«مراسلون بلا حدود» تناشد الرئيس الجزائري منح صحافي عفواً كاملاً

السلطة اتهمته بـ«التخابر» ودفاعه عدَّه «سجين رأي»

الصحافي إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
الصحافي إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
TT

«مراسلون بلا حدود» تناشد الرئيس الجزائري منح صحافي عفواً كاملاً

الصحافي إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
الصحافي إحسان القاضي (الشرق الأوسط)

ناشدت منظمة «مراسلون بلا حدود» الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، منح الصحافي إحسان القاضي، المسجون بسبب كتاباته، عفواً كاملاً، بدل الإجراءات التي اتخذت لأجله بخصوص تخفيض العقوبة.

وقالت المنظمة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني إن «الوقت حان لتمكين إحسان القاضي من العودة إلى عائلته»، عادَة ذكرى اندلاع ثورة التحرير من الاستعمار، 01 نوفمبر (تشرين الثاني) 1954، تاريخاً مناسباً، حسبها، لإطلاق سراح الصحافي السبعيني، الذي اشتهر بمقالات ومواقف سياسية حادة من الحكومة.

صورة من لافتة تطالب بإطلاق سراح الصحافي إحسان القاضي (مراسلون بلا حدود)

وأكد خالد درارني، ممثل «مراسلون بلا حدود» في منطقة شمال أفريقيا، أن «فرصاً عديدة توفرت لتمكين إحسان القاضي من رجوعه إلى عائلته، وإعادة الاعتبار لصورة الجزائر في مجال حرية الصحافة». علماً بأن درارني نفسه سجن 11 شهراً بسبب تغطياته الصحافية للحراك الشعبي المعارض، الذي اندلع في 22 فبراير (شباط) 2019 لمنع الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019) من الترشح لولاية خامسة.

وفي 18 يونيو (حزيران) 2023 دانت محكمة بالعاصمة الجزائر إحسان القاضي بالسجن سبع سنوات، منها خمس سنوات مع التنفيذ. لكنه حصل على تخفيض في العقوبة لمدة 24 شهراً، في إطار عفو جزئي أصدره الرئيس تبون بمناسبة ذكرى الاستقلال في الخامس من يوليو (تموز) الماضي. وقالت عائلته وزملاؤه في مؤسسة «إنترفاس» الإعلامية التي كان يسيرها، وتم حلها نهاية 2022، إن دفاعه لم يبلَغ بتقليص العقوبة إلا بعد مرور أسابيع.

خالد درارني مدير مكتب منظمة «مراسلون بلا حدود» في شمال أفريقيا (الشرق الأوسط)

وقالت «مراسلون بلا حدود» إنها تبارك هذه الخطوة، لكنها تواصل الدعوة إلى عفو كامل للصحافي، الذي سبق أن تعرض للسجن في العشرينات من العمر، بسبب أفكاره اليسارية المعارضة للنظام.

وأكد دفاع القاضي للصحافة أنه قدم طلباً للمحكمة يخص الإفراج المشروط عنه، وبعد دراسته في 22 سبتمبر (أيلول) الماضي قضت برفضه، من دون توضيح الأسباب. وقال عضو في هيئة الدفاع إن الصحافي قضى 21 شهراً من أصل 36 من عقوبته المخففة، ما يؤهله، حسبه، للاستفادة من الإفراج المشروط، «ومع ذلك، تم رفض هذا الإجراء دون مبرر واضح»، وفق نفس المحامي الذي ينتمي لمنظمة محامي الجزائر العاصمة.

والمعروف أن الإفراج المشروط ليس إجراء استثنائياً في النظام العقابي الجزائري، ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الجزائرية»، فقد استفاد أكثر من 17400 سجين من هذا الإجراء خلال عام 2024، لهذا يعد استثناء الصحافي القاضي من هذه التدابير قراراً غير مفهوم لدى زملائه وعائلته ودفاعه.

وتابعت النيابة الصحافي القاضي بتهمة «تلقي مبالغ مالية وامتيازات من أشخاص ومنظمات في البلاد وخارجها، من أجل الانخراط في أنشطة من شأنها تقويض أمن الدولة واستقرارها». وجاء ذلك في إطار تحقيق حول تمويل شركته الإعلامية، التي كانت تنشر مقالات وتبث برامج شديدة النقد لأعمال السلطة، وسياسات الحكومة بشكل عام. وتضم الشركة صحيفة إلكترونية وإذاعة تبث برامجها على النت، وقد تم إغلاقها بعد أيام قليلة من اعتقال مديرها.

وأثناء المحاكمة، أكد محامو الصحافي أن تهمة «تلقي أموال من الخارج لا تعدو عن مبلغ قيمته 27 ألف جنيه إسترليني، حولته ابنته المقيمة في بريطانيا، إلى حسابه البنكي لحل مشكلات مالية واجهت المؤسسة الإعلامية، التي كانت تشغل عدداً محدوداً من الصحافيين والفنيين».

الرئيس تبون اتهم الصحافي إحسان القاضي بالتخابر (الرئاسة)

وسئل الرئيس تبون في مناسبات عديدة عن سجن إحسان القاضي، خصوصاً أنه اتهمه في تصريح سابق له، دون ذكره بالاسم، بأنه «خبارجي»، وكان يلمح إلى أنه «ينقل أخباراً مرتبطة بشؤون الحكم إلى سفارات غربية». وأكد تبون بهذا الخصوص أنه «لا توجد أي علاقة بين سجن إحسان القاضي وحرية الصحافة»، وحمل بحدة على منظمات غير حكومية، خاصة «مراسلون بلا حدود»، التي أعاب عليها «السكوت على تنكيل إسرائيل بالصحافيين».


مقالات ذات صلة

بسبب توتر العلاقات... الجزائر تستبعد فرنسا من مناقصة لاستيراد القمح

شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي قبل توتر العلاقات بين البلدين خلال مشاركتهما في قمة المناخ بشرم الشيخ (الرئاسة الجزائرية)

بسبب توتر العلاقات... الجزائر تستبعد فرنسا من مناقصة لاستيراد القمح

الجزائر تستبعد الشركات الفرنسية من مناقصة لاستيراد قمح هذا الأسبوع، وتشترط ألا تعرض الشركات المشاركة قمحاً فرنسي المنشأ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم العربي وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

الجزائر تدعو «الأوروبي» إلى «تجاوز منطق الربح التجاري» في علاقاتهما

قال وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، الثلاثاء، إن «اتفاق الشراكة» بين بلاده والاتحاد الأوروبي «ينبغي أن يتجاوز منطق الربح الفوري».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المطلوب قضائياً من طرف الجزائر (يسار) مع رئيس التنظيم الانفصالي ومحاميه بمحكمة باريس (متداولة)

صراع قانوني بين الجزائر وفرنسا لترحيل ناشط انفصالي

أكسيل بلعباسي يعيش في فرنسا منذ عام 2012، ولم يعد إلى بلاده منذ عام 2019، وتتهمه الجزائر بـ«رعاية أعمال إرهابية» وتطلب من فرنسا تسليمه.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون خلال المقابلة الصحافية التي بثها التلفزيون العمومي (الرئاسة)

رئيس الجزائر يصف زيارة كانت مقررة إلى فرنسا بـ«الخضوع والإذلال»

قال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون: «لن أذهب إلى (كانوسا)»؛ تعبيراً عن أن التوجه إلى فرنسا في الوقت الحالي يعدّ «استسلاماً» و«خضوعاً».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

كشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن أن بلاده تعتزم شراء أسهم في بنك «بريكس» للتنمية، بقيمة مليار ونصف مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر: تصاريح الإقامة وصعوبات التعليم تدفعان سودانيين للمغادرة

أسرة سودانية فرت من الحرب إلى مصر (منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف)
أسرة سودانية فرت من الحرب إلى مصر (منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف)
TT

مصر: تصاريح الإقامة وصعوبات التعليم تدفعان سودانيين للمغادرة

أسرة سودانية فرت من الحرب إلى مصر (منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف)
أسرة سودانية فرت من الحرب إلى مصر (منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف)

دفعت تصاريح الإقامة وصعوبات التعليم سودانيين إلى مغادرة مصر و«العودة طوعية» إلى بلادهم مرة أخرى، وسط أنباء عن تقدم الجيش السوداني في أجزاء من العاصمة الخرطوم، على حساب «قوات الدعم السريع».

وحسب إفادات بعض العائدين إلى السودان فإن «انعدام مصادر الدخل، وارتفاع فاتورة المعيشة بالمدن المصرية، إلى جانب غلق المدارس السودانية، دفع مئات الأسر للعودة». في حين تحدث مراقبون عن «مئات يعودون لديارهم في السودان يومياً». وأشاروا إلى أن «نحو 12 ألف سوداني عادوا لبلادهم الأسبوع الماضي».

وتستضيف مصر آلاف السودانيين الذين فروا من الحرب الداخلية.

وقال السفير المصري بالسودان، هاني صلاح، منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «مصر استقبلت نحو مليون و200 ألف سوداني بعد الحرب»، إلى جانب آلاف من السودانيين الذين يعيشون في مصر منذ سنوات.

وقالت مصادر سودانية مطلعة تقيم بمصر إن «السفارة السودانية بالقاهرة دشنت مشروع العودة الطوعية للسودانيين الراغبين في العودة لديارهم مرة أخرى».

وأوضحت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن «المشروع يتضمن توفير تسهيلات للعائدين، منها وسائل انتقال مجانية، حتى أسوان (جنوب مصر)، ثم الانتقال إلى المنافذ البرية الحدودية بين مصر والسودان».

ويربط مصر والسودان، منفذان بريان، هما «أرقين» و«أشكيت» (ميناء قسطل)، ويعتمد البلدان على المعبرين في التبادل التجاري ونقل الأفراد، ولجأ آلاف السودانيين للمنفذين مع اندلاع الحرب الداخلية للعبور إلى المدن المصرية.

سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)

روايات العائدين

«عدنا إلى بلادنا، لأننا تركنا ممتلكاتنا وأموالنا، على أمل الحرب تنتهي خلال أسابيع»، هكذا تحدثت بخيتة محمد، أم سودانية لثلاثة من الأبناء، عن تجربتها للعودة مرة أخرى لديارها في الخرطوم.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها «قررت العودة مرة أخرى لصعوبة ترتيب حياة أسرتها بسبب ارتفاع قيمة إيجار الوحدات السكنية في مصر، وارتفاع تكلفة المعيشة، وعدم وجود فرص للعمل». وأوضحت الخمسينية أنها «ضمن أسر سودانية قررت العودة إلى بلادها مع تحسن الأوضاع نسبياً في العاصمة الخرطوم».

وشن الجيش السوداني أخيراً عملية عسكرية موسعة لاستعادة العاصمة الخرطوم من «قوات الدعم السريع»، حيث أشارت تقارير ميدانية إلى استعادة الجيش أجزاء من العاصمة بينها «الخرطوم بحري».

الأكاديمية السودانية، زينب بشرى النور، عددت أسباب عودة أسرتها مرة أخرى لمدينة أم درمان، ومن بينها «ارتفاع قيمة الإيجارات السكنية، ونفاد المدخرات المالية للأسرة، وتعليق الدراسة بالمدارس السودانية في مصر».

وأغلقت السلطات المصرية في يونيو (حزيران) الماضي، عدداً من المدارس السودانية لـ«عدم استيفاء الشروط».

وطالبت سفارة السودان بالقاهرة، أصحاب المدارس، بـ«تقنين أوضاعها».

وقالت الأكاديمية السودانية لـ«الشرق الأوسط» إن «انتصارات الجيش السوداني الأخيرة دفعت مزيداً من الأسر للعودة، خصوصاً مع وجود صعوبات في استخراج تصاريح الإقامة بمصر، وقيام السلطات المصرية بترحيل المخالفين للوائح».

وتشترط السلطات المصرية على السودانيين المقيمين بأراضيها «تقنين وضع إقامتهم، بإصدار تصاريح الإقامة القانونية»، وفقاً لوزارة الداخلية المصرية.

أسباب العودة

ويتوقف نائب رئيس الجالية السودانية بالقاهرة، أحمد عوض، عند ما سماه بالوضع الاستثنائي للسودانيين الهاربين من الحرب.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «غالبية الأسر السودانية فرت من السودان من دون أوراق ثبوتية، وهذا ما ضاعف من صعوبات تقنين إقامتها، وأعاق إلحاق أبنائها بالمدارس الحكومية أو الخاصة بمصر»، مشيراً إلى أن «الخيار الوحيد لتلك الأسر كان المدارس السودانية، قبل غلقها».

واعتبر عوض أن «انتصارات الجيش السوداني أخيراً في العاصمة الخرطوم، شجعت الكثيرين على العودة».

ودلل على ذلك بأنه «في الأسبوع الماضي، زادت أعداد العائدين لديارهم، لأكثر من 12 ألف سوداني»، مشيراً إلى أن «هناك تسهيلات من السلطات المصرية، للراغبين في العودة، حتى للذين دخلوا مصر عن طريق التهريب».

ونقلت صحف سودانية، عن مراقبين بمعبر «أشكيت الحدودي»، أن «العودة الطوعية للسودانيين بمصر بدأت خلال الأشهر الأربعة الماضية».

وذكرت أن «أعداد العائدين في أغسطس (آب) الماضي، وصلت لنحو 7890 شخصاً، وفي سبتمبر الماضي بلغت 12539 شخصاً، غالبيتهم من الأسر». وأوضحت أنه «مع انتصارات الجيش الأخيرة بالسودان، تم رصد عودة نحو 350 شخصاً يومياً للسودان مرة أخرى».

دعم أممي للأسر السودانية الفارة من الحرب (منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف)

ويرى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية - المصرية»، محمد جبارة، أن «عودة الحياة لطبيعتها في مناطق بالسودان، واستئناف خدمات المرافق كالمياه والكهرباء في مناطق بالخرطوم، شجعا العديد من السودانيين على العودة مرة أخرى لبلادهم». وقال جبارة لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك رغبة لدى الكثير من الفارين من الحرب للعودة مرة أخرى»، مشيراً إلى أن «رحلة العودة تتضمن الانتقال برياً من القاهرة إلى أسوان، ومنها إلى المنافذ الحدودية، ثم يستكمل العائدون رحلتهم داخل السودان إلى ديارهم».

وأكد الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة «التيار»، إن «قرار عودة السودانيين لديارهم يأتي بشكل طوعي، من دون أي تأثير من أي طرف، سواء بالسودان أو من مصر»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن عودة السودانيين «انعكاس لتحسن الأوضاع الداخلية بالسودان، وتعطي الثقة لعودة المزيد».