ماذا نعرف عن شقيق حميدتي الذي عاقبته واشنطن؟

مصدر لـ«الشرق الأوسط»: «الدعم» تؤهله سياسياً للعب دور مستقبلي

القوني دقلو شقيق قائد «قوات الدعم السريع» خلال مشاركته في مؤتمر بجنوب أفريقيا (إكس)
القوني دقلو شقيق قائد «قوات الدعم السريع» خلال مشاركته في مؤتمر بجنوب أفريقيا (إكس)
TT

ماذا نعرف عن شقيق حميدتي الذي عاقبته واشنطن؟

القوني دقلو شقيق قائد «قوات الدعم السريع» خلال مشاركته في مؤتمر بجنوب أفريقيا (إكس)
القوني دقلو شقيق قائد «قوات الدعم السريع» خلال مشاركته في مؤتمر بجنوب أفريقيا (إكس)

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، مساء الثلاثاء، فرض عقوبات على السوداني، القوني حمدان دقلو، وهو الشقيق الأصغر لقائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، ونسبت له «تورّطه في شراء أسلحة لمواصلة الحرب المدمرة في السودان».

والقوني هو الأحدث في قائمة سوادنيين فرضت عليهم وزارة الخزانة الأميركية عقوبات، وفي العام الماضي فرضت أميركا عقوبات على عبد الرحيم دقلو، وهو شخصية عسكرية في «قوات الدعم السريع»، وشقيق آخر لحميدتي.

ورفضت واشنطن حتى الآن دعوات لفرض عقوبات على حميدتي مباشرةً لمزاعم بارتكاب «قوات الدعم السريع» انتهاكات لحقوق الإنسان في مناطق، منها دارفور.

فتاتان في رحلة يومية لجلب الماء من أحد مخيمات زمزم بضواحي الفاشر (أ.ب)

وأفاد بيان الخزانة الأميركية بأن «تصرفات القوني أدّت إلى تأجيج الحرب والفظائع الوحشية التي ارتكبتها (قوات الدعم السريع) ضد المدنيين، شملت جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي في دارفور».

ويُتهَم القوني بأنه يدير عمليات صفقات السلاح والعتاد العسكري الذي تتحصّل عليه «الدعم» من الخارج منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش والقوات قبل نحو 16 شهراً.

سكرتير حميدتي

وقال مصدر على معرفة وثيقة بالقوني لـ«الشرق الأوسط»، إنه تمت إقالته من مدير إدارة المشتريات قبل نحو 3 سنوات، وتم استبدال أحد أبناء عمومته به، ما قلّص نفوذه بشكل كبير في إدارة أموال «الدعم السريع».

وأضاف المصدر أن القوني «كان سكرتيراً شخصياً، وفي مرتبة أعلى من مدير أعمال، لقائد (الدعم)». وعدّ المصدر أن «القوني يميل إلى التجارة والأعمال أكثر من السياسة، لكن ليس المتحكم الأول في أموال (الدعم)».

وأكّد المصدر الذي كان مقرّباً في وقت سابق من القوني، أنه «لم يكن صاحب قرار مؤثر في (الدعم)، على الرغم من أن له نفوذاً داخلياً كبيراً في الجانب التنفيذي».

ورأى المصدر أن «العقوبات الأميركية لن تؤثر على القوني في شخصه؛ لأنه لا يمتلك أموالاً تخصّه، وبإمكان أسرة حميدتي إيجاد بدائل داخل الأسرة لفتح حسابات وتحويل الأموال، بينما يستمر القوني في إبرام الصفقات، وممارسة ذات المهام الموكلة إليه من الأسرة».

وكشف المصدر أن «هناك أشقاء يقومون بنفس الأدوار، لكنهم بعيدون عن أضواء الشهرة».

وشارك القوني عضواً في وفد «الدعم السريع» في منبر جدة، وكذلك المحادثات التي جرت في مدينة جنيف السويسرية في أغسطس (آب) الماضي.

مدينة جدة السعودية استضافت في مايو 2023 مفاوضات بين ممثّلي الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

تأهيل سياسي

وقال المصدر المقرّب: «يبدو أن (الدعم السريع) تعمل على تأهيل القوني سياسياً ليلعب دوراً تنفيذياً في المستقبل، حال الوصول إلى اتفاق مع الجيش السوداني».

وذكر أن وجود القوني خارج البلاد منذ اندلاع الحرب ربما مكّنه من أن يلعب دوراً أقرب إلى المبعوث الشخصي لقائد «الدعم السريع» في التواصل مع الدول بالمنطقة.

وقال مصدر آخر مطّلع لـ«الشرق الأوسط»، إن القوني «كان يحمل رتبة رائد في (الدعم)، لكنه كان يفضّل إخفاء صفته العسكرية، والتدثر وراء الأعمال التجارية»، وجاء أحدث ظهور للقوني خلال مشاركته في منتدى رئيس جنوب أفريقيا الأسبق ثامبو أمبيكي في جوهانسبرغ، منذ أيام، حول الأمن والسلام في أفريقيا.

وقال المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، في تدوينة على حسابه بمنصة «إكس»، إن أنشطة القوني في شراء الأسلحة «ساهمت في العنف المروّع في السودان، بما في ذلك الحصار على الفاشر».

وقال وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بالإنابة، برادلي سميث، في بيان فرض العقوبات، إن القوني «يواصل شراء الأسلحة لتسهيل الهجمات والفظائع الأخرى ضد المواطنين».

وأضاف: «ستستمر الولايات المتحدة في محاسبة أولئك الذين يسعون إلى إطالة أمد هذا الصراع، وتقييد الوصول إلى المساعدات الإنسانية الحيوية في وقت المجاعة والهشاشة».

وكانت وزارة الخزانة الأميركية فرضت في يناير (كانون الثاني) الماضي عقوبات على 3 شركات مرتبطة بطرفَي الحرب في السودان، شملت «بنك الخليح»، وشركة «الفاخر»؛ المملوكتين لـ«قوات الدعم السريع»، وشركة «زادنا» المملوكة للجيش السوداني.

ويخضع الأفراد المستهدَفون للعقوبات الأميركية لتجميد الأصول، وحظر تقديم الأموال أو الموارد الاقتصادية لهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى خضوعهم لحظر السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية.


مقالات ذات صلة

قائد «الدعم السريع» يتهم مصر بشن غارات على قواته... والقاهرة تنفي

شمال افريقيا أرشيفية لحميدتي (رويترز)

قائد «الدعم السريع» يتهم مصر بشن غارات على قواته... والقاهرة تنفي

اتهم الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع في السودان مصر بشن ضربات جوية على قوات المجموعة شبه العسكرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا البشير خاض نظامه حروباً لسنوات عدّة في جنوب السودان ودارفور (أ.ف.ب)

السودان: مخاوف من عودة رموز حزب البشير للواجهة

أعرب نشطاء سياسيون في السودان، عن مخاوفهم جراء الظهور العلني المتكرر لرموز من حزب «المؤتمر الوطني» الذي حكم البلاد سابقاً طوال عهد الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

أعلن الجيش السوداني تحقيق انتصارات في منطقة «جبل موية» الاستراتيجية، بعدما كان قد فقد السيطرة عليها لصالح «قوات الدعم السريع» في أواخر يونيو (حزيران) الماضي.

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)

بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: عناصر من عهد البشير يمدّدون الحرب للعودة إلى السلطة

قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا قنوات اتصال مفتوحة مع الاتحاد الأفريقي بشأن آلية لمراقبة الاتفاقيات الحالية».

هبة القدسي (واشنطن) أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا اجتماع سابق لمجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي (أرشيفية - الخارجية المصرية)

مباحثات أفريقية رفيعة لوقف حرب السودان

يُجري وفد من «مجلس الأمن والسلم الأفريقي»، الذي وصل إلى بورتسودان للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، مباحثات مع المسؤولين السودانيين تتعلق بسبل إنهاء الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)

السودان: مخاوف من عودة رموز حزب البشير للواجهة

البشير خاض نظامه حروباً لسنوات عدّة في جنوب السودان ودارفور (أ.ف.ب)
البشير خاض نظامه حروباً لسنوات عدّة في جنوب السودان ودارفور (أ.ف.ب)
TT

السودان: مخاوف من عودة رموز حزب البشير للواجهة

البشير خاض نظامه حروباً لسنوات عدّة في جنوب السودان ودارفور (أ.ف.ب)
البشير خاض نظامه حروباً لسنوات عدّة في جنوب السودان ودارفور (أ.ف.ب)

أعرب نشطاء سياسيون في السودان، عن مخاوف جراء الظهور العلني المتكرر لرموز من حزب «المؤتمر الوطني» الذي حكم البلاد سابقاً طوال عهد الرئيس السابق عمر البشير (1989 : 2019). وأطل إبراهيم محمود، وهو أحد المتنازعين على رئاسة «المؤتمر الوطني»، بعد استقباله في مطار بورتسودان، الثلاثاء، وخاطب السودانيين بعد نحو عامين من تواجده في تركيا.

كما ظهر والي ولاية سنار السابق، أحمد عباس، وهو من رموز «المؤتمر الوطني» مرتدياً الزي العسكري، إلى جانب نائب القائد العام للجيش شمس الدين الكباشي في منطقة جبل موية، التي استردها الجيش قبل أيام عدّة.

وعدّت قوى مدنية تلك التحركات «محاولة لاستعادة الحزب» المنحل لسلطته التي فقدها بالانتفاضة الشعبية التي أطاحت حكم البشير، ورأى آخرون أنها «دليل على تحالف الإسلاميين وواجهتهم حزب (المؤتمر الوطني) مع الجيش».

مدح لـ«طالبان»

وخاطب محمود في كلمة مقتضبة بمطار بورتسودان، الثلاثاء، مواطنيه بالقول: «الشعب السوداني لن يخدع مرة أخرى بقصص و(حواديت) المعارضة»، ساخراً من تحميل المسؤولية عن مشكلات البلاد لـ«الكيزان» (تعبير أطلقه السودانيون على قوى الإسلاميين).

كما انتقد محمود سياسات رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، بشأن التطبيع مع إسرائيل.

القيادي في حزب المؤتمر الوطني السوداني إبراهيم محمود (فيسبوك)

وفي موضع آخر، ألمح محمود إلى عودة التحالفات بين حزبه والجماعات المتشددة، مُستدلاً بتجربة أفغانستان بقوله: «العالم يعترف بالأقوياء، وحركة (طالبان) دوَّخت أميركا، ودفعتها صاغرة للتفاوض معها».

ويدور صراع تنظيمي داخل «المؤتمر الوطني» بين 3 جبهات تمثل كلاً من: الأمين العام لـ«الحركة الإسلامية» علي كرتي، ورئيس الحزب بعد إطاحة البشير، أحمد هارون، ومجموعة بقيادة نافع علي نافع (تدعم رئاسة إبراهيم محمود).

تهديد بالانقسام

وقال القيادي في «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) شهاب إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»، إن «الظهور العلني لقيادات (المؤتمر الوطني) يعدّ تدشيناً لمرحلة جديدة من الحرب، وقيادتها باتجاهات أكثر سوءً».

وأبدى إبراهيم تخوفاً من أن تسهم تلك الشخصيات في تعبئة أنصارهم ضد مكونات المجتمع السوداني، وبالتالي التهديد بانقسام مجتمعي، وليس فقط الحشد ضد «قوات الدعم السريع». وعدّ أن «الخطاب الدعائي الحربي الذي يقوده (المؤتمر الوطني) سيدفع البلاد للانقسام، ليس على غرار ما حدث مع جنوب السودان، بل لأكثر من دولة». وعلى المستوى الداخلي للحزب، رأى القيادي في «تقدم»، أن «الظهور العلني يكشف عن تطور الصراع بين مراكز القوى داخل الحزب».

مظاهرات صاخبة خرجت من الخرطوم احتفالاً بسقوط نظام البشير عام 2019 (إ.ب.أ)

ويعدّ «المؤتمر الوطني» حزباً محلولاً بموجب قانون «تفكيك نظام الإنقاذ» الذي أجيز من قِبل مجلسَي السيادة والوزراء عقب إطاحة البشير عام 2019.

ولعب أنصار «المؤتمر الوطني» دوراً فاعلاً في انقلاب الجيش السوداني على الحكومة المدنية التي كان يقودها رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك عام 2021، كما أنهم يساندون الجيش بقوة في حربه ضد «قوات الدعم السريع» والتي اشتعلت عام 2023.

وتقاتل ميليشيات تابعة للإسلاميين مثل «كتائب البراء، والبنيان المرصوص» إلى جانب الجيش.

وفي تعليق على الظهور العلني لقيادات «المؤتمر الوطني»، قال نائب الأمين العام لـ«تقدم» خالد عمر يوسف، إن تلك الخطوات تؤكد أن «الحرب الراهنة هي حرب النظام البائد للعودة إلى السلطة على حساب أرواح الشعب وتدمير البلاد»، وأضاف: «أشعلوا نارها (يقصد رموز النظام السابق) ويستثمرون في استمرارها، والآن يسارعون لجني ثمارها قبل أن ينقشع غبار المعركة».