريع»، على أنها «ميليشيا متمردة»، ودعا قائد الجيش السوداني، في كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة، سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى تصنيفها «جماعة إرهابية».

وعدَّ خليل أن تصعيد «الدعم السريع» ضد القاهرة «لن يؤثر على الموقف المصري تجاه الوضع في السودان»، وقال إن «مصر تنتهج سياسة خارجية قائمة على التوازن والاعتدال، وتمتلك علاقات قوية مع الدول الأفريقية حالياً، وستواصل مساعيها لدفع الحلول السياسية لوقف الحرب بالسودان، بسبب تأثيرها المباشر على أمنها القومي».


مقالات ذات صلة

مصر: «الحوار الوطني» لمناقشة مقترحات ملف «الدعم النقدي»

شمال افريقيا جلسة سابقة من «الحوار الوطني» في مصر (الحوار الوطني)

مصر: «الحوار الوطني» لمناقشة مقترحات ملف «الدعم النقدي»

بدأت الأمانة الفنية لـ«الحوار الوطني» في مصر حصر المقترحات والملاحظات التي تلقتها على مدار أسبوعين بشأن ملف التحول من «الدعم العيني» إلى «النقدي».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشهد من المعارك التي تجددت قبل أيام في أحد أحياء الخرطوم (رويترز)

حديث «حميدتي» عن «ضرب مصر» قواته في السودان يثير تفاعلاً

أثارت اتهامات قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لمصر بمشاركتها في غارات جوية ضد قواته، تفاعلاً واسعاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جانب من رصف الطرق في محافظة البحر الأحمر (محافظة البحر الأحمر)

مقتل وإصابة سودانيين بحادث مروري في مرسى علم المصرية

تسبب حادث مروري في طريق مرسى علم بجنوب محافظة البحر الأحمر المصرية الخميس في مقتل وإصابة سودانيين.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)

الحديث الحكومي عن «اقتصاد الحرب» يُثير مخاوف مصريين

أثار حديث حكومي عن إمكانية اللجوء إلى سياسة «اقتصاد الحرب» مخاوف مصريين من موجة غلاء جديدة في البلاد.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا العاصمة المصرية القاهرة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

مصر تُعدد جهود مجابهة ظاهرة «الهجرة غير المشروعة»

عددت مصر جهود مجابهة ظاهرة «الهجرة غير المشروعة» وتحدثت الحكومة المصرية عن «خطة عمل وطنية» وبرامج وقوانين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الاتحاد الأفريقي لحلحلة الأزمة الليبية من بوابة «المصالحة»

المنفي مستقبلاً الرئيس الموريتاني (المكتب الإعلامي للدبيبة)
المنفي مستقبلاً الرئيس الموريتاني (المكتب الإعلامي للدبيبة)
TT

الاتحاد الأفريقي لحلحلة الأزمة الليبية من بوابة «المصالحة»

المنفي مستقبلاً الرئيس الموريتاني (المكتب الإعلامي للدبيبة)
المنفي مستقبلاً الرئيس الموريتاني (المكتب الإعلامي للدبيبة)

يسعى الاتحاد الأفريقي لحلحلة الأزمة السياسية الليبية المتجمدة، وذلك عبر تجديد مسار «المصالحة الوطنية» الذي تعطّل إثر تزايد الخلافات السياسية بين «الشركاء والخصوم».

وفي اجتماعين منفصلين بالعاصمة طرابلس، الجمعة، التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ونائبه عبد الله اللافي، بوفد أفريقي برئاسة الرئيس الحالي للاتحاد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني. كما ضم الوفد رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي، والممثل الخاص لرئيس الكونغو برازافيل، رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى المعنية بليبيا، وزير الخارجية جان كلود جاكوسو.

كما عُقد اجتماع مماثل للوفد الأفريقي في مقر حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

واستهل المنفي اجتماعه بوفد الاتحاد بجرد الخطوات التي اتُّخذت منذ انطلاق عملية «المصالحة الوطنية» بقيادة مجلسه، بشراكة مع الاتحاد ودعم المجتمع الدولي من خلال قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومخرجات «مسار برلين»، لافتاً إلى «التحديات التي تواجه إنجاز هذا الاستحقاق التاريخي، والسبل الكفيلة بتجاوزها».

الدبيبة مستقبلاً وفد الاتحاد الأفريقي برئاسة الغزواني (المكتب الإعلامي للدبيبة)

ونقل المجلس الرئاسي في بيانه أن الاتحاد الأفريقي «يؤكد استمرار التزامه بمسار المصالحة الوطنية، وبوحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها في مواجهة التدخلات الخارجية، وهو ما أكده الغزواني وفكي وكلود في كلماتهم»، مشيراً إلى أن هذه الزيارة تأتي تجسيداً لقرار الاتحاد في دورته المنعقدة في فبراير (شباط) 2024، ولـ«نداء برازافيل» الصادر عن قمة لجنة الاتحاد رفيعة المستوى المعنية بليبيا.

وثمّن المنفي في كلمته اجتماع الوفد الأفريقي في طرابلس، وعدّه خطوة «تحمل معاني ورسائل تعبر عن التزام أفريقيا بمساعدة ليبيا في تجاوز هذه الظروف»، كما تعبر عن «الانتماء المصيري لليبيا إلى قارة أفريقيا»، مشيداً بالدور الذي يضطلع به الرئيس الكونغولي ومفوضية الاتحاد التي تعززت بانتخاب الرئيس الغزواني رئيساً للاتحاد الأفريقي في دورته الحالية.

ودافع المنفي عن مجلسه، قائلاً إنه «ليس طرفاً من أطراف الصراع في ليبيا، وهو على تواصل مع الأطراف كافة، ومستمر في تعزيز نهج الشراكة الوطنية وتحقيق الملكية الوطنية للحل»، كما بارك مبادرة الاتحاد لعقد لقاء للأطراف الليبية المنخرطة في عملية المصالحة في أديس أبابا.

الدبيبة في لقاء ثنائي مع الرئيس الغزواني (المكتب الإعلامي للدبيبة)

وكان المنفي قد استقبل الرئيس الغزواني صباح الجمعة، وجرت للرئيس الموريتاني مراسم استقبال رسمية، وتم عزف السلام الوطني لكل من الدولتين.

وسبق أن قطع المجلس الرئاسي الليبي رفقة الاتحاد الأفريقي خطوات في مسار «المص

الحة الوطنية»، بالعمل على عقد «مؤتمر جامع للمصالحة» في مدينة سرت نهاية أبريل (نيسان) الماضي، لكن أُجهض هذا التحرك بفعل الأزمات السياسية بين «الشركاء»، ممثلين في السلطة التنفيذية بطرابلس، والمجلس الأعلى للدولة، و«الخصوم» الممثلين في جبهتَي غرب ليبيا وشرقها.

في السياق ذاته، اجتمع الدبيبة بوفد الاتحاد الأفريقي في مقر رئاسة الوزراء بطرابلس، وعدّ الزيارة «رسالة دعم قوية لليبيا في هذا الوقت الحاسم»، مشيراً إلى أن «المشهد السياسي الليبي يدخل مرحلة جديدة، بعد أن بدأنا في اتخاذ خطوات حاسمة لحل العقبات التي قيّدت المشهد السياسي لسنوات».

وقال الدبيبة: «عازمون على المضي قدماً لتحقيق قرارات محورية لإزالة العوائق التي شوهت مسار الاستقرار الذي نُصرّ على تحقيقه»، ولم يفصح الدبيبة عن نوعية هذه القرارات، لكنه قال إن حكومته «مستمرة بقوة في هذا المسار، خاصة إذا أثرت في قضايا أمننا القومي»، مضيفاً أن كل ذلك «يصب في صالح رؤيتنا الواضحة لمستقبل ليبيا التي يجب أن تعبر من خلال إنهاء المراحل الانتقالية، والذهاب المباشر لإجراء الانتخابات، عبر أساس قانوني متين ونزيه».

المنفي مجتمعاً مع وفد الاتحاد الأفريقي برئاسة الغزواني (المكتب الإعلامي للدبيبة)

من جانبهم، أكد أعضاء الوفد الأفريقي دعم الاتحاد المتواصل لليبيا في هذه المرحلة الدقيقة؛ إذ قال الرئيس الموريتاني إن «استقرار ليبيا هو استقرار للقارة الأفريقية بأكملها»، مشيراً إلى أن الاتحاد «ملتزم بمواصلة دعم ليبيا في طريقها نحو المصالحة الوطنية والتنمية المستدامة»، ومؤكداً أن «عودة ليبيا لدورها الطبيعي داخل الاتحاد الأفريقي أمر ضروري».

من جهته، أشار فكي إلى أن الاتحاد سيواصل «تقديم ما يلزم لدعم ليبيا في مساعيها لتحقيق الأمن والاستقرار»، مبرزاً أن «التعاون الأفريقي مع ليبيا لا يقتصر فقط على الجانب السياسي، بل يمتد ليشمل التنمية في مختلف المجالات. والمصالحة الوطنية في ليبيا هي الأساس لبناء مستقبل مستدام».

في سياق ذلك، نقل مكتب الدبيبة عن وزير الخارجية الكونغولي قوله إن الاتحاد «سيكون شريكاً استراتيجياً لليبيا التي تشهد استقراراً واضحاً»، مضيفاً أن ليبيا «تعد بلداً محورياً، ولعبت دوراً مهماً في مساعدة دول القارة».

ولم يجرِ وفد الاتحاد الأفريقي زيارة إلى شرق ليبيا، حتى بعد ظهر الجمعة. وسبق لرئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، زيارة موريتانيا في 28 أغسطس (آب) الماضي، الأمر الذي أغضب حكومة «الوحدة» حينها، ما دفع السلطات الموريتانية إلى حذف جميع الأخبار المتعلقة بزيارة حماد من وكالة الأنباء الرسمية.

في شأن مختلف، وفي إطار رفع جاهزية الأجهزة الأمنية والخدمية، نفذت مديرية أمن صبراتة التمرين التعبوي «صبراتة 24»، الذي استهدف تعزيز قدرات البحث والإنقاذ البحري والحضري. وشهد التمرين مشاركة واسعة من الأجهزة الأمنية والخدمية المعنية بالبحث والإنقاذ، تحت إشراف الغرفة الأمنية المشتركة، وتولى مركز البحث والتنسيق التابع لرئاسة أركان السلاح الجوي قيادة تنفيذ التمرين.

وجاء هذا التمرين كجزء من الجهود المستمرة لتعزيز التنسيق بين الأجهزة المختلفة، ورفع مستوى الجاهزية لمواجهة حالات الطوارئ.