مرشح لـ«رئاسية» تونس يتعهد بمواصلة السباق الانتخابي رغم سجنه

محاميه قال إن «الحكم له دوافع سياسية وغير عادل»

المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)
المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)
TT

مرشح لـ«رئاسية» تونس يتعهد بمواصلة السباق الانتخابي رغم سجنه

المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)
المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

تعهد فريق الحملة الانتخابية وهيئة الدفاع عن المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية، العياشي زمال، بمواصلة حملته الانتخابية، رغم صدور حكم بسجنه لمدة سنة وثمانية أشهر، مساء أمس، بحسب ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية». والعياشي زمال رجل أعمال، ورئيس «حركة عازمون»، وهو ملاحق في خمس قضايا في خمس ولايات، تتعلق بشبهات افتعال تزكيات شعبية من الناخبين. وصدر مساء أمس ضده حكم عن محكمة جندوبة غرب تونس. وسيحضر، اليوم (الخميس)، في أربع جلسات أخرى في محاكم بالعاصمة ومنوبة وسليانة.

وقال محاميه ورئس هيئة الدفاع، عبد الستار المسعودي، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن الحكم لن يكون له تأثير على الحملة الانتخابية، وأن زمال سيستمر في السباق الرئاسي ولن ينسحب.

رمزي الجبابلي مسؤول الحملة الانتخابية للمرشح العياشي زمال (إ.ب.أ)

وتابع المحامي: «يريدون إرغامه على الانسحاب. ما يحدث هو عملية تنكيل، لكنه لن يتراجع، ويمكنه الفوز في الانتخابات وهو في السجن. ستكون سابقة في العالم». وتسود حالة من التوتر في تونس؛ بسبب قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات استبعاد ثلاثة مرشحين، رغم صدور قرار من المحكمة الإدارية بتثبيت ترشحاتهم. وأقرت في المقابل بترشح زهير المغزاوي، والعياشي الزمال، القابع في السجن، والرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، الساعي إلى ولاية ثانية.

ويواجه الرئيس سعيّد، الذي أطاح بالنظام السياسي في 2021، اتهامات من المعارضة بتقويض أسس الديمقراطية، والهيمنة على الحكم، وإبعاد خصوم جديين له في الانتخابات الرئاسية، التي تجرى في السادس من أكتوبر(تشرين الأول) المقبل. وتصاعد التوتر قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد أن استبعدت الهيئة الانتخابية ثلاثة مرشحين بارزين هذا الشهر، وهي خطوة فجرت سيلاً من الانتقادات. وخرج آلاف التونسيين للشارع الأسبوع الماضي بدعوة من المعارضة، ومنظمات المجتمع المدني، للمطالبة بعدم تضييق الخناق على المعارضين والمرشحين للانتخابات.

آلاف التونسيين خرجوا إلى الشارع للمطالبة بعدم تضييق الخناق على المعارضين والمرشحين للانتخابات (د.ب.أ)

ولم توافق الهيئة إلا على ترشح سعيّد وزهير المغزاوي والعياشي زمال، متحدية حكماً من المحكمة الإدارية، وهي أعلى هيكل قضائي يفصل في النزاعات الانتخابية. وأضاف المسعودي، معلقاً على حكم أمس (الأربعاء)، لوكالة «رويترز»، إن «الحكم له دوافع سياسية وغير عادل، ويهدف إلى تقويض فرصه في السباق الرئاسي، وإظهاره أمام التونسيين في صورة الشخص غير النزيه». واعتقل زمال قبل أسبوعين بتهمة «افتعال وثائق وتدليس تزكيات شعبية».

ويقول معارضو سعيّد ومنتقدوه إنه يستخدم اللجنة الانتخابية، التي عين أعضاءها هو نفسه، لضمان إعادة انتخابه، من خلال وأد المنافسة وترهيب المرشحين. غير أن الرئيس سعيّد ينفي هذه الاتهامات، قائلاً إنه يحارب الخونة والمرتزقة والفاسدين، ولن يكون ديكتاتوراً. وتقبع عبير موسي، زعيمة الحزب الدستوري الحر، في السجن منذ العام الماضي بتهمة الإضرار بالأمن العام، بالإضافة إلى السياسي البارز لطفي المرايحي، الذي سُجن هذا العام بتهمة تزوير في انتخابات 2019.

عبير موسي زعيمة «الدستوري الحر» تقبع في السجن منذ العام الماضي بتهمة الإضرار بالأمن العام (الشرق الأوسط)

وكان الاثنان قد أعلنا نيتهما الترشح في الانتخابات، لكنهما سُجنا وحرما من تقديم ترشيحاتهما. كما حكمت محكمة أخرى الشهر الماضي على أربعة سياسيين آخرين، كانوا مرشحين لانتخابات الرئاسة، بالسجن، ومنعهم من الترشح مدى الحياة. وانتخب سعيّد بطريقة ديمقراطية في عام 2019، لكنه شدد قبضته على السلطة، وبدأ الحكم بالمراسيم في عام 2021 في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب.



الانقسامات تطال ديوان المحاسبة الليبي

الدبيبة وشكشك في لقاء سابق (حكومة الوحدة)
الدبيبة وشكشك في لقاء سابق (حكومة الوحدة)
TT

الانقسامات تطال ديوان المحاسبة الليبي

الدبيبة وشكشك في لقاء سابق (حكومة الوحدة)
الدبيبة وشكشك في لقاء سابق (حكومة الوحدة)

دخل ديوان المحاسبة في ليبيا دائرة الصراع على قيادته بين رئيسه خالد شكشك، ووكيله الموقوف عطية الله السعيطي، وذلك إثر إصدار محكمة جنوب طرابلس الابتدائية أمراً ولائياً بإيقاف الأول؛ نظراً لـ«زوال صفته المبنية على قرار لمجلس النواب عام 2014».

وبهذا التصعيد، الذي استبقته دلائل خلال الأسبوع الماضي، يكون ديوان المحاسبة، الذي يعد أكبر جهاز رقابي في ليبيا، قد طاله الانقسام، وسط صمت رسمي من السلطة التنفيذية بالعاصمة طرابلس.

وكيل ديوان المحاسبة الليبي في اجتماع بالمقر الجديد للديوان (ديوان المحاسبة)

وسريعاً، أحال المجلس الأعلى للقضاء الحكم الصادر من محكمة طرابلس إلى 9 جهات بالدولة، للتشديد على وقف شكشك عن أداء مهامه بصفته رئيساً للديوان لـ«زوال الصفة عنه»، عملاً بالقرار السابق لمجلس النواب، كما طالبهم بوضع القرار موضع التنفيذ، وعدم الاعتداد بأي قرارات صادرة عنه.

والجهات المعنية هي: محافظ المصرف المركزي، ووكيل ديوان الحاسبة، بالإضافة إلى مديري الإدارات القانونية بوزارات: المالية والنفط والخارجية، ومؤسستي الاستثمار والنفط.

وفي ظل عدم تعقيب المجلس الرئاسي، وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على هذا الانقسام، اتخذت الأمور بين شكشك والسعيطي، منحى تصاعدياً؛ إذ أكد الأول أنه رئيس الديوان، فيما طالب الثاني جميع الإدارات العامة والمكاتب الفنية، التابعة للجهاز، بعدم التعامل مع قرارات شكشك.

وحذر السعيطي، في بيان، تم تعميمه على الإدارات، اليوم الخميس، من أن التعامل مع شكشك «يشكل جريمة جنائية متكاملة الأركان»، بموجب قانون العقوبات الليبي، مشدداً على أنه راهناً هو رئيس الديوان بالإنابة، وفق مادة من القانون المنظم لعمل الديوان.

وكيل ديوان المحاسبة الليبي في اجتماع بالمقر الجديد للديوان (ديوان المحاسبة)

ويرى المحلل السياسي، أحمد أبو عرقوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه وفقاً للقوانين والتشريعات الليبية النافذة، فإن ولاية رئيس ديوان المحاسبة تمتد لثلاث سنوات تجدد لمرة واحدة، «وهذا يعني أن شكشك يمارس مهامه طوال السنوات الماضية بسلطة الأمر الواقع، دون أي غطاء قانوني».

وأرجع أبو عرقوب أسباب الأزمة الحالية في الديوان إلى ما أسماه بـ«تمسك جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي لها شكشك، بمنصب رئيس الديوان؛ للمحافظة على ورقة الضغط التي تمتلكها الجماعة على الحكومات والمؤسسات والهيئات، وكذلك المجموعات المسلحة بهدف المحافظة على شبكة العلاقات والمصالح».

خالد المشري دخل على خط أزمة ديوان المحاسبة مسانداً شكشك ضد السعيطي (الشرق الأوسط)

ودخل خالد المشري، المتنازع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة على خط أزمة ديوان المحاسبة، مسانداً شكشك ضد السعيطي، عبر خطاب منسوب له، طالبه فيه بالاستمرار في أداء مهامه بصفته رئيساً للديوان إلى حين التوافق مع مجلس النواب.

وفي منتصف الشهر الحالي، أطل الصراع على الديوان برأسه عقب أحاديث عن نقل أرشيف الديوان من مقره بمنطقة الظهرة إلى مبنى بمجمع قصور الضيافة في منطقة حي دمشق بالعاصمة طرابلس. ورغم نفي الديوان في حينه، عبر بيان رسمي، ما أثير بشأن نقل أرشيفه «عنوة في جنح الظلام» إلى المقر الجديد، فإن البعثة الأممية أعربت عن «قلقها البالغ إزاء تفاقم الوضع المتعلق بديوان المحاسبة»، وقالت إنه «يشكل تهديداً حرجاً لسلامة هذه المؤسسة السيادية»، كما انضمت إليها السفارة الأميركية، وعبّرت هي الأخرى عن «قلقها» على لسان القائم بالأعمال، جيريمي برنت، بشأن ما وصفتها بـ«الضغوط التي تُمارس ضد نزاهة واستقلال ديوان المحاسبة، والمؤسسات التكنوقراطية الليبية الحيوية الأخرى».

مجلس النواب سبق أن أقال شكشك بسبب «عدم اعترافه بشرعية البرلمان» (النواب)

وسبق لمجلس النواب الليبي أن أقال شكشك بسبب «عدم اعترافه بشرعية البرلمان»، وحينها فتح باب الترشح لمنصبي رئيس ونائب رئيس ديوان المحاسبة. وعيّن «المؤتمر الوطني العام» المنتهية ولايته شكشك رئيساً للديوان في نهاية يوليو (تموز) 2013. وظل مجلسه منذ ذلك التاريخ يصدر تقارير شبه سنوية، تكشف عن «فساد» متغول في مؤسسات الدولة.

وظهرت مخاوف في الأوساط الليبية لجهة تقسيم ديوان المحاسبة، الذي كان متماسكاً «نسبياً» خلال الأعوام السابقة، كما وجه الصادق الغرياني، مفتي ليبيا المعزول من البرلمان، انتقادات لاذعة للمشري، ولرئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

وتعاني ليبيا راهناً حالة من العناد السياسي القائم على الانقسام الحكومي، لذا يرى البعض أن المشري الداعم لمواقف يتخذها مجلس النواب، بات يتبنى قرارات لا تحظى بقبول من حكومة «الوحدة».

كان المشري رفض الإجراءات التي تتخذها حكومة «الوحدة» ضد وزير النفط محمد عون، وقال إن مجلسه «يُلزم الحكومة بتنفيذ أحكام القضاء فوراً، ويُحذرها من تجاهل هذه الأحكام التي هي عنوان الحقيقة».

وسبق للدبيبة تكليف خليفة عبد الصادق بإدارة وزارة النفط خلفاً لعون، الذي جمد منصبه دون إقالته، مما اضطره للجوء إلى القضاء.

وعلى خلفية صراعه على رئاسة المجلس مع محمد تكالة، التقى المشري، مساء الأربعاء، بممثلين عن «المجلس الأعلى لثوار الزنتان» في العاصمة طرابلس. وقال مكتبه إن اللقاء ناقش الأوضاع الراهنة في البلاد، حيث «أبدى الحضور دعمهم لجهود المجلس في دفع العملية السياسية نحو إنجاز الاستحقاق الانتخابي»، مؤكدين أهمية تضافر جهود جميع المكونات الوطنية للخروج من الأزمة السياسية الراهنة.

كما التقى المشري ممثلين عن «التحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني»، من بينهم منسق عام التحالف منال أبو عميد، ونائب منسق عام التحالف مصطفى الشيباني. وحسب مكتب المشري، فقد ناقش الحضور عدداً من الملفات السياسية، مؤكدين دعمهم لجهود التوافق بين مجلسي الأعلى للدولة و«النواب»، الرامية للدفع بالعملية السياسية نحو إنجاز الاستحقاق الانتخابي، و«أهمية دور المجلس الأعلى للدولة في المرحلة الحالية، والحرص على تماسكه ووحدته».

في شأن مختلف، قالت حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب، إنها وافقت على مقترح لرفع الدعم عن الوقود، وإنها ستعد آلية لتنفيذ القرار.

أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب (الحكومة الليبية)

ولم تعلن الحكومة، التي تسيطر على شرق ليبيا وبعض مناطق بجنوبه، أي تفاصيل عن المقترح. كما لم يتضح بعد ما إذا كانت حكومة حماد ستتمكن من تنفيذ المقترح في الدولة المنقسمة.

ويبلغ سعر لتر البنزين في ليبيا 0.150 دينار فقط (0.03 دولار)، وهو ثاني أرخص سعر للتر في العالم، وفقاً لموقع «غلوبال بترول برايسيز».

ونمت شبكات التهريب وسط الاضطرابات السياسية، والصراع المسلح الذي أعقب «ثورة» 2011 ضد الرئيس الراحل معمر القذافي. وانقسمت ليبيا في 2014 بين سلطتين متنازعتين؛ إحداهما في الشرق، والأخرى في الغرب.