مع اقتراب الانتخابات التونسية... معارضون يرسمون مشهداً حقوقياً قاتماً في البلاد

بن عمر: تونس دخلت في مسار قمعي قد يؤدي لاختفاء المنظمات المستقلة

معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)
معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)
TT

مع اقتراب الانتخابات التونسية... معارضون يرسمون مشهداً حقوقياً قاتماً في البلاد

معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)
معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)

جمعيات ممنوعة من مراقبة الانتخابات، ومعارضون خلف القضبان، وصحافة وقضاء في خدمة السياسة... هكذا تصف منظمات حقوقية غير حكومية تونسية وأجنبية مناخ الحقوق والحريات في تونس قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة بعد غد (الأحد).

المعارضة تتهم الرئيس قيس سعيد بـ«التضييق على الصحافة وخنق الحريات» (رويترز)

ويرسم رئيس «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، بسام الطريفي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مشهداً حقوقياً قاتماً في البلاد، مستنكراً «التضييق على الصحافة الحرّة والمستقلة، مع وجود صحافيين في السجون بسبب آرائهم، وتوظيف العدالة لاستبعاد المرشحين والسياسيين والناشطين». ويؤكد أنه مع وجود وضع «مخيف وكارثي» لحقوق الإنسان، «يمكننا القول إن الانتخابات الرئاسية لن تكون ديمقراطية ولا شفافة».

خطوة غير مسبوقة

رفضت «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات»، وفي خطوة غير مسبوقة منذ ثورة 2011، اعتماد منظمتي «أنا يقظ» و«مراقبون» لمراقبة سير العملية الانتخابية، علماً بأن هاتين الجمعيتين التونسيتين دأبتا على مراقبة الانتخابات منذ سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، ودخول البلاد في عملية الانتقال الديمقراطي.

وتتهم الهيئة، التي لم تستجب لطلب الردّ على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية»، المنظمتين بالحصول على «تمويلات أجنبية مشبوهة». وأقرّت منظمة «أنا يقظ» بتلقّي مساعدات خارجية، لكن «في إطار القانون ومن جهات مانحة تعترف بها الدولة التونسية، مثل الاتحاد الأوروبي»، وفق ما أوضح أحد مديريها سهيب الفرشيشي للوكالة.

لافتة عليها صورة المرشح المعتقل العياشي زمال (إ.ب.أ)

يقول الفرشيشي: «الهيئة تتهمنا بعدم الحياد. ولا نعرف كيف»، مؤكداً أن منظمته «طلبت توضيحات من الهيئة، ولكن لم تحصل على أي إجابة». ونفت منظمة «مراقبون»، التي لم ترغب في التحدّث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، في بيان، الشكوك حول شفافية أموالها، وأكدت أن «مراقبتها تتم بنزاهة ودون الانحياز إلى أي طرف سياسي». وبالنسبة للطريفي، فإن «القرار التعسفي الذي اتخذته الهيئة» بشأن منظمتين غير حكوميتين معترف بهما «يوضح تقييد وتقلّص الفضاء المدني».

ويواجه الرئيس قيس سعيّد، المنتخب ديمقراطياً في سنة 2019، اتهامات من معارضيه والمدافعين عن الحقوق بـ«الانجراف السلطوي»، منذ أن قرّر في 25 يوليو (تموز) 2021، احتكار الصلاحيات الكاملة في البلاد.

وبهذا الخصوص، يقول الناطق الرسمي باسم «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، رمضان بن عمر، إن الرئيس سعيّد «يرفض أي جهة مستقلة أو منتقدة لمراقبة هذه الانتخابات»، مشيراً إلى أن «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحوّلت إلى أداة لترسيخ هذه الرؤية بحجج وهمية، وهذا أمر خطير».

وفي الأشهر الأخيرة، أحكمت السلطات سيطرتها على مصادر التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية، وهددت باعتماد قانون لتقييدها. وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، ندّد الرئيس سعيّد، من دون أن يسميها، بجمعيات تتلقى «مبالغ ضخمة» من الخارج «لها رغبة واضحة في التدخّل بالشؤون الداخلية لتونس».

خطوة إلى الوراء

وفقاً لبن عمر، فإن تونس «دخلت في مسار قمعي قد يؤدي خلال عام إلى اختفاء المنظمات المستقلة» من المجتمع المدني.

ومن جهته، يقول نائب رئيس «الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان»، ألكسيس ديسوايف، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن هناك «خطوة إلى الوراء» مع تركيز السلطات «في يد رجل واحد، يريد الاستغناء عن منظمات وسيطة».

ويتابع الخبير في شؤون تونس، الذي يسعى إلى دعم المجتمع المدني في تونس، إن سعيّد «همّش دور النقابات والمنظمات غير الحكومية، وأحزاب المعارضة والصحافيين»، مضيفاً: «لقد عملت هذه السلطة بشكل استراتيجي في فترة زمنية قصيرة إلى حدّ ما للعودة إلى نظام، يمكن وصفه بأنه ديكتاتوري»، قائلاً إنه «صُدم لرؤية الحريّات والحقوق الأساسية، مثل حرية التعبير تتعرّض للهجوم».

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» المعتقل في السجن (أ.ف.ب)

وتمّ توقيف العشرات من المعارضين منذ عام 2023، بما في ذلك شخصيات مثل المحافظ الإسلامي راشد الغنوشي، أو الناشط السياسي جوهر بن مبارك، وغيرهما، بتهمة «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

كما سُجن كثير من الصحافيين منذ بداية عام 2024 على خلفية مواقف عدّت ناقدة للرئيس سعيّد، بموجب مرسوم مثير للجدل حول «الأخبار الزائفة».

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيان الاثنين: «يُحتجز أكثر من 170 شخصاً في تونس لأسباب سياسية، أو لممارسة حقوقهم الأساسية».

مؤيدون لعبير موسي رئيسة «الدستوري الحر» يتظاهرون وسط العاصمة للمطالبة بإطلاق سراحها (إ.ب.أ)

ويخلص ديسوايف إلى أن «السلطة السياسية خلقت مناخاً من الخوف مع مجتمع مدني يكافح من أجل أداء وظيفته، وهناك غياب للضوابط والتوازنات، وبرلمان في اتفاق كامل مع الرئيس، وسلطة قضائية متدهورة، مع فصل القضاة أو نقلهم حال إصدارهم أحكاماً لا تروق» للسلطة القائمة.



القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

تتابع وزارة الخارجية والهجرة المصرية ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك، حيث طالب وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، السفارة المصرية لدى المكسيك بـ«متابعة الواقعة والتواصل مع السلطات المكسيكية للوقوف على أسباب الحادث».

وأكدت «الخارجية المصرية» في إفادة، الجمعة، تواصُل القطاع القنصلي مع السلطات في المكسيك بشأن الحادث. وقدمت الوزارة التعازي والمواساة لأسر الضحايا، بينما لم تحدد «الخارجية» أعداد المصريين المتوفين في الحادث بالمكسيك.

ووفق تقارير إعلامية محلية، الجمعة، فإن الحادث «نتج عن إطلاق نار من قوات الجيش المكسيكي على شاحنتين»، ذكرت التقارير «أنهما (أي الشاحنتين) تُقلان أعداداً من المهاجرين من جنسيات مختلفة كانوا في طريقهم إلى الولايات المتحدة الأميركية عبر حدود المكسيك». وتحدثت التقارير أيضاً عن أن المصريين الذين تُوفوا وأصيبوا في الحادث «من عائلة واحدة». وبحسب التقارير الإعلامية، فإن إطلاق النار على الشاحنتين «يرجع إلى اعتقاد الجنود المكسيكيين أن الشاحنتين تتبعان عصابات إجرامية».

وقالت مساعدة وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة هاجر الإسلامبولي لـ«الشرق الأوسط»، إن السفارة المصرية تتواصل مع السلطات المكسيكية للاطلاع على بيانات المصريين المتوفين، وتسهيل إجراءات إنهاء عودة الجثامين لمصر بالتنسيق مع عائلاتهم حال رغبوا في ذلك، لافتة إلى أن «التحرك الدبلوماسي يكون عبر السفارة ووزارة الخارجية المكسيكية، بالإضافة إلى الجهات الأمنية هناك».

وبحسب الإسلامبولي فإن «الحدود المكسيكية تشهد تدفق كثير من المهاجرين للوصول إلى الولايات المتحدة»، مشيرة إلى «وجود عصابات منظمة في هذه المنطقة تستقطب المهاجرين من مختلف أنحاء العالم مع وعدهم بالوصول إلى الولايات المتحدة بشكل أسهل ومن دون أوراق»، لافتة إلى أن «الشريط الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك يشهد حوادث متكررة مرتبطة بإطلاق النار».

وأوقفت مصر إقلاع مراكب «الهجرة غير المشروعة» من المدن المطلة على ساحل البحر المتوسط باتجاه أوروبا منذ سنوات عدة، وقامت بمبادرات عدة لمنع عمليات «الهجرة غير النظامية» مع إحكام إجراءات المراقبة على حركة السفن التي كانت تُستخدم في عمليات الهجرة، في وقت تعمل فيه الحكومة المصرية على إقرار برامج هجرة قانونية مع دول أوروبية عدة، من بينها إيطاليا واليونان.

وهنا أشارت مساعدة وزير الخارجية المصري الأسبق إلى «سهولة الحصول على تأشيرة المكسيك بشكل كبير لأغراض السياحة مقارنة بالتأشيرة الخاصة بالولايات المتحدة بالنسبة للمصريين»، الأمر الذي ربما تكون عصابات الهجرة قد استغلته لإقناع المصريين الضحايا بالهجرة عبر هذا المسار، لافتة إلى أن «المخاطر الموجودة في هذه المسارات غير القانونية والأموال الكبيرة التي تُدفع فيها، تجعلان من الضروري التفكير جيداً قبل الإقدام على هذه الخطوة غير المحسوبة».