السودان: عشرات القتلى والجرحى في قصف مدفعي على الفاشر

المدينة تشهد موجات نزوح جديدة إثر تجدد المعارك

تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)
تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)
TT

السودان: عشرات القتلى والجرحى في قصف مدفعي على الفاشر

تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)
تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)

قالت لجان مقاومة مدينة الفاشر، الواقعة بولاية شمال دارفور غرب السودان، الثلاثاء، إن العشرات قُتلوا وجُرحوا في قصف مدفعي من قِبل «قوات الدعم السريع» على المدينة، التي تشهد موجات نزوح جديدة، إثر تجدد المعارك الضارية بين أطراف القتال.

وأفاد ناشطون ومصادر محلية بأن المدينة تتعرض لقصف مدفعي عنيف، يستهدف المنازل والمستشفيات، ودور إيواء النازحين التي تقع وسط مناطق مأهولة بالسكان.

وأضافت لجان المقاومة (جماعة محلية) في تصريح على موقع «فيسبوك» أن الفاشر تباد بقصف متعمد من قِبل «ميليشيات الجنجويد»، استُخدمت فيه أكثر من 50 راجمة، الثلاثاء، وخلّف العشرات الجرحى والقتلى.

وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا منذ الصباح الباكر دويّ أصوات مدفعية في مناطق متفرقة من الفاشر. بينما ذكر شهود عيان أن «القذائف المدفعية والراجمات» تتساقط عشوائياً على الأحياء الجنوبية والشرقية للمدينة.

وتتواصل منذ الأسبوع الماضي معارك عنيفة بين الجيش السوداني والقوات المتحالفة من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى في الفاشر، التي تعد العاصمة الوحيدة في ولايات دارفور الخمس التي لم تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر على أكثر من 80 في المائة من الإقليم، بعد سقوط القواعد العسكرية التابعة للجيش السوداني في مدن الجنينة ونيالا، وزالنجي والضعين.

وتصدى الجيش السوداني والقوات المتحالفة خلال الأيام القليلة الماضية لعشرات الهجمات الواسعة التي ظلت تشنها «قوات الدعم السريع» بهدف الاستيلاء على المدينة.

وكانت المنسقة المقيمة للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان، كليمنتاين نكويتا سلامي، قد دعت، الاثنين، الأطراف المتحاربة لوقف القتال في المدينة، بعد أن بات يهدد حياة آلاف الأشخاص.

ونقلت منصات إعلامية تابعة لـ«قوات الدعم السريع» فيديوهات تشير إلى تقدُّم قواتها داخل الأحياء السكنية في الفاشر، على مقربة من قاعدة الجيش السوداني «الفرقة السادسة مشاة».

وفقاً للأمم المتحدة قُتل أكثر من 188 ألف شخص وأصيب أكثر من 33 ألف شخص منذ اندلاع الحرب (أ.ف.ب)

بدورها، أكدت «قوات الدعم السريع» في بيان على منصة «إكس» التزامها الكامل بإيصال المساعدات الإنسانية إلى الملايين من ضحايا الحرب، التي أشعلها عناصر النظام المعزول الذي اختطف القرار داخل القوات المسلحة السودانية. وقالت إن «الأكاذيب والادعاءات الفارغة» التي ظل يرددها حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، بشأن نهب قوافل المساعدات الإنسانية، هي للتغطية على الهزائم التي تتعرض لها مرتزقته.

كما ذكرت في البيان أن «قوات الدعم السريع» تعمل مع المنظمات الإنسانية لتسهيل وصول المساعدات لمستحقيها، في الوقت الذي يحرض فيها «مناوي» الجيش السوداني على قصف المدن، والبلدات الآمنة بالبراميل المتفجرة لقتل الأبرياء من الأطفال والنساء.

ومنذ اندلاع القتال في الفاشر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نزح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية. ووفقاً للأمم المتحدة، فقد قُتل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألف شخص منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023.


مقالات ذات صلة

تحالف مدني سوداني يجدد الدعوة لتسليم البشير ورفاقه لـ«الجنائية الدولية»

شمال افريقيا إبراهيم موسى زريبة (مواقع التواصل)

تحالف مدني سوداني يجدد الدعوة لتسليم البشير ورفاقه لـ«الجنائية الدولية»

اتهم زريبة مباشرة حزب «المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية»، بإشعال شرارة الحرب بمهاجمة قوات «الدعم السريع» في المدينة الرياضية.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)

واشنطن تتعهد بمواجهة «دعاة الحرب» ودعم الانتقال المدني في السودان

الموفد الأميركي يتعهد بالوقوف ضد «الذين يخوضون الحرب»، ويَعدّ تمسكهم باستمرارها «إهانة للحُلم السوداني واستهانة بشجاعة السودانيين ووقفتهم السلمية»

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا من آثار المعارك في مدينة الفاشر (أ.ف.ب)

تضارب المعلومات عن معارك الفاشر

تواصلت المعارك الضارية بين الجيش السوداني وحلفائه و«قوات الدعم السريع» في حاضرة ولاية شمال دارفور (الفاشر) لليوم الرابع على التوالي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نازحون سودانيون في مخيم بالقضارف (أ.ف.ب)

الفاشر بين الصمود والسقوط... معركة «النفَس الطويل»

تجدّدت المعارك العنيفة، السبت، في الفاشر، جنوب غربي السودان، حيث أُفيد بأن «قوات الدعم السريع» تشنّ هجوماً، في حين أفاد شهود بوقوع «عدة غارات لطيران الجيش على…

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)

السودان: تجدّد المعارك في الفاشر بعد هجوم لـ«قوات الدعم السريع»

تجدّدت المعارك العنيفة السبت في الفاشر جنوب غربي السودان حيث تشن «قوات الدعم السريع» هجوماً أدانته واشنطن، وفق ما أفاد شهود «وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مصر وأميركا لتعميق التعاون عبر «حوار استراتيجي» بالقاهرة

مباحثات بين وزيري خارجية مصر وأميركا في مدينة العلمين الشهر الماضي (الخارجية المصرية)
مباحثات بين وزيري خارجية مصر وأميركا في مدينة العلمين الشهر الماضي (الخارجية المصرية)
TT

مصر وأميركا لتعميق التعاون عبر «حوار استراتيجي» بالقاهرة

مباحثات بين وزيري خارجية مصر وأميركا في مدينة العلمين الشهر الماضي (الخارجية المصرية)
مباحثات بين وزيري خارجية مصر وأميركا في مدينة العلمين الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

سعياً لتعزيز وتعميق التعاون المشترك، تستضيف العاصمة المصرية القاهرة، الأيام المقبلة، جولة جديدة للحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة، برئاسة وزيري خارجية البلدين.

ويبدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، زيارة إلى القاهرة، الثلاثاء، حيث يشارك نظيره المصري بدر عبد العاطي، في رئاسة افتتاح الحوار الاستراتيجي بين البلدين، حسب إفادة للخارجية الأميركية.

ووفق خبراء سياسيين، فإن توقيت انعقاد الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن، في ضوء تطورات المنطقة «يضفي أهمية خاصة، في دفع جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلى جانب التنسيق المشترك، منعاً لتضارب المصالح، في ملفات مثل السودان وليبيا والوضع بمنطقة البحر الأحمر، فضلاً عن تعزيز التعاون الاقتصادي».

وبحسب البيان الأميركي فإن «الحوار الاستراتيجي يستهدف تعزيز العلاقات الثنائية وترسيخ التنمية الاقتصادية وتقوية الروابط بين الشعبين من خلال الثقافة والتعليم»، وأوضح أن «بلينكن سيجتمع مع المسؤولين بمصر، لمناقشة الجهود المستمرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة بشكل يضمن الإفراج عن جميع الرهائن والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني والمساعدة في تحقيق الأمن الإقليمي الأوسع نطاقاً».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مارس الماضي (رويترز)

واستضافت العاصمة الأميركية واشنطن، آخر جولة من الحوار، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، برئاسة وزيري خارجية البلدين، اللذين حددا آنذاك مجالات التعاون الثنائي والإقليمي لتشمل «الشؤون الاقتصادية والتجارية والتعليمية والثقافية والقنصلية ومسائل حقوق الإنسان والعدالة وإنفاذ القانون، والدفاع والأمن».

تحقيق توازن

ويرى المحلل السياسي الأميركي ماك شرقاوي، أن «استئناف انعقاد الحوار بين القاهرة وواشنطن، يعكس تقدير الإدارة الأميركية لأهمية الدور المصري، في دعم المصالح الأميركية بمنطقة الشرق الأوسط»، وقال إن «أميركا تستهدف التعويل على دور مصر في الملفات المعقدة بالمنطقة، بداية من الوضع في غزة والأزمات في ليبيا والسودان، والتوتر في البحر الأحمر والقرن الأفريقي».

وعدّ شرقاوي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإدارة الأميركية تسعى لتحقيق توازن في العلاقات مع القاهرة، في ضوء التوترات بين مصر وإسرائيل الأخيرة، على خلفية الحرب في قطاع غزة»، مشيراً إلى موافقة واشنطن مؤخراً على منح المساعدات العسكرية كاملة لمصر، البالغة قيمتها 1.3 مليار دولار، رغم الضغوط الإسرائيلية بتعليقها. وعدّ ذلك «رسالة تقدير للتعامل المصري تجاه الاستفزازات الإسرائيلية على الحدود المصرية مع قطاع غزة».

وتحصل مصر على مساعدات عسكرية أميركية بقيمة 1.3 مليار دولار، منذ توقيع اتفاق السلام بينها وبين إسرائيل، وأعلنت الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي عن «موافقة واشنطن، تقديم قيمة المساعدات كاملة»، بعد ربط الإدارة الأميركية، خلال السنوات القليلة الماضية، تلك المساعدات باشتراطات تتعلق بملف حقوق الإنسان، وتعليق نحو 320 مليون دولار من قيمتها المقدمة لمصر.

مصافحة تاريخية في كامب ديفيد بين السادات وبيغن برعاية كارتر (غيتي)

ويرى المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، اللواء نصر سالم، أن حصول مصر على قيمة المساعدات العسكرية الأميركية كاملة قبيل انعقاد جلسة الحوار، «يعكس رغبة واشنطن في الاقتراب من القاهرة، وتأمين المصالح المشتركة للبلدين في ملفات عديدة بالمنطقة»، مشيراً إلى أن «الحوار الاستراتيجي، يشمل التنسيق المشترك في مختلف المجالات، الخارجية والعسكرية والأمنية والاقتصادية».

وأوضح سالم لـ«الشرق الأوسط»، أن أهمية الحوار تتعلق بـ«تنسيق المصالح بين القاهرة وواشنطن، في ملفات مهمة، مثل ليبيا والسودان ومنطقة البحر الأحمر، حتى لا يحدث تعارض في رؤى وتحركات البلدين فيها، يؤدي لخلاف مستقبلي»، مشيراً إلى أن «مصر تستهدف تأمين حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس، وتسعى للتنسيق مع الجانب الأميركي لعودة الاستقرار بالمجرى الملاحي».

وينظر الخبير العسكري المصري، إلى الحوار الاستراتيجي مع واشنطن، بعدّه «جزءاً من الشراكات التي تقوم بها القاهرة مع القوى الدولية».

اتفاق التهدئة

بينما يتوقف مساعد وزير الخارجية المصري السابق، السفير حسين هريدي، مع توقيت انعقاد الحوار الاستراتيجي بين مصر وأميركا، مشيراً إلى أن «إقامته في ظل الأوضاع في المنطقة، تضفي أهمية خاصة بشأن التهدئة التي يقوم بها (الوسطاء) في قطاع غزة، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع»، مشيراً إلى أن «الحوار سيكون فرصة لمناقشة النقاط الخلافية بشأن اتفاق الهدنة بغزة»، إلى جانب «التشاور والتنسيق المشترك بشأن القضايا الإقليمية الأخرى، خصوصاً الأزمة في السودان وليبيا والتوتر في منطقة البحر الأحمر».

وتقوم مصر والولايات المتحدة مع قطر، بجهود الوساطة، للتوصل لوقف القتال بين حركة «حماس» وإسرائيل في قطاع غزة، على مدى الأشهر الماضية.

وأوضح هريدي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن آلية مهمة لتنسيق المصالح المشتركة بين البلدين»، وعدّ «موافقة الإدارة الأميركية على منح مصر قيمة المساعدات العسكرية كاملة لمصر، هي عودة للوضع الطبيعي للعلاقات بين البلدين»، مشيراً إلى أن «قيمة المساعدات تعود بالنفع والفائدة على الجانبين».