10 ملايين تونسي مدعوون إلى التصويت في انتخابات تبدو «محسومة» لسعيّد

خبراء يرجّحون أن تكون نسبة المشاركة منخفضة بسبب ازدياد استياء المواطنين

تونسيات مؤيدات للرئيس سعيّد يحملن صورته بمنطقة أريانة في ضواحي تونس العاصمة (أ.ب)
تونسيات مؤيدات للرئيس سعيّد يحملن صورته بمنطقة أريانة في ضواحي تونس العاصمة (أ.ب)
TT

10 ملايين تونسي مدعوون إلى التصويت في انتخابات تبدو «محسومة» لسعيّد

تونسيات مؤيدات للرئيس سعيّد يحملن صورته بمنطقة أريانة في ضواحي تونس العاصمة (أ.ب)
تونسيات مؤيدات للرئيس سعيّد يحملن صورته بمنطقة أريانة في ضواحي تونس العاصمة (أ.ب)

نحو 10 ملايين ناخب تونسي مدعوون إلى الإدلاء بأصواتهم، الأحد المقبل، في عملية اقتراع تبدو محسومة لمصلحة الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، المتهم من المعارضة والمجتمع المدني بـ«الانجراف الاستبدادي». وغابت التجمّعات الانتخابية، والمناظرات التلفزيونية بين المرشحين، والملصقات العملاقة في الشوارع، عن المشهد الانتخابي في البلاد، وهو ما ميّز آخر انتخابات رئاسية أجريت عام 2019. ويومها انتُخب الخبير قيس سعيّد، أستاذ القانون الدستوري، الذي يتمتع بصورة «الرجل النظيف»، والذي عرفه الناس بفضل مداخلاته التلفزيونية وحضوره الإعلامي، ونال حينها نحو 73 في المائة من الأصوات، وذلك بفضل وعوده باستعادة النظام بعد 10 سنوات من التدهور الاجتماعي والاقتصادي، وعدم الاستقرار الحكومي.

* حظوظ وافرة للرئيس

لا يزال الرئيس سعيّد يتمتع بشعبية كبيرة بين التونسيين، رغم أنه احتكر في 25 يوليو (تموز) 2021 الصلاحيات الكاملة للسلطة التنفيذية، بإقالة الحكومة وحلّ البرلمان، قبل تغيير الدستور في سنة 2022 لإقامة نظام رئاسي، وهو ما دفع بالمعارضة والمنظمات غير الحكومية التونسية والأجنبية على مدى السنوات الثلاث الماضية، إلى التنديد بتراجع الحريات في بلاده، خصوصاً بعد توقيف وسجن المعارضين البارزين؛ بمن فيهم زعيم «حركة النهضة» الإسلامية المحافظة، راشد الغنوشي.

راشد الغنوشي رئيس «حركة النهضة»... (أ.ف.ب)

كما تعرّضت السلطات خلال فترة تولي الرئيس سعيد الحكم لانتقادات واتهامات واسعة بتكميم الصحافة؛ عبر إقرار مرسوم مثير للجدل بشأن «الأخبار الكاذبة»، والتضييق على نشاط منظمات المجتمع المدني باعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

وسيتنافس يوم الأحد المقبل 3 مرشحين فقط في هذه الانتخابات الرئاسية، من بين 17 تقدموا بملفات. وقد أثارت مسألة قبول الملفات انتقادات شديدة، بعد أن سُجن مرشحون محتملون، واستُبعد أبرز منافسي سعيّد من قبل هيئة الانتخابات.

في هذا السياق، يرى الخبير السياسي التونسي، حاتم النفطي، أنه «منذ 25 يوليو 2021، بدأت أبواب التحوّل الديمقراطي (في تونس) تغلق»، لكن في هذه الانتخابات، «تمّ الانتقال إلى مرحلة أخرى، تتمثّل في محاولة منع أي إمكانية للتناوب، وحتى عدم التظاهر».

من جانبه، يقول الخبير السياسي الفرنسي بيير فيرميرين، المختص في الشؤون المغاربية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «التصويت محسوم؛ لأن الاختلالات بجميع أنواعها واضحة للغاية بين المرشحين»، مقدّراً أن «كل الجهود بُذلت لضمان عدم إجراء جولة ثانية».

المرشح الرئاسي زهير المغزاوي (أ.ف.ب)

وينافس سعيّد (66 عاماً)، النائبُ السابق في البرلمان زهير المغزاوي (59 عاماً). وبهذا الخصوص يقول فيرميرين إن «السماح لشخصية ثانوية (مثل المغزاوي) من التوجه الآيديولوجي نفسه للرئيس، بالمنافسة، هو وسيلة لتحييد إمكاناته بوصفه معارضاً».

* «حارس الحدود»

ثالث المتنافسين في هذا الاقتراع الرئاسي، يُدعى العياشي زمال، وهو مهندس زراعي وسياسي ليبرالي، يبلغ من العمر 47 عاماً، لكنه اعتُقل في اليوم نفسه الذي تمّ فيه تأكيد ترشحه في 2 سبتمبر (أيلول) الماضي، وقد حُكم عليه في قضيتين بالسجن لمدة تصل إلى أكثر من 14 عاماً، بتهمة «تزوير» تواقيع التزكيات.

المرشح المعتقل العياشي زمال (رويترز)

لكن وضعه القانوني لا يمنعه من مواصلة خوض الانتخابات. وقد حصلت سابقة في هذا الإطار قبل 5 سنوات مع رجل الإعلام والأعمال، نبيل القروي، الذي بلغ الجولة الثانية من الانتخابات، وكان «صاحب قناة تلفزيونية ذات جمهور كبير، ومعروفاً لدى عامة الناس»، وفق النفطي.

تونسيون يتظاهرون وسط العاصمة ضد ترشح الرئيس سعيّد لولاية ثانية (أ.ف.ب)

ودعت شخصيات من اليسار والمقربين لـ«حزب النهضة» إلى التصويت لمصلحة زمال، لكن النفطي يتساءل عما «إذا كان قادراً على إقناع أكبر عدد ممكن من الناخبين». أما في تقدير فيرميرين، فإذا كان الزمال «من الناحية النظرية، يمكن أن يمثّل تكتلاً تدعمه المعارضة، فوضعه بوصفه سجيناً مداناً لا يمكن إلا أن يشجّع الناخبين على الامتناع عن التصويت». وبالفعل، يرجّح خبراء أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات منخفضة، نظراً إلى ازدياد نسبة استياء التونسيين. وقد انخفضت نسبة المشاركة في التصويت إلى 30.5 في المائة خلال الاستفتاء على الدستور عام 2022، كما تراجعت بشكل كبير إلى 11.3 في المائة خلال الانتخابات التشريعية مطلع عام 2024.

يرى خبراء أن النتيجة ستكون محسومة لمصلحة الرئيس سعيّد (رويترز)

ويهتم التونسيون، البالغ عددهم نحو 12 مليوناً، بشكل أساسي بارتفاع تكاليف المعيشة، مع ارتفاع معدلات التضخم (نحو 7 في المائة)، وانخفاض النمو (نحو واحد في المائة)، وارتفاع معدلات البطالة (16 في المائة)، خصوصاً في صفوف الشباب، الذين أصبح الآن 7 من كل 10 منهم يرغب في مغادرة البلاد بشكل قانوني، أو غير قانوني، وفق استطلاع مركز «الباروميتر العربي». ويفسِّر ملف الهجرة على وجه التحديد، الذي «يقع في قلب اهتمامات الأوروبيين»، لا مبالاة الاتحاد الأوروبي في مواجهة الاستهداف المتصاعد للحقوق الأساسية، وفق النفطي؛ لأن «قيس سعيّد حارس حدود بامتياز».



السيسي وبن زايد يدشنان «رأس الحكمة»

الرئيس المصري ونظيره الإماراتي خلال إطلاق مشروع «رأس الحكمة» (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ونظيره الإماراتي خلال إطلاق مشروع «رأس الحكمة» (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي وبن زايد يدشنان «رأس الحكمة»

الرئيس المصري ونظيره الإماراتي خلال إطلاق مشروع «رأس الحكمة» (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ونظيره الإماراتي خلال إطلاق مشروع «رأس الحكمة» (الرئاسة المصرية)

دشن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الجمعة، مشروع «رأس الحكمة التنموي»، حيث شهد الرئيسان إطلاق المشروع بحضور رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، وعدد من كبار رجال الأعمال من الجانبين المصري والإماراتي.

وأعرب الرئيسان عن شكرهما وتقديرهما للقائمين على تنفيذ المشروع من الجانبين المصري والإماراتي خلال الفترة الماضية. وأكدا «أهميته في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، لكونه يمثل نموذجاً للشراكة التنموية البناءة بين مصر والإمارات»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير أحمد فهمي.

السيسي وبن زايد قدما شكرهما وتقديرهما للقائمين على تنفيذ المشروع من الجانبين المصري والإماراتي (الرئاسة المصرية)

وخلال فعاليات إطلاق مشروع «رأس الحكمة»، شاهد الرئيسان عرضاً مرئياً حول أهداف المشروع ومكوناته، أكد «ما ينطوي عليه من أهمية اقتصادية واستثمارية وعقارية وسياحية وبيئية كبيرة»، وفق بيان «الرئاسة المصرية».

وقال فهمي إن «الرئيسين استمعا لشرح بشأن مميزات المنطقة والخدمات المتكاملة والفرص التنموية والاقتصادية التي يوفرها المشروع»، كما شهدا أيضاً «توقيع عدد من الشركات المصرية والإماراتية على عقود بدء العمل بالمشروع».

وشهد الرئيسان قيام عدد من الشركات العالمية والمصرية والإماراتية بإطلاق «شراكة لتعزيز مسيرة الابتكار في قطاع المركبات الكهربائية الذكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».

السيسي وبن زايد خلال إطلاق مشروع "رأس الحكمة" التنموي (الرئاسة المصرية)

و«رأس الحكمة» مدينة ساحلية تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، على بعد 350 كيلومتراً تقريباً شمال غربي القاهرة، وتبلغ مساحتها نحو 170 مليون متر مربع، وتتبع إدارياً محافظة مطروح المصرية.

ووقعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 48.34 جنيه في البنوك المصرية).

ومنذ توقيع الاتفاق تتابع الحكومة المصرية إجراءات تنفيذه. وأكد مدبولي، في وقت سابق، أنه يتابع بصورة يومية مستجدات الموقف في مدينة «رأس الحكمة»، بما يتضمنه ذلك من معدلات توقيع العقود الخاصة بالمستحقين للتعويضات من أهالي المنطقة.

السيسي وبن زايد أكد تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين (الرئاسة المصرية)

وفي منتصف أغسطس (آب) الماضي، زار مدبولي مدينة «رأس الحكمة»، للوقوف على «سير إجراءات تسليم التعويضات المخصصة للمستحقين». وقال حينها إن «رأس الحكمة» تحظى بمقومات مميزة تجعل منها «نقطة جذب للاستثمارات ومختلف المشروعات على مدار العام».

وأكد وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، منتصف الشهر الماضي، أنه تم وضع خطة لتسليم أراضي «رأس الحكمة» بإجمالي 40 ألف فدان. وأضاف أنه «تم تسليم عقود الأراضي البديلة لسكان منطقة رأس الحكمة».

شركات عالمية ومصرية وإماراتية أطلقت شراكة لتعزيز مسيرة الابتكار في قطاع المركبات الكهربائية (الرئاسة المصرية)

وكانت الشركة «القابضة» الإماراتية (ADQ) قد أوضحت في وقت سابق، أن المشروع يستهدف ترسيخ مكانة «رأس الحكمة» بوصفها «وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر»، حسب بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».

وتعول مصر على مشروع «رأس الحكمة» بعدّه «وسيلة لتوفير فرص عمل»، كما أنه «سيساهم في تحقيق حلم مصر لجذب 40 أو 50 مليون سائح»، وفق تصريحات سابقة لرئيس مجلس الوزراء المصري.