مصر تشدد على الاستقرار في الصومال... وإثيوبيا تُصعد مجدداً عبر «بونتلاند»

مقديشو أدانت تحركات أديس أبابا شمال البلاد وعدّتها «انتهاكاً خطيراً» لسيادتها

وزير الخارجية المصرية خلال لقائه المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي في واشنطن (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصرية خلال لقائه المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي في واشنطن (الخارجية المصرية)
TT

مصر تشدد على الاستقرار في الصومال... وإثيوبيا تُصعد مجدداً عبر «بونتلاند»

وزير الخارجية المصرية خلال لقائه المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي في واشنطن (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصرية خلال لقائه المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي في واشنطن (الخارجية المصرية)

صعدت إثيوبيا مجدداً ضد الصومال عبر إرسال «شحنة ذخيرة» إلى مناطق بولاية «بونتلاند» شمال البلاد. في حين أدانت مقديشو تحركات أديس أبابا الأخيرة، وعدّتها «انتهاكاً خطيراً» لسيادتها. يأتي هذا في وقت شددت مصر على أهمية استقرار الصومال، واحترام وحدة وسيادة أراضيه.

وحذر خبراء من مخاطر التحركات الإثيوبية في الداخل الصومالي، ورأوا أن التحركات المتجددة من أديس أبابا «تهدد أمن وسلامة الإقليم».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي في بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض مصري وعربي.

وأدانت وزارة الخارجية الصومالية إرسال «شحنة من الأسلحة والذخيرة» عبر الأراضي الإثيوبية، إلى مناطق بولاية بونتلاند في شمال الصومال، وعدتها في إفادة لها، مساء الجمعة، «تصرفاً غير قانوني، وانتهاكاً خطيراً لسيادة مقديشو». وأعربت في الوقت نفسه عن «قلقها من تصرفات إثيوبيا وتدخلاتها السافرة».

ودعت «الخارجية الصومالية»، أديس أبابا إلى «الالتزام بالقانون الدولي، وعدم تأجيج الصراعات وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة»، كما دعت الشركاء الإقليميين والدوليين «لإدانة الانتهاكات الإثيوبية وتعزيز جهود تحقيق السلام والأمن والاستقرار بالمنطقة».

الرئيس المصري السيسي ونظيره الصومالي محمود في القاهرة أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)

وبموازاة ذلك، شدد وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، خلال محادثات مع المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي، مايك هامر، ومساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية، مولي في، بواشنطن، مساء الجمعة، على «حرص بلاده على تحقيق الاستقرار في الصومال، واحترام سيادته ووحدة أراضيه، ودعم مؤسساته المركزية، بما ينعكس على تأمين حركة التجارة الدولية في مضيق باب المندب، ومكافحة الإرهاب و(الهجرة غير الشرعية)».

وعدَّ عبد العاطي أن الدعم المصري للصومال، يأتي من منطلق «اضطلاع القاهرة بمسؤوليتها في حفظ السلم والأمن الإقليميين، وفقاً لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة، والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وميثاق الجامعة العربية»، مشيراً إلى أن «بلاده تقوم من هذا المنطلق بدعم الصومال في مجال بناء القدرات الأمنية والعسكرية».

وتشهد العلاقات المصرية - الصومالية تطوراً في الفترة الحالية، ووقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، في القاهرة، أغسطس (آب) الماضي، «بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين»، وأعلن السيسي وقتها، مشاركة بلاده في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي بالصومال، بداية من يناير (كانون الثاني) المقبل.

وعدَّ نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، أن التحركات الإثيوبية الأخيرة بالصومال، «تهدد السلام والأمن الإقليمي»، مشيراً إلى أن «إصرار أديس أبابا على التدخل في الشأن الصومالي، بالاتفاق مع إقليم انفصالي داخلي أو إرسال أسلحة عسكرية، يُصعد من توترات منطقة البحر الأحمر، ويعد تهديداً صريحاً للسيادة الصومالية».

وأوضح حليمة لـ«الشرق الأوسط» أن الممارسات الإثيوبية «تمس الأمن القومي المصري والعربي والأفريقي بشكل مباشر»، مشيراً إلى أن «القاهرة تنظر لاستقرار الصومال، كونه هدفاً استراتيجياً حيوياً، لحماية أمنها القومي، وعليه تستهدف دعم مقديشو لمواجهة تحدياتها الأمنية وحماية أراضيها»، إلى جانب «ضمان استقرار منطقة البحر الأحمر، لارتباطها بشكل مباشر بحركة الملاحة في قناة السويس».

وطالب نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية» بضرورة «تحرك إقليمي ودولي، لاحتواء الممارسات الإثيوبية، وإنهائها، قبل تعرض المنطقة لمزيد من التصعيد».

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

وأعلن الصومال، نهاية أغسطس الماضي، «وصول معدات ووفود عسكرية مصرية للعاصمة مقديشو، في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، وهو ما عارضته إثيوبيا، حيث قالت وزارة الخارجية الإثيوبية حينها، إنها «تشكل مخاطر على المنطقة»، وأشارت إلى أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي».

وربط خبير الشؤون الأفريقية بمصر، رامي زهدي، بين التصعيد الإثيوبي- الصومالي على خلفية دعم القاهرة لمقديشو، وتطورات أزمة «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، إلى جانب التوترات في البحر الأحمر، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن ما يجمع تلك التوترات «التصرفات الأحادية وغير القانونية من الحكومة الإثيوبية».

وهناك خلافات بين مصر وإثيوبيا بشأن «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على فرع النيل الأزرق. وقال وزير الخارجية المصرية، إن «جميع مسارات التفاوض مع إثيوبيا توقفت منذ 2023 نتيجة المراوغة والتفاوض بسوء نية»، وأوضح في تصريحات متلفزة على هامش زيارته لواشنطن، مساء الجمعة، أن «المفاوضات استغرقت 13 عاماً من دون أن نصل إلى شيء، وكان هناك استغلال للمفاوضات لفرض الأمر الواقع عن طريق بناء السد».

كما أكد عبد العاطي أن «بلاده متمسكة بحقوقها المائية، ولا تفريط فيها ولا تهاون»، مشيراً إلى أن «بلاده قادرة على الدفاع عن مصالحها وأمنها المائي في قضية السد الإثيوبي حال وقوع ضرر، دون تهاون، وفي إطار القانون الدولي».

وهنا يتوقع زهدي أن تشهد المنطقة مزيداً من التصعيد مع استمرار النهج الإثيوبي. وقال إن «القاهرة تعوّل على دور أميركي للتهدئة والضغط على الجانب الإثيوبي في تلك الملفات، من منطلق أن واشنطن معنية بأمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر».


مقالات ذات صلة

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

يوميات الشرق الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

شهدت فعاليات «أيام مصر» في «حديقة السويدي» بالعاصمة السعودية الرياض، حضوراً واسعاً وتفاعلاً من المقيمين المصريين في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً «سوشيالياً»، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)

مصر: العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا المركب السياحي

نجحت السلطات المصرية، الثلاثاء، في العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا غرق المركب السياحي «سي ستوري»، في الحادث الذي وقع قبالة سواحل البحر الأحمر.

محمد عجم (القاهرة)
رياضة عربية اللاعب المصري السابق محمد زيدان تحدث عن رفضه المراهنات (يوتيوب)

النجم المصري السابق محمد زيدان يفجِّر جدلاً بشأن «المراهنات»

فجَّر المصري محمد زيدان -اللاعب السابق بمنتخب مصر لكرة القدم، والذي كان محترفاً في الخارج- جدلاً بشأن المراهنات، بعد قيامه بدعاية لإحدى الشركات.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا حطام الباخرة «سالم إكسبريس» في مياه البحر الأحمر (المصدر: مجموعة «DIVING LOVERS» على موقع «فيسبوك»)

أبرز حوادث الغرق المصرية في البحر الأحمر

شهد البحر الأحمر على مدار السنوات الماضية حوادث غرق كثيرة، طالت مراكب سياحية وعبّارات، وخلَّفت خسائر كبيرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.