«الدعم السريع» تعلن الاستيلاء على عشرات السيارات القتالية في دارفور

مناوي يتهم «قوات حميدتي» بإحراق 17 قرية وارتكاب انتهاكات ضد المدنيين

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أ.ب)
جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أ.ب)
TT

«الدعم السريع» تعلن الاستيلاء على عشرات السيارات القتالية في دارفور

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أ.ب)
جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أ.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع»، بزعامة الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أنها ألحقت هزيمة كبرى في الأرواح والعتاد بـ«القوات المشتركة» التابعة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني، في شمال دارفور، من بينها «حركة تحرير السودان» التي يتزعمها حاكم دارفور مَنِّي أركو مناوي، وأسرت عدداً كبيراً من جنوده، واستولت على 170 عربة مسلحة تابعة للحركة، دون أن تحدد مكان أو زمان الحادثة.

وفي المقابل ردت حركة مناوي ببيان قالت فيه إن «قوات الدعم السريع» أحرقت نحو 17 قرية تابعة لمحلية كتم بولاية شمال دارفور، وارتكبت انتهاكات واسعة طالت مئات المدنيين، في وقت سمعت فيه أصوات انفجارات عنيفة بالقرب من القصر الرئاسي وسط الخرطوم، الذي تسيطر عليه «قوات حميدتي» منذ بداية الحرب.

ونشرت «قوات الدعم السريع»، الجمعة، من مكان لم تحدده، مقطع فيديو استعرضت فيه عدداً من السيارات، قالت إنها استولت عليها ممن أطلقت عليهم «مرتزقة مناوي» بشمال دارفور، وإن عددها يبلغ 170 سيارة قتالية. وقال متحدث في المقطع الذي تظهر فيه بعض التلال، إنهم سيتعاملون مع الأسرى معاملة حسنة استجابة لتوجيهات قائد «الدعم السريع»، الجنرال «حميدتي»، وإنهم أحرقوا عدداً من السيارات المدرعة، التي يطلق عليها محلياً «كشكش».

أحرق قرى بمحلية كتم

من جهتها، اتهمت «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، وهي حركة متحالفة مع القوات المسلحة، الخميس، «قوات الدعم السريع» بأنها أحرقت نحو 17 قرية بمحلية كتم، وارتكبت انتهاكات واسعة ضد المدنيين.

وقال المتحدث باسم الحركة، الصادق علي النور، في بيان: «(قوات الدعم السريع) شنت هجوماً غادراً على عدة قرى في شمال دارفور، استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة والمدافع الرشاشة، ما أدى إلى مقتل المئات من المدنيين، وإحراق 17 قرية شمال غربي محلية كتم»، وحذَّر من «جرائم إبادة جماعية» أسوة بالجرائم التي ارتكبت في ولاية غرب دارفور في وقت سابق.

جانب من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر (أ.ف.ب)

ونقلت صحيفة «سودان تربيون» السودانية عن ناشط حقوقي في ولاية شمال دارفور، أن الإحصاءات الأوّلية لهجمات «قوات الدعم السريع»، أدت إلى مقتل أكثر من 50 مدنياً، إضافة إلى عشرات الجرحى، وأن القوات المهاجمة ارتكبت جرائمها على أساس «إثني» تحت مزاعم أنهم موالون للحركات المسلحة التي تقاتل «قوات الدعم السريع».

وذكرت الصحيفة على موقعها على الإنترنت، أن نحو 73 سيارة قتالية تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، تمركزت في «دونكي بعاشيم»، ونهبت الأسواق واقتحمت المنازل، واعتدت على السكان تحت ذريعة البحث عن الأسلحة، وأنها استباحت مناطق «ساني حيا، ودونكي وبعاشيم، وبريدك، وبئر مزة، وديسة، وبطة»، وأحرقت القرى، ونهبت ما يزيد على 300 رأس من الماشية.

ومنذ أكثر من أسبوع تدور معارك عنيفة بين «قوات الدعم السريع» وقوات الحركات المسلحة التي تقاتل مع الجيش السوداني، وتحمل اسم «القوات المشتركة»، وقدمت عبر الصحراء بشمال وغرب إقليم دارفور من منطقة «الدبة»، ومن ليبيا، وزعم خلالها كل طرف أنه حقق انتصارات على خصمه، وألحق به خسائر فادحة، واستطاع السيطرة على البلدات ومناطق تمركز قوات الآخر.

أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)

وتأتي هذه العمليات القتالية بعد ساعات من الخطاب المثير للجدل الذي بثه قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، مساء الأربعاء، توعد فيه بما سمَّاه الخطة (ب)، وأصدر توجيهات صارمة لقواته بمنع التصوير أثناء المعارك، وعدم الاعتداء على الأسرى أو التحقيق معهم في ساحات القتال، وأصدر أوامر لجنوده بالتبليغ الفوري لوحداتهم، وتنظيم صفوفهم من أجل القتال.

انفجارات حول القصر الرئاسي

وفي الخرطوم، سُمِعَت أصوات انفجارات عنيفة حول القصر الرئاسي وسط المدينة، الذي تسيطر عليه «قوات الدعم السريع»، منذ أول أيام الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023، وقال الشهود إن الطيران الحربي السوداني استهدف مواقع تمركز «الدعم السريع» بغارات جوية مكثفة.


مقالات ذات صلة

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
TT

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه، الخميس، قادة القوات المسلحة المصرية في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة).

وتصدر وسم «#السيسي_القايد» الترند في مصر، مع مشاركة مقاطع فيديو من لقاء السيسي، والاحتفاء بكلماته.

اللقاء الذي حضره القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسية، تناول، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، تطوّرات الأوضاع على الساحتَين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط».

وخلال اللقاء طلب السيسي من المتحدث العسكري، العقيد غريب عبد الحافظ، أن يسدي له نصيحة، قائلاً: «تنصحني بإيه؟»، ليرد الأخير: «هون على نفسك يا فندم».

وتعليقاً على رد المتحدث العسكري، قال السيسي، الذي بدا عليه التأثر حابساً دموعه: «هما يومان في الدنيا، وبعد ذلك سنموت... يا رب يقبلني».

وأضاف الرئيس المصري مخاطباً المتحدث العسكري أنه «عندما تفهم الحكاية التي نتواجد بسببها في الأرض... لن تهون عليك أبداً»، وتابع: «عندما جاءت السيدة فاطمة أثناء وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قالت له: (واكرباه). فرد عليها الرسول وهو ينتقل إلى الرفيق الأعلى: (لا كرب بعد اليوم على أبيكِ)».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال إن سياسة بلاده الخارجية تتمتع بالاعتدال (الرئاسة المصرية)

وحرص رواد مواقع «التواصل» على مشاركة مقطع الفيديو، الذي يظهر فيه تأثر الرئيس المصري وهو يرد على المتحدث العسكري، من بينهم الإعلامي المصري أحمد موسى.

بينما دعا مغردون أن يعين الله الرئيس المصري ويؤيده بنصره.

وكتب آخرون، متمنين أن يحمي الله السيسي من «كيد الحاقدين».

كما عد حساب آخر بكاء الرئيس «دليلاً على ثقل الحمل الذي يتحمله».

في المقابل، ظهرت تعليقات و«هاشتاغات» ناقدة ومشككة في المشهد الذي تم بثه عبر القنوات التلفزيونية الرسمية.

وهو ما عده الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، «محاولة للتقليل من مكانة البلاد عبر الادعاء بأن حديث السيسي وتأثره هدفهما استعطاف المصريين»، مشيراً إلى أن «وراء هذه الادعاءات جماعات تسعى باستمرار للتشكيك في كل شيء، وفي كل تصريح، بهدف إثارة البلبلة وتحريض الرأي العام».

وأكد فرج لـ«الشرق الأوسط» أن «كلمات الرئيس خلال لقائه قادة القوات المسلحة حظيت بتفاعل واسع في الداخل والخارج»، مشيراً إلى أن «تأثر السيسي خلال اللقاء يعكس حجم التحديات التي تواجهها البلاد». وقال إن «السيسي سبق وقال له إنه كمن يمسك جمراً في يده، نظراً لحجم المخاطر التي تحيط بالبلاد، لا سيما خلال الفترة الأخيرة منذ اندلاع حرب غزة».

وأضاف فرج: «نعيش فترة عصيبة تحتاج حنكة وحكمة في اتخاذ القرارات». وأوضح أن «السيسي تحدث خلال اللقاء عن التهديد الذي يواجه مصر عبر جبهاتها الاستراتيجية الثلاث؛ سيناء شرقاً، وليبيا غرباً، والسودان واليمن جنوباً»، وأكد الرئيس المصري «ضرورة التأني في اتخاذ القرارات حتى لا تفقد البلاد ما بنته من تسليح وتدريب خلال السنوات الماضية».

الرئيس المصري خلال لقاء قادة القوات المسلحة المصرية (الرئاسة المصرية)

ولم يقتصر التفاعل على لحظات التأثر، بل امتد لتصريحات السيسي خلال اللقاء. وقال الإعلامي وعضو ومجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه على «إكس»، إن «حديث الرئيس السيسي مع قادة القوات المسلحة يعكس حرصه على التشاور معهم بشأن التحديات التي تواجه مصر في الوقت الراهن على كافة الاتجاهات الاستراتيجية».

ولفت بكري إلى أن الرئيس المصري أرسل خلال اللقاء رسائل عدة؛ من أبرزها «التأكيد على أن إدارة مصر المتزنة ساهمت في الاستقرار، وأن مصر ليست في معزل عما يدور حولها من أزمات وتحديات، مع التشديد على ضرورة الحفاظ على التدريب والجاهزية للقوات المسلحة للحفاظ على أمن مصر القومي».

من جانبه، أشار الخبير العسكري المصري إلى أن «لقاء السيسي مع الجيش هذه المرة مختلف، حيث حضره قادة الفرق واللواءات، على غير المعتاد في مثل هذه الاجتماعات التي يحضرها (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) وقادة الجيوش، ما يعني أن الرئيس أراد أن تصل رسالته لكل جندي».

وحمل لقاء السيسي مع قادة القوات المسلحة «رسائل عدة للداخل والخارج، ملخصها أن الجيش جاهز ومتيقظ»، حسب سمير فرج.

تناول اللقاء، «جهود القوات المسلحة في تأمين جميع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة ومدى جاهزيتها لتنفيذ المهام التي تُوكل إليها»، حيث أكد الرئيس المصري أن «القوات المسلحة هي أهم ركيزة للاستقرار في مصر والمنطقة في ظل الأزمات والصراعات التي تحيط بالبلاد على كافة حدودها»، معرباً عن «اطمئنانه تجاه الدور الحيوي الذي يلعبه الجيش في الحفاظ على استقرار البلاد».

وقال السيسي إن «المنطقة تمر بظروف صعبة، ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة والتطورات الجارية في الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، في كافة حدود الدولة الغربية والجنوبية والشرقية والشمال الشرقي».

وأضاف أن «سياسة مصر الخارجية تتمتع بالاعتدال»، مشيراً إلى أن «مهمة القوات المسلحة لا تقتصر على التدريب العسكري فحسب، بل تتفاعل أيضاً مع الوضع السياسي والأمني في الداخل والخارج»، وشدد على «أهمية اتخاذ القرارات السليمة مهما كانت جاهزية القوات للحفاظ على كل المكتسبات التي تحققت خلال 10 سنوات مضت».