صوَّت مجلس النواب الليبي، الاثنين، على اعتماد اتفاق مع «الأعلى للدولة» رعته بعثة الأمم المتحدة، ويقضي بحل أزمة المصرف المركزي، وسط توقعات بعودة إنتاج النفط مجدداً من الحقول المغلقة، لكن الإدارة الحالية للمصرف، فى تعبير عن رفضها، قررت بشكل مفاجئ إلغاء «ضريبة على النقد الأجنبي».
وصوَّت أعضاء مجلس النواب، بالإجماع على اختيار ناجي عيسى محافظاً جديداً للمصرف، ومرعي البرعصي نائباً له، على أن يُشكَّل مجلس إدارة المصرف خلال 10 أيام، وذلك خلال جلسة عقدها المجلس بمقره في مدينة بنغازي بشرق البلاد، بحضور 108 أعضاء، برئاسة عقيلة صالح، ونُقلت على الهواء مباشرة.
وأعلن عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم المجلس، القرار، في حين أشاد صالح، قبل أن تتحول الجلسة مغلقة، بموافقة 112 من أعضاء «الأعلى الدولة» على اختيار القيادة الجديدة للمصرف لإنهاء الأزمة التي اندلعت مؤخراً، متهماً «المجلس الرئاسي» مجدداً بـ«التسبب فيها»، واعتبر أنه تمت معالجتها بـ«الحكمة والتوافق».
وتزامناً مع قرار مجلس النواب، أعلن خالد المشري، رئيس «المجلس الأعلى للدولة»، أنه أحال إلى القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة ستيفاني خوري، قائمة بأسماء أعضاء المجلس الموافقين على الاتفاق الموقّع بشأن حل أزمة المصرف.
في المقابل، وفي تصعيد جديد، أعلنت إدارة المصرف، في قرار مفاجئ الاثنين، وقف تنفيذ قرار رئيس مجلس النواب، بشأن فرض ضريبة على سعر الصرف الرسمي، ابتداءً من الثلاثاء.
وعمّم عبد الفتاح عبد الغفار، محافظ المصرف المكلف من «المجلس الرئاسي»، على المصارف، قراره الجديد، علماً بأن محافظ المصرف المقال من منصبه الصديق الكبير، طالب بفرض ضريبة جديدة بنسبة 27 في المائة على بيع النقد الأجنبي، وأيَّدها عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، لكن رفضها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، واعتبرها قرارات «أحادية ومنفردة» قام بها صالح.
وسارعت وسائل إعلام محلية، إلى انتقاد قرار المحافظ، مشيرة إلى «عدم وجود أثر قانوني له بصفته المكتسبة بقرار أحادي غير ملزم»، بحسب السلطة التشريعية، في خطوة فاشلة جديدة لاستمرار الأزمة، على حد تعبيرها.
وكان صالح، قد أعلن رسمياً أنه يتعامل مع خالد المشري، بصفته «الرئيس الشرعي» المنتخب لـ«مجلس الدولة»، وذلك في خطاب وجّهه إلى مدير مكتب رئيس المجلس.
ويعني رد صالح، رفضه التعامل مع محمد تكالة، الرئيس السابق لـ«مجلس الدولة»، الذي كان قد رفض الموافقة على قرار مجلس النواب، بإنهاء ولاية حكومة الدبيبة.
وأثَّرت قرارات مجلس النواب و«المجلس الأعلى للدولة» على سعر العملات الأجنبية في السوق الموازية، حيث تغير سعر الدينار الليبي بشكل متسارع من 7.12 إلى 6.5 مقابل الدولار الأميركي.
وتوقعت مصادر برلمانية ليبية، لوكالة «نوفا» الإيطالية، استئناف إنتاج النفط الخام مجدداً تدريجياً، ابتداءً من الثلاثاء، على أن تعود العمليات بشكل كامل الأربعاء المقبل، إعلاناً بنهاية ما وصفته الأزمة السياسية والمالية الخطيرة المرتبطة بالمصرف المركزي والتي أصابت البلاد بالشلل.
بدورها، قالت ستيفاني خوري، القائم بأعمال البعثة الأممية، إنها تلقت «تعهدات من الجهات الرسمية في المنطقة الشرقية لإعادة فتح الحقول و الموانئ النفطية قريباً»، وشددت في تصريحات لها على ضرورة «الحفاظ على موارد البلاد بعيداً عن الصراعات السياسية، وأهمية إنهاء إغلاق الحقول والموانئ النفطية التي أدت إلى توقف الإنتاج والصادرات».
بدوره، قال «المجلس الرئاسي» إن موسى الكوني، وعبد الله اللافي، نائبي رئيسه، أكّدا خلال اجتماعهما، الاثنين، بطرابلس، مع المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي بول سولير، على ضرورة دعم المجتمع الدولي للحلول التي يقودها الليبيون لتحقيق الاستقرار.
ونقل المجلس عن سولير، في اللقاء الذي حضره سفير فرنسا مصطفى مهراج، وناقش ما وصفه بـ«حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد منذ أشهر»، تأكيده على أن بلاده تضع الملف الليبي «في مقدم اهتماماتها، وتسعى لمساعدة ليبيا في الخروج من الانسداد السياسي بالتواصل مع كل الأطراف السياسية، لتحقيق الاستقرار والوصول للانتخابات عبر حلول ليبية»، كما أكد استمرار بلاده في التشاور مع الدول المهتمة بالشأن الليبي، لإيجاد صيغة مناسبة تساهم في حل الأزمة الليبية.
بموازاة ذلك، أكد الدبيبة، «أهمية تطوير قدرات الأجهزة الأمنية والعسكرية للتصدي لأي تهديدات، مع ضرورة تكثيف التعاون بين مختلف الجهات الأمنية».
واستغل الدبيبة، اجتماعه مساء الأحد بطرابلس، مع آمر «قوة العمليات المشتركة» اللواء عمر بوغدادة، للتشديد على «ضرورة التنسيق المستمر مع الجهات المعنية لتعزيز الأمن على الحدود»، مؤكداً على «أهمية الاستمرار في تعزيز القدرات الأمنية للدولة لضمان حماية المواطنين والحفاظ على سيادة البلاد ضد أشكال التهديدات كافة».
وقال إن الاجتماع بحث «مستجدات ملفات مكافحة الإرهاب والجهود المبذولة لتعزيز أمن الدولة وحمايتها من أي اختراقات لجهود مكافحة عصابات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر».
من جهة أخرى، أكد سفراء وملحقو الدفاع المشاركون في «مجموعة العمل الأمنية»، الحاجة الملحة إلى دعم جهود اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في تنفيذ ولايتها بشكل فعال، خصوصاً تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار. كما أعربوا خلال لقائهم مساء الأحد، مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية، عن أملهم في تبادل مثمر في اجتماع سرت؛ بهدف تعزيز الاستقرار والسلام في ليبيا.
وقالت البعثة الأممية في بيان مقتضب، إن هذا اللقاء يأتي في إطار الاستعداد للاجتماع المقرر للمجموعة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) في مدينة سرت.