​توقعات بحسم أزمة المصرف المركزي الليبي

وسط دعوة أميركية جديدة لتعيين «حكومة انتقالية»

المنفي خلال لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية (المجلس الرئاسي)
المنفي خلال لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية (المجلس الرئاسي)
TT

​توقعات بحسم أزمة المصرف المركزي الليبي

المنفي خلال لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية (المجلس الرئاسي)
المنفي خلال لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية (المجلس الرئاسي)

وسط توقعات بالتوصل لاتفاق ينهي أزمة مصرف ليبيا المركزي خلال اجتماع ممثلي مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة»، الأربعاء، برعاية أممية في العاصمة طرابلس، قبلت محكمة استئناف جنوب طرابلس طعن محمد تكالة، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، بشأن بطلان وعدم صحة جلسة انتخابات رئاسة المجلس، وقررت وقف تنفيذ القرار المطعون فيه «جلسة انتخاب الرئيس ومخرجاتها» لحين الفصل في موضوع الدعوى.

محمد تكالة الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة (إ.ب.أ)

ولم يعلق خالد المشري، الذي أعلن فوزه برئاسة المجلس، في انتخابات مثيرة للجدل، كما التزم تكالة الصمت حيال هذا الحكم القضائي، الذي من شأنه إبقاء المجلس الأعلى للدولة من دون رئاسة، إلى حين النظر في الحكم النهائي.

وبدأ ممثلو مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة»، الأربعاء، مشاورات جديدة حول أزمة المصرف المركزي، بحضور ممثل عن المجلس الرئاسي بمقر البعثة الأممية بطرابلس. وهذا هو الاجتماع الثالث من نوعه على التوالي منذ اندلاع هذه الأزمة، بعدما أقال المجلس الرئاسي بشكل مفاجئ الصديق الكبير، محافظ المصرف من منصبه، وعيّن آخر اعترض عليه مجلسا «الدولة» و«النواب».

الصديق الكبير (رويترز)

ونقلت «وكالة الأنباء الليبية» الرسمية عن مصادر قولها إن بعثة الأمم المتحدة تستضيف محادثات جديدة بشأن أزمة المصرف المركزي، وتوقعت أن يوافق المجلس الرئاسي على تعيين محافظ جديد خلال هذه الفترة، وسط ضغوط دولية ومحلية زائدة لإنهاء هذه الأزمة، التي لاحظت أنها تهدد بعرقلة واردات السلع الأساسية والأدوية، بعد رفض البنوك الأجنبية قبول المعاملات من الإدارة الجديدة المعينة من الرئاسي للمصرف المركزي.

خالد المشري (الشرق الأوسط)

وروجت مصادر برلمانية لحل يتضمن تشكيل لجنة برئاسة ناجي عيسى، مدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد بالمصرف، ومرعى البرعصي لإدارة المصرف مؤقتاً، على ألا يتم اتخاذ القرارات إلا بحضور أعضاء مجلس الإدارة، مشيرة إلى أن المحافظ المُقال من منصبه سيحضر مراسم التسليم والتسلم.

وجرى تسريب مسودة أولية لاتفاق بهذا الشأن، وسط صمت البعثة الأممية الراعية للمفاوضات بين ممثلي مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة».

البنك المركزي بطرابلس (رويترز)

في سياق قريب، قال ريتشارد نورلاند، السفير والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، إنه لا بد من تعيين حكومة انتقالية لتحقيق الشفافية والمحاسبة في ليبيا. وأعرب في تصريحات تلفزيونية، مساء الثلاثاء، عن أمله في استئناف المسار السياسي، وإجراء انتخابات شفافة في ليبيا.

وبعدما دعا لإعداد خريطة طريق لإجراء الانتخابات المؤجلة. قال إنه «يجب إنهاء أزمة المصرف المركزي»، لافتاً إلى أن هناك «شكوكاً من المجتمع الدولي حول ما يحصل في المصرف... وهذه الأزمة تُظهر مدى الانقسامات في ليبيا، وتعمق من الأزمة الاقتصادية»، ومؤكداً أنه من المهم التعامل مع البعثة الأممية لإيجاد توافق بشأن محافظ المصرف.

بدوره، قال جيرمي برنت، القائم بأعمال السفارة الأميركية، إنه وسيليست والاندر مساعدة وزير الدفاع الأميركي، وجون برينان نائب قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، ناقشوا في اجتماعين منفصلين مع المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، وعدد من كبار قادته في بنغازي، وعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» ووزير دفاعها بالإنابة، بحضور وقادة عسكريين ودفاعيين ليبيين آخرين في طرابلس، ما وصفه بـ«الشراكة المتنامية للحكومة الأميركية مع القوات العسكرية الليبية في جميع أنحاء البلاد، فضلاً عن دعم الولايات المتحدة للجهود الليبية لإعادة توحيد المؤسسات الأمنية، وحماية سيادة ليبيا، وتعزيز الاستقرار».

رئيس المجلس الرئاسي خلال لقاء مع ولي عهد الكويت في نيويورك (المجلس الرئاسي)

إلى ذلك، أكد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، أنه بحث، الأربعاء، بمدينة نيويورك مع الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، ولي عهد الكويت، العلاقات الثنائية، والوضع السياسي في ليبيا، والخطوات العملية المتخذة لتحقيق الاستقرار عبر إجراء انتخابات شاملة يُشارك فيها كل الليبيين.

ونقل المنفي عن ولي عهد الكويت دعمه له في كل الخطوات، التي من شأنها أن تُعزز الأمن والسلام في ليبيا، رافضاً كل أشكال التدخل الخارجي السلبي في الشأن الداخلي، بينما أشاد المنفي بموقف الكويت الثابت تجاه القضية الليبية الكامل للحل الليبي الليبي، مؤكداً مواصلة المحادثات مع كل الأطراف المعنية بليبيا، بهدف التوصل لحل وتسوية، بحيث يفضي ذلك إلى انتخابات برلمانية ورئاسية للانتهاء من كل المراحل الانتقالية.

من جهته، قال عبد الله اللافي، نائب المنفي، إنه بحث، مساء الثلاثاء، مع أعيان وحكماء الرياينة، ملفات الخدمات ببعض القطاعات الحيوية، وسبل تحسينها من خلال الجهات التنفيذية المختصة، كما بحث معهم مساهمة الأعيان والحكماء في تعزيز قيم المصالحة في المجتمع.

ونقل اللافي عن الوفد دعمه الكامل لجهود «الرئاسي» في إعادة الاستقرار للبلاد، والمصالحة، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي، في الوصول إلى إجراء الاستحقاقات الانتخابية.


مقالات ذات صلة

اتفاق يطوي أزمة «المركزي» الليبي

شمال افريقيا جانب من الحضور خلال توقيع اتفاق ينهي أزمة الصراع على مصرف ليبيا المركزي (البعثة الأممية)

اتفاق يطوي أزمة «المركزي» الليبي

بحضور دبلوماسي عربي وغربي، وقّع ممثلان عن مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا اتفاقاً يقضي بتعيين محافظ مؤقت للمصرف المركزي ونائب له.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا تكالة والمشري خلال انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة عام 2023 (المجلس)

المشري يتهم تكالة بـ«اغتصاب السلطة»... إلى أين يتجه «الدولة» الليبي؟

في تصعيد جديد على مسار الصراع بشأن رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، اتهم خالد المشري غريمه محمد تكالة بـ«اغتصاب السلطة وانتحال صفة رئيس المجلس».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا البنك المركزي بطرابلس (رويترز)

تسوية بين الأطراف الليبية لمعالجة أزمة المصرف المركزي

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الأربعاء، التوصل إلى تسوية بين الأطراف الليبية لمعالجة أزمة إدارة المصرف المركزي الذي يشهد تنازعاً على السلطة.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا بات جُلّ الليبيين يتخوّفون من تغوّل «السوق الموازية» على قدراتهم الشرائية (أ.ف.ب)

ليبيون يتخوّفون من تغوّل «السوق الموازية» على قدراتهم الشرائية

أغلقت السلطات المحلية سوق المشير، مساء الاثنين الماضي، سعياً للتحكم في سعر صرف الدولار بالسوق الموازية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا سوق المشير لبيع وشراء الدولار بالعاصمة الليبية طرابلس قبل إغلاقه (جمال جوهر)

ليبيا: سلطات طرابلس لمواجهة «السوق السوداء» للدولار

صعّدت السلطات الأمنية بالعاصمة الليبية مواجهة المضاربات على الدولار في «السوق السوداء»، وأقدمت على إغلاق محال بيع وشراء العملات الأجنبية في سوق المشير.

جمال جوهر (القاهرة)

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة
TT

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس، في أكبر عملية لاستعادة العاصمة منذ بداية الحرب المستمرة لنحو17 شهراً بينه وبين «قوات الدعم السريع». وتركز الصراع، يوم الخميس، على ثلاثة جسور استراتيجية في العاصمة المثلثة، وهي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا». وجاء هجوم الجيش، الذي فقد السيطرة على معظم أنحاء العاصمة في بداية الصراع، قبل كلمة من المقرر أن يلقيها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ومنذ اندلاع الحرب في البلاد أبريل (نيسان) 2023 تسيطر «قوات الدعم السريع» بالكامل على مدينة الخرطوم، بما في ذلك المواقع العسكرية والسيادية، وتحاصر مقر القيادة العامة للجيش الواقع شرق المدينة. وذكر شهود أن قصفاً عنيفاً واشتباكات اندلعت عندما حاولت قوات من الجيش عبور جسور فوق نهر النيل تربط المدن الثلاث المتجاورة التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى، وهي الخرطوم وأم درمان وبحري. والجسور الثلاثة التي تركز حولها القصف هي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا».

أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

تحليق الطيران

وقال سكان إن الجيش يقوم بقصف مدفعي عنيف وقصف جوي على منطقتَي الحلفايا وشمبات، في حين يحلق الطيران بكثافة، خاصة في مناطق المزارع المحيطة بجسر الحلفايا من جهة بحري. كما أظهرت مقاطع فيديو دخاناً أسود اللون يتصاعد في سماء العاصمة، وسط دوي أصوات المعارك في الخلفية. وقالت مصادر عسكرية لوكالة «رويترز» إن قوات الجيش عبرت جسوراً في الخرطوم وبحري، في حين قالت «قوات الدعم السريع» إنها أحبطت محاولة الجيش عبور جسرين إلى الخرطوم.

وتأتي الاشتباكات المتجددة في وقت يحتل ملف النزاع المتواصل في السودان مرتبة متقدمة على جدول أعمال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وأزمة اللاجئين.

واستعاد الجيش بعض الأراضي في أم درمان في وقت سابق من هذا العام، لكنه يعتمد في الغالب على المدفعية والغارات الجوية، ولم يتمكن من طرد «قوات الدعم السريع» التي هي أكثر كفاءة على الأرض، من مناطق أخرى من العاصمة.

مستشفى الفاشر من الخارج (صفحة حاكم إقليم دارفور في «فيسبوك»)

مخاوف في دارفور

في غضون ذلك، واصلت «قوات الدعم السريع» إحراز تقدم في أجزاء أخرى من السودان في الأشهر القليلة الماضية في صراع تسبب في أزمة إنسانية واسعة النطاق، ونزوح أكثر من 10 ملايين شخص، ودفع مناطق من البلاد إلى الجوع الشديد أو المجاعة. وتعثرت جهود دبلوماسية تبذلها الولايات المتحدة وقوى أخرى، ورفض الجيش حضور محادثات كانت مقررة الشهر الماضي في سويسرا.

واشتدت المعركة هذا الشهر للسيطرة على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان. وتحاول «قوات الدعم السريع» التقدم من مواقع تحيط بالمدينة لمواجهة الجيش وجماعات متمردة سابقاً متحالفة معه. والفاشر هي آخر معاقل الجيش في دارفور حيث تقول الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إن الوضع الإنساني حرج جداً، وهي واحدة من 5 عواصم ولايات في إقليم دارفور والوحيدة التي لم تسقط في أيدي «قوات الدعم السريع». وطالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأمين العام للمنظمة أيضاً بإنهاء حصار الفاشر، حيث يعيش أكثر من 1.8 مليون من السكان والنازحين. وفي سبتمبر (أيلول) أعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدد القتلى لا يقل عن 20 ألف شخص منذ بداية الصراع، لكن بعض التقديرات تصل إلى 150 ألف ضحية، وفقاً للمبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو. كما نزح أكثر من 10 ملايين شخص؛ أي نحو 20 في المائة من السكان، بسبب القتال، أو أُجبروا على اللجوء إلى دول مجاورة. وتسبّب النزاع في أزمة إنسانية هي من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة.

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)

جسور العاصمة المثلثة

يقسّم نهر النيل ورافداه؛ النيل الأزرق والنيل الأبيض، العاصمة السودانية الخرطوم إلى ثلاث مدن؛ الخرطوم وتقع إلى الجنوب بين نهرَي النيل الأزرق والنيل الأبيض، وملتقى النهرين عند منطقة المقرن، ليكونا بداية نهر النيل، وهي العاصمة الإدارية ومقر الحكومة والمركز التجاري والاستثماري، بينما تنحصر مدينة أم درمان بين نهر النيل والنيل الأبيض من جهتَي الشرق والغرب، وتمثل العاصمة الوطنية القديمة، أما مدينة الخرطوم بحري فتنحصر بين نهر النيل ونهر النيل الأزرق من جهتي الجنوب والخرطوم، وهي المدينة الصناعية. وترتبط مدن الخرطوم الثلاث بعشرة جسور، تَعبر الأنهر الثلاثة وتشكل وسائط التواصل؛ ليس بين مدن العاصمة فحسب، بل ببقية أنحاء السودان.

ومنذ بدأت الحرب تَقاسم كل من الجيش وقوات «الدعم السريع» السيطرة على الجسور والتحكم فيها، كلياً أو جزئياً. وفقَدَ الجيش السيطرة من الجهتين على كل جسور المدينة، ما عدا جسر النيل الأزرق، الذي يربط بين الخرطوم والخرطوم بحري، بينما سيطرت قوات «الدعم السريع» على جسور سوبا، والمنشية، والمك نمر، وخزان جبل أولياء، وتوتي.

ويتقاسم الطرفان السيطرة على جسور الفتيحاب والنيل الأبيض، الجيش من جهة أم درمان، وقوات «الدعم السريع» من جهة الخرطوم. وأيضاً جسر الحلفايا، الجيش من جهة أم درمان، وقوات «الدعم السريع» من جهة الخرطوم بحري. أما جسر شمبات فقد خرج من الخدمة على أثر تفجيره في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وكان وقتها تحت سيطرة قوات «الدعم السريع»، وتبادل الطرفان الاتهامات بتفجيره.

كذلك جسر خزان جبل أولياء، الذي قصفه طيران الجيش، لكن قوات «الدعم السريع» أفلحت في إعادته للخدمة مجدداً، وهو الجسر الوحيد الذي يربط بين قواتها من أم درمان حتى دارفور، وهو بطبيعته جسراً على السد، فإن تدميره كلياً قد يتطلب تدمير السد الذي يُنظم جريان المياه لصالح السد العالي في مصر.