الفاشر تشهد معارك «أكثر ضراوة» منذ حصار المدينة

الجيش السوداني يدافع عن «الفرقة السادسة مشاة»

دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)
دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)
TT

الفاشر تشهد معارك «أكثر ضراوة» منذ حصار المدينة

دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)
دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)

تحوّلت المعارك في مدينة الفاشر بإقليم دارفور غرب السودان إلى حرب شوارع شرسة بعد أن اقتحمت «قوات الدعم السريع» المدينة التي ظلت تحاصرها لأشهر عدة. وتضاربت الأنباء عن الموقف العسكري لطرفي الحرب، في حين تظهر تسجيلات مصورة تقدماً كبيراً لـ«قوات الدعم السريع» وتوغلها إلى مناطق سكنية لا تبعد كثيراً عن القيادة العسكرية للجيش في المدينة، المسماة «الفرقة السادسة مشاة».

وقال شهود لـ«الشرق الأوسط» إن مئات المسلحين من «قوات الدعم السريع» شنوا منذ الصباح الباكر ليوم السبت، هجمات على المدينة من 3 اتجاهات، مضيفين أن المعارك التي دارت هي «الأكثر ضراوة منذ تجدد الاشتباكات في الأيام الماضية، ومنذ حصار المدينة، وتناثرت جثث العشرات من المقاتلين في صفوف الأطراف المتحاربة في طرقات المدينة».

ودفعت «قوات الدعم السريع» منذ اندلاع القتال قبل أشهر عدة، بأعداد كبيرة من قواتها للاستيلاء على مدينة الفاشر التي تعد المعقل الأخير للجيش في إقليم دارفور بعد سيطرتها على الولايات الأربع الأخرى داخل الإقليم.

من جانبه، قال الجيش إن قواته بالتعاون مع القوة المشتركة للفصائل المسلحة ومجموعات مدنية أخرى تقاتل إلى جانبه، دحرت الهجوم الذي شنته «ميليشيا الدعم السريع الإرهابية» وقتلت منهم المئات، بينهم قياديان، كما دمرت وتسلمت عدداً من المركبات والعتاد الحربي.

وقال أيضاً مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور الذي يرأس حركة «تحرير جيش السوداني» ويقاتل بجانب الجيش، إن الفاشر «تدافع عن النفس والعرض والأرض من دنس ميليشيا آل دقلو المتمردة»، في إشارة إلى قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي».

من آثار معارك سابقة في مدينة الفاشر (أ.ف.ب)

من جهة ثانية، قالت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر»، على صفحتها في «فيسبوك»: «تجددت الاشتباكات بوتيرة عنيفة في المحاور الشمالية والشرقية والجنوبية للمدينة». وأضافت، في منشور لاحق، أن «المعارك في الفاشر انتهت وتم طرد المعتدين».

وللأسبوع الثاني على التوالي، تحتدم المواجهات العسكرية بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في مواقع عدة في الفاشر، ويتحدث كل طرف عن تكبيد الآخر خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد العسكري. وعرضت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مناصرة لـ«قوات الدعم السريع» مقاطع مصورة تظهر تقدماً لعناصرها والسيطرة على الخنادق الدفاعية التابعة للجيش. كما أظهرت التسجيلات المصورة آليات عسكرية وسيارات مدرعة تابعة للجيش والقوة المشتركة للحركات المسلحة التي تقاتل بجانبه، مدمرة تماماً.

من جانبها، أعلنت قيادة «الفرقة السادسة مشاة» في الفاشر التابعة للجيش، أن جميع قواتها في المدينة تتقدم بثبات، وحققت انتصارات. وأضافت أن شوارع المدينة مليئة «بخسائر فادحة في الأرواح والعتاد للمتمردين، كما تم تسلم عدد كبير من المركبات القتالية التابعة لهم».

وأطلقت الأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، تحذيرات قوية لأطراف الحرب من أن أرواح مئات آلاف الأشخاص في الفاشر مهددة جراء القتال الدائر في المدينة. ومنذ أبريل (نيسان) 2023 يشهد السودان حرباً مستعرة بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو.


مقالات ذات صلة

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

شمال افريقيا نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

آلاف الأسر تفرقت حيث خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش السوداني استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، أعلنت «قوات الدعم السريع» تنفيذ ما أسمتها «عملية نوعية» في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال مدينة أم درمان، ودمّرت عدداً من الطائرات الحربية والمسيّرات والآليات، «واستهدفت خبراء أجانب تابعين للحرس الثوري الإيراني»، يعملون في المنطقة العسكرية المهمة، وذلك من دون تعليق من الجيش على ذلك.

وقال الناطق الرسمي باسم «قوات الدعم السريع»، في نشرة صحافية (الأحد)، إنها نفَّذت فجراً «عملية نوعية ناجحة، استهدفت منطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان، ودمَّرت خلالها عدداً من الطائرات الحربية من طراز (أنتنوف)، ومقاتلات من طراز (K8) صينية الصنع، وعدداً من المسيّرات والمعدات العسكرية في قاعدة وادي سيدنا الجوية بالمنطقة العسكرية».

ولم يصدر أي تعليق من الجيش على مزاعم «قوات الدعم السريع»، وسط ترحيبه الكبير باسترداده مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، التي كانت قد فقدتها في يونيو (حزيران) الماضي... وعادة لا يشير كلا الطرفين، إلى خسائرهما في المعارك.

وتضم منطقة وادي سيدنا العسكرية التي تقع شمال مدينة أم درمان، أكبر قاعدة جوية عسكرية، وفيها المطار الحربي الرئيس، إلى جانب الكلية الحربية السودانية، وبعد اندلاع الحرب تحوَّلت إلى المركز العسكري الرئيس الذي يستخدمه الجيش ضد «قوات الدعم السريع».

وقال البيان: «إن العملية النوعية التي نفَّذتها القوات الخاصة التابعة للدعم السريع، تأتي تنفيذاً للخطة (ب)، التي أعلن عنها قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) في آخر خطاباته الجماهيرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، عقب خسارة قواته منطقة جبل موية الاستراتيجية بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض.

وتوعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المقرات والمواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً في متناولها.

جندي من الجيش السوداني يقوم بدورية خارج مستشفى في أم درمان في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ووعدت بحسب البيان، بأن تكون الحرب الحالية «آخر الحروب» في البلاد، وبإنهاء ما أسمتها «سيطرة الحركة الإسلامية الإرهابية على بلادنا»، و«إعادة بناء وتأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة، تحقق السلام والاستقرار والعدالة لجميع الفئات السودانية، التي عانت من ظلم واستبداد الدولة القديمة».

وعلى صفحته بمنصة «إكس»، قال مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، إن «خبراء أجانب يعملون مع الجيش في قاعدة وادي سيدنا الجوية، وإن معظمهم تابعون للحرس الثوري الإيراني، استهدفتهم العملية»، وإن ما أُطلق عليه «دك وتجفيف منابع الإرهاب» يعدّ من أولويات الخطة (ب) التي أعلن عنها حميدتي أخيراً.

وفي النيل الأبيض، اقتحمت «قوات الدعم السريع» المناطق الشمالية لمدينة الدويم، بولاية النيل الأبيض، وعند محور الأعوج وقرى المجمع، والسيال، واللقيد، وشمال الأعوج، التي لجأ إليها عددٌ كبيرٌ من الفارين من القتال، وأطلقت الرصاص؛ ما أدى لمقتل شخص واحد على الأقل، وإصابة آخرين.

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

واستنكر الناشط المتابع للأحداث محمد خليفة، وفقاً لحسابه على «فيسبوك»، الذي يتابعه مئات الآلاف، «عدم تصدي القوات المسلحة للقوات المهاجمة؛ دفاعاً عن المواطنين». وقال: «إن القرى والبلدات التي اقتحمتها (قوات الدعم السريع)، تبعد عن منطقة تمركز بنحو كيلومترين فقط...قوات الجيش لم تتحرك من مكانها، وقوات الميليشيا لا تزال في تلك المناطق المنتهكة».

وكان الجيش قد أعلن (السبت) استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، من قبضة «الدعم السريع»، أسوة باسترداد المدن والبلدات الأخرى جنوب الولاية مثل الدندر، والسوكي. وقال القائد العام، الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي وصل إلى المدينة غداة استردادها، إن قواته عازمة على «تحرير كل شبر دنسه العملاء والخونة، ودحر الميليشيا الإرهابية التي تستهدف وحدة السودان».