ساويرس يجدد الجدل حول تعيين بطرس غالي بمنصب اقتصادي في مصر

رجل الأعمال وصف القرار بـ«الصائب»... ومدونون يذكرونه بـ«أموال المعاشات»

يوسف بطرس غالي (أرشيفية)
يوسف بطرس غالي (أرشيفية)
TT

ساويرس يجدد الجدل حول تعيين بطرس غالي بمنصب اقتصادي في مصر

يوسف بطرس غالي (أرشيفية)
يوسف بطرس غالي (أرشيفية)

جدد رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، الجدل حول تعيين وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي، عضواً في «المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية» التابع لرئاسة الجمهورية، عبر تدوينة على موقع «إكس»، وصف فيها القرار بـ«الصائب»، مؤكداً أن غالي «ضليع في الاقتصاد».

وتعاني مصر من أزمة اقتصادية، دفعت البلاد للاتفاق على برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي؛ للحصول على قرض قيمته 8 مليارات دولار في غضون ثلاث سنوات، مع تحول البلاد إلى نظام سعر صرف مرن، وتنفيذ إجراءات لرفع تدريجي للدعم. (الدولار يساوي 48.37 جنيه في البنوك المصرية).

وواجه ساويرس انتقادات عديدة على التدوينة التي دعم فيها غالي، الذي شغل مناصب عدة في حكومات متعاقبة إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وغادر البلاد إلى لندن قبيل محاكمته (غيابياً) في قضايا عدة تضمنت التحفظ على أمواله، وصدور أحكام ابتدائية ألغيت من محكمة النقض، وتمت تبرئته منها بأحكام متلاحقة.

ووجه مغردون اتهامات لغالي بـ«المسؤولية عن ضم أموال التأمينات إلى وزارة المالية، مما أدى إلى فقدان معظمها، بالإضافة إلى إلغاء الضريبة على الأرباح الرأسمالية، مما أضاع على الدولة مليارات الجنيهات مع تنفيذ صفقات بيع كبرى في البورصة من دون سداد الضرائب للدولة».

لكن مغردين آخرين دافعوا عن غالي، بقولهم إن «ضم أموال التأمينات لوزارة المالية أمر منصوص عليه في القانون الصادر عام 1975». وأن «تحركاته في الملف هدفت إلى ضم عجز صناديق التأمينات إلى عجز الموازنة حتى لا يتأخر تمويل المعاشات»، بينما أرجعوا عدم تطبيق الضريبة إلى «رفض البرلمان تطبيقها مرتين، في عامي 2005 و2007».

وغالي، هو نجل شقيق الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي. وعاد إلى مصر بعد تبرئته من عدة قضايا فساد، بعدما قضى نحو 13 عاماً في بريطانيا، في أعقاب أحداث «25 يناير» 2011.

ورغم عدم إغفال خبرته السياسية، فإن عضوة «لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة سميرة الجزار، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «غالي نفذ قرارات خاطئة استمرت تبعاتها، خصوصاً فيما يتعلق بأموال التأمينات التي لم تُدر بالشكل الأفضل خلال توليه وزارة المالية، وجرى إدخالها لمحاولة معالجة عجز الموازنة». وتعجبت من «قرار الاستعانة به في الوقت الحالي».

وأضافت أن «هناك شخصيات اقتصادية أخرى متعددة مشهود لها بالكفاءة، ويمكن أن تقدم رؤى واقعية، وفي الوقت نفسه لم تكن شريكة في اتخاذ قرارات خاطئة في أوقات سابقة»، لافتة إلى أن «طبيعة دور المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية وتأثيره على السياسات الاقتصادية، لم تتضح بعد بشكل كامل».

ويختص «المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية» بدراسة واقتراح السياسات الاقتصادية والإنتاجية في البلاد والخطط العلمية، بما يتضمن تنمية القدرة الإنتاجية، وحسن استخدام الموارد.

وأشار الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، إلى أن حديث ساويرس عن غالي «ربما يكون مدفوعاً بمعرفة شيء لا يعرفه غيره». وتعجب من «قرار الاستعانة بالوزير الأسبق في ظل كثرة الأحاديث التي تحيط به وتصرفاته خلال فترات سابقة، حتى لو حصل على براءة من الناحية القانونية»، مشيراً إلى «وجود كثير من الأشخاص الذين يمكن الاستعانة بهم في الملف الاقتصادي، وربما يشكلون فائدة أكبر من الاستعانة بشخص لم يكن في البلاد منذ سنوات طويلة».

وتولى غالي وزارات عدة خلال فترة حكم مبارك، آخرها «المالية» في حكومة أحمد نظيف، كما تولى وزارة الاقتصاد بين عامي 1997 و1999، وعُين وزيراً للدولة للشؤون الاقتصادية من عام 1996 إلى 1997، كما تولى وزارة التعاون الدولي، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء.

ودافع ساويرس عن غالي في تدوينة أخرى رداً على اتهامات له بالسرقة، مؤكداً أنه «حصل على أحكام بالبراءة من القضاء المصري بعد سنوات من المعاناة».


مقالات ذات صلة

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا صورة جماعية لقادة قمة «الدول الثماني النامية» داخل القصر بـ«العاصمة الإدارية» (الرئاسة المصرية)

مصر: «العاصمة الإدارية» تنفي بناء قصر الرئاسة الجديد على نفقة الدولة

أكد رئيس مجلس إدارة شركة «العاصمة الإدارية الجديدة» أن «خزانة الدولة لم تتحمل أي أعباء مالية عند بناء القصر الجديد».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس السيسي في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

صفقة سلاح أميركية جديدة لمصر تعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

أعلنت الحكومة الأميركية أنها وافقت على بيع معدات عسكرية لمصر تفوق قيمتها خمسة مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
TT

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد، بما يضمن التمهيد لإجراء الانتخابات العامة بالبلاد.

وجاء الاتفاق، الذي توصّل له المجتمعون في مدينة بوزنيقة المغربية، بعد أيام قليلة من طرح المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، «مبادرة جديدة»، تستهدف كسر الجمود الراهن بالأزمة السياسية، والمضي قدماً نحو إجراء الاستحقاق الانتخابي المنتظر.

من جلسة سابقة لأعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

ووسط تباين ردود الفعل حول مخرجات اجتماع المجلسين، بين مرحّب بها، بوصفها «خطوةً لتجاوز الأزمة السياسية»، ومَن عدّها تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري، ومحاولة مكررة من البرلمان لإزاحة حكومة «الوحدة الوطنية»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، في ضوء تصاعد الخصومة بينهما، تركزت التساؤلات حول مدى إمكانية تفعيل مخرجات هذا الاتفاق، خصوصاً في ظل افتقاره لأي دعم دولي أو إقليمي.

بداية، يرى رئيس لجنة الشؤون السياسية بالمجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن اجتماع بوزنيقة التشاوري هو «امتداد لسلسلة اجتماعات سابقة، عقدها أعضاء بالبرلمان مع كتلة من أعضاء (الأعلى للدولة) في كل من تونس والقاهرة خلال الأشهر الماضية»، مشيراً إلى أنها «لم تسفر عن أي جديد، ولم يتم تنفيذ أي من مخرجاتها، التي تَقدَّمها أيضاً مقترح تشكيل حكومة جديدة، ودعوة البرلمان لفتح باب الترشح لرئاستها».

ويعتقد معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «الهدف الرئيسي لهؤلاء المجتمعين، الذين تجاوز عددهم 50 شخصاً، هو تغيير الحكومة القائمة بطرابلس، وليس العمل على الوصول للانتخابات»، لافتاً إلى أن بنود الاتفاق «تجاهلت الاعتراضات على القانونَين المنظِّمَين للاستحقاق الانتخابي». كما تم «التغافل عن سعي خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة المسائل العالقة بالقانونَين».

عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي (مجلس النواب)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة» ومقرها طرابلس، والأخرى مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.

ويعدّ ملف تشكيل «حكومة جديدة» من القضايا الخلافية بين القوى والأطراف الرئيسية في ليبيا، حيث يتمسّك البرلمان بضرورة تشكيلها بهدف إجراء الانتخابات، لكن في المقابل يرفض الدبيبة القوانين الانتخابية التي أقرّها البرلمان، ويصفها بأنها «غير عادلة»، ويطالب بقوانين تُجرى على أساسها الانتخابات، وبعدها يُسلِّم السلطة.

وانتقدت بعض الأوساط السياسية تغافل المجتمعين في بوزنيقة وجود نزاع منظور أمام القضاء، منذ 4 أشهر على رئاسة «الأعلى للدولة»، بين كل من خالد المشري ومحمد تكالة، ومعارضة الأخير لأي تقارب مع البرلمان قبل تعديل القوانين الانتخابية.

خالد المشري (المكتب الإعلامي للمجلس)

من جانبه، ذهب الناشط السياسي الليبي، أحمد التواتي، إلى أن ما ورد في بنود اتفاق المجلسين في بوزنيقة من «تشكيل لجان مختلفة لوضع تقارير خلال شهر حول كيفية معالجة قضايا متجذرة، منها محاربة الفساد، وإعادة تكليف المناصب السيادية، يثير كثيراً من التساؤلات حول أهداف ونوايا المجلسين، قبل قدرتهما على تفعيل تلك المخرجات».

وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان المجلسان لا يهدفان للتشويش على مبادرة خوري، بالعمل على استنزاف الوقت لحين انتهاء مهمة البعثة في نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، فهذا يعني أنهما عرقلا طيلة السنوات السابقة التوافق بينهما بشأن معالجة الملفات المصيرية، التي كانت سبباً في معاناة الليبيين». واستبعد التواتي أن يؤدي هذا الاتفاق «لتحقيق هدف المجتمعين، المتمثل في إزاحة حكومة الدبيبة؛ التي جاءت باتفاق سياسي برعاية أممية، وفي الأغلب لن تغادر دون اتفاق مماثل».

ليبيون عدّوا مخرجات اجتماع بوزنيقة تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري (البعثة)

بالمقابل، دافع عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، عن الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في المغرب، عادّاً أنه «سيقود البلاد نحو إجراء الانتخابات».

وقال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجان التي انتهى إليها الاتفاق بدأت عملها؛ وبعد شهر ستضع رؤيتها لمعالجة كثير من القضايا التي سبق أن عرقلت إجراء الانتخابات»، ومن بينها توفير الموارد لمشروع التعداد الوطني.

وانتقد الزرقاء ما يتردد حول أن مخرجات بوزنيقة «هي خطوة لعرقلة مبادرة خوري»، وقال موضحاً: «بالعكس من ذلك... الاتفاق بمثابة خطة داعمة للمبادرة. واجتماع ممثلي المجلسين يرسخ استعادة القوى الوطنية زمام المبادرة لحل الأزمة السياسية، بعيداً عن أي تدخلات دولية».

ورغم إقراره بوجود خصومة بين البرلمان وحكومة الدبيبة، فقد شدَّد الزرقاء على أن «الهدف الرئيسي للاجتماع هو إيجاد حكومة موحدة تمهِّد للانتخابات، ومن ثم ستزيح الدبيبة وأيضاً حكومة أسامة حماد».

وانضم الزرقاء إلى آراء كثيرين من أعضاء البرلمان، الذين اعترضوا على دعوة خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة القضايا العالقة بقانونَي الانتخابات، موضحاً أن القوانين التي أقرّها البرلمان «هي نتاج لجنة مؤلفة من أعضاء المجلسين، ومعظمهم شارك في اجتماع بوزنيقة، وتوافقوا حول مخرجاته، وهو ما يفنِّد الاحتياج للجنة جديدة».

وأوضح: «نفضِّل أن تركز البعثة في مساعدة الليبيين على الوصول للاستحقاق، عبر دعم حلول وطنية، لا المساس بقوانين تم إقرارها من سلطة تشريعية منتخبة، وصرَّحت المفوضية الوطنية للانتخابات بأنها قابلة للتنفيذ».