كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟
TT

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

لا يجد بعض المسؤولين الليبيين غضاضة في ارتداء الكوفية الفلسطينية الشهيرة أمام عدسات المصورين، تعبيراً عن دعمهم لقطاع غزة ضد العدوان الإسرائيلي، في ظل تمسك البلد المنقسم سياسياً بـ«تجريم التطبيع مع إسرائيل».

فمن أمام جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى قاعات الاجتماعات في ليبيا، تأتي الموافقة الرسمية لتعكس جانباً من رؤية البلاد حيال الأحداث في غزة، وما يجري في لبنان، لكن تظل ردود الفعل المجتمعية «أكثر غضباً» في كثير من الأحايين.

وفي ظل تعاطف مجتمعي ليبي واسع مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، يأتي الخطاب الرسمي على لسان رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، ليؤكد أن «ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وتعبر قطاعات ليبية عدة عن «تعاطفها وتضامنها» مع ما يجري في غزة ولبنان، وفق ما يرصد عبد الرؤوف بيت المال، النائب بحزب «ليبيا النماء»، لكنه يشير إلى أن الانقسام الحاصل في البلاد «يفتت الرؤية في ظل عدم وجود حكومة واحدة».

والمنفي الذي أكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره و«إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف»، ذكّر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الأسبوع الماضي، بموقف بلده، الذي انضم إلى جنوب أفريقيا في القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.

وفيما دعا المنفي لتعزيز المساءلة عن «الانتهاكات والإبادة الجماعية» التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، رأى أن «إبعاد شبح نشوب حرب إقليمية في المنطقة، يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة في فلسطين ولبنان».

وفي أعقاب اندلاع الحرب على غزة، شهدت طرابلس بعض المظاهرات الغاضبة، مثل بقية العواصم العربية؛ إذ احتشد آلاف المواطنين في «ميدان الشهداء» بوسط طرابلس، للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتضامناً مع الشعب الفلسطيني.

ويرى بيت المال في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن الشعب الليبي «واعٍ لما يحاك للقضية الفلسطينية؛ وأن النظام الصهيوني يعمل على تفتيت العرب والعمل على تأسيس إسرائيل الكبرى». ويعتقد أن كل ما يحدث في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق «يسير في اتجاه تكوين إسرائيل الكبرى».

الموقف الرسمي الليبي المُعلن من إسرائيل والتطبيع معها «مجرّم» وفق قرار سابق لمجلس النواب، الذي أكد رئيسه، عقيلة صالح، عدم «إقامة أي اتصالات أو علاقات مع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الإسرائيليين، وتجريم سفر الطائرات والسفن الإسرائيلية عبر ليبيا».

وظهر صالح مرتدياً الكوفية الفلسطينية في جلسة رسمية عقدها البرلمان، عقب الكشف عن «لقاء سري» بين وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة الوطنية» المقالة نجلاء المنقوش، ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما.

وقال صالح: «عاشت فلسطين في الوجدان الليبي اسماً عزيزاً يثير الحزن، ويشعل الغضب، ويلهب الأحاسيس، فنشأ تقارب كبير بينها وبين ليبيا، أسهم في إبراز خصوصية ما بينهما من روابط، ومنشأ هذا التقارب في العروبة والإسلام هو تعرض البلدين إلى احتلال استيطاني هدف إلى طمس الهوية».

ومندوب ليبيا بالأمم المتحدة الطاهر السني، الذي ظهر مرتدياً الكوفية الفلسطيني هو الآخر خلال كلمة سابقة له في جلسة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تتعلق بالشأن الليبي، قال إن ليبيا «لن تعدّ المقاومة ضد الاحتلال والدفاع عن النفس إرهاباً؛ ومن منكم نال استقلاله وتحرر من الاستعمار دون مقاومة».

ونقل السني جانباً من كلمته في تغريدات قصيرة عبر حسابه على منصة «إكس»، وزاد: «التاريخ سيتذكر من أخذ موقفاً قانونياً أو إنسانياً مما يجري؛ وسيتذكر كل من كانت إنسانيته في غيبوبة ودعم، أو صمت على الجرائم والفظائع المرتكبة بالبث المباشر صوتاً وصورة».

وكان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، قد سارع لإصدار قرار في 25 يونيو (حزيران) الماضي، يستثني بموجبه مواطني دولة فلسطين من جميع الرسوم المتعلقة بالتأشيرات والإقامة، المحددة باللائحة التنفيذية للقانون رقم 6 لسنة 1987.

ولم تمنع الاتهامات المواجهة لحكومة «الوحدة» بالسعي لـ«التطبيع مع إسرائيل» من ارتداء الدبيبة الكوفية الفلسطينية خلال جولة ميدانية، بالعاصمة طرابلس قبل نحو عام تقريباً.

كما استقبل في مرات سابقة بمكتبه نائب رئيس الوزراء، ووزير الإعلام الفلسطيني نبيل أبو ردينة، والسفير الفلسطيني لدى ليبيا محمد رحال، وبحث معهما مستجدات الأوضاع السياسية في فلسطين، وآلية تقديم المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، إضافة إلى سُبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وبموازاة المواقف الرسمية، تعكس ردود الفعل الخاصة مواقف «أكثر سخونة» تجاه ما يحدث في غزة ولبنان، إذ انتقد أحمد قذاف الدم المسؤول السياسي لـ«جبهة النضال الوطني الليبية»، «الصمت على ما يحدث من عدوان سَافِرْ على لبنان».

وقال في تصريح صحافي: «أحيي الصمود البطولي لـ(حزب الله)، والشعب اللبناني لوقوفهما بكبرياء في وجه الغطرسة الإسرائيلية».


مقالات ذات صلة

الساعدي القذافي ينفي أنباء مقتل هانيبال بسجنه في لبنان

شمال افريقيا هانيبال القذافي (أ.ف.ب)

الساعدي القذافي ينفي أنباء مقتل هانيبال بسجنه في لبنان

وسط صمت ليبي رسمي بشأن وضعية هانيبال القذافي في لبنان، تعدّدت الروايات حول مصيره، لكن شقيقه الساعدي قال عبر حسابه على منصة «إكس»: «أخي بخير».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من جولة حفتر التفقدية في درنة رفقة صالح وحماد (الجيش الوطني)

صالح يحضّ الليبيين على المصالحة و«طي صفحات الماضي»

حضّ عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، على «المصالحة وطي صفحات الماضي»، في حين رحّب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق الذي يعالج النزاع حول قيادة مصرف ليبيا المركزي.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي خلال حضور حفل العشاء مع الرئيس الأميركي (المنفي)

توتر أمني مفاجئ غرب العاصمة الليبية

أعلن أعضاء في مجلس النواب الليبي، أن جلسته المرتقبة، الاثنين المقبل، ستخصص للمصادقة على اعتماد تعيين محافظ المصرف المركزي للبلاد ونائبه.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)

تجدد الخلافات حول «الميزانية الموحدة» يفجِّر مخاوف الليبيين

أبدى سياسيون ومحللون ليبيون تخوفهم من وقوع أزمة جديدة تتعلق بالمطالبة بـ«قانون موحد للميزانية»، بينما لا تزال البلاد تتعافى من تأثير أزمة المصرف المركزي.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا مستشارو المحكمة الدستورية العليا عقب أداء اليمين أمام نائب رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)

ليبيا: «قانون الدستورية العليا» يجدد الجدل بين «الرئاسي» والبرلمان

تصاعدت حالة من الجدل في ليبيا بعد أداء مستشاري المحكمة الدستورية العليا اليمين القانونية، أمام مجلس النواب، في ظل معارضة واسعة من المجلس الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تونس: إحالة عشرات على قطب الإرهاب واتهام وزير سابق بالتآمر على أمن الدولة

استنفار في محكمة تونس العاصمة بسبب قضايا التآمر على أمن الدولة (الجنايات التونسية)
استنفار في محكمة تونس العاصمة بسبب قضايا التآمر على أمن الدولة (الجنايات التونسية)
TT

تونس: إحالة عشرات على قطب الإرهاب واتهام وزير سابق بالتآمر على أمن الدولة

استنفار في محكمة تونس العاصمة بسبب قضايا التآمر على أمن الدولة (الجنايات التونسية)
استنفار في محكمة تونس العاصمة بسبب قضايا التآمر على أمن الدولة (الجنايات التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية أن قوات الأمن التونسي أوقفت مؤخراً «15 تكفيرياً»، بينهم مَن كان محل تفتيش، لفائدة وحدات أمنية وهياكل قضائية مختلفة، بتهمة «الاشتباه في الانتماء إلى تنظيم إرهابي». وسبق لبعضهم أن حوكم غيابياً بالسجن لفترات مختلفة.

في الوقت نفسه، أكد محامون تونسيون لـ«الشرق الأوسط» أن نحو 100 شخصية من قدماء حزب حركة النهضة أوقفوا مؤخراً، وأحيلوا على قاضي التحقيق المكلف بملفات الإرهاب والجرائم الخطيرة.

ملفات

وقد بدأ مكتب التحقيق في «قطب الإرهاب في محكمة تونس» النظر في ملفات بعضهم، وقرر الإفراج مؤقتاً عن 18 منهم، وتمديد مدة الإيقاف التحفظي ضد البقية.

ومن بين الشخصيات التي وقع الإفراج عنها حسب المحامين؛ القيادي السابق في «جمعية أنصار فلسطين بتونس» وفي عدد من منظمات المجتمع المدني، البشير الخضيري، وهو شيخ تجاوز الثمانين من عمره. في المقابل، تقرر تمديد شخصيات قيادية سابقة أخرى، بينها الناشط النقابي في الاتحاد العام التونسي للشغل وعضو المكتب التنفيذي لحزب النهضة، محمد القلوي.

في نفس الوقت، أورد محامون مكلفون بهذه القضية أن مِن بين الذين أحيلوا على «قطب الإرهاب» حقوقيين تتراوح أعمار أغلبهم بين الستين والثمانين، من بين نشطاء جمعيات تطالب بتسوية الوضعية الاجتماعية والمادية لقدماء المساجين السياسيين تنفيذاً لقرارات سابقة من الهيئات والمحاكم المختصة في «العدالة الانتقالية والإنصاف والمصالحة».

شبهات التآمر على أمن الدولة

في سياق متصل، أورد المحامي سلمان الصغير أن بعض الموقوفين في هذه القضية على ذمة النيابة العمومية تجاوزوا مدة الإيقاف التحفظي.

وأوضح نفس المصدر أنه «في صورة تعهد قاضي التحقيق بالملف، فإنه يتولى استنطاق المتهمين والاستماع إلى مرافعات المحامين، ويقرر إثر ذلك إما إصدار بطاقات إيداع في شأن المتهمين أو الإبقاء عليهم في حالة سراح إلى حين استكمال أعمال التحقيق».

محاكم تونسية قضت ضد مرشحين للانتخابات بالسجن وأمرت بحرمان بعضهم من حق الترشح مدى الحياة بسبب شبهات «جرائم خطيرة» (وسائل الإعلام التونسية - متداولة)

وكانت المصالح الأمنية المختصة في البحث في جرائم الإرهاب، التابعة للحرس الوطني بالعوينة، استنطقت أوائل الشهر الحالي 5 «مشتبهين في قضية جديدة للتآمر على أمن الدولة»، بينهم عضو المكتب التنفيذي لحزب حركة النهضة، وعدد من الأعضاء السابقين الذين ورد أنهم «سبق أن جمّدوا نشاطهم صلب الحزب نفسه، وانسحبوا من العمل السياسي».

لكن المصالح الأمنية والقضائية أوقفت في الملف نفسه نحو 80 شخصاً بـ«شبهة تكوين وفاق وتهم التآمر على أمن الدولة» في ملف ليس على علاقة بملف قضايا التآمر السابقة التي أوقف بسببها منذ أوائل العام الماضي عشرات من الوزراء والبرلمانين اليساريين والإسلاميين السابقين، بينهم جوهر بن مبارك ورضا بالحاج وعلي العريض ونور الدين البحيري والصحبي عتيق والحبيب اللوز وأحمد المشرقي وراشد الغنوشي... إلى جانب الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، ورجال أعمال لعبوا دوراً سياسياً خلال المرحلة المقبلة، بينهم كمال الطيف وخيام التركي... فيما أحيل وزراء وسياسيون سابقون غيابياً بسبب نفس التهم، بينهم وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام.

رفض الإفراج

من جهة أخرى، قررت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس رفض الإفراج عن وزير العدل سابقاً ونائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري. كما تقرر تأجيل محاكمته إلى شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في قضية جديدة مرفوعة ضده، إلى جانب القضايا التي أحيلت على «قطب الإرهاب» واتهامه بشبهات «التآمر على أمن الدولة» و«في قضايا حق عام» على غرار عشرات المسؤولين السابقين في الحكومة والبرلمان وفي قيادات الأحزاب السياسية ورجال الأعمال.

القضاء التونسي يتهم الوزير السابق المنذر الزنايدي رسمياً بالتآمر ويحيله على «قطب الإرهاب» (الجنايات التونسية)

من جانب آخر، أكدت مصادر أمنية وقضائية وسياسية إثارة قضايا أمنية وعدلية ضد عدد من الشخصيات التي سبق أن ترشحت للانتخابات الرئاسية، بينها الوزير السابق للتجارة والنقل والصحة قبل 2011 المنذر الزنايدي، والوزير السابق للصحة عامي 2012 و2013 ثم في 2020 عبد اللطيف المكي، والوزير والبرلماني السابق عماد الدايمي.

مرشحون للرئاسة

وكشفت المتحدثة باسم القطب القضائي، حنان قداس، في تصريح إعلامي، أن النيابة العامة أمرت بمباشرة الأبحاث والتحقيقات اللازمة ضد الوزير السابق والمرشح للرئاسة الذي رفض ترشحه، المنذر الزنايدي، بشبهة «تكوين وفاق (مجموعة) إرهابي والتحريض على الانضمام إليه، والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي والاعتداء المقصود منه تغيير هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً؛ إضافة لإدراجه بالتفتيش».

وأوضحت المتحدثة الرسمية باسم المحكمة أن هذا القرار جاء «إثر ما تم رصده من قيام المعني بتنزيل مقاطع فيديو على صفحة تحمل اسمه على شبكة التواصل الاجتماعي تولى خلالها التحريض على العصيان ضد النظام القائم بالدولة ومؤسساتها ورئيسها، وهو ما من شأنه إدخال البلبلة وبثّ الرعب بين السكان».

إيداع بالسجن

كما كشفت المحامية دليلة مصدق بن مبارك، عضو فريق الحملة الانتخابية للمرشح المعتمد رسمياً للرئاسة رجل الأعمال، العياشي زمال، أن قرارات جديدة «وقتية» بسجن منوبها أو الاحتفاظ به صدرت عن عدة محاكم تونسية، بعضها بـ«شبهة تزوير تزكيات مواطنين» دعموا ترشحه للرئاسة.

وكشف المحامي عبد الستار المسعودي أن النيابة العامة في محاكم عدة محافظات أصدرت أحكاماً كثيرة بالسجن ضد العياشي، المترشح للانتخابات الرئاسية، وأنه سيمثل خلال الأسبوع المقبل أمام محاكم أخرى، رغم الإبقاء على اسمه وصورته بصفة رسمية بين المرشحين الثلاثة لانتخابات 6 أكتوبر المقبل.

يذكر أن الهيئة العليا للانتخابات أوردت أن إصدار حكم بالسجن ضد المرشح للرئاسة لا يؤدي إلى إسقاط ترشحه من الانتخابات الرئاسية، لأن الحكم الصادر بحقّه ابتدائي، ويمكن الاعتراض عليه أو استئنافه قبل يوم الاقتراع العام.