رأت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، للشؤون السياسية، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أنسميل»، ستيفاني خوري، أن هناك «تطوراً إيجابياً» طرأ في الأزمة الليبية، بعد التوصل الى اتفاق بين القيادات على قرار تعيين محافظ للبنك المركزي، واستئناف الصادرات النفطية. غير أنها حذرت من إجراءات أحادية «تغذي الانقسامات»، داعية إلى «حوار شامل» يفضي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والعامة في البلاد.
وقدمت خوري، اليوم الأربعاء، أمام أعضاء مجلس الأمن في نيويورك، إحاطة كررت فيها التحذيرات من «التدابير الأحادية التي اتخذتها مختلف الأطراف الليبية، وعدم الاستقرار الذي تسببت فيه»، مشيرة في المقابل إلى حدوث «تطور إيجابي أعاد بعض الأمل في أن يتخذ القادة الليبيون الخطوات اللازمة لدفع بلادهم إلى الأمام». وموضحة أن المجلس الرئاسي أصدر في أغسطس (آب) الماضي مرسومين، يقضيان باستبدال محافظ البنك المركزي، وتعيين مجلس إدارة له، غير أن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة رفضا هذه القرارات.
وكانت الحكومة المعينة من مجلس النواب، ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، قد أعلنا في الشهر ذاته، بشكل منفصل، تعليق إنتاج النفط وتصديره بسبب أزمة البنك المركزي. وفي هذا السياق لاحظت خوري أن الأزمة المحيطة بالبنك أثارت في البداية توترات بين التشكيلات المسلحة في طرابلس وأماكن أخرى، لكن هذه التوترات هدأت بعد أن وافقت هذه التشكيلات، بفضل مفاوضات مكثفة، على ترتيبات أمنية جديدة، بما في ذلك تسليم السيطرة على العديد من المواقع الرئيسية في العاصمة لوزارة الداخلية.
وإذ أشارت خوري إلى سلسلة من المحادثات، التي أجرتها على أساس الاتفاق السياسي الليبي في سبتمبر (أيلول) الماضي مع ممثلي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي الليبي، وأيضاً في 26 من سبتمبر (أيلول) الماضي، التي نتج عنها أخيراً تعيين محافظ جديد ونائب محافظ جديد للبنك المركزي، ثم إعلان المؤسسة الوطنية للنفط استئناف الصادرات بشكل كامل، لكنها أوضحت أن «هناك خطوات أخرى» في هذا السياق، ومنها تعيين مجلس إدارة لقيادة البنك المركزي. مناشدة أصحاب المصلحة الليبيين «دعم قيادته الجديدة في القيام بإصلاحات حاسمة، تتعلق بالسياسة النقدية والحوكمة». وقالت بهذا الخصوص: «هذه الأحداث تذكرنا بالأهمية الحاسمة لضمان استقلال مؤسسات الدولة، والحاجة إلى نزع الطابع السياسي عن استخدام المؤسسات والموارد الطبيعية الليبية لتحقيق مكاسب سياسية»، فضلاً عن «التهديد الذي تشكله الإجراءات الأحادية، والحاجة إلى أن تعمل كل الأطراف، مع الالتزام بالصلاحيات الخاصة بكل منها، معاً لإيجاد حلول بروح التسوية».
في سياق ذلك، أبدت المبعوثة الأممية أسفها على أن «إجراءات أخرى لا تزال تغذي الانقسامات»، ومنها قرار مجلس النواب إنشاء محكمة دستورية، وهو القرار الذي رفضته المحكمة العليا. وأشارت أيضاً إلى أن القرار الذي اتخذه مجلس النواب بإلغاء تفويض حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي، والقائد الأعلى للقوات المسلحة «لا يزال يشكل مصدراً للتوتر». موضحة أنه «يتعين التوصل إلى إجماع بشأن المضي قدماً في عملية المصالحة الوطنية، التي لا تزال متوقفة».
كما أوضحت خوري أن استمرار الإجراءات الأحادية «لن يؤدي إلا إلى تقويض سيادة ليبيا، وإغراق البلاد في المزيد من الأزمات، وتشتيت الانتباه عن المهمة المطروحة، وهي تمهيد الطريق إلى حل سياسي شامل»، وإيجاد «حل يعالج قضايا مهمة، مثل الانقسام الحالي لمؤسسات الدولة، والحاجة إلى حكومة موحدة، واستعادة الشرعية الديمقراطية من خلال الانتخابات». وشددت على أن ذلك «يستلزم حواراً شاملاً». داعية كل الجهات الفاعلة المعنية إلى «إيجاد حل يحافظ على وحدة المجلس الأعلى للدولة».
وبخصوص الانتخابات المؤجلة التي يترقبها الليبيون، كشفت خوري عن أن الاستعدادات للانتخابات المحلية في 60 بلدية ما تزال مستمرة، معبرة عن تطلع الأمم المتحدة إلى «انتخابات محلية ناجحة» في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ورأت أن «الوقت حان لتبديد التصور بأن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يعملان فقط على إدارة الأزمة في ليبيا وليس معالجتها»، مؤكدة أنها «تنوي البناء على الإنجازات الإيجابية الأخيرة، وتعزيز العملية السياسية الشاملة في الأسابيع المقبلة، بهدف كسر الجمود السياسي، ومعالجة محركات الصراع الطويلة الأمد، والمضي قدماً نحو الانتخابات الوطنية».