الحكومة المصرية تتعهد بتحقيق «التوافق» حول «الإجراءات الجنائية»

قالت إن البرلمان يناقش القانون في جلسات مغلقة

اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية (البرلمان المصري)
اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية (البرلمان المصري)
TT

الحكومة المصرية تتعهد بتحقيق «التوافق» حول «الإجراءات الجنائية»

اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية (البرلمان المصري)
اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية (البرلمان المصري)

تعهدت الحكومة المصرية بتحقيق «توافق» مع الأطراف كافة بشأن مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» المتوقع إقراره خلال دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب المصري (البرلمان)، وهو القانون «الذي شهد انقساماً كبيراً خلال الأسابيع الماضية، مع تباين في وجهات النظر حول مواده»، بحسب مراقبين.

وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مناقشة القانون في «جلسات مغلقة» داخل البرلمان بمشاركة «أضلاع مثلث القانون»، أي «النيابة العامة والدولة والأجهزة التنفيذية»، و«المواطن ومحاميه»، و«القضاء»، لافتاً إلى أن لجنة «الشؤون الدستورية والقانونية بمجلس النواب» وافقت في وقت سابق على مشروع القانون ورفعته لرئاسة البرلمان لعرضه على الجلسة العامة من أجل التصويت على مواده.

وتحدث مدبولي، مساء الأربعاء، عن مشاركة الأضلاع الثلاثة في مناقشات القانون «ستهدف للوصول إلى توافق».

وأحالت الحكومة مشروع قانون الإجراءات الجنائية لمجلس النواب في ديسمبر (كانون الأول) 2017. وجدّدت الإحالة في يناير (كانون الثاني) 2021 ليشكل المجلس في العام التالي لجنة فرعية من لجنة «الشؤون التشريعية» من أجل صياغة مشروع قانون جديد ليكون بديلاً للقانون الصادر عام 1950. وضمّت اللجنة ممثلين من عدة وزارات وهيئات، واستمر عملها لمدة 14 شهراً، وانتهت بإعداد مشروع القانون الحالي المكون من 540 مادة.

وبحسب مصادر برلمانية، فإن اتصالات تُجرى بين الحكومة والبرلمان للاتفاق على مزيد من التشاور حول مواد القانون، وما إذا كانت هناك حاجة لإجراء تعديلات إضافية أم لا، في ضوء الاعتراضات التي جرى إعلانها بشأن بعض النصوص، ومنها بعض مواد «الحبس الاحتياطي». وأكدت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، أن «مسألة الجلسات المغلقة لم تحسم بشكل نهائي حتى الآن، مع التأكيد على استعداد مجلس النواب للاستماع لكافة الأصوات المعارضة لمشروع القانون».

مناقشة «الحوار الوطني» لمواد «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

ووصف مجلس النواب المصري مشروع القانون، الشهر الماضي، بأنه «خطوة هامة في تحديث النظام القانوني في مصر، ويهدف إلى تحقيق نقلة نوعية بفلسفة الإجراءات الجنائية».

من جانبه، انتقد عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، عدم الاستجابة للتوصيات التي جرى إعدادها بشأن مواد القانون، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أحال توصيات «الحوار الوطني» إلى الحكومة، «لكن لم يتم الأخذ بها، في مناقشات الحكومة أو في مناقشات اللجنة البرلمانية التي وافقت على مشروع القانون».

وعدّ أن تجاهل «التوصيات» تجعلهم يشعرون في «الحوار الوطني» بـ«ضياع المجهود الذي بُذل من أجل إجراء تعديلات حقيقية في القوانين التي بها بعض أوجه القصور».

ووفق المصادر البرلمانية، فإن مواد مشروع القانون كافة حالياً «يمكن إعادة النظر فيها والمناقشة بشأنها قبل التصويت عليها»، موضحاً أن «الجلسات المغلقة حال إجرائها سيكون الهدف منها إحداث مزيد من التوافق وإدخال (صياغات أكثر إحكاماً) حال وجود ضرورة لذلك، بما يسمح بتحقيق ضمانات (المحاكمة العادلة) كافة».

جانب من مناقشات اللجنة «الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب لمشروع القانون بحضور نقيب المحامين (مجلس النواب)

وواجه مشروع القانون اعتراضات من نقابتي «الصحافيين» و«المحامين» فور الإعلان عنه. وجرى إدخال عدة تعديلات عليه بعد نقاشات مع «المحامين»، في وقت لا تزال نقابة «الصحافيين» لديها تحفظات على بعض مواد مشروع القانون، باعتبارها تحتاج لمزيد من التعديلات لتحقيق ضمانات أفضل للمواطنين.

وطالبت 4 منظمات حقوقية دولية، منها «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية»، في بيان، الأربعاء، بـ«إعداد مشروع جديد يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وبالتشاور مع المنظمات غير الحكومية المصرية والدولية».

وقال عضو مجلس إدارة نقابة المحامين، محمد الكسار، لـ«الشرق الأوسط»، إن مطالب المحامين كافة جرت الاستجابة إليها خلال النقاشات الماضية، مؤكداً أن تعديلات جديدة مرتبطة بأداء المحامين لمهام عملهم «تتطلب إعادة المناقشة في جدواها ومراجعتها قبل إبداء أي رأي بشأنها». وأضاف أن «النقابة لم تتلقَ حتى الآن أي دعوات لمناقشة القانون مرة أخرى داخل البرلمان»، مؤكداً «استعداداتهم للمشاركة في أي جلسات حال إعادة النظر في بعض المواد الواردة بمشروع القانون قبل إقرارها بشكل نهائي».


مقالات ذات صلة

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

الاقتصاد الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اجتماع حكومي، مساء الأحد، «موقف تطوير منظومة الطيران المدني بجميع مكوناتها».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثرهم اقتصادياً بوفاته.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الدفاع المصري خلال زيارة لإحدى القواعد الجوية (المتحدث العسكري المصري)

الجيش المصري يؤكد حرصه على اقتناء أحدث نظم الطائرات

أكد الجيش المصري حرصه على «تزويد القوات الجوية بأحدث نظم وأنظمة الطائرات الحديثة وفقاً لرؤية استراتيجية للتعامل مع التحديات كافة ومواكبة التطور التكنولوجي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
TT

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)
الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)

تعوّل الحكومة الجزائرية على تحسّن معدلات الصناعة العسكرية، بغرض رفع نسبة النمو في قطاع الصناعة وإنعاش الاقتصاد التابع تبعية مطلقة لإيرادات النفط والغاز.

وبرزت أهمية التصنيع الحربي في «معرض الإنتاج الوطني» السنوي الذي انطلق الخميس الماضي. ففي الجناح المخصص لوزارة الدفاع في المعرض الذي يقام بالضاحية الشرقية للعاصمة، يتم تقديم مختلف المنتجات الخاصة بالقوات المسلحة، والترويج لها على أساس أنها «قاطرة الصناعة في البلاد».

تصنيع عربات عسكرية بالشراكة مع شركة «مرسيدس» الألمانية (وزارة الدفاع)

وأبرز الرئيس عبد المجيد تبون، خلال افتتاح التظاهرة الاقتصادية والتجارية، «أهمية الصناعة العسكرية كنموذج يجب اتباعه وكرافعة للصناعة الوطنية». وأكد أن الجيش «حقق مستويات في الصناعة، أتمنى أن تصل إليها الشركات الأخرى»، وهنّأ القائمين على جناح وزارة الدفاع بالمعرض، لـ«معدل التكامل العالي الذي أنجزته الصناعة العسكرية»، من دون أن يقدم أي رقم فيما يخص التصنيع الحربي.

ولفت تبون إلى أن «السياسة التي تبنتها الدولة في السنوات الأخيرة، الهادفة إلى تشجيع الإنتاج المحلي، ساهمت في تقليص فاتورة الواردات بنسبة 40 في المائة»، داعياً إلى «عدم التفريق بين الشركات التي تتبع للجيش، وبين الشركات الحكومية والخاصة؛ إذ تساهم جميعها في رفع شأن الإنتاج الجزائري».

وتشارك في «معرض الإنتاج الوطني 2024» مئات المؤسسات الحكومية والخاصة. وغالباً ما تستعرض الحكومة «عضلاتها» من خلال هذا الحدث الاقتصادي، للتأكيد على «قدرة المنتوج الجزائري على المنافسة في الأسواق الدولية»، علماً أن الجزائر حققت الاكتفاء الذاتي في قطاع من المنتجات الزراعية، في حين تستورد كل حاجاتها من المواد المصنّعة ونصف المصنّعة.

الرئيس تبون يستمع إلى خطة عمل مؤسسات خاصة (الرئاسة)

ويقول مصدر حكومي، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن الصناعة العسكرية في الجزائر «أصبحت اليوم نموذجاً يحتذى به في التنظيم والحوكمة، وكذلك في الجودة والأداء. إنه قطاع تمكن بفضل صرامته من التكيّف مع متطلبات ومعايير الإنتاج في عدة مجالات، بدءاً من صناعة الأسلحة ووصولاً إلى وسائل النقل واللوجستيات والملابس».

وأوضح المصدر ذاته، أن قطاع التصنيع العسكري «يواجه اليوم تحديات جديدة، تتمثل في التحكم في مجالات ذات قيمة تكنولوجية عالية، مثل صناعة المسيّرات ومعدات الاتصالات. ويتمثل التحدي الآخر في تحسين نسب الاندماج، من خلال الاعتماد على الإنتاج والمناولة المحلية، بهدف رفع مستويات الاندماج إلى أكثر من 60 في المائة في السنوات المقبلة».

ووفق المصدر ذاته، فإنه «يجب الإشادة بجهود والتزامات المؤسسة العسكرية في تحديث وتطوير هذه الصناعة الحربية التي تم تصنيفها كأولوية استراتيجية؛ نظراً لتأثيرها في تعزيز القوة العسكرية؛ كونها ركيزة أساسية للسيادة الوطنية». واللافت أنه لا تتوفر بيانات محددة حول نسبة مساهمة الصناعة العسكرية في نمو الصناعة الجزائرية بشكل عام.

رئيس البلاد مع مسؤولين من وزارة الدفاع في جناح الإنتاج الحربي في معرض الإنتاج الوطني (الرئاسة)

ويشار إلى أن موازنة الجيش لعام 2025 محددة بـ22 مليار دولار (الموازنة العامة مقدرة بـ126 مليار دولار)، وهي في زيادة مستمرة منذ 5 سنوات. وتبرر الحكومة حجم الإنفاق العسكري العالي بـ«التهديدات والمخاطر المحيطة بالجزائر»، وتقصد، ضمناً، الاضطرابات في مالي والنيجر، وفي ليبيا أيضاً، وتعاظم تجارة السلاح والمخدرات ونشاط المهربين في جنوب الجزائر الفسيح.

وكان تبون صرّح بنهاية 2023 بأن نسبة الاندماج في مجال الصناعات الميكانيكية العسكرية تجاوزت 40 في المائة؛ ما يدل على تقدم ملحوظ في هذا القطاع في تقدير السلطات. بالإضافة إلى ذلك، نجحت المؤسسات الصناعية التابعة للجيش الوطني الشعبي في أن تكون داعماً مهماً للنسيج الصناعي الجزائري، بعد أن وسعت دائرة اهتماماتها لتشمل مختلف المجالات الصناعية.

وعلى الرغم من هذه التطورات، لا تزال الصناعات العسكرية الجزائرية ناشئة، وفق خبراء مستقلين. فهي بحاجة إلى المزيد من الوقت لتطوير قدراتها الإنتاجية والتكنولوجية، خاصة في مجالات الأسلحة المتطورة.