الجزائر: تبون يبدأ ولايته الثانية بإعلان «حرب على لوبيات الاستيراد»

رئيس البرلمان يدعو إلى دعم «مشروعاته الطموح»

أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)
أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)
TT

الجزائر: تبون يبدأ ولايته الثانية بإعلان «حرب على لوبيات الاستيراد»

أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)
أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

في حين أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ما سمّاه «حرباً على لوبيات الاستيراد»، كأول خطوة في بداية ولايته الثانية، دعا رئيس البرلمان إبراهيم بوغالي، أعضاءه إلى دعم برنامج الرئيس، الذي عدَّه «طموحاً» في مجالي التنمية الاقتصادية و«البناء الديمقراطي».

وقال تبون الأحد، بمناسبة انعقاد أول اجتماع لمجلس الوزراء بعد توليه ولاية جديدة إثر انتخابات الرئاسة التي جرت في 7 الشهر الحالي، إنه «لن يسمح باختلاق الندرة (في السوق) مهما كانت أسبابها»، حسب بيان لمجلس الوزراء، مطالباً المسؤولين في وزارة التجارة وكوادرها، «بمزيد من اليقظة، ومحاربة لوبيات الاستيراد الذين يحاولون ابتزاز الدولة»، داعياً إلى سحب تراخيص الاستيراد منهم، وإلغاء سجلاتهم التجارية «فور إثبات تورطهم»... ويقصد ناشطين في التجارة الخارجية، محل شبهة إحداث ندرة في مواد كثيرة في السوق، منها قطع غيار السيارات ومنتجات نصف مصنَعة.

الرئيس تبون في أول اجتماع مع أعضاء الحكومة بعد توليه ولاية ثانية (الرئاسة)

ونقل البيان عن تبون أنه أمر الحكومة بإعداد مرسوم رئاسي، ينظم التجارة الخارجية، «بما فيها عمليات التصدير التي تتطلب دراسات جدوى مالية واقتصادية دقيقة للسوق الوطنية والدولية، حتى لا يتحول التصدير إلى نقمة ومصدر للندرة والاختلال في السوق المحلية».

وتميز أداء الحكومة في العامين الأخيرين، بوقف استيراد عدد كبير من السلع والمنتجات، ضمن «خطة» تتمثل في تقليص فاتورة الواردات وتشجيع الإنتاج خارج المحروقات، ما أحدث قلة حادة في كثير من المواد وتسبب في ارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية، زيادة على ارتفاع نسب التضخم الذي مس مواد أساسية ذات الاستهلاك الواسع. وترك هذا الوضع أثراً بالغاً على القدرة الشرائية لملايين الجزائريين.

وبينما يشتكي المستوردون من تدابير حكومية «مفاجئة»، حالت دون تجديد تراخيص الاستيراد لهم، تتهمهم الحكومة بـ«محاولة ابتزاز الدولة عن طريق افتعال ندرة في السوق». وأمام حالة الغموض التي تلف «قضية وقف الاستيراد»، ومن «المتسبب الحقيقي في الندرة ورفع الأسعار»، تبقى الفئات الهشة اقتصادياً معرضة لمزيد من الصعوبات المعيشية يومياً، خصوصاً أن الدخول إلى العام المدرسي الجديد، تم الأحد، ورافقه احتجاج كبير على الغلاء الفاحش للمستلزمات المدرسية.

البرلمان الجزائري (متداولة)

وكانت السلطات سنت قانوناً في 2021، يخص «محاربة المضاربة غير المشروعة في السلع»، بعد وقوع خلل كبير في سلسلة توزيع الزيت ومنتجات غذائية أخرى. ونص القانون على عقوبة تصل إلى السجن 30 سنة، ضد أي تاجر تثبت ضده تهمة «التلاعب بقوت الجزائريين»، وفق تعبير المسؤولين في الدولة. وفعلاً، تم اعتقال عشرات التجار وإدانتهم بعقوبات ثقيلة، على أساس هذه التهمة.

إلى ذلك، أكد إبراهيم بوغالي رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) الاثنين، في خطاب افتتاح دورة تشريعية جديدة، أن «الواجب يفرض علينا، ونحن في بداية عهدة رئاسية جديدة، وفي أجواء يشهد فيها العالم تحولات عميقة مختلفة الأبعاد، أن نشد أزر من اختاره الشعب، بتكثيف الجهود وتوحيدها، وتدعيم قدرات البلاد لتكريس بقائها في موكب السباق العالمي نحو التنمية والعلم».

رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)

ودعا بوغالي النواب إلى «الانخراط في مسعى استنهاض قدراتنا الهائلة، وجعلها في خدمة التنمية ورفاهية مواطنينا جميعاً، كما أغتنم هذه الفرصة السانحة لأؤكد أن مجلسنا في إطار التكامل المؤسساتي، سيكون داعماً أساسياً لإنجاح كل المبادرات والمشروعات بما يخدم الوطن والمواطن».

وقال إنه «يشيد بالبرنامج الطموح، الذي أبرز الرئيس خطوطه العريضة بمناسبة تأدية اليمين الدستورية الثلاثاء الماضي، خصوصاً البدء بحوار وطني مفتوح يشمل مختلف مكونات المجتمع الجزائري، لتعزيز أسس البناء الديمقراطي».

وكان تبون تعهد بـ«إطلاق حوار وطني مفتوح»، تسبقه «اتصالات مكثفة واستشارات مع كل الطاقات الحية للوطن، السياسية منها والاقتصادية والشبانية»، مقدمة لـ«ديمقراطية حقة؛ وليس ديمقراطية الشعارات».


مقالات ذات صلة

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج وزير الخارجية السعودي يلتقي نظيره الجزائري في نيويورك (واس)

مباحثات سعودية في نيويورك تناقش أوضاع غزة وتطورات لبنان

عقد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، سلسلة لقاءات ثنائية مع نظرائه في دول عدة، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا جلسة لأعضاء البرلمان الجزائري (الشرق الأوسط)

البرلمان الجزائري يبحث طلب التحقيق في «تزوير» الاستحقاق الرئاسي

يبحث مكتب البرلمان الجزائري طلباً تسلمه من كتلة نواب الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، يتعلق بإطلاق «لجنة تحقيق» في الظروف التي جرت فيها انتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

«مجتمع السلم» الجزائري يطالب برلمانييه بتفعيل «لجنة للتحقيق» في نتائج «الرئاسية»

تم توجيه تهمة «التزوير»، سياسياً، إلى محمد شرفي رئيس «السلطة الوطنية المستقلة» للانتخابات، الذي أعلن نتائج مختلفة جذرياً عن نتائج المحكمة الدستورية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الخلاف بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء الغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا «الذاكرة» (أ.ف.ب)

ماكرون مصمم على مواصلة «عمل الذاكرة» مع الجزائر

ماكرون «يأمل في إلقاء نظرة واضحة على الماضي وبناء مصالحة على مستوى الذاكرة في المدى البعيد، في عملية تعليم ونقل للشبيبة الفرنسية والجزائرية».

«الشرق الأوسط» (باريس)

كيف أثرت حرب لبنان على جهود التهدئة في غزة؟

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أقاربها عقب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أقاربها عقب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

كيف أثرت حرب لبنان على جهود التهدئة في غزة؟

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أقاربها عقب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أقاربها عقب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)

بينما تراوح مفاوضات الهدنة في قطاع غزة مكانها منذ عدة أسابيع، تزداد وتيرة الحرب المشتعلة في لبنان، وتتسارع نداءات إطفائها عبر مقترح أميركي - عربي - أوروبي بوقفها مؤقتاً لمدة 21 يوماً، وسط ربط لبناني للتهدئة بمسار الصفقة في غزة وإنهاء التصعيد بالمنطقة، غير أن ذلك قوبل برفض إسرائيلي، وتوعد بمزيد من الضربات بالجبهتين.

ووفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن حرب لبنان أثرت على جهود التهدئة في غزة عبر مسارين؛ الأول «إيجابي، وهو إعادة تسليط الضوء على أن مفتاح حل الأزمة في جبهة لبنان مرتبط بوقف إطلاق النار في غزة، والثاني يحمل بعداً سلبياً؛ إذ لا يجعلها في سلم أولويات التحركات الدولية التي تخشى من الوصول لحرب شاملة تكون إيران جزءاً منها».

ووسط تواصل القصف الإسرائيلي بشكل غير مسبوق، منذ الاثنين الماضي، مخلفاً مئات القتلى وآلاف النازحين بلبنان، دعت الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر وفرنسا، إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً، كما عبرت عن دعمها لوقف لإطلاق النار في غزة، وفقاً لبيان مشترك للدول، أصدره البيت الأبيض، الأربعاء.

وفي أول تعقيب لبناني، رحب رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، في تصريحات من نيويورك، بالبيان، مضيفاً: «تبقى العبرة في التطبيق بالتزام إسرائيل»، دون تعليق من «حزب الله»، وذلك غداة تأكيد رئيس البرلمان اللبناني المقرب من الحزب، نبيه برّي، لـ«الشرق الأوسط» أن المساعي الدولية تراعي عدم الفصل بين جبهة لبنان أو غزة.

في المقابل، نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، القبول به، مؤكداً أن الأخير أصدر تعليماته إلى الجيش الإسرائيلي بمواصلة القتال بكامل قوته في لبنان وغزة.

قطر إحدى الدول الداعية لوقف حرب لبنان، وإحدى دول الوساطة لوقف الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزة، أكدت على لسان المتحدث باسم الخارجية، ماجد الأنصاري، عدم وجود رابط مباشر بين هذه المباحثات وتلك الهادفة إلى وقف التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني.

واستدرك الأنصاري، في مؤتمر صحافي بالدوحة، الخميس: «لكن من الواضح أن الوساطتين متداخلتان بشكل كبير عندما تتحدث عن الأطراف نفسها التي تشارك في الغالب في هذا المسار الدبلوماسي»، مضيفاً: «نعمل مع شركائنا لضمان وقف إطلاق النار الفوري في لبنان، كما نواصل جهودنا على المسار الآخر؛ المحادثات بشأن غزة».

تصاعد الدخان فوق جنوب لبنان في أعقاب غارة إسرائيلية وسط أعمال عدائية عبر الحدود بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية (رويترز)

وطالبت وزارة الخارجية المصرية، في بيان صحافي، الخميس، بـ«وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان»، محذرة من أن ما تفعله إسرائيل قد يقود إلى «فوضى تعرض المنطقة لعواقب خطيرة».

الأكاديمي المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يعتقد أن حرب لبنان أثرت سلباً وإيجاباً على جهود التهدئة في غزة، لافتاً إلى «أن التأثير السلبي يتمثل في أن الجميع يهتم بلبنان، ونظيره الإيجابي هو التسريبات الإعلامية بشأن اشتراط (حزب الله) حدوث التهدئة في الجبهتين: الفلسطينية واللبنانية».

أنور يرى «أن نتنياهو مستمر في خياراته، لكن الضغوط الأميركية والدولية قد تدفعه لقبول تهدئة مؤقتة في لبنان بشكل أولي قبل صفقة شاملة تشمل غزة».

ويرى الكاتب اللبناني والباحث في الشؤون الدولية، بشارة خير الله، أن التصعيد في لبنان «سرق الاهتمام من غزة»، والأولوية حالياً للتهدئة في الجنوب اللبناني. ووفق خير الله، مستشار الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، فإن نتنياهو سيتمسك بخطة فصل جبهتي غزة ولبنان عن بعضها البعض، بخلاف «حزب الله» أملاً في ضغوط أكبر على «حماس» لتزيد مكاسبه.

ويرجح المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، رفض نتنياهو أي تسوية والاستمرار في التصعيد كما فعل في غزة، مع الإقدام على عملية اجتياح محدودة بلبنان، من أجل شراء المزيد من الوقت لضمان البقاء في السلطة، وضمان انتهاء الانتخابات الأميركية على أمل فوز حليفه دونالد ترمب، بوصفه منحازاً إلى إسرائيل في العديد من الملفات.

فلسطينية في أثناء خروجها مع أطفالها في وقت سابق من مخيم جنين متجهة إلى مكان أكثر أماناً (إ.ب.أ)

وعقب الرفض الإسرائيلي، صدر بيان إماراتي - سعودي - قطري - أميركي - أوروبي - ياباني، يجدد الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل. فيما تبذل واشنطن وشركاء، لم تسمهم، جهوداً للتوصل إلى «تسوية يمكن أن تغير المنطقة بأكملها تغييراً جذرياً» بحسب ما قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي»، من دون أن يقدم تفاصيل بشأنها، وسط مواصلة إسرائيل حربها على جبهتي قطاع غزة والضفة الغربية.

ووفق العبادي، «فإن إيران تخلت على ما يبدو عن أعوانها في المنطقة لا سيما (حزب الله)، وتقدم مراوغات إعلامية فقط»، مستدركاً: «لكن من المهم استمرار تلك النداءات الدولية لوقف الحرب».

وقد يشكل استمرار النداءات الدولية ضغوطاً على نتنياهو لوقف الحرب بلبنان، وربما يمتد ذلك لغزة، بحسب أنور، الذي أضاف: «لا يزال الأمل موجوداً... وفي ظل سياسة حافة الهاوية، كل شيء وارد». فيما أكد خير الله أن إسرائيل تحاول «فك مبدأ ربط الساحات ببعضها»، وستنتقل من غزة بالكامل إلى لبنان والتفرغ له، متوقعاً أن تهدأ الحرب في غزة قبل أن تهدأ في لبنان.