الجزائر تطلب من فرنسا «تحسين ظروف» رعاياها المهاجرين

قالت إنهم يعانون «التمييز والإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية»

وفد الداخلية الجزائري المشارك في أشغال اجتماع وزراء «مجموعة الـ7» (الداخلية الجزائرية)
وفد الداخلية الجزائري المشارك في أشغال اجتماع وزراء «مجموعة الـ7» (الداخلية الجزائرية)
TT

الجزائر تطلب من فرنسا «تحسين ظروف» رعاياها المهاجرين

وفد الداخلية الجزائري المشارك في أشغال اجتماع وزراء «مجموعة الـ7» (الداخلية الجزائرية)
وفد الداخلية الجزائري المشارك في أشغال اجتماع وزراء «مجموعة الـ7» (الداخلية الجزائرية)

أبعدت الجزائر منذ بداية العام الحالي 80 ألف مهاجر غير نظامي من أراضيها، يتحدر معظمهم من منطقة جنوب الصحراء، وحثَّت السلطات الفرنسية على «الاعتناء» بملايين المهاجرين الجزائريين، على أساس أنهم يعانون من «التمييز والإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية».

وعرض وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد، خلال أشغال اجتماع وزراء داخلية «مجموعة الـ7» التي اختتمت أمس الجمعة، بمدينة ميرابيلا جنوب إيطاليا، خطة بلاده لمواجهة الهجرة السرية، مؤكداً على «خطورة الترابط الوثيق بين هذه الظاهرة وأشكال الإرهاب، والإجرام العابر للحدود، والنشاطات العدائية والمجرَّمة قانونًا»، وفق ما نشرته وزارة الداخلية على حسابها بالإعلام الاجتماعي.

وزير داخلية الجزائر مع مديرة المنظمة الدولية للهجرة في اجتماع وزراء داخلية «مجموعة الـ7» (الداخلية الجزائرية)

وأكد مراد في كلمته، أن «المتابع للظاهرة في وقتنا الحاضر، يلاحظ أن الهجرة أصبحت مرتبطة اليوم بتدفقات من المهاجرين غير النظاميين، نتيجة انعدام الاستقرار بدول المصدر، وتدهور الأوضاع الأمنية بها، والتي تضاف إلى ضعف بنيتها التنموية»، مبرزاً أن بلاده «تواجه تحديات كبيرة في مجال الهجرة منذ سنوات عدَّة، تطورت مؤخراً بشكل متسارع ومعقد».

وحسب مراد، فقد اتبعت الحكومة الجزائرية «نظرة منهجية وموضوعية» في التعامل مع مشكلة الهجرة غير الشرعية، وتحدث عن «وضع خطط عمل تشمل الأبعاد القانونية والإنسانية والاقتصادية، تعكس وعينا بحجم هذه الرهانات والمخاطر التي تحيط بنا». وقال بهذا الخصوص، إن هذه المقاربة «سمحت منذ بداية سنة 2024 بترحيل ما يعادل 80 ألف مهاجر غير نظامي، كما مكنت من تفكيك عدد هائل من الشبكات الإجرامية الخطيرة متعددة الجنسيات، وهي جهود استدعت تسخير إمكانات مادية وبشرية معتبرة».

وزير داخلية إيطاليا مع نظيره الجزائري خلال أشغال اجتماع وزراء داخلية «مجموعة الـ7» بمدينة ميرابيلا جنوب إيطاليا (إ.ب.أ)

ولم يذكر الوزير جنسيات المهاجرين الذين رحَّلتهم الجزائر، في حين جاء في تقارير «المنظمة الدولية للهجرة» حول هذه القضية، أن غالبيتهم من النيجر.

وأشاد مراد بـ«بوتيرة التعاون والتنسيق مع المنظمات الأممية الناشطة في المجال، على غرار المنظمة الدولية للهجرة، ما سمح بتحقيق نتائج إيجابية، من خلال تسهيل عودة آلاف المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم الأصلية منذ بداية السنة الحالية»، مشدداً على أن معالجة هذه الظاهرة ذات الآثار متعددة الأبعاد: «لا يمكن أن تقتصر على تدابير ظرفية، وإنما يتطلب ذلك رؤية شاملة ومندمجة ومنسقة وتضامنية، تُعنى أساساً بمعالجة الأسباب الجذرية للظاهرة، وذلك عبر توفير عوامل الأمن والاستقرار، ودعم التنمية بالدول مصدر الهجرة».

مهاجرون غير نظاميين من النيجر على حدود الجزائر (حسابات ناشطين في غوث المفقودين)

كما تحدث الوزير الجزائري -ضمناً- عن خلاف بلاده مع فرنسا التي تطالبها باستعادة آلاف من مهاجريها السريين، مؤكداً بهذا الخصوص أن «بحث المسائل المتعلقة بالهجرة لا بد من أن يولي كذلك العناية لظروف جاليتنا المقيمة بالخارج»، ويقصد بذلك أن المهاجرين النظاميين الجزائريين في فرنسا يواجهون العنصرية والتمييز في الشغل، ومشكلات أخرى متصلة بـ«لمّ الشمل العائلي»، وهي مسائل يضبطها اتفاق فرنسي- جزائري تم إبرامه عام 1968، وحالياً تسعى الحكومة اليمينية الجديدة لمراجعته، بحجة أنه «لا يساعد على إنجاح خطط الحد من الهجرة إلى فرنسا».

دورية لخفر السواحل الجزائري في البحر المتوسط (وزارة الدفاع الجزائرية)

وأوضح مراد في هذا السياق أن الجزائر «تهيب بشركائها تعزيز جهود مكافحة مظاهر التطرف والتمييز، والإسلاموفوبيا، وخطاب الكراهية تجاه جاليتنا، بما يضفي على محيطنا الجهوي والعالمي السكينة المنشودة، في ظل اندماج أمثل وتعايش إيجابي».

وكانت وزارة الداخلية الفرنسية قد أعلنت مطلع 2024 أنها رحَّلت أكثر من 2500 جزائري عام 2023، من ضمن 17 ألف مهاجرين أبعدتهم بسبب أوضاعهم غير القانونية؛ مؤكدة أن عدد الجزائريين الذي أصدرت بحقهم قرارات بالإبعاد زاد بنسبة 36 في المائة منذ 2022 (انتقل من 1882 إلى 2562).


مقالات ذات صلة

لوغريت يسحب شكوى التشهير ضد وزيرة الرياضة الفرنسية

رياضة عالمية إميلي أوديا كاستيرا ونويل لوغريت (أ.ف.ب)

لوغريت يسحب شكوى التشهير ضد وزيرة الرياضة الفرنسية

قالت وزيرة الرياضة الفرنسية إميلي أوديا كاستيرا إن نويل لوغريت الرئيس السابق للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، سحب شكوى التشهير التي تقدم بها ضدها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية يستعد أرنو لإتمام صفقة الاستحواذ على نادي باريس في وقت لاحق هذا الشهر (رويترز)

عائلة أرنو: شراء نادي باريس استثمار طويل الأجل

قالت عائلة الملياردير برنار أرنو الأربعاء إنها تهدف إلى الارتقاء تدريجيا بنادي باريس اف.سي الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية ليصبح ضمن نخبة الكرة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية الإسباني لويس إنريكي المدير الفني لفريق باريس سان جيرمان (رويترز)

لويس إنريكي يُهدي فوز سان جيرمان لمساعده بعد وفاة زوجته

وجه الإسباني لويس إنريكي، المدير الفني لفريق باريس سان جيرمان، رسالة خاصة إلى مساعده رافيل بول، وذلك بعد وفاة زوجته.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية إنريكي واثق من أن فريقه سيظهر جودته في أهم بطولة أوروبية للأندية (أ.ف.ب)

إنريكي يشيد بفاعلية سان جيرمان أمام أنجيه

عبر لويس إنريكي مدرب باريس سان جيرمان عن سعادته بفاعلية فريقه واستغلاله الفرص التي سنحت أمامه ليحقق فوزاً عريضاً 4 - 2 على أنجيه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية يحاول باريس سان جيرمان حامل اللقب تضميد جراحه القارية (أ.ف.ب)

سان جيرمان لتضميد جراحه القارية بالابتعاد في الصدارة

يحاول باريس سان جيرمان حامل اللقب تضميد جراحه القارية عندما يحل على أنجيه السبت في المرحلة 11 من بطولة فرنسا لكرة القدم التي يفتتحها وصيفه مرسيليا الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.