الأمم المتحدة تندد بـ«جحيم» يعيشه السودانيون في ظل الحرب

نازحون سودانيون في مخيم القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
نازحون سودانيون في مخيم القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تندد بـ«جحيم» يعيشه السودانيون في ظل الحرب

نازحون سودانيون في مخيم القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
نازحون سودانيون في مخيم القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عن «قلقه البالغ» حيال «تصعيد» النزاع في السودان، بينما نددت الجمعيات الإنسانية بـ«الجحيم» الذي يعيشه المدنيون في هذا البلد، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعرب غوتيريش للبرهان خلال لقاء بينهما، أمس (الأربعاء)، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عن «قلق بالغ إزاء تصعيد النزاع في السودان»، مندداً بـ«تداعياته المدمّرة على المدنيين السودانيين ومخاطر تمدّده إقليمياً»، وفق ما أفاد المتحدث باسم الأمين العام في بيان.

كذلك بحث المسؤولان «الحاجة إلى وقف إطلاق نار فوري ودائم» والسماح بوصول الإغاثة الإنسانية إلى المدنيين «دون عوائق».

وحذّر المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، أمس، من أن الأوضاع مروعة في السودان.

وقال: «إذا لم يمت الناس بالرصاص، فإنهم يموتون من الجوع. وإذا تمكنوا من البقاء على قيد الحياة، يواجهون الأمراض أو الفيضانات أو التهديد بالعنف الجنسي وغيرها من الانتهاكات المروعة التي لو ارتكبت في أماكن أخرى لتصدرت عناوين الصحف اليومية، في حين لا يحصل هذا هنا».

والسودان من بين الملفات التي تتصدر جدول أعمال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، ويهيمن تدهور الأوضاع الإنسانية وأزمة اللاجئين على المناقشات المتعلقة بالسودان.

وانزلق هذا البلد إلى حرب مدمّرة العام الماضي بين الجيش بقيادة البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب بـ«حميدتي».

وتسببت الحرب حتى الآن بسقوط عشرات آلاف القتلى ونزوح أكثر من عشرة ملايين شخص لجأ أكثر من مليونين منهم إلى دول أخرى، فيما يعاني نحو 26 مليون سوداني يمثلون نصف السكان من انعدام حاد في الأمن الغذائي، بحسب الأمم المتحدة.

«حرب لا معنى لها»

في كلمتها خلال مؤتمر حول السودان عُقد، أمس، في مقر الأمم المتحدة، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد إن «هذه الكارثة الإنسانية هي من صنع الإنسان، ناجمة عن حرب لا معنى لها أدت إلى عنف لا يوصف، وعن الحرمان القاسي لضحاياها من الغذاء والماء والدواء».

وأعلنت عن مساعدة جديدة بقيمة 424 مليون دولار للسودانيين ومن ضمنهم اللاجئون خارج بلادهم.

وأكدت أن «الاغتصابات والتعذيب والتطهير الإثني واستخدام الجوع سلاحاً، كلها غير مقبولة»، داعية إلى «عدم غض الطرف» عما يجري في السودان.

ودعت وكالات تابعة للأمم المتحدة ودول أعضاء خلال المؤتمر إلى اتخاذ «تدابير ملموسة»، ولا سيما لحماية المدنيين وزيادة المساعدات الإنسانية غير الكافية إطلاقاً لسد الحاجات.

وقالت جويس مسويا، القائمة بأعمال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، إن «الشعب في السودان عاش الجحيم على مدى 17 شهراً، والمعاناة في تزايد»، معلنة تخصيص 25 مليون دولار من صندوق الأمم المتحدة للطوارئ من أجل مكافحة المجاعة في هذا البلد.

وقالت «منظمة الصحة العالمية» هذا الشهر إنّ عدد القتلى في السودان بلغ 20 ألف شخص على الأقل. لكن بعض التقديرات تشير إلى حصيلة أعلى من ذلك بكثير. وقال المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو إن عدد القتلى ربما وصل إلى 150 ألف شخص.

وحذّر تقرير لهيئة مدعومة من الأمم المتحدة من خطر تفشي المجاعة على نطاق واسع في السودان على نحو لم يشهده أي مكان في العالم منذ عقود.

وسمحت السلطات السودانية مؤخراً بإعادة فتح معبر أدري على الحدود مع تشاد للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى منطقة دارفور المهددة بالمجاعة، غير أن المساعدات لا تزال غير كافية.

من جهتها، دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا إلى وقف إطلاق نار فوري، مبدية قلقها حيال التدخلات الأجنبية.

وأعلنت في بيان مشترك أن على «الأطراف الأجنبية» أن «تمتنع عن تقديم دعم عسكري للأطراف المتحاربة».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

عمَّق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، من الفجوة في العلاقات بين الجزائر وباريس، إلى حد يصعب معه توقع تقليصها في وقت قريب، حسب تقدير مراقبين.

ومنذ السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يوجد الكاتب السبعيني في مقار الأمن الجزائري، حيث يجري استجوابه حول تصريحات صحافية أطلقها في فرنسا، حملت شبهة «تحقير الوطن»، على أساس مزاعم بأن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها مرتكبين بذلك حماقة». كما قال إن «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، «من صنع الجزائر لضرب استقرار المغرب».

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وكان يمكن أن تمر «قضية صنصال» من دون أن تسهم في مزيد من التصعيد مع فرنسا، لولا ما نسبته وسائل إعلام باريسية للرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه «قلق» من اعتقال مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، وبأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.

وهاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة الأحد، في معظمها، الطيف السياسي الفرنسي، بسبب «تعاطف اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني»، مع الكاتب، قياساً إلى قربه من هذه الأوساط منذ سنين طويلة، وقد أكد ذلك بنفسه، بموقفه المؤيد للعدوان الإسرائيلي على غزة، منذ «طوفان الأقصى» (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فضلاً عن معارضته مطلب سلطات بلده الأصلي، الجزائر، «باعتراف فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار» (1830- 1962).

وتزامنت «أزمة صنصال» مع أزمة كاتب فرنسي جزائري آخر، هو كمال داوود، الفائز منذ أسابيع قليلة بجائزة «غونكور» المرموقة عن روايته «حور العين». وفجَّر هذا العمل الأدبي غضباً في الجزائر، بحجة أنه «انتهك محظور العشرية السوداء»؛ بسبب تناول الرواية قصة فتاة تعرضت للذبح على أيدي متطرفين مسلحين. علماً أن جزائرية أعلنت، الخميس الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد كمال داوود بتهمة «سرقة قصتها» التي أسقطها، حسبها، على الشخصية المحورية في الرواية.

كما يلام داوود الذي عاش في الجزائر حتى سنة 2021، على «إفراطه في ممارسة جلد الذات إرضاءً للفرنسيين»، خصوصاً أنه لا يتردد في مهاجمة الجزائريين بسبب «العنف المستشري فيهم». ولامس داوود التيار العنصري والتيارات الدينية في فرنسا، بخصوص الحرب في غزة. وصرح للصحافة مراراً: «لا أنتمي إلى جيل الثورة، وعلى هذا الأساس لست معنياً بمسألة تجريم الاستعمار والتوبة عن ممارساته».

ويرى قطاع من الجزائريين أن فرنسا منحت داوود جنسيتها (عام 2020 بقرار من الرئيس ماكرون)، «في مقابل أن يستفز بلاده في تاريخها وسيادتها (الذاكرة والاستعمار)، ويثخن في جرح غائر (مرحلة الاقتتال مع الإرهاب) لم تشفَ منه بعد».

الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكانت العلاقات بين البلدين معقَدة بما فيه الكفاية منذ الصيف الماضي، عندما سحبت الجزائر سفيرها من باريس؛ احتجاجاً على اعترافها بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وحينها شجبت «قيام حلف بين الاستعمار القديم والجديد»، وتقصد البلدين، علماً أن العلاقات بين العاصمتين المغاربيتين مقطوعة رسمياً منذ 2021.

وفي الأصل، كان الخلاف الجزائري - الفرنسي مرتبطاً بـ«الذاكرة وأوجاع الاستعمار»، وهو ملف حال دون تطبيع العلاقات بينهما منذ استقلال الجزائر عام 1962. وقامت محاولات لإحداث «مصالحة بين الذاكرتين»، على إثر زيارة أداها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، لكن «منغصات» كثيرة منعت التقارب في هذا المجال، منها مساعٍ أطلقها اليمين التقليدي واليمين المتشدد، خلال هذا العام، لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يسيّر مسائل الإقامة والدارسة والتجارة و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وعدَّت الجزائر هذا المسعى بمثابة استفزاز لها من جانب كل الطبقة السياسية الفرنسية، حكومة وأحزاباً، حتى وإن لم يحققوا الهدف. ومما زاد العلاقات صعوبة، رفض فرنسا، منذ أشهر، طلباً جزائرياً لاسترجاع أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، المحجوزة في قصر بوسط فرنسا، حيث عاش قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، أسيراً بين عامي 1848 و1852. وتسبب هذا الرفض في إلغاء زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس، بعد أن كان تم الاتفاق على إجرائها خريف هذا العام.