رئيس «النواب» يعرض في واشنطن رؤيته لإنهاء الانقسام الليبي

النويري وبرنت ناقشا سُبل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية «في أقرب وقت ممكن»

عقيلة صالح خلال لقائه مع وكيل الخارجية الأميركية (مجلس النواب)
عقيلة صالح خلال لقائه مع وكيل الخارجية الأميركية (مجلس النواب)
TT

رئيس «النواب» يعرض في واشنطن رؤيته لإنهاء الانقسام الليبي

عقيلة صالح خلال لقائه مع وكيل الخارجية الأميركية (مجلس النواب)
عقيلة صالح خلال لقائه مع وكيل الخارجية الأميركية (مجلس النواب)

بدأ رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح زيارة مفاجئة إلى الولايات المتحدة، ركزت على أزمة المصرف المركزي في البلاد، وجاءت هذه الزيارة في وقت تلقَّى فيه محافظه الجديد طلباً رسمياً من عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، بعدم الاستجابة لقرار المجلس بشأن تخفيض قيمة الضريبة على سعر النقد الأجنبي.

وقال صالح إنه قدم خلال اجتماعه مساء الاثنين، بمقر وزارة الخارجية الأميركية بواشنطن، مع القائم بأعمال وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، جون باس، شرحاً مفصلاً لتطورات الأزمة الليبية، واقترح جملة من الحلول التي تتطلب دعم المجتمع الدولي ومساندته، لتنفيذها على أرض الواقع، من أجل تحقيق إرادة الشعب الليبي، بتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب الآجال، وإنهاء الانقسام السياسي والمؤسساتي.

مباحثات صالح في أميركا ركزت على أزمة المصرف المركزي في ليبيا (رويترز)

ونقل صالح عن باس إشادته بدور مجلسي النواب والدولة في معالجة الأزمة التي عصفت بالمصرف المركزي، والتي كادت أن تعصف بالاقتصاد الليبي وبأكبر مؤسسة مالية في البلاد، مؤكداً ضرورة تشكيل مجلس إدارة للمصرف من عناصر تتمتع بقدر كبير من الكفاءة، بهدف إعادة الثقة بين المصرف والمؤسسات المالية الدولية.

كما أكد صالح على دور التنمية وإعادة الإعمار في إنهاء الصراع وإحلال السلام؛ مشيراً إلى زيارة المدير العام لصندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، للولايات المتحدة، ودعوته للشركات الأميركية للمساهمة في تنفيذ مشاريع التنمية والإعمار، ولافتاً إلى ما وصفه –برؤيته- بأن المشاريع الاستراتيجية الضخمة تتطلب إمكانات وخبرات كبيرة، كما أكد ضرورة الإسراع في إطلاق المنتدى الليبي- الأميركي للتنمية والإعمار، بهدف بناء شراكات استراتيجية تعود بالنفع على الشعبين الليبي والأميركي.

بلقاسم حفتر دعا الشركات الأميركية للمساهمة في تنفيذ مشاريع التنمية والإعمار في ليبيا (أ.ف.ب)

من جهته، جدد باس -وفق بيان للسفارة الأميركية- التأكيد على التزام الولايات المتحدة بدعم جميع الأطراف الليبية المشاركة في الجهود التي تسهلها الأمم المتحدة لضمان سيادة ليبيا وازدهارها.

وكان صالح قد ناقش مع السفير والمبعوث الأميركي الخاص، ريتشارد نورلاند، في واشنطن، تعزيز الدعم الأميركي للنزاهة التكنوقراطية للمصرف المركزي، بالإضافة إلى سبل حلحلة الأزمة الليبية.

واستغل صالح اللقاء الذي ناقش الإعمار الذي تشهده مدن ليبيا، في الإشادة مجدداً بجهود بلقاسم، نجل حفتر، باعتبار أنه يقود الصندوق بذكاء -حسب تعبيره- مقدماً شكره لكل الشركات الأجنبية والمحلية التي تقوم بتنفيذ هذه النهضة العمرانية. وأوضح صالح أنه سيلتقي عدداً من أعضاء الكونغرس ومسؤولي وزارة الخارجية الأميركية، خلال الزيارة التي لم يسبق الإعلان عنها، أو توضيح مدتها.

وبالتزامن مع هذه الزيارة، بحث فوزي النويري، النائب الأول لصالح، في بنغازي، مساء الاثنين، مع القائم بأعمال السفارة الأميركية جيرمي برنت، آخر مستجدات الأزمة السياسية في ليبيا، وسُبل الدفع نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت ممكن.

وطبقاً للمتحدث باسم المجلس، عبد الله بليحق، فقد تناول اللقاء أيضاً ضرورة تقديم المساعدة والدعم من قبل البعثة الأممية، في الحد من التدخلات الخارجية في الأزمة ليبيا، ودعم الحلول والتوافقات الليبية- الليبية، ومنها ما توّجت أخيراً بالتوافق بين مجلسي النواب والدولة بشأن اختيار محافظ المصرف ونائبه.

صورة وزعتها خوري للقائها مع غوتيريش

بدورها، قالت ستيفاني خوري، القائمة بأعمال البعثة الأممية، إنها ناقشت مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا، مشيرة إلى إعرابه عن دعمه القوي لجهود البعثة لتيسير العملية السياسية، الرامية إلى حل الجمود الراهن.

وفي إطار المناكفات السياسية بين مجلس النواب الليبي وحكومة «الوحدة» المؤقتة، طلب رئيسها عبد الحميد الدبيبة من محافظ المصرف المركزي، ناجي عيسى، عدم تنفيذ قرار مجلس النواب بشأن خفض ضريبة بيع النقد الأجنبي إلى 20 في المائة، ودعاه لإلغائها بالكامل.

وقال محمد حمودة، الناطق باسم حكومة الدبيبة، إنه طالب بالاستمرار في بيع النقد الأجنبي لجميع الأغراض، دون فرض الضريبة على سعر الدولار التي حددت بنسبة 20 في المائة، لافتاً إلى أنه أوضح للمحافظ أن قرار فرض الضريبة أثَّر سلباً في معيشة المواطن.

الدبيبة طالب محافظ المصرف المركزي بعدم تنفيذ قرار مجلس النواب بشأن خفض ضريبة بيع النقد الأجنبي (الوحدة)

وقالت حكومة «الوحدة» إن وزيرها للمالية، خالد المبروك، بحث مع النائب العام الصديق الصور، سبل التعاون لحماية المال العام، من خلال إحكام الرقابة على الإنفاق الحكومي، وإرساء قواعد سيادة القانون، وآلية اعتماد جدول مرتبات أعضاء الهيئات القضائية.


مقالات ذات صلة

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع صالح مع نورلاند وبرنت في بنغازي (السفارة الأميركية)

«النواب» الليبي يكرّس خلافاته مع «الرئاسي» و«الوحدة»

نشرت الجريدة الرسمية لمجلس النواب مجدداً قراره بنزع صلاحيات المجلس الرئاسي برئاسة المنفي قائداً أعلى للجيش، وعدّ حكومة «الوحدة» برئاسة الدبيبة منتهية الولاية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

يرى ليبيون من أسر ضحايا «المقابر الجماعية» في مدينة ترهونة غرب البلاد أن «الإفلات من العقاب يشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»

شمال افريقيا السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)

«مفوضية الانتخابات» الليبية: نسب التصويت كانت الأعلى في تاريخ «البلديات»

قال عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات إن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية للمجموعة الأولى التي تجاوزت 77.2 % هي الأعلى بتاريخ المحليات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

تحدّث عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عن 4 أطراف قال إنها هي «أسباب المشكلة في ليبيا»، وتريد العودة للحكم بالبلاد.

جمال جوهر (القاهرة)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
TT

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية والمدنية السودانية، وتهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، مواصلة للاجتماعين السابقين اللذين نسقتهما منظمة «بروميديشن» الفرنسية، في القاهرة وجنيف، وتهدف الاجتماعات لتحقيق توافق على وقف الحرب عبر التفاوض وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وتشارك في الاجتماعات، التي بدأت يوم الاثنين وتستمر ليومين، كل من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، وتحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش، وحركات مسلحة تابعة للكتلة، مع إعلان بعض الأطراف مقاطعة هذه الاجتماعات.

وانشقت «الكتلة الديمقراطية» قبل سنوات عن تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير.

وتتكون «الكتلة الديمقراطية» أساساً من حركات مسلحة وقوى سياسية أيدت انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي ناهضه التحالف الرئيس «الحرية والتغيير» الذي تطور بعد الحرب إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».

وصدرت مواقف متضاربة بين أعضاء تحالف «الكتلة الديمقراطية» تراوحت بين الرفض والقبول للمشاركة في اجتماعات جنيف. وأعلن المتحدث باسم الكتلة، محمد زكريا، الذي ينتمي لـ«حركة العدل والمساواة»، اعتذار كتلته عن المشاركة، بينما

استنكر القيادي في الحزب «الاتحادي الديمقراطي» عمر خلف الله، وهو أيضاً ناطق رسمي باسم «الكتلة الديمقراطية» تصريح زكريا، قائلاً إن الموضوع لم يناقش في قيادة الكتلة، وأكد مشاركتهم في اجتماعات جنيف «من أجل رؤية تعزز المشروع الوطني».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

تباين مواقف «الكتلة الديمقراطية»

وإزاء مواقف «الكتلة الديمقراطية»، قال قيادي في الكتلة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركة في اجتماعات جنيف كشفت تباينات حادة داخل الكتلة، وأن «حركة العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم سنت لنفسها خطاً منفرداً يمكن وصفه بـ«الانشقاق» داخل الكتلة، مضيفاً أن «رفض المشاركة يعبر عن موقف الحركة وليس موقف الكتلة».

وقال القيادي في «تقدم» والأمين السياسي لحزب «المؤتمر السوداني» شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جنيف السويسرية شهدت صباح يوم الاثنين الاجتماع الرابع لسلسلة الاجتماعات التي تنسقها «بروميديشن»، وينتهي يوم الثلاثاء، ويهدف إلى تقريب المسافات بين القوى المناهضة للحرب وتلك التي انحازت لأحد طرفي القتال، في إشارة إلى الجيش.

ووفقاً للقيادي في «تقدم»، فإن الاجتماعات تعمل على تحقيق توافق على إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية، والتي تبدأ بالوصول إلى وقف العدائيات بغرض إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح مسارات آمنة، باعتبارها خطوات تمهيدية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب سلمياً.

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

مشاركة واسعة

وأوضح عثمان أن طيفاً واسعاً من المدنيين يشارك في الاجتماع وعلى رأسهم قيادات تحالف القوى الديمقراطية المدنية الأكبر في البلاد «تقدم»، ويمثلها كل من رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس حزب «التجمع الاتحادي» بابكر فيصل، ورئيس «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي» الهادي إدريس. كما يشارك في الاجتماعات «حزب الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل» بقيادة جعفر الميرغني، و«التحالف الديمقراطي للعدالة» بقيادة مبارك أردول، و«حركة تحرير السودان - جناح مناوي»، ويمثلها علي ترايو، إضافة لممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي المنشق عن حزب الرئيس المعزول عمر البشير، و«حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل».

وتوقع عثمان توصل المجتمعين لبيان ختامي متوافق عليه بشأن قضيتي إنهاء الحرب سلمياً، ووقف عدائيات إنساني يسهل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) اجتماعاً مماثلاً، توصل إلى بيان ختامي وقعته القوى المشاركة، باستثناء حركة تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم اللتين رفضتا توقيع بيان القاهرة رغم مشاركتهما في الاجتماعات.

و«بروميديشن» منظمة فرنسية مدعومة من الخارجية الفرنسية والخارجية السويسرية، ظلت تلعب أدواراً مستمرة في الشأن السوداني، وعقدت عدداً من اجتماعات المائدة المستديرة بين الفرقاء السودانيين، بدأتها منذ يونيو (حزيران) 2022 بمفاوضات بين حركات مسلحة دارفورية، ثم طورت اجتماعاتها لتشمل القوى السياسية والمدنية السودانية بعد الحرب.