تسهيلات مصرية في البناء... هل تحل أزمة ارتفاع الإيجارات؟

سجلت أسعار البيع والإيجارات للوحدات السكنية في مصر ارتفاعاً ملحوظاً (وزارة الإسكان المصرية)
سجلت أسعار البيع والإيجارات للوحدات السكنية في مصر ارتفاعاً ملحوظاً (وزارة الإسكان المصرية)
TT

تسهيلات مصرية في البناء... هل تحل أزمة ارتفاع الإيجارات؟

سجلت أسعار البيع والإيجارات للوحدات السكنية في مصر ارتفاعاً ملحوظاً (وزارة الإسكان المصرية)
سجلت أسعار البيع والإيجارات للوحدات السكنية في مصر ارتفاعاً ملحوظاً (وزارة الإسكان المصرية)

طرحت تسهيلات جديدة أقرتها الحكومة المصرية في ملف البناء، تساؤلات حول تأثيرها على أزمة ارتفاع إيجارات الوحدات السكنية، وانعكاس ذلك على حركة السوق العقارية في البلاد.

ويرى خبراء، أن تيسيرات تراخيص البناء التي اعتمدتها الحكومة أخيراً «سوف تنعكس إيجابياً على حركة السوق العقارية»، غير أنهم أشاروا إلى أن «التأثير على أسعار الإيجارات لن يكون في الوقت الحالي».

وسجلت أسعار البيع والإيجارات للوحدات السكنية في مصر ارتفاعاً ملحوظاً، خلال الربع الثاني من العام الجاري، وفقاً لتقرير مؤسسة «جي إل إل» المتخصصة في أبحاث السوق العقارية في يوليو (تموز) الماضي. وأشار التقرير إلى «ارتفاع أسعار الإيجارات في ضاحية القاهرة الجديدة (شرق العاصمة) بنسبة تصل إلى 122 في المائة على أساس سنوي، وفي مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة بنحو 101 في المائة».

وقررت الحكومة المصرية أخيراً (بناء على دراسة مشتركة لوزارتي الإسكان والتنمية المحلية) تسهيل اشتراطات تراخيص البناء، بالعودة للعمل بقانون البناء الصادر عام 2008، بدلاً من قانون البناء الموحد الذي جرى اعتماده في عام 2021. وقالت وزيرة التنمية المحلية المصرية، منال عوض، إن القرار «سيسهم في تخفيف العبء على المواطنين، وتشجيع منظومة العمران التي ترتبط بالعديد من المهن الخاصة بصناعة البناء، وسيوفر المزيد من فرص العمل، وتنمية الاقتصاد المحلي»، وفق إفادة لوزارة التنمية المحلية المصرية.

وتقضي الإجراءات التي جرت العودة لتطبيقها، «اختصار خطوات الحصول على ترخيص البناء إلى 8 إجراءات فقط، مع تقديم الطلبات في المراكز التكنولوجية المنتشرة بالمحافظات المصرية للحصول على رخص البناء».

مسؤولون يتابعون مشروعات سكنية في مصر (وزارة الإسكان المصرية)

عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، محمد بدراوي، يرى أن «التسهيلات الجديدة في تراخيص البناء ستنعكس إيجابياً على أسعار السوق العقارية، وستؤدي لخفض تكلفة سعر متر الوحدة السكنية في البيع والإيجار». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تأثير الإجراءات الجديدة على حركة الأسعار، قد تظهر على المدى المتوسط، في غضون عامين»، غير أنه لم يتوقع نسب التخفيض المحتملة، مشيراً إلى أنه «إذا لم تنخفض الأسعار تدريجياً، ستستقر في منطقة معتدلة، مع تزايد حركتي العرض والطلب».

واعتبر بدراوي أن «اشتراطات البناء الحديث (المشددة) التي تم وقف العمل بها، حدت من حركة الاستثمار العقاري في مصر»، مضيفاً أن «التطبيق العملي لتلك الإجراءات أثبت عدم مناسبتها للسوق المصرية»، لافتاً إلى أن «التيسير في الإجراءات سيعني زيادة حركتي البناء والاستثمار، ثم رواج نسبة المعروض وسرعة البيع والشراء».

واعتبر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن ارتفاع إيجارات الوحدات السكنية في بلاده «أزمة مؤقتة». وأقر في مؤتمر صحافي مطلع أغسطس (آب) الماضي، بـ«القفزة اللافتة في أسعار الوحدات السكنية بسبب إقبال الوافدين لمصر عليها أخيراً»، مشيراً إلى أن «الحكومة المصرية لا تتدخل في هذا الشأن، لأن أسعار الوحدات السكنية يتم تحديدها وفق متطلبات العرض والطلب بالأسواق».

بدراوي لا يرى أن سبب القفزة الكبيرة في أسعار بيع وإيجار الوحدات السكنية بمصر، بل زيادة أعداد الوافدين خلال الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن «كثرة أعداد الوافدين قد تكون أحد العوامل الإضافية لزيادة الأسعار»، معتبراً أن الأمر يتعلق «بزيادة أعداد السكان، وحركة الاستثمار العقاري، والتوسع في أدوار المطورين العقاريين بالسوق».

تجمع سكني في مصر تحت الإنشاء (وزارة الإسكان المصرية)

وتوقع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار (التابع لمجلس الوزراء المصري) نمو حجم سوق العقارات السكنية في مصر من 18.04 مليار دولار عام 2023، إلى 30.34 مليار دولار بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي قدره 10.96 في المائة خلال الفترة المتوقعة (2023 - 2028)، وفقاً لتقرير للمركز في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 48.37 جنيه في البنوك المصرية).

من جانبه، يربط نائب رئيس «الجمعية المصرية لخبراء التقييم العقاري»، خالد المهدي، بين التحسن في أسعار إيجارات العقارات، وظهور نتائج تيسيرات البناء بالسوق.

وقال إن «التسهيلات الحكومية في اشتراطات البناء لن تُحدِثَ تأثيراً فورياً على الأسعار، وإنما سوف تستغرق فترة لا تقل عن عام، لحين ظهور منتج عقاري، يساهم في تنشيط حركة السوق»، معتبراً أن «تراجع أسعار الإيجارات سيستغرق وقتاً أطول من أسعار البيع والشراء في السوق».

وأوضح المهدي لـ«الشرق الأوسط» أن «التسهيلات الجديدة ستزيد من حركة البناء داخل المدن، ما سيساهم في تنشيط حركتي العرض والطلب»، لافتاً إلى أن هناك بعض الأمور التي ستستغرق وقتاً لحين ظهور منتج عقاري جديد بالسوق، حيث تتعلق «بإجراءات المعاينة، والتصميمات، واستخراج التراخيص، ثم أعمال التنفيذ والبناء».

واستبعد في الوقت نفسه إمكانية تعرض مصر لـ«فقاعة عقارية».

وأرجع ذلك إلى أن «غالبية المطورين العقاريين بمصر لا يبدأون في أعمال البناء؛ إلا بعد إنهاء بيع الوحدات السكنية».


مقالات ذات صلة

«تصفيات أفريقيا»: عودة عواد ودونغا إلى قائمة مصر... واستبعاد حجازي

رياضة عالمية حسام حسن (الاتحاد المصري)

«تصفيات أفريقيا»: عودة عواد ودونغا إلى قائمة مصر... واستبعاد حجازي

شهدت قائمة منتخب مصر لكرة القدم، التي تلتقي موريتانيا ضمن تصفيات كأس أمم أفريقيا 2025، عودة ثنائي الزمالك الحارس محمد عواد ولاعب الوسط نبيل عماد (دونغا).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان المصري إسلام إبراهيم (إنستغرام)

إسلام إبراهيم: الجزء الثاني من «أعلى نسبة مشاهدة» أكثر جرأة

كشف الفنان المصري إسلام إبراهيم عن مساعي فريق عمل مسلسل «أعلى نسبة مشاهدة»، الذي حقق نجاحاً لافتاً في الموسم الرمضاني الماضي، لتقديم جزء ثانٍ منه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال طفل الانتفاضة  المنحوت من الخشب (الشرق الأوسط)

«عاشق النحت» المصري علي حبيش يعالج أمراض الشجر بالفن

اتجه النحات المصري علي حبيش إلى وسيلة لمعالجة أمراض الشجر بالفن من خلال منحوتاته الخشبية التي قدمها في معرض استيعادي بغاليري «ضي» في القاهرة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من تجمّعات السودانيين في حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية (صفحة «أكتوبر هتتغير» على «فيسبوك»)

سودانيون بمصر يحتفلون بتقدّم الجيش في الخرطوم

شهد حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية احتفالات للجالية السودانية؛ تفاعلاً مع تقدّم الجيش السوداني في العمليات العسكرية بالعاصمة الخرطوم.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا «ناصريون» يؤدون صلاة الغائب على حسن نصر الله بوسط القاهرة (الحزب العربي الديمقراطي الناصري)

انقسام مصري عقب إقامة «صلاة غائب» لحسن نصر الله

أثار قيام «التيار الناصري» في مصر بأداء «صلاة الغائب» على أمين عام «حزب الله» اللبناني الراحل حسن نصر الله انقساماً سياسياً واسعاً في مصر.

أحمد إمبابي (القاهرة)

المبعوث الأميركي يرتب لإرسال قوات أفريقية لحماية المدنيين في السودان

المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)
المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)
TT

المبعوث الأميركي يرتب لإرسال قوات أفريقية لحماية المدنيين في السودان

المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)
المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)

كشف المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، عن خطوة جديدة في المرحلة المقبلة تتعلق بوقف النزاع في السودان، بعد تعثر محادثات جنيف في التوصل إلى وقف إطلاق النار والعدائيات، بسبب رفض الجيش السوداني المشاركة فيها.

وقال بيرييلو، الأربعاء، خلال لقاء مجموعة محدودة من ممثلين عن المجتمع المدني في العاصمة الكينية نيروبي، من بينهم مراسل «الشرق الأوسط»: «فتحنا قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي بخصوص تهيئته لإعداد وتجهيز قوات للتدخل، بهدف حماية المدنيين في السودان، لكنه أحجم عن الكشف عن الوقت المحدد لذلك».

آثار الانفجارات في سماء الخرطوم (أ.ب)

وأضاف بيرييلو موضحاً أن هناك «إجماعاً كبيراً من دول العالم، برز خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، على وقف الحرب في السودان، والعودة إلى مسار الحكم المدني الديمقراطي. غير أن الضغط على الطرفين المتحاربين في الوقت الراهن يعد غير كافٍ لتحقيق ذلك».

وتابع بيرييلو مبرزاً أن الأشهر المقبلة «ستكون مهمة جداً لإعادة فتح النقاش حول القضايا المهمة بالنسبة لكل السودانيين، الذين يسعون للسلام والانتقال السلمي المدني في البلاد». مشيراً إلى أن الجيش السوداني أصبح أكثر عدائية وتطرفاً تجاه العودة إلى نظام ديمقراطي مدني، وبدأ واضحاً أنه يعمل على العودة بالبلاد إلى فترة أخرى من الحكم الديكتاتوري».

كما أوضح بيرييلو أن الجيش «يسعى عبر الدعم الذي يحصل عليه من الجماعات الإسلامية، التي تقاتل إلى جانبه، إلى إنهاء الحرب بتحقيق النصر كاملاً، وهذا ليس ممكناً».

في سياق ذلك، ذكر بيرييلو أن تفويضه موفداً للإدارة الأمريكية لن يتأثر بالانتخابات الأميركية المقرر أن تبدأ في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مؤكداً أن الحزبين الديمقراطي والجمهوري «يعدّان داعمين لوقف الحرب وحماية المدنيين».

سودانيات يتلقين العلاج داخل أحد المراكز الطبية (أ.ف.ب)

 

وفي الشأن الإنساني قال المبعوث الأميركي إن النقاشات مع طرفي القتال في السودان؛ الجيش و«قوات الدعم السريع»، بشأن إيصال المساعدات الإنسانية «لا تزال مستمرة». وأوضح أنه على الرغم من التزام الطرفين فتح المعابر لدخول الإغاثة، وفقاً لما جرى الاتفاق عليه في المحادثات، التي جرت في جنيف أغسطس (آب) الماضي، إلا أن الأمر لم يكن كافياً لتيسير وصولها دون عراقيل.

وقال المبعوث الأمريكي في هذا السياق: «نسجل ونرصد كل الانتهاكات التي تحدث في السودان عبر وسائلنا المختلفة، بما في ذلك المراقبة تكنولوجياً، أو المعلومات التي تصل إلينا من هناك». مشيراً إلى أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع وفد «قوات الدعم السريع» في جنيف بخصوص المساعدات الإنسانية، يقضي بأن يجري إشعارهم بذلك، لا طلب السماح، وذلك بالتنسيق مع الجيش في فتح معبر (أدري) على الحدود مع تشاد، وليس كل المعابر.

كما أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، مساءلة «قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي» عن كل الانتهاكات، و«هدفنا من ذلك أن نرى تغييراً في طريقة تعامله، والتزام تنفيذ آليات فعالة على الأرض لحماية المدنيين التي تعهَّد بها سابقاً. وقد توصلنا في محادثات جنيف إلى فتح ثلاثة معابر، وكان من الممكن إيصال أكثر من 20 طناً من المعونات، لكن إلى الآن وصل فقط ثلثا المساعدات، وتوقفت عملية التسيير بسبب ظروف موسم الأمطار».

وأضاف المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان أن هذه الكميات من المساعدات الإنسانية «غير كافية، ونأمل مع تحسن الظروف الطبيعية أن ترتفع نسبة الإغاثات والمعونات أكثر خلال الفترة المقبلة».