النيابة الفرنسية تحفظ شكوى الجزائر ضد برلمانية يمينية

في سياق جدل حول «قطع المساعدات عن الدول التي ترفض استعادة مهاجريها»

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

النيابة الفرنسية تحفظ شكوى الجزائر ضد برلمانية يمينية

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

قرر القضاء الفرنسي حفظ شكوى من الحكومة الجزائرية لديه ضد البرلمانية الأوروبية من حزب «الاسترداد» اليميني الفرنسي، سارة خنافو، إثر ادعائها بأن حكومة بلادها تُقدم مساعدات سنوية للجزائر، في إطار مشروعات للتنمية، بقيمة 800 مليون يورو.

وعدّت الجزائر -من خلال الشكوى التي أودعتها لدى النيابة في باريس الأسبوع الماضي- تصريحات سارة خنافو بهذا الخصوص «كاذبة». في حين رأت النيابة عن طريق قرارها حفظ الدعوى أن الأمر يتعلق «بمعلومة غير مدققة بشكل كافٍ، وليست كاذبة عن عمد»، وفق ما نشرته صحف فرنسية، الخميس.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وتضمن قرار النيابة بأن النائبة الأوروبية ذكرت أن فرنسا «تمنح الجزائر 800 مليون يورو سنوياً، في حين الشكوى المقدمة من الجزائر تفيد بأن ادعاءها كاذب».

وأكدت النيابة أن «الجريمة غير ثابتة» في تصريحات سارة خنافو، مشيرة إلى أن جريمة نشر أخبار كاذبة «تتطلب توافر عنصرين: كذب المعلومة، واحتمال إحداث اضطراب في النظام العام». مستبعدة «وجود سوء نية» في كلام البرلمانية، مشيرة إلى أنه «لا توجد حالة تشهير فيما صرحت به، حتى إن كانت المعلومة غير مدققة بما فيه الكفاية»، وفق ما نقلته الصحافة.

وأشارت النيابة العامة في باريس، أيضاً، إلى أن تصريح سارة خنافو «جرى نشره في سياق نقاش عام حول المساعدات التنموية للدول الأجنبية، في ضوء العجز المالي الوطني، في حين ستتم قريباً مناقشة قانون المالية». وقالت إن كلامها «لم يتسبب في اضطراب أو ذعر، أو مشاعر جماعية من القلق».

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

واتهمت سارة خنافو خلال استضافتها في «راديو مونت كارلو» في 20 من سبتمبر (أيلول) الماضي، الحكومة الفرنسية بـ«تبذير المال العام» من خلال المساعدات التي تقدمها لعدة بلدان، ذكرت من بينها الجزائر.

وانتشرت المعلومات التي قدمتها على نطاق واسع عبر منصات الإعلام الاجتماعي، مثيرة بذلك ضجة كبيرة في فرنسا، قياساً بضخامة المبالغ التي تحدثت عنها. علماً بأن المساعدات التي تتلقاها الجزائر من فرنسا تخص برامج لدعم التعليم والتكوين المهني، وتشجيع الثقافة والفنون.

وجرى دحض هذا الرقم بسرعة من قبل عدد من وسائل الإعلام الفرنسية، التي تحرّت في الأرقام الخاصة بالمساعدات الفرنسية الخارجية. ونقلت قناة «تي إف 1»، عن مجلة «شالنجز»، أن تقريراً لـ«منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية»، يعود إلى أبريل (نيسان) الماضي، يؤكد أن مبلغ 800 مليون يورو يخص 5 سنوات (من 2017 إلى 2021)، وليس سنوياً كما زعمت سارة خنافو، التي ذكرت هذا المبلغ مرتين: الأولى في يونيو (حزيران) الماضي، والثانية الشهر الماضي.

يشار إلى أن حزب «الاسترداد» المعارض يعد من أشد المؤيدين لاقتراحات اليمين التقليدي واليمين المتطرف، التي تتعلق بقطع المساعدات الفرنسية عن البلدان «غير المتعاونة، أو التي تتردد في التعاون مع سلطات البلاد»، بخصوص «استعادة مهاجريها غير النظاميين». علماً بأن رئيس «الاسترداد»، إيريك زمور، ينتمي لعائلة يهودية عاشت في الجزائر، وغادرتها في خمسينات القرن الماضي، وله مواقف تتصف بالعنصرية تجاه المهاجرين، الذين يحملهم مسؤولية زيادة «الإجرام والتطرف الإسلامي في ضواحي المدن الفرنسية الكبيرة»؛ إذ يقيم أكثرية المهاجرين من أصول مغاربية.

وزير الداخلية برونو روتايو (رويترز)

وعادت «قضية قطع المساعدات» لتطرح بشكل أكثر جدية، بعد أن أظهرت الحكومة الجديدة ذات التوجه اليميني عزماً على اتخاذ إجراءات صارمة في ملف الهجرة النظامية والسرية.

وطرح وزير الداخلية برونو روتايو احتمالات عدة ضمن هذا التوجه، على رأسها إلغاء كل أشكال الدعم المالي للدول مصدر المهاجرين غير الشرعيين، وتقليص حصة التأشيرات الممنوحة لرعاياها، خصوصاً وجهاءها، ومراجعة اتفاقات الهجرة التي تربطها مع فرنسا على أساس أنها «تفضيلية لها»، في حال لم توافق هذه الدول على إصدار التصاريح القنصلية، التي تسمح بتنفيذ أوامر الإبعاد من التراب الفرنسي.

وفهمت تصريحات روتايو على أنها موجهة ضد الجزائر لسببين: الأول، أنها الوحيدة التي تجمعها بفرنسا اتفاقية للهجرة (تعود إلى 1968). والسبب الثاني، أن أزمة حادة نشبت بين الحكومتين في 2021، بسبب مزاعم فرنسية بأن الجزائريين «يرفضون التعاون في مجال التصاريح القنصلية»، ولا تزال هذه المشكلة مستمرة.



المنفي يتمسك بإنشاء «مفوضية للاستفتاء» رغم معارضة «النواب»

المنفي والحداد رئيس أركان قوات «الوحدة» (المجلس الرئاسي)
المنفي والحداد رئيس أركان قوات «الوحدة» (المجلس الرئاسي)
TT

المنفي يتمسك بإنشاء «مفوضية للاستفتاء» رغم معارضة «النواب»

المنفي والحداد رئيس أركان قوات «الوحدة» (المجلس الرئاسي)
المنفي والحداد رئيس أركان قوات «الوحدة» (المجلس الرئاسي)

أعاد رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، فتح ملف «مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني»، التي سبق أن قرر، في 11 أغسطس (آب) الماضي، تدشينها بداعي تنفيذ الاستفتاء والإشراف عليه، وفرز نتائجه والإعلام عنها، لكن مجلس النواب اعترض، في حينه، على القرار.

ويرى متابعون أن «تمسك المنفي بتدشين مفوضية للاستفتاء سيجدد الخلافات بين معسكريْ طرابلس وبنغازي، وسيزيد التوتر في البلاد».

وقال المجلس الرئاسي، في بيان، إن المنفي، الذي استقبل عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة المؤقتة»، مساء الخميس، اتفق معه «على تفعيل (مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني)». وأرجع ذلك «لضمان الحوكمة والرشد، وضمان تفاعل الشعب مع القرارات السياسية والاقتصادية».

وسبق أن عدّ مجلس النواب قرار المنفي، الذي اتخذه، قبل شهرين، بإنشاء المفوضية «باطلاً»، وطالبه بسحبه «فوراً»، ورأى أنه يُعد «خطوة خطيرة غير مبرَّرة، ويخالف الإعلان الدستوري».

لقاء سابق يجمع رئيس مفوضية الانتخابات الليبية عماد السايح وسفيرة كندا لدى البلاد إيزابيل سافارد (المكتب الإعلامي للمفوضية)

وصعّد مجلس النواب رد فعله، حيث أعلن، في اليوم التالي، إنهاء ولاية السلطة التنفيذية، في إشارة إلى المجلس الرئاسي، وحكومة «الوحدة». كما صوّت بالإجماع أيضاً على عدِّ القائد الأعلى للجيش هو عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب.

غير أن المجلس الرئاسي استوعب هذا الإجراء، وسارع إلى عزل محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير. وعقب فصل من المناكفات بين جبهتيْ شرق ليبيا وغربها، نجح مجلسا النواب و«الأعلى للدولة» في تعيين محافظ جديد للمصرف المركزي، نهاية الأسبوع الماضي.

كان المجلس الرئاسي قد قرر تشكيل مجلس إدارة المفوضية، برئاسة عثمان القاجيجي، الرئيس الأسبق للمفوضية العليا للانتخابات، كما اختار أعضاءه؛ من بينهم يحيي غيث وعبد السلام عثمان، ونصر المنصور، ومحمد أبو حلقة.

ووفقاً لقرار المنفي، فإن لهذه المفوضية سلطة إصدار اللوائح التنفيذية، والإجراءات اللازمة لتنفيذ عملية الاستفتاء، وفق الدوائر الانتخابية المعتمَدة والتشريعات النافذة.

في شأن قريب، كشفت النيابة العامة الليبية أن 120 مرشحاً للانتخابات البلدية، من أصل 2389، «تورطوا في ارتكاب جرائم جنايات وجُنح».

وأوضح مكتب النائب العام أنه تلقّى طلباً من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات العامة لتوضيح الحالة الجنائية لألفين وثلاثمائة وتسعة وثمانين مرشحاً؛ مشيراً إلى أنه جرى إخطار بحالتهم الجنائية.

النائب العام الليبي خلال زيارة سابقة لمحكمة استئناف طرابلس (مكتب النائب العام)

يشار إلى أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات مدّدت، في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي، فترة تسجيل المجموعة الأولى من المرشحين لانتخابات المجالس البلدية. كما يُشار إلى أن المفوضية الوطنية حذّرت من «محاولات تقويض» انتخاب بعض المجالس البلدية، المستهدَفة في المرحلة الأولى، عبر ما سمّته «فرض الأمر الواقع القائم على سيطرة المجموعات النافذة»، وتشكيل قوائم انتخابية بأساليب «غير نزيهة» تنم عن احتيال وتزوير لقواعد وواقع العملية الانتخابية.