الجيش السوداني يعبر الجسور مجدّداً... ويحقّق تقدّماً شمال الخرطوم بحري

«الدعم السريع» يردّ هجوماً على «مصفاة الجيلي» ويُحكم السيطرة عليها

مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يعبر الجسور مجدّداً... ويحقّق تقدّماً شمال الخرطوم بحري

مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)

قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ألحقت «هزيمة ساحقة» بالجيش السوداني وحلفائه من كتائب الإسلاميين والحركات المسلحة التي انحازت إليه، في معركة دارت حول مصفاة النفط شمال الخرطوم، التي تسيطر عليها منذ الأيام الأولى للحرب.

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي بثّت مقاطع فيديو لخروج مئات المواطنين في مدن شندي، وعطبرة، والقضارف، في تظاهرات فرح إثر إطلاق موالين للجيش «إشاعة زاحفة»، بأن قواته تحرّكت من مدينة شندي، واستردّت المصفاة بعد أن هزمت «قوات الدعم السريع»، ونتجت عن الإشاعة ضجة واسعة، فاضطرت قيادات عسكرية لنفي الخبر، وأعلن العميد طبيب طارق كجاب، في مقطع فيديو، نفي استرداد المصفاة، ودعا المواطنين «للهدوء، والعودة إلى منازلهم إنفاذاً لأوامر حظر التجول، والتوقف عن إطلاق رصاص الفرح».

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا بالعاصمة السودانية (أرشيفية - رويترز)

وفي بيان رسمي على منصة «إكس»، قال إعلام «الدعم السريع»، إنها ألحقت هزيمة ساحقة بقوة مكوّنة من «قوات وكتائب الحركة الإسلامية الإرهابية، ومرتزقة الحركات التي يقودها البرهان - وهي الصفة التي دأب على توصيف الجيش السوداني وحلفائه بها - حاولت الهجوم على القوة المتمركزة في مصفاة الجيلي (70 كيلومتراً شمال الخرطوم)، وقضت على المتحرك القادم من جهة مدينة شندي».

وقالت «الدعم»، إن خسائر القوات المهاجمة بلغت 320 قتيلاً، وتم الاستيلاء على 48 مركبة قتالية بكامل عتادها، ومدافع وأسلحة متنوعة، وكميات من الذخائر، وسخر في بيان مما روّج له مؤيدو الجيش بقوله: «ظللنا نتابع زعيق أبواق الميليشيا الإعلامية، وتصديرهم روايات وهمية عن انتصارات لا وجود لها إلا في خيالاتهم البائسة».

ووفقاً للجان مقاومة «حجر العسل» بولاية نهر النيل، حيث مقر «الفرقة الثالثة مشاة» بمدينة شندي، التي انطلق منها الهجوم على «مصفاة الجيلي»، فإن الجيش تراجع نحو وسط وشمال المنطقة، وتمددت «قوات الدعم» فيها مجدّداً، بعد أن كان الجيش قد استردّها قبل أيام.

الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتناقلت وسائط عديدة صوراً ومقاطع فيديو نعت فيها عدداً كبيراً من ضباط في الجيش برُتَب متفاوتة، تراوحت بين لواء وملازم، بجانب عدد من عناصر «كتيبة البراء» التابعة للإسلاميين، والمستنفرين، لكن لا الجيش ولا «الدعم السريع» أشارا إلى خسائرهما في معارك الخرطوم والخرطوم بحري.

وتجدّدت المعارك، صباح اليوم الأحد، شمال الخرطوم بحري، وقال شهود: «إن (قوات الدعم السريع) شنّت هجوماً عكسياً على قوات الجيش التي تمركزت في منطقة الحلفايا إثر معارك يوم السبت، التي استعادت فيها مناطق من شمال الخرطوم بحري».

وكان الجيش أعلن عبوره لـ«جسر الحلفايا»، الرابط بين شمال أم درمان حيث القاعدة العسكرية الرئيسية للجيش، وشمال الخرطوم بحري مركز سيطرة «قوات الدعم السريع»، بعد أن كان الفريقان المتقاتلان يسيطران على الجسر، كلٌّ من الضفة المقابلة له من نهر النيل، كما أعلن استرداد منطقة الكدرو (شمال)، وإنهاء الحصار الذي كانت تفرضه «قوات الدعم» على قوات الجيش الموجودة هناك.

وبعد أن كان الجيش يتبع تكتيكات دفاعية ويتحصن بمواقعه، شنّ للمرة الأولى منذ بدء الحرب هجمات كبيرة أيام الخميس والجمعة والسبت الماضية، على مناطق في الخرطوم والخرطوم بحري، منطلقاً من تمركزه الرئيسي في أم درمان، وأفلح أكثر من مرة في عبور 3 جسور: النيل الأبيض، والفتيحاب باتجاه الخرطوم، و«جسر الحلفايا» باتجاه الخرطوم بحري.

وأحدثت هجمات الجيش على الخرطوم والخرطوم بحري صدى كبيراً، هلّل له دعاة الجيش، لكن «قوات الدعم السريع» المرابطة في الخرطوم والخرطوم بحري أجبرته على الانسحاب من منطقة الخرطوم.

أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

ونقلت صفحة القوات المسلحة الرسمية، يوم السبت، أن قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، «شُوهِد وهو يتفقد قواته في الخطوط الأمامية للقتال، ويتبادل الحديث مع الجنود»، وهي المرة الأولى التي يظهر فيها الرجل بين قواته أثناء القتال منذ إفلاته من الحصار في القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، والتوجه إلى بورتسودان التي جعل منها عاصمة مؤقتة.

ونقلت وسائط التواصل مقطع فيديو للرجل وهو يؤشر بإشارة للجنود، أثارت جدلاً واسعاً في محاولة لتفسيرها، وقال مؤيدو الجيش إنها دعوة لإحكام الحصار، والقضاء على «قوات الدعم السريع»، فيما ذكر آخرون أنها إشارة ذات مدلولات سلبية.


مقالات ذات صلة

الإمارات تدين هجوماً استهدف مقر سفيرها في السودان

الخليج وزارة الخارجية الإماراتية (وام)

الإمارات تدين هجوماً استهدف مقر سفيرها في السودان

أعربت الإمارات عن إدانتها بشدة لهجوم استهدف مقر رئيس بعثتها في الخرطوم، مشيرة إلى أن الهجوم تم من خلال طائرة تابعة للجيش السوداني.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

تصاعدت حدة القتال، الجمعة، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في عدد من الجبهات مع سقوط عشرات القتلى والجرحى خلال الـ24 ساعة الماضية بصفوف الجانبين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يدلي بخطابه في الأمم المتحدة بنيويورك 26 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

البرهان: لا شروط مسبقة للحوار ونطالب بتنفيذ «اتفاق جدة»

أكد رئيس مجلس السيادة قائد القوات المسلحة السودانية الفريق عبد الفتاح البرهان أنه «لا يضع شروطاً مسبقة» للحوار، وطالب «قوات الدعم السريع» بتنفيذ «اتفاق جدة».

علي بردى (نيويورك)
الخليج الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)

الربيعة: السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإعادة الأمل للسودانيين

أكد الدكتور عبد الله الربيعة المشرف على «مركز الملك سلمان للإغاثة» أن السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإيجاد سبل لإعادة الأمل إلى شعب السودان منذ بداية أزمة بلادهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة play-circle 01:27

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس.

محمد أمين ياسين (نيروبي) أحمد يونس (كامبالا)

حملة جزائرية لتمكين أفريقيا من عضوية دائمة بمجلس الأمن

من إحدى جلسات مجلس الأمن (إ.ب.أ)
من إحدى جلسات مجلس الأمن (إ.ب.أ)
TT

حملة جزائرية لتمكين أفريقيا من عضوية دائمة بمجلس الأمن

من إحدى جلسات مجلس الأمن (إ.ب.أ)
من إحدى جلسات مجلس الأمن (إ.ب.أ)

يقود وزير خارجية الجزائر، أحمد عطاف، حملة في الأمم المتحدة بمناسبة الدورة السنوية للجمعية العامة (24 - 30 سبتمبر «أيلول»)، لحشد التأييد لرؤية أعدتها بلاده منذ عدة سنوات، تتعلق بإدخال إصلاحات على آلية اتخاذ القرار بمجلس الأمن، مع التركيز على «رفع الظلم التاريخي عن أفريقيا»، بمنحها مقعدين على الأقل في المجلس.

وقال عطاف، خلال تدخّل له في أحد النقاشات التي نظّمها المجلس حول قضايا السلم في العالم، إن القارة السمراء «تظل الغائب الوحيد في فئة المقاعد الدائمة، والأقل تمثيلاً في المقاعد غير الدائمة»، وفق ما نشرته الخارجية الجزائرية بحساباتها بالإعلام الاجتماعي.

الوفد الجزائري في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)

ودعا الوزير إلى «حشد الجهود ومضاعفتها من أجل إعادة الاعتبار لدور مجلس الأمن بشكل خاص، ولدور المنظمة الأممية عامة»، متحدثاً عن «5 محاور يجب الارتكاز عليها من أجل تحقيق هذا الهدف»، ذكر من بينها «الإسراع في تجاوز منطق الاستقطاب، وتحسين مناخ العمل في مجلس الأمن عبر فتح مجال أكبر وإحداث مساحة أوسع للأعضاء العشرة غير الدائمين فيه»، مؤكداً أن هذه المجموعة «أثبتت قدرتها على تقريب وجهات النظر، ومد جسور التواصل والتفاهم بين الدول دائمة العضوية بالمجلس، بهدف بلورة حلول توافقية ترضي الجميع، وتعلي راية الصالح العام، وتخدم السلم والأمن الدوليين».

ويشار إلى أن الجزائر تمارس حاليّاً ولاية بصفتها عضواً غير دائم بمجلس الأمن، بدأت مطلع 2024 وتدوم عامين.

كما يشار إلى أن الاتحاد الأفريقي أطلق عام 2005، ما سُمي «لجنة العشرة الأفريقية»، عهد إليها صياغة تصور «لإصلاح مجلس الأمن»، وتتألف من 10 دول أفريقية، هي الجزائر وجمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية وكينيا وليبيا وناميبيا وأوغندا وسيراليون والسنغال وزامبيا. وتتمثل مهمتها تحديداً في «تعزيز ودعم الموقف الأفريقي الموحد في المفاوضات الحكومية الجارية، في إطار الأمم المتحدة بشأن إصلاح مجلس الأمن».

وتعهد المسؤولون الجزائريون، خلال ولايتهم بمجلس الأمن، بـ«العمل على تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات الحكومية من أجل إصلاح مجلس الأمن، وتحقيق نظام دولي أكثر تمثيلاً وعدلاً وتوازناً». وفي تقدير الجزائر، تحمل الأزمة الدولية الراهنة «بوادر تشكيل موازين جديدة للقوى على الساحة الدولية، على أفريقيا أن تكون طرفاً فاعلاً فيها بدلاً من موقف المتفرج».

تدخل الوزير الجزائري في نقاش حول السلام نظّمه مجلس الأمن (الخارجية الجزائرية)

ووفق رئيس دبلوماسية الجزائر، فإن قرارات مجلس الأمن «بحاجة إلى متابعة». كما ينبغي «محاسبة الأطراف التي يثبت تحديها لهذه القرارات، وتجاهلها لإرادة المجموعة الدولية». لافتاً إلى أن «الطابع الإلزامي يبقى لصيقاً بجميع قرارات مجلس الأمن، على غرار تلك التي جرى تبنّيها بخصوص القضية الفلسطينية، ومن ثم فإن الحرص على تفعيلها ونفاذها على أرض الواقع يظل من صلب اختصاصات مجلسنا هذا».

كما دعا عطاف إلى «تشجيع تحرّك الجمعية العامة في المواقف التي يثبت فيها مجلس الأمن عجزاً، وهذا لبناء علاقة تكاملية بين الجهازين الرئيسيين للأمم المتحدة».

وأضاف: «إصلاح مجلس الأمن، يكون عبر دمقرطة أساليب عمله، وتوسيع العضوية فيه من خلال تركيبة أوسع، تكون أكثر تمثيلاً للمجموعة الدولية في المرحلة الراهنة».

وتابع: «أولوية الأولويات بالنسبة لنا في مسعى كهذا، هو تصحيح الظلم التاريخي المُسلط على قارتنا الأفريقية، التي تظل الغائب الوحيد في فئة المقاعد الدائمة».