البرهان: لا شروط مسبقة للحوار ونطالب بتنفيذ «اتفاق جدة»

السعودية قدمت 3 مليارات دولار والولايات المتحدة تطالب بـ«هدن إنسانية» في الفاشر

البرهان يدلي بخطابه في الأمم المتحدة بنيويورك 26 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)
البرهان يدلي بخطابه في الأمم المتحدة بنيويورك 26 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

البرهان: لا شروط مسبقة للحوار ونطالب بتنفيذ «اتفاق جدة»

البرهان يدلي بخطابه في الأمم المتحدة بنيويورك 26 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)
البرهان يدلي بخطابه في الأمم المتحدة بنيويورك 26 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

اتهم رئيس مجلس السيادة قائد القوات المسلحة السودانية الفريق عبد الفتاح البرهان «قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، «حميدتي»، بأنها «خانت العهود» برفضها ما جرى الاتفاق عليه خلال محادثات جدة برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، مؤكداً أنه «لا يضع شروطاً مسبقة»، بل يطالب بتنفيذ التوافقات السابقة بين الطرفين.

وتزامن كلام البرهان مع نشاطات مكثفة في الأمم المتحدة على هامش أعمال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث كشفت المملكة العربية السعودية أن مساعداتها بلغت أكثر من 3 مليارات دولار، بينما حضت الولايات المتحدة على التوصل إلى «هدن إنسانية»، لا سيما في الفاشر بدارفور.

وخلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته في نشاطات الجمعية العامة، قال البرهان إن بلاده «تتعرض لمؤامرة مشترِك فيها بكل أسف بعض القوى السياسية الداخلية وبعض القوى الإقليمية والدولية بغية تغيير السلطة بقوة السلاح»، مؤكداً أن «توجيه الأسلحة ضد المواطنين، بعد الثورة المجيدة، نتج عنه ما يمر به الشعب السوداني الآن».

وأوضح البرهان أن الحرب «خلَّفت آلاف القتلى وملايين النازحين والمشردين، وخلقت واقعاً إنسانياً فرضته هذه العصابة التي تهاجم السودانيين»، متحدثاً عن «استقطاب المرتزقة من كل أنحاء العالم ليقاتلوا في السودان». وقال: «نحن حريصون جداً على إيقاف هذه الحرب، وحريصون جداً على استعادة الأمن والسلم للسودانيين، وحريصون على الانخراط في أي مبادرة الهدف منها إيقاف الحرب». ووصف ما قُدِّم من مبادرات في السابق بأنها «لم تكن متوافقة مع الرؤية الوطنية، ولم تكن بصبغة سودانية؛ ولذلك لم تنجح المبادرات، بل فشلت لأنها لم تراعِ مطالب السودانيين». وأكد أن القوات المسلحة السودانية «لن تتخلى عن دورها في ردع المعتدين».

«ليست بين جنرالين»

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو أيام تحالفهما (أرشيفية)

ورداً على سؤالين لـ«الشرق الأوسط» بشأن ما إذا كان مستعداً للتفاوض مع «حميدتي»، قائد «قوات الدعم السريع» من دون أي شروط مسبقة على أساس «اتفاق جدة» الذي رعته المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، وبخصوص اتهامات المجتمع الدولي لـ«الجنرالين» بتقديم مصالحهما الشخصية على المصلحة الوطنية، قال البرهان: «نحن تحدثنا عن تنفيذ ما اتفقنا عليه في جدة. هذه ليست شروطاً مسبقة»، مذكِّراً بأن الطرفين اتفقا وكذلك الوسطاء وافقوا على «بنود محددة فيها خطوات متعلقة بالعمل العسكري والأمني، وفيها خطوات حتى متعلقة بمستقبل العمل السياسي. ووضعنا الآليات اللازمة للتنفيذ، واتفقنا على تشكيل القوات وقيادة القوات، واتفقنا على الميزانية، واتفقنا على كل شيء. نحن الآن نطالب بالتنفيذ. وهذه ليست شروطاً مسبقة». وأضاف: «نحن لن نجلس ما لم يُنَفَّذ ما اتفقنا عليه... لن نجلس مع من يخون العهود».

أما فيما يتعلق باتهامات المجتمع ضد «الجنرالين»، فقال إن «هذه فرية... هذه ليست حرباً بين جنرالين»، بل هي «حرب موجهة ضد الشعب السوداني والدولة السودانية، ما علاقة الجنرال البرهان بهذا الأمر؟! هذه لها علاقة بمحمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي يريد أن يسيطر على السودان عن طريق تشريد أهله، وإحلال سكان آخرين مكانهم»، مشبهاً «اختزال الحدث بوصفه (حرب الجنرالين)، بما حدث في الصومال عندما اختزلوا ما حدث هناك في شَخْصَي (الرئيس الصومالي السابق) علي مهدي محمد و(الجنرال محمد فرح) عيديد؛ ولذلك لم يستقر السودان حتى الآن». وأضاف: «نحن نرفض هذا الحديث من أي جهة تتحدث عن حرب بين الجنرالين». وأكد أن الجيش السوداني «لن يسمح» بمحاولات تقسيم السودان إلى دويلات.

«خريطة طريق»

جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان في يونيو 2024 (الجامعة العربية)

وكان البرهان تحدث أمام الجمعية العامة، يوم الخميس، فوصف «قوات الدعم السريع» بأنها «مجموعة تمردت على الدولة بدعم سياسي ولوجيستي محلي وإقليمي»، وبأنها تتحدى القرارات الدولية، ومنها عدم الامتثال للقرار الخاص بالفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. وإذ أكد أن «حكومة السودان ماضية بعزم في سياساتها لتسهيل العمل الإنساني»، تَحَدَّثَ عن خريطة طريق لإنهاء الحرب في السودان تشمل أولاً إنهاء العمليات القتالية، مؤكداً أن ذلك «لن يحدث إلا بانسحاب الميليشيا المتمردة من المناطق التي احتلتها». وأضاف أن ذلك «تَعْقُبه عملية سياسية شاملة تعيد مسار الانتقال السياسي الديمقراطي، وتضع الحلول المستدامة لملكية وطنية تمنع تكرار الحروب والانقلابات العسكرية». ودعا إلى تصنيف «قوات الدعم السريع» «جماعة إرهابية».

اهتمام عالمي

ممثلون للاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات وسويسرا والأمم المتحدة في صورة جماعية في ختام مناقشات جنيف بخصوص السودان في أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

وكان السودان موضع اهتمام كبير خلال اجتماعات الأمم المتحدة التي شهدت اجتماعاً وزارياً على هامش أعمال الجمعية العامة بعنوان «تكلفة التقاعس: الدعم العاجل والجماعي لتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية في السودان والمنطقة» برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ومصر والأمم المتحدة والاتحادين الأفريقي والأوروبي، بهدف الدعوة إلى إنهاء الحرب، ودعم الاستجابة الإنسانية في السودان والمنطقة.

وتحدثت القائمة بأعمال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة جويس مسويا، عن الحاجة إلى «دفعة دبلوماسية متضافرة لإحداث تغيير جذري في وصول المساعدات الإنسانية، من أجل توصيل الإغاثة بشكل آمن ومبسط وسريع من خلال جميع الطرق الممكنة، سواء عبر الحدود أم خطوط الصراع، ولتيسير العمل اليومي للمنظمات الإنسانية على الأرض لإنقاذ الأرواح».

وحضت الدول الأعضاء على دعم الجهود الرامية إلى زيادة حجم المساعدات عبر معبر أدري من تشاد، وتمديد العمل بهذا الطريق الحيوي إلى ما بعد فترة الأشهر الثلاثة الأولية المسموح بها. وأوضحت أنه في ظل نقص التمويل وأثره على تقويض جهود الاستجابة داخل السودان وفي البلدان المجاورة، تم تخصيص 25 مليون دولار من صندوق الأمم المتحدة المركزي للاستجابة للطوارئ لمعالجة ظروف المجاعة، وانعدام الأمن الغذائي الحاد في السودان.

هدنة في الفاشر

من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)

وطلبت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد من الأطراف المتحاربة قبول «فترات توقف إنسانية للقتال في الفاشر والخرطوم وغيرهما من المناطق المتضررة بشدة للسماح بتدفق المساعدات وفرار المدنيين».

وقالت: «يجب على (قوات الدعم السريع) أن توقف على الفور هجومها المميت على الفاشر»، مضيفة أن «المسؤولية تقع على الطرفين، ويجب عليهما إزالة الحواجز أمام الوصول الإنساني على كل الطرق، ويشمل ذلك فتح معبر أدري بشكل دائم، وضمان حماية وسلامة العاملين الشجعان». وأعلنت تخصيص مبلغ إضافي قدره 424 مليون دولار للاستجابة الإنسانية الطارئة في السودان والدول المجاورة. وأشارت إلى أن الولايات المتحدة أسهمت بملياري دولار منذ بداية هذا الصراع.

الدعم السعودي

من مساعدات «مركز الملك سلمان للإغاثة» في ولاية القضارف بالسودان (أرشيفية - واس)

وكشف المشرف العام على «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» الدكتور عبد الله الربيعة، أن دعم المملكة للسودان بلغ «أكثر من 3 مليارات دولار»، مضيفاً أن «المركز ضاعف جهوده بعد نشوب الحرب حيث نفذ أكثر من 70 مشروعاً إنسانياً بتكلفة تجاوزت 73 مليون دولار بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى». وأضاف أن التحديات وتبعات الأزمة السودانية تستوجب تضافر الجميع لتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين دون قيود مع تنفيذ استجابة مستدامة ومنسقة ووصول آمن وغير مقيد إلى المناطق المتأثرة بالنزاع.

وشدد على ضرورة تعامل المجتمع الإنساني مع الأزمة الإنسانية التي يشهدها السودان بعيداً عن الحسابات السياسية، مشدداً على أن ما يحدث «مأساة إنسانية تستوجب تجاوز الانقسامات». وأكد إمكانية «إحداث تغيير حقيقي يضمن تمتُّع جميع الشعب السوداني بفرص متساوية لإعادة بناء حياته.

ورأى مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون الأمم المتحدة عبيدة الدندراوي، أن «دول جوار السودان تقوم بجهود مضنية للتعامل مع تداعيات الأزمة، من خلال استقبال الملايين من الأشقاء السودانيين، ومشاركة مواردها المحدودة في ظل وضع اقتصادي عالمي بالغ الصعوبة». وكشف أن مصر استقبلت، منذ اندلاع الحرب، 1.2 مليون مواطن سوداني انضموا إلى نحو 5 ملايين سوداني يعيشون في مصر. وذكر أن الحكومة المصرية تقدم لهم مساعدات إغاثية عاجلة ومستلزمات طبية وخدمات أساسية.

ودعت المسؤولة في الاتحاد الأفريقي ميناتا ساماتي سيسوما الطرفين في السودان إلى وقف القتال، مؤكدة أنه «لا يمكن أن يكون هناك فائزون في هذه الحرب». وقال المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إن «النازحين داخل السودان، الذين لا يجدون الرعاية والإغاثة، سيصبحون لاجئين. وقد عبر أكثر من مليوني شخص بالفعل إلى البلدان المجاورة، مثل مصر وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، وهي بلدان تواجه أوضاعها الخاصة من عدم الاستقرار والهشاشة والتحديات الأخرى».


مقالات ذات صلة

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

تصاعدت حدة القتال، الجمعة، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في عدد من الجبهات مع سقوط عشرات القتلى والجرحى خلال الـ24 ساعة الماضية بصفوف الجانبين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
الخليج الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)

الربيعة: السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإعادة الأمل للسودانيين

أكد الدكتور عبد الله الربيعة المشرف على «مركز الملك سلمان للإغاثة» أن السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإيجاد سبل لإعادة الأمل إلى شعب السودان منذ بداية أزمة بلادهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة play-circle 01:27

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس.

محمد أمين ياسين (نيروبي) أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو أيام تحالفهما (أرشيفية)

البرهان: أدعم جهود إنهاء «احتلال» قوات «الدعم السريع» أراضي بالسودان

قال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، اليوم (الخميس)، إنه يؤيد الجهود الرامية لإنهاء الحرب المدمرة في بلده.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا طفلة سودانية أمام أحد مستشفيات «أطباء بلا حدود» في السودان (رويترز)

معدلات موت «صادمة» بين الحوامل جنوب دارفور

دفعت الحرب السودانية المتواصلة معدلات الوفيات بين الحوامل وحديثي الولادة في جنوب دارفور إلى «معدلات صادمة»، وفق ما أفادت به منظمة «أطباء بلا حدود».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

«الجامعة العربية» تطالب بتمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان

أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)
أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة العربية» تطالب بتمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان

أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)
أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)

طالبت جامعة الدول العربية بـ«تمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان». وأعربت عن استعدادها المشاركة في «أي مساعٍ حميدة» من شأنها إنهاء حالة «الاحتراب الأهلي» المستمرة في البلاد منذ أكثر من عام، بحسب إفادة رسمية، الجمعة.

وكثفت «الجامعة العربية» تحركاتها لدعم السودان، على هامش اجتماعات للدورة 79 من الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث عقد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، لقاءً، مساء الخميس، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، جدد خلاله «تأكيد موقف الجامعة الثابت القائم على ضرورة الحفاظ على سيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وصون كل مؤسساته الوطنية»، وفق إفادة رسمية للمتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، جمال رشدي.

وتناولت محادثات أبو الغيط والبرهان «تطورات الوضع على الأرض». وأكد أبو الغيط «جاهزية الجامعة العربية الكاملة لبذل أي مساعٍ حميدة تطلب منها لدعم السلام والاستقرار في السودان».

الأمر نفسه أكده الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، خلال مشاركته في اجتماع بشأن «سبل الاستجابة الإنسانية في السودان»، عُقد أيضاً على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث أعرب زكي، في كلمته، عن «استعداد جامعة الدول العربية للتنسيق والتعاون بشأن أسرع وأفضل السبل والآليات لإنهاء حالة الاحتراب الأهلي وصون مؤسسات البلاد الوطنية ومقدراتها، ودعم استعادة السلام والأمن في السودان».

وشدد الأمين العام المساعد على أن «الوضع الإنساني المتدهور وازدياد تهديدات المجاعة وانعدام الأمن الغذائي وندرة الأدوية المنقذة للحياة، كل ذلك يتطلب ضرورة الدعم المالي العاجل لتمويل خطط منسقة عاجلة وقصيرة المدى لتوريد المساعدات الغذائية واستعادة سبل العيش، وإنقاذ الموسم الزراعي».

وفي اجتماع آخر عقد بنيويورك أيضاً، حول «دعم السلام في السودان»، أكد زكي «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية»، مشدداً في هذا الإطار على أن «إنشاء آليات لمراقبة وقف إطلاق النار وحماية المدنيين السودانيين ومنع تدفق الأسلحة وفقاً لقرارات مجلس الأمن، مسؤولية سودانية كاملة».

متطوع يوزّع الطعام على النازحين في أحد أحياء أم درمان بالسودان (أرشيفية - رويترز)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023، حرباً داخلية بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة. وتزامن ذلك مع تحذيرات دولية وأممية من «خطر المجاعة» في البلاد.

وعولت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتورة أماني الطويل، على التحركات العربية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بشأن السودان «كوسيلة فاعلة لدعم فكرة التفاوض، عبر البناء على المجهودات السابقة في هذا المجال»، لكنها في الوقت نفسه رهنت نجاح تلك الجهود بـ«نوايا الأطراف الداخلية». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «اجتماعات جنيف شهدت تحضيرات على مستويات عدة، لكنها أجهضت في النهاية بسبب الإرادة الداخلية لطرفي الصراع على الأرض».

واستضافت مدينة جنيف السويسرية، في أغسطس (آب) الماضي، محادثات دولية هدفت إلى وقف إطلاق النار في السودان، ووضع الحلول للأزمة الإنسانية الناتجة عنها، بمشاركة وفد «قوات الدعم السريع»، وغياب ممثلين عن الجيش السوداني، وبحضور أميركي وسعودي وسويسري ومصري وإماراتي، إلى جانب الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. لكنها لم تخلص إلى اتفاق على وقف الحرب.

جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان يونيو 2024 (الجامعة العربية)

وكانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قد أبدت نوعاً من الامتعاض إزاء عدم دعوتها لمحادثات جنيف. وقالت، في إفادة رسمية في حينها، إن «دعوتها، التي لم تصل - حتى الآن - للمشاركة في الجهد المطلق بجنيف، هي بمثابة تطبيق لقرار مجلس الأمن رقم 2736 بتاريخ 13 يونيو (حزيران) 2024. وأشارت إلى أن الفقرة الثامنة من قرار مجلس الأمن تنص على «التواصل المنسق مع الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية الأخرى للمساعدة في النهوض بالسلام بالسودان».

عودة إلى الطويل التي أكدت أن «الجامعة العربية لها دور مهم في تحريك المسألة السودانية، لا سيما أن وجودها يعكس التنوع السوداني». وقالت: «لم يكن هناك معنى لاستبعاد الجامعة العربية من محادثات جنيف، لا سيما مع حضور الاتحاد الأفريقي؛ إلا إذا كانت هناك مساعٍ لخلق معادلة سياسية مختلفة في السودان، وهو أمر غير مقبول». وأضافت أن «الجامعة العربية تفاعلت مع الأزمة منذ بدايتها، واستضافت اجتماعات عدة في هذا الصدد، من بينها اجتماع لتنسيق المبادرات المتعلقة بحلحلة الأزمة».

وفي يونيو الماضي، استضافت جامعة الدول العربية اجتماعاً إقليمياً - عربياً لمناقشة سبل تنسيق الجهود الرامية لاستعادة السلم والاستقرار في السودان، دعا إلى تنفيذ «إعلان جدة» الإنساني. وكانت مدينة جدة السعودية استضافت مفاوضات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، في مايو (أيار) 2023، خلصت إلى اتفاق أطلق عليه «إعلان جدة - الالتزام بحماية المدنيين في السودان»، وعقدت بعد ذلك عدة جولات لم تحقق تقدماً.