السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

مجموعة حقوقية قالت إن المخالفات تضمنت «قتلاً خارج القانون»

الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

وجه نشطاء حقوقيون سودانيون اتهامات لكتائب موالية للجيش وأفراد يرتدون الزي العسكري له بارتكاب ما وصفوه بـ«انتهاكات جسيمة» تضمنت «قتلاً خارج القانون» و«إعدام العشرات» فضلاً عن تنفيذ «اعتقالات تعسفية تستند إلى أسس عرقية ومناطقية، على حد قولهم.

وانزلق السودان إلى حرب مدمرة في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضاً رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات «الدعم السريع» بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي».

وتداول مستخدمون سودانيون، لمواقع التواصل على نطاق واسع تسجيلات مصورة قالوا إنها لعناصر تقاتل في صفوف الجيش السوداني، وظهر هؤلاء وهم ينفذون عمليات «إعدام جماعي»، وأفاد متداولو المقاطع بأنها صُوّرت في حي الحلفايا شمال مدينة الخرطوم بحري (إحدى مدن العاصمة السودانية)، بعد انسحاب «قوات الدعم السريع».

ولم يتسن التأكد من صحة التسجيلات أو تعريفات من ظهروا خلالها من مصدر مستقل.

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا بالعاصمة السودانية (أرشيفية - رويترز)

ونسب النشطاء ما ظهر في الفيديو إلى «مجموعة عمل خاصة»، قالوا إنها «تضم عناصر من جهازي الأمن والمخابرات (المنحل)، والجيش وشرطة الاحتياطي المركزي، ومقاتلين من (الحركة الإسلامية)».

وكانت «كتائب البراء»، وهي ذراع عسكرية للحركة الإسلامية، بثت مقاطع فيديو أظهرت توغلها في وسط منطقة الحلفايا شمال مدينة بحري، ثالثة كبرى مدن العاصمة السودانية الخرطوم.

وأعلن الجيش السوداني، السبت الماضي، عبور قواته والقوات التي تعمل تحت إمرته التي يسميها «المقاومة الشعبية» جسر الحلفايا من مدينة أم درمان إلى الخرطوم بحري.

كتائب «الإسلاميين»

وصرح قائد ما يُسمى «لواء البراء بن مالك»، المصباح أبو زيد طلحة، بأن مقاتليه تقدموا واقتربوا من تسلم السوق المركزية بمدينة شمبات. وأضاف طلحة في تسجيل مصور أن «الزحف مستمر في كل المحاور ولن يتوقف حتى تحرير مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة (وسط البلاد)» التي تسيطر عليها «الدعم» حالياً.

ولا يخضع لواء البراء الذي يُعد امتداداً لـ«كتائب قوات الدفاع الشعبي»، و«المجاهدين» لإمرة الجيش السوداني مباشرة، لكن يُعتقد أنه يتلقى تعليماته مباشرة من قادة الحركة الإسلامية، وزعيمها الحالي علي كرتي.

وقالت مجموعة «محامو الطوارئ» الحقوقية، إنها «حصلت على حالات مؤكدة تعرضت لانتهاكات جسيمة من قبل قوات (لواء البراء بن مالك) وأفراد من الجيش في منطقة الحلفايا، شملت جرائم قتل خارج القانون واعتقالات تعسفية تستند إلى أسس عرقية ومناطقية استجابة لدعوات التحريض والكراهية».

وأضافت المجموعة في بيان، الثلاثاء، أن «جميع الحالات التي تعرضت للقتل والاعتقال كانت بذريعة التعاون مع (قوات الدعم السريع) التي سيطرت على الحي (الحلفايا) قرابة العام منذ اندلاع الحرب في البلاد أبريل (نيسان) 2023».

وبعدما أكدت المجموعة الحقوقية استمرار «ارتكاب هذه الجرائم وتنفيذ أحكام إعدام سميت (المحاكمات الميدانية)، وقد شملت المدنيين والعسكريين»، طالبت بـ«وقف عمليات القتل خارج نطاق القضاء والاعتقالات التعسفية وتهديد حياة المدنيين».

إعدام العشرات

ودخلت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)»، على خط تلك المقاطع، وقال المتحدث باسمها بكري الجاك إن «المعلومات الأولية المتاحة حتى الآن (تشير إلى) حدوث قتل لمدنيين من خلال تنفيذ عمليات إعدام طالت العشرات».

وأدانت «تقدم» التحالف السياسي المدني الأبرز في البلاد، «جرائم القتل وتصفية المدنيين بمنطقة الحلفايا، داعية إلى اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه مرتكبيها».

وحض الجاك طرفي القتال على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، والتوقف عن الاعتداء على المدنيين.

وحذرت «تقدم» من تنامي قتل المدنيين خارج القانون واستهدافهم بدوافع إثنية أو عرقية، ما قد يدفع بالبلاد إلى «حرب أهلية شاملة».

وسبق أن وُجهت اتهامات للجيش السوداني وميليشيات تابعة لـ«الحركة الإسلامية» الداعمة له، بتنفيذ عمليات قتل ضد أكثر من 50 مدنياً في بلدة ريفية بولاية الجزيرة (وسط البلاد). كما أصدر القضاء السوداني خلال الأشهر الماضية أحكاماً بالإعدام شنقاً والسجن لسنوات طويلة على العشرات بتهم التعاون مع «الدعم السريع».

المساعدات

من جهة أخرى، أعرب المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو، الاثنين، عن ارتياحه للتحسن الملحوظ في إيصال المساعدات إلى السودان، حيث تسببت الحرب المستمرة بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.

وقال بيرييلو أمام الصحافيين في العاصمة الكينية نيروبي: «نحن مرتاحون إلى التحسن الكبير وإن كان تدريجياً في إيصال المساعدات الإنسانية». وأوضح أن «عدة مئات من الشاحنات عبرت من مناطق كانت مغلقة في السابق».

ويتبادل طرفا الحرب السودانية الاتهامات، بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين عمداً، ومنع المساعدات الإنسانية.

ملايين الأطفال والنساء في السودان يعانون من سوء التغذية الحاد (رويترز)

ويواجه نحو 26 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي، وأُعلنت حالة المجاعة في مخيّم زمزم الواقع في إقليم دارفور، بينما أوقعت الحرب عشرات آلاف القتلى وأرغمت أكثر من عشرة ملايين شخص، أي خمس السكان، على اللجوء إلى دول مجاورة.

وأكد بيرييلو أن «الوضع خطير للغاية، ويبدو أن أولئك الذين هم في أفضل وضع لوقفه، يرغبون، على العكس من ذلك، في تسريعه».

وفشلت عدة جولات من المفاوضات الرامية الى إنهاء الحرب. ولم يتم الالتزام بالهدنة التي تم التوصل إليها في بداية النزاع برعاية الولايات المتحدة والسعودية.


مقالات ذات صلة

السعودية تطالب بوقف القتال في السودان وتنفيذ «إعلان جدة»

شمال افريقيا جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان في نواكشوط الأربعاء (الخارجية الموريتانية)

السعودية تطالب بوقف القتال في السودان وتنفيذ «إعلان جدة»

احتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط، اجتماعاً تشاورياً بين المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان، في إطار مساعي توحيد هذه المبادرات.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا آثار قصف سابق على مدينة الفاشر (مواقع التواصل)

مقتل وجرح العشرات من المدنيين في قصف على مدينة الفاشر

تعرضت مدينة الفاشر، الأربعاء، لقصف مدفعي وغارات جوية أدت إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى من المدنيين. وأدانت مسؤولة أممية الهجمات، وطالبت بوقف فوري لإطلاق النار.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عَلم السودان ملصق بمدفع رشاش يتبع «قوات الدعم السريع» شمال الخرطوم (رويترز)

السودان... دولة واحدة بعملتين ومخاوف من تكريس الانقسام

عزز مُضي الحكومة السودانية في إجراءات التبديل الجزئي لعملات وطنية، مخاوف من تكريس الانقسام.

أحمد يونس (كامبالا)
تحليل إخباري عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

تحليل إخباري عقوبات جديدة ضد المتحاربين السودانيين... هل تفتح باباً للتفاوض؟

أدرج الاتحاد الأوروبي مجدداً عناصر من طرفي الحرب في السودان، على لائحة العقوبات، غير أن محللين وخبراء سودانيين قدروا أنها ربما تكون محاولة لفتح باب التفاوض.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
تحليل إخباري عَلم السودان ملصق بمدفع رشاش يتبع «قوات الدعم السريع» شمال الخرطوم (رويترز) play-circle 02:09

تحليل إخباري السودان... دولة واحدة بعملتين

منذ أعلنت الحكومة بدء التبديل الجزئي لعملات وطنية في العاشر من الشهر الحالي، أصبح السودان عملياً «بلداً واحداً بعملتين»، ما استدعى ذكرى انفصال الجنوب.

أحمد يونس (كامبالا)

تيسيرات مصرية جديدة لزيادة تحويلات المغتربين

مبنى وزارة الخارجية المصرية على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)
مبنى وزارة الخارجية المصرية على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)
TT

تيسيرات مصرية جديدة لزيادة تحويلات المغتربين

مبنى وزارة الخارجية المصرية على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)
مبنى وزارة الخارجية المصرية على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)

تُقدم مصر تيسيرات جديدة لزيادة عائدات تحويلات المغتربين، حيث قررت وزارة الخارجية المصرية «فتح حسابات مصرفية لمواطنيها في الخارج عبر القنصليات والسفارات بالتعاون مع البنك المركزي المصري».

ووفق نائب وزير الخارجية للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، السفير نبيل حبشي، فإن التيسيرات ستتضمن «إمكانية قيام المواطن المصري بالخارج بالتوجه إلى أقرب مقر للبعثات الدبلوماسية أو القنصلية بالخارج لإتمام إجراءات فتح حساب مصرفي في أي بنك يختاره من البنوك العاملة في مصر».

ولفت إلى أن «السفارات والقنصليات ستقوم بالتصديق على صحة توقيع المواطن، والموافقة على طلب فتح الحساب، من دون الحاجة لوجوده أمام موظفي البنك في مصر».

القرار الجديد جاء بعد أيام من تقديم تسهيلات للمصريين بالخارج، عبر تفعيل خدمة «استقبال الحوالات المالية» الواردة من الخارج، وإضافتها «بشكل لحظي» لحسابات «المغتربين» في البنوك المصرية. ووفق إفادة للبنك المركزي، حينها، فإن الخدمة تمثل خطة «الحوالات اللحظية» تطوراً في خدمة استقبال التحويلات الخارجية إلكترونياً.

وأشار حبشي في إفادة أوردتها وزارة الخارجية المصرية، الخميس، إلى أن وزير الخارجية، الدكتور بدر عبد العاطي، وجه بقيام البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالخارج بدورها «كجهة تقديم خدمة» بالنسبة للحسابات المصرفية وذلك في إطار بذل كافة الجهود لرعاية ودعم المصريين بالخارج، وتوفير التيسيرات كافة الممكنة لهم بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية بالدولة.

موظف بشركة صرافة في مصر يعرض فئات متنوعة من الدولار (أ.ف.ب)

وسجلت تحويلات المصريين في الخارج «قفزة» خلال الفترة الأخيرة، حيث ارتفعت تحويلاتهم إلى 2.7 مليار دولار، في سبتمبر (أيلول) الماضي، مقابل 1.3 مليار دولار في الشهر نفسه العام الماضي، حسب بيانات البنك المركزي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. (الدولار يساوي 50.9 جنيهاً في البنوك المصرية).

وبحسب مراقبين فإن «تيسيرات الحكومة المصرية الجديدة تستهدف اجتذاب التحويلات الدولارية من المصريين في الخارج».

نائب وزير الخارجية للهجرة وشؤون المصريين بالخارج أوضح، الخميس، أنه تم اختيار 20 دولة توجد بها أعداد كبيرة من المصريين، كمرحلة أولى لبدء تطبيق فتح الحسابات المصرفية، مشيراً إلى أن «هناك لقاءات متواصلة مع مسؤولي البنك المركزي لوضع هذه المبادرة موضع التنفيذ في أقرب وقت، الأمر الذي سيؤدي أيضاً إلى تشجيع المصريين بالخارج على استثمار مدخراتهم في أوعية مصرفية مصرية، وتيسير تحويلاتهم إلى مصر».

وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، نهاية الشهر الماضي، أن «تحويلات المصريين في الخارج أحد أهم موارد العملة الصعبة لبلاده»، وأضاف أنه «عندما يطمئن المصريون العاملون في الخارج إلى أن هناك سعر صرف واحداً ومرناً للدولار، فإنهم سيقومون بتحويل أموالهم في الإطار الرسمي».

مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)

وكانت الحكومة المصرية قد أرسلت تطمينات متكررة للمصريين خلال الشهر الجاري بشأن سعر صرف الجنيه، بعدما سجل «انخفاضاً في البنوك عقب تخطي الدولار حاجز الـ50 جنيهاً».

ووفق نائبة رئيس بنك مصر السابقة، سهر الدماطي، فإن «تطوير الخدمات المصرفية الخاصة بالمصريين في الخارج سوف ترفع نسب تحويلاتهم من العملات الأجنبية إلى داخل البلاد»، لافتة إلى أن «المصريين بالخارج من أهم مصادر العملة الصعبة للبلاد».

وتعوّل القاهرة على المصريين في الخارج الذين يقدَّر عددهم بـ12 مليون مصري (بحسب وزارة الهجرة المصرية سابقاً)، بوصف أنهم مصدر من أهم مصادر النقد الأجنبي، وتعمل الحكومة المصرية على تنويع مبادراتها لجذب مزيد من تحويلات المغتربين.

ففي أغسطس (آب) الماضي، أعلنت مصر «العمل على رقمنة الخدمات القنصلية لتطوير وتيسير الخدمات المقدمة للمغتربين». كما أعادت القاهرة في مايو (أيار) الماضي ولمدة شهرين تفعيل مبادرة «تسوية الموقف التجنيدي لمواطني الخارج» مقابل 7 آلاف دولار أو يورو، أيضاً انتهى العمل بمبادرة «سيارات المصريين بالخارج» في نهاية أبريل (نيسان) الماضي.