«تفجيرات بيجر»... هل تؤثر في مسار «المقترح المعدل» لهدنة غزة؟

توافق مصري - أميركي على خفض التصعيد بالمنطقة

فلسطينيون يسيرون بين أنقاض منازل مدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بين أنقاض منازل مدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

«تفجيرات بيجر»... هل تؤثر في مسار «المقترح المعدل» لهدنة غزة؟

فلسطينيون يسيرون بين أنقاض منازل مدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بين أنقاض منازل مدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

تجددت المخاوف بشأن تراجع مسار التوصل إلى هدنة في قطاع غزة إثر واقعة تفجير أجهزة الاتصالات «بيجر» في لبنان، وعودة الحديث عن تصعيد محتمل بين إسرائيل من جهة وإيران و«حزب الله» اللبناني من جهة ثانية، في ظل تداعيات اغتيالات إسرائيلية للقيادي بالحزب فؤاد شكر، ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، نهاية يوليو (تموز) الماضي. ويعزز تلك المخاوف توعد «حزب الله» إسرائيل برد انتقامي.

وغداة إعلان وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تعمل على «تقديم اقتراح منقح قادر على دفع الأطراف إلى اتفاق نهائي» في غزة، شهد لبنان انفجار آلاف أجهزة «بيجر» للاتصالات، ما أسفر عن مقتل 12 وإصابة أكثر من ألفين بينهم سفير إيران في بيروت مجتبى أماني، وفق إفادات رسمية.

بينما امتنعت إسرائيل عن التعليق على الحادث، حمّلها «حزب الله» المسؤولية، متعهداً بأن وحداته «ستواصل كما في كل الأيام الماضية عملياتها» لإسناد غزة، متوعداً بـ«حساب عسير للعدو». كما دعا عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، علاء الدين بروجردي، إلى ضرورة «رد الحكومة بسرعة وبحزم على إسرائيل».

ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي، عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، أن «(حزب الله) سيشن هجمات انتقامية كبيرة ضد إسرائيل، وقد يتم ردعها على المدى القصير من خلال احتمال وجود المزيد من الخروقات الأمنية التي لا يعلم (حزب الله) عنها والتي يمكن لإسرائيل استغلالها».

واعتبر وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، في القاهرة، أن «أي تصعيد بما في ذلك تفجيرات أجهزة (بيجر) بلبنان يؤخر ويضع عقبات أمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالقاهرة (رويترز)

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أن «ما حدث في لبنان هو محاولة إسرائيلية لدفع المشهد لمزيد من العنف والتعقيد، خاصة في مسار المفاوضات بغزة كي يضمن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو البقاء السياسي، خصوصاً وهو يدرك أن أي مواجهة ستدخلها إسرائيل لن تتركها أميركا بمفردها».

ورأى حجازي أن إسرائيل «تسعى إلى تدمير أي محاولات اتفاق وتهدئة بتوالي الاستفزازات» بطريقة غير مسبوقة طيلة الأشهر الماضية، مشيراً إلى أنه إضافة إلى الحرب في غزة، قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، وأقدمت على اغتيال هنية في إيران، وصولاً إلى عملية تفجير أجهزة البيجر في لبنان؛ «بهدف الدفع لمواجهة شاملة».

وفي ضوء ذلك، يتوقع الخبير الاستراتيجي والعسكري اللبناني، العميد هشام جابر، «تصعيداً كبيراً في المنطقة»، ما بين هجمات إلكترونية وموجة اغتيالات وحرب نفسية بين إسرائيل و«حزب الله»، مرجحاً أن يؤثر ذلك على مفاوضات غزة وقد يؤجلها بعض الوقت. ويحمّل جابر نتنياهو مسؤولية جر المنطقة نحو حرب شاملة لا تريدها أميركا ولا إيران.

وكان لافتاً أن بلينكن أكد في مؤتمره الصحافي بالقاهرة أن الولايات المتحدة «غير راغبة في حرب شاملة بالمنطقة»؛ حيث قال: «يجب وقف إطلاق النار بغزة والعمل على تخفيف حدة الوضع في الجنوب اللبناني»، مضيفاً أن «وقف إطلاق النار في غزة سيسهل التوصل إلى اتفاق بين لبنان وإسرائيل وعلى جميع الأطراف الامتناع عن التصعيد».

وتحدث بلينكن عن تفاصيل مفاوضات الهدنة. وأوضح: «طرحنا على الجانبين المصري والقطري حلولاً للنقاط العالقة في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، ويجب حل النقاط المتبقية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة». أما نظيره المصري، فقال إن «جهود الوسطاء والاتصالات مستمرة ومكثفة».

وتناول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه بلينكن، «وجهات النظر بشأن كيفية تعزيز الجهود المشتركة بين مصر والولايات المتحدة وقطر، للمضي قدماً في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين». وأكد السيسي «رفض مصر محاولات تصعيد الصراع وتوسعة نطاقه إقليمياً». وتوافق السيسي وبلينكن على تكثيف الجهود المشتركة بين مصر والولايات المتحدة، بهدف التهدئة وخفض التصعيد، على النحو الذي يضمن استعادة السلم والأمن الإقليميين، وفق إفادة للرئاسة المصرية.

دخان ولهيب يتصاعدان من منزل أصيب بغارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (رويترز)

ومن القاهرة إلى عمان، حيث اجتماع مجموعة الاتصال الوزارية الإسلامية والعربية لبحث سبل وقف إطلاق النار في غزة. قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إن «التصعيد الإسرائيلي مستمر وخطره كبير»، مضيفاً: «كل ما نعتقد أنه يخدم هدفنا لوقف العدوان على غزة هو على طاولة الاجتماع»، وفق إفادة «الخارجية الأردنية».

ودعا منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في تصريحات، الأربعاء، إلى مشاورات أوروبية لبحث خطوات وإجراءات تسهم في وقف التصعيد بالمنطقة، بينما قالت المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية، كامالا هاريس، الثلاثاء، إن «هذه الصفقة (هدنة غزة) يجب أن تتم لصالح الجميع في المنطقة»، مؤكدة «ضرورة استقرار الشرق الأوسط بطريقة تحد من نفوذ إيران».

وبرأي السفير محمد حجازي فإن هذه الرسائل الأميركية، تعني إدراك واشنطن أن «ما يتم من تصعيد إسرائيلي لا يتفق مع مصالحها»، خاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية، لافتاً إلى أن واشنطن وإن اتفقت أهدافها البعيدة في القضاء على أذرع إيران؛ فإنه من مصلحتها الآن الاحتواء وليس التصعيد.

من جهته، يرى هشام جابر أنه «رغم الحراك الكبير بملف الوساطة، فإن الهدنة في غزة صعبة جداً لوجود فجوة كبيرة بين ما يطلبه نتنياهو وما تريده (حماس)»، لافتاً إلى أنه «لو تم الضغط وصارت هدنة بغزة ستهدأ الأمور بين لبنان وإسرائيل».


مقالات ذات صلة

«سنمسك بك»... محتجون يتظاهرون أمام فندق يقيم به نتنياهو في نيويورك

المشرق العربي صورة لنتنياهو خلال مظاهرة في نيويورك ضد حرب غزة والهجمات على لبنان (أ.ف.ب)

«سنمسك بك»... محتجون يتظاهرون أمام فندق يقيم به نتنياهو في نيويورك

تظاهر محتجون ضد إسرائيل أمام فندق يقيم فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مدينة نيويورك الأميركية، مساء الخميس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تحليل إخباري صورة لنتنياهو خلال مظاهرة ضد التصعيد الأخير في نيويورك (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «أخطر بكثير»... ماذا تغير في مواجهة السنوار ونصر الله مع إسرائيل؟

ما الذي يجعل المواجهة الحالية بين إسرائيل و«حزب الله» أكثر خطورة من سابقاتها؟ سياسي فلسطيني بارز يشرح لـ«الشرق الأوسط».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي جانب من الدمار الناجم عن غارات إسرائيلية على بلدة السكسكية في جنوب لبنان أمس (رويترز)

صواريخ وضربات تواكب حديث وقف النار

تصاعدت وتيرة القصف الإسرائيلي على لبنان أمس (الخميس)، وواكبه الحديث عن هدنة في أعقاب صدور «النداء الدولي - العربي» لوقف النار في لبنان وغزة، الذي لم يحقق

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي برهم صالح متحدثا خلال الجلسة التي أدارتها الزميلة نجلاء حبريري (الشرق الأوسط)

برهم صالح: العراق لا يتحمل الانزلاق نحو الحرب

قال الرئيس العراقي السابق، برهم صالح، إن بلاده لا تتحمل الانزلاق نحو الحرب، بينما تنجرّ منطقة الشرق الأوسط سريعاً نحو الهاوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي سوريون ولبنانيون على معبر المصنع بين لبنان وسوريا هرباً من القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط) play-circle 02:57

النازحون السوريون يعانون جحيم حرب جديدة

أوضاع صعبة يعيشها آلاف السوريين الذين اضطروا مجدداً للهرب من مخيمات كانت تؤويهم في مناطق الجنوب اللبناني والبقاع بعد قرار إسرائيل توسعة الحرب على لبنان.

بولا أسطيح (بيروت)

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)
الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)
TT

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)
الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)

يعتزم «الحوار الوطني» المصري، خلال الأيام المقبلة، مناقشة قضية الدعم الحكومي المقدم للمواطنين، في ضوء قرار الحكومة بإعادة هيكلته، ودراسة إمكانية تطبيق منظومة «الدعم النقدي» بدءاً من العام المالي المقبل.

وتطبق الحكومة المصرية منظومة لتوزيع سلع ضرورية، من بينها الخبز والزيت والسكر، بأسعار منخفضة منذ عقود طويلة، من خلال «بطاقات تموينية». لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لتلك المنظومة على الموازنة العامة، فضلاً عن التشكك في حقيقة وصول الدعم إلى مستحقيه.

ويستفيد نحو 63 مليون مواطن من منظومة الدعم التمويني بمصر، حسب بيانات مجلس الوزراء.

ووفق تصريحات سابقة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، فإنه قد يبدأ التحول من دعم السلع الأوّلية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة للفئات الأولى بالرعاية مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025، شرط حدوث «توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في جلسات الحوار الوطني».

وقرر مجلس الحوار الوطني، عقد اجتماع يوم 30 سبتمبر (أيلول) الحالي، لاستعراض وإقرار الإجراءات المطلوبة لضمان مناقشة القضية من كل جوانبها، على نطاق واسع، مشيراً إلى مشاركة جميع المعنيين من خبراء ومتخصصين وجهات سياسية ومؤسسات تنفيذية ومجتمعية.

وتعهد المجلس بمناقشة القضية بـ«تجرد وحياد كاملين»، دون الميل إلى تطبيق أحد النظامين «العيني أو النقدي»، وأن يكون دوره «توفير بيئة حوارية تتسع لمشاركة كل الآراء والمقترحات»، على أن يجري الوصول إلى توصيات تعبر عن جميع مدارس الفكر والعمل في مصر، يتم رفعها لرئيس الجمهورية.

ووفق البيان، سوف يستعرض مجلس الأمناء في اجتماعه المقبل أشكال الجلسات العامة والتخصصية التي ستتم المناقشة عبرها، بمشاركة ذوي الخبرة والتخصص وجميع القوى والتيارات والوزارات والمؤسسات ذات الصلة.

وأعلنت الأمانة الفنية للحوار الوطني بدء استقبال المقترحات والتصورات المكتوبة من جميع الكيانات والجهات التي ترغب في المشاركة عن طريق وسائل التواصل المعلنة (البريد الالكتروني/ واتس آب)، خلال الأسبوعين المقبلين، وحتى يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ليقوم مجلس الأمناء بإدراجها ضمن جدول الجلسات التي سيحددها ويعلن عنها؛ لتنطلق الجلسات في أقرب وقت خلال الفترة القادمة.

وفي أغسطس (أب) الماضي، قال وزير التموين المصري، إن الحكومة المصرية «تنتظر ردود الفعل من الحوار الوطني بشأن التحول لمنظومة الدعم النقدي»، وأضاف أن «هناك أفكاراً مطروحة على الحكومة والمشاركين في الحوار، منها التحول لدعم نقدي كامل أو نقدي مشروط، لكن لم يتم اتخاذ قرار بشأنها حالياً».