المحافظ الجديد لـ«المركزي» الليبي يؤدي اليمين أمام «النواب»

وسط ترحيب عربي ودولي واسع بإنهاء أزمة المصرف

محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)
محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)
TT

المحافظ الجديد لـ«المركزي» الليبي يؤدي اليمين أمام «النواب»

محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)
محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)

أدى محافظ مصرف ليبيا المركزي الجديد، ناجي عيسى، ونائبه مرعي البرعصي، اليمين القانونية أمام مجلس النواب بمقره في مدينة بنغازي (شرق)، اليوم الثلاثاء، وسط ترحيب عربي ودولي باعتماد مجلسي النواب و«الدولة» الاتفاق المشترك بشأن المصرف، الذي رعته البعثة الأممية.

وقال مجلس النواب في بيان لمتحدثه الرسمي، عبد الله بليحق، إن المحافظ ونائبه أديا اليمين القانونية أمام المجلس، خلال جلسة تم نقلها على الهواء مباشرة، ليباشرا مهام عملهما، عقب نيلهما الثقة من مجلس النواب بالإجماع، وبحضور 108 نواب.

وعدّ عضو المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، في بيان عبر منصة «إكس»، مساء الاثنين، هذه الخطوة «تجسيداً لروح المسؤولية الوطنية والتعاون المثمر بين الأعضاء، وتعكس رغبة صادقة في توحيد مؤسسات الدولة، وهو ما يعد ضرورياً وحيوياً لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في البلاد»، معرباً عن تطلعه لنجاح المحافظ ونائبه في أداء مهامهما، وتعهد بدعمهما في مواجهة التحديات التي قد تواجههما، كما شدد على ضرورة استكمال بقية البنود المتفق عليها، خاصة فيما يتعلق بالإسراع بفتح الحقول النفطية.

من جلسة أداء محافظ المصرف المركزي الجديد اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)

بدوره، هنأ عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، في بيان مماثل، الليبيين والليبيات بالإجراءات المتخذة لدعم قوة الدينار الليبي، ورفع المعاناة التي لحقت بهم نتيجة القرارات التعسفية، مؤكداً عزمه اتخاذ كل ما يلزم في هذا الإطار، بالتنسيق مع المؤسسات المعنية.

من جانبها، رحبت مصر باتفاق حل أزمة المصرف، وأعربت في بيان لوزارة خارجيتها، مساء الاثنين، عن أملها في أن تعطي هذه الخطوة الإيجابية الدفعة اللازمة لجهود تحقيق الاستقرار في كل أنحاء الأراضي الليبية، وأكدت عزمها مواصلة العمل على تقديم الدعم لهذه الجهود، بالتنسيق مع مختلف الشركاء الإقليميين والدوليين، من أجل «الحفاظ على مقدرات الشعب الليبي الشقيق وتحقيق آماله».

من جانبها، دعت بعثة الأمم المتحدة جميع الأطراف المعنية لضمان عملية التسليم للقيادة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي، بما يتماشى مع القوانين والإجراءات المعمول بها في ليبيا، كما حثت على المضي قدماً في تعيين مجلس إدارة «يتمتع بالمصداقية والمهنية»، معتبرة ذلك «أمراً ضرورياً لإعادة الثقة للشعب الليبي، وتعزيز مصداقية المصرف ضمن النظام المالي العالمي. كما أنها تبعث الأمل في حوكمة تستند للشفافية والمساءلة في إدارة موارد الشعب الليبي».

من جهتها، قالت السفارة الأميركية إنها تشارك بعثة الأمم الترحيب بهذه الخطوة، وأعربت عن أملها في أن يمهد هذا الاتفاق بين مجلسي النواب و«الدولة»، الذي سهّلته البعثة، الطريق لاستعادة الثقة وتعزيز الحوكمة في هذه المؤسسة الحيوية.

في سياق ذلك، شجعت السفارة البريطانية، في بيان لها اليوم الثلاثاء، جميع الأطراف على الاتفاق على مجلس محافظين موثوق به وخاضع للمساءلة، وقالت إن استعادة الثقة بهذه المؤسسة المهمة وإعادة بناء الثقة مع الشعب الليبي «أمر ضروري». كما رأى نيكولا أورلاندو، سفير الاتحاد الأوروبي، أن تعيين محافظ للمصرف ونائبه، «إنجاز كبير نتج عن التسوية التي يسّرتها البعثة الأممية بين مجلسي النواب والدولة»، مشيراً إلى أن استعادة حوكمة المصرف المركزي واستقلاليته ومساءلته «تشكل أولوية ملحّة. كما أن اختيار قيادة تكنوقراطية مؤهلة، بما في ذلك مجلس الإدارة، أمر ضروري لإعادة بناء الثقة بالمؤسسة وحماية الاستقرار الاقتصادي والمالي في ليبيا».

اجتماع المنفي مع مبعوث فرنسا الخاص (المجلس الرئاسي الليبي)

في غضون ذلك، التقت القائمة بأعمال البعثة الأممية، ستيفاني خوري، في العاصمة طرابلس، النائب العام، الصديق الصور، وبحثت معه التحديات التي تواجه سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان في ليبيا، والحاجة إلى حماية الفضاء المدني لخلق بيئة سياسية وانتخابية صحية.

كما بحثت خوري مع المبعوث الفرنسي بول سولير، بحضور السفير الفرنسي مصطفى مهراج، الحاجة الملحة لدفع العملية السياسية في ليبيا إلى الأمام وإجراء الانتخابات، مشيرة إلى أنهم شددوا على الأهمية البالغة لتوحيد مؤسسات الدولة، بما في ذلك قوات الأمن والجيش، تحت إشراف مدني.

كما التقى رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، سولير، وقال إن اللقاء ناقش التطورات الإيجابية للأوضاع السياسية والاقتصادية، التي تشهدها ليبيا من تحفيز المؤسسات على المضي قدماً بالعملية السياسية للوصول إلى الانتخابات.

الدبيبة مستقبلاً المبعوث الفرنسي الخاص (حكومة الوحدة)

وكان الدبيبة، قد ناقش مع سولير جهود الحكومة لتحقيق الاستقرار وإتمام الاستحقاقات الانتخابية، وفرص التعاون في المشاريع التنموية والبنية التحتية التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي في البلاد، بالإضافة إلى الإجراءات التنظيمية في القطاع المصرفي والمالي.


مقالات ذات صلة

ليبيا: تجدد أزمة رئاسة «الأعلى للدولة» بعد تحرك قضائي

شمال افريقيا اجتماع المنفي مع لجنة متابعة أوضاع المعتقلين السياسيين (المجلس الرئاسي)

ليبيا: تجدد أزمة رئاسة «الأعلى للدولة» بعد تحرك قضائي

تجددت أزمة رئاسة المجلس الأعلى للدولة الليبي، بعدما أودعت محكمة استئناف جنوب طرابلس أسباب الحكم المستعجل، القاضي بوقف ما ترتب عن جلسة انتخاب مكتبه السياسي.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)

«حقوق الإنسان» في ليبيا... ملف شائك يستتبع انتقادات دولية

ترصد منظمات وجمعيات حقوقية ليبية ارتكاب أفراد أمن وعناصر تشكيلات مسلحة «انتهاكات واسعة» بحق مواطنين ومهاجرين غير نظاميين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع سفير ألمانيا في طرابلس (حكومة الوحدة)

الدبيبة يبحث التعاون مع ألمانيا في «الطاقة البديلة»

سيطر ملف «الطاقة البديلة» على لقاء رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، مع السفير الألماني الجديد رالف طراف لدى ليبيا.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا وفد الاتحاد الأفريقي بقيادة الرئيس الموريتاني في اجتماع مع «الرئاسي» بطرابلس (المجلس الرئاسي)

​«المصالحة الليبية»… مسار يعترضه الانقسام و«الحسابات الجهوية»

يعتقد أحد المعنيين بملف «المصالحة الوطنية» في ليبيا أن الحسابات الشخصية لغالبية ساسة البلاد تحول دون نجاحها وسط مساعٍ أفريقية لتحريك هذا المسار

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا خوري أمام مجلس الأمن الدولي (البعثة الأممية)

ليبيا: ترقّب لتدشين خوري «ملتقى الحوار السياسي»

عكست الإحاطة الأخيرة للمبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني خوري، نوعاً من الترقب لجهة إعلانها قريباً عن تدشين «ملتقى للحوار السياسي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

مصر: الجدل بشأن السلع «الترفيهية» يتصاعد

مشهد من العاصمة المصرية القاهرة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)
مشهد من العاصمة المصرية القاهرة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)
TT

مصر: الجدل بشأن السلع «الترفيهية» يتصاعد

مشهد من العاصمة المصرية القاهرة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)
مشهد من العاصمة المصرية القاهرة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

أثارت تصريحات وزير النقل والصناعة المصري نائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية الصناعية، كامل الوزير، حول استيراد الحكومة «سلعاً استفزازية» بـ5.6 مليار دولار خلال الفترة ما بين 2014 و2023، من بينها «أثاث فاخر، وأوانٍ خزفية، وحلي، وورق فويل، وسجاد، وسيراميك وبورسلين، وشوكولاته»، حالة من الجدل المتصاعد في الشارع المصري؛ حيث اعتبر البعض أن «هذه السلع لم تعد ترفيهية»، بينما رأى آخرون أن هذه «الأرقام كبيرة» وتأتي في ظل ظروف اقتصادية صعبة.

وأمام تلك الأرقام، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى ضرورة تطوير الصناعة المحلية للحد من الاعتماد على الاستيراد، منتقداً التوسع في استيراد «السلع الترفيهية»، بقوله: «تتسبب في ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه».

كلمات الرئيس والوزير، التي جاءت خلال افتتاح محطة قطارات «صعيد مصر» بمنطقة بشتيل في الجيزة، السبت الماضي، سرعان ما سيطرت على نقاشات المصريين، وتفاعلت معها مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، لترتفع بعض أسماء هذه السلع إلى صدارة «الترند» في مصر، خاصة «#ورق_الفويل»، وبينما ظهر تفاعل آخر بتأييد «حديث الرئيس»، دافع آخرون عن رؤيتهم بأن «الحل ليس في وقف استيراد هذه السلع».

كان السيسي، في تعقيبه على كلام الوزير، قد أشار إلى أن التجار في مصر يفضلون الاستيراد من الخارج بدلاً من التصنيع محلياً، وأضاف أن الدولة يجب أن تعمل بجدية وصلابة لحل تلك الأزمة، مشيراً إلى أن مصر استوردت عطوراً ومزيلات عرق بـ440 مليون دولار، ومستحضرات تجميل بنحو 500 مليون دولار، وحقائب يد بـ200 مليون دولار، وشوكولاته بنحو 400 مليون دولار. كما استوردت سيراميك بـ235 مليون دولار، وورق فويل بـ500 مليون دولار، وجبناً بمليار و200 مليون دولار، وسيارات بنحو 25 مليار دولار. (الدولار يساوي 48.59 جنيه في البنوك المصرية).

وقال السيسي حينها: «وبتلوموني إن الدولار بيرتفع ليه؟»، مؤكداً أن حل الأزمة الحالية في أيدي المصريين، وشدد على ضرورة إنشاء مصانع وإنتاج المستلزمات التي يسهل تصنيعها بمصر، موضحاً أن هذا الأمر يعد فرصة عظيمة للاستثمار، لافتاً إلى أنه لكي يتم تجاوز أزمة الدولار يجب تصنيع هذه المنتجات محلياً.

عامل في محل ذهب بخان الخليلي بالقاهرة (رويترز)

وعانت مصر خلال العامين الماضيين من أزمة في توافر الدولار، ما أدى إلى انتعاش «السوق الموازية»، حيث وصل سعر الدولار خلال العام الماضي إلى نحو 70 جنيهاً. في حين سمحت لعملتها بالانخفاض أمام الدولار في مارس (آذار) الماضي.

تصريحات الوزير المصري وجدت جدلاً عبّر عنه البعض بالإشارة إلى أن هذه السلع لها مردود اقتصادي مهم وليست «استفزازية»، حيث يقف وراءها طابور طويل من «مستوردين، وموظفي جمارك، وضرائب، وشركات شحن، وسائقين، وموظفي مخازن، وموظفي تسويق وتوزيع وتحصيل وبنوك»، وبالتالي تخلق الآلاف من فرص العمل.

كما عبّر آخرون عن رفض المصطلح نفسه، قائلين: «مفيش حاجة اسمها (سلع استفزازية) وكل شخص له حرية في اختياراته وأمواله»، بينما قال البعض إن «الرقم المعلن من الوزير ليس كبيراً، إذا تم تقسيمه على 10 سنوات، و12 شهراً، ثم على 30 يوماً».

أمينة سر «لجنة الصناعة» بمجلس النواب المصري (البرلمان) النائبة شيرين عليش قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «حالة الجدل التي تصاعدت في مصر عقب تصريحات وزير النقل والصناعة تعود إلى عدم تخيل المواطنين لقيمة فاتورة استيراد هذه السلع، وعدم تقديرهم لحجمها الكبير»، مضيفة أن حديث الرئيس السيسي وضع المصريين أمام الحقيقة، التي وجدها البعض بمثابة «حقيقة مُرة»، خاصة مع ذكر الرئيس سلعاً معينة مثل «ورق الفويل»، فهي سلعة تستخدم داخل كل منزل بشكل مستمر، لكن مع ضرب المثل بها، اتضح للمواطن أن أبسط الأمور لديه تكلفتها باهظة، وهو ما لم ينتبه إليه أو يحسب تكلفته من قبل.

ونال «ورق الفويل»، تفاعلاً كبيراً، حيث أبرز كثيرون أهميته، وأنه لا يقتصر على الاستخدام في الطهي فقط.

الخبير الاقتصادي المصري الدكتور مدحت نافع يوضح أن «الفويل» لا يدخل فقط في الطعام المنزلي، فهو يستهلك استهلاكاً صناعياً، ويستهلك في المنتجات الدوائية بنسب كبيرة للغاية، كما يستهلك في المبردات، بما يعني أنه يدخل في العملية التصنيعية بشكل كبير. ويبين أن إنتاج الفويل يحتاج إلى استثمارات كبيرة، ورغم ذلك تستطيع مصر إنتاجه في شركة مصر للألومنيوم (التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام)، شريطة تحديث خطوط الإنتاج وعمل توسعات في الشركة، مع استقرار أسعار الكهرباء، التي تسهم بنحو 40 إلى 50 في المائة من تكلفة الإنتاج.

وقال نافع لـ«الشرق الأوسط» إن الدولة تربح من دخول هذه السلع الترفيهية إليها بشكل أكبر من السلع الأساسية، مشيراً في الوقت نفسه إلى «أهمية سياسة أولويات الاستيراد مع محدودية الوفرة الدولارية في البنوك».

في المقابل، رأى جانب من رواد «السوشيال ميديا»، أن ما ذكره الرئيس المصري من حقائق يؤدي بالفعل إلى وجود أزمة في الدولار.

وطالب آخرون بأن تكون هناك وقفة مع هذه «الفواتير الكبيرة للسلع الترفيهية»، مؤكدين وجود فئات بعينها هي القادرة على شرائها.

من ناحية أخرى، أرجع الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور أشرف غراب، حالة التفاعل مع حديث الرئيس عن هذه السلع، لكونها تأتي في وقت يعاني فيه الكثيرون من الغلاء، إلى جانب أن الحكومة قد حصرت بالفعل منذ شهور مضت عدداً من السلع، ما يقارب 130 صنفاً أو أكثر من السلع التي يتم استيرادها من الخارج، وأكدت حينها أنه سيتم عمل دراسات لتصنيعها محلياً بالتعاون مع القطاع الخاص لمنع استيرادها، حتى لا تُستنزف العملة الصعبة، خاصة «السلع الترفيهية غير الضرورية»، ورغم ذلك عندما تحدث الرئيس، فوجئ المواطن بحجم فاتورة الاستيراد الضخمة.