توافق مصري - روسي على ضرورة وقف فوري للنار في غزة

عبد العاطي بحث مع لافروف نزاع «سد النهضة» وتوترات البحر الأحمر

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)
TT

توافق مصري - روسي على ضرورة وقف فوري للنار في غزة

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)

في زيارة استهدفت تعزيز العلاقات الثنائية، وتنسيق المواقف بين القاهرة وموسكو بشأن قضايا المنطقة، التقى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وتوافق البلدان على «ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة».

وأكد وزير الخارجية المصري، في مؤتمر صحافي بالعاصمة الروسية، الاثنين، «ضرورة إيجاد حل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن «زيارته إلى موسكو تأتي في ظل ظروف إقليمية ودولية صعبة، على خلفية مخاوف من اندلاع حرب في المنطقة».

وأشار وزير الخارجية المصري إلى أنه «بحث مع نظيره الروسي تطورات الأوضاع في المنطقة، لا سيما الوضع في غزة والضفة الغربية»، لافتاً إلى «استمرار جهود الوساطة التي تجريها بلاده بالتعاون مع قطر من أجل وقف إطلاق النار في غزة».

وشدد عبد العاطي على «ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة ومعبر رفح ومحور فيلادلفيا؛ حتى تتمكن مصر من تشغيل معبرها الحيوي مع القطاع».

بدوره، أكد وزير الخارجية الروسي «استمرار التعاون بين القاهرة وموسكو في مجلس الأمن للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة»، مشيراً إلى أن «القرارات ذات الشأن تصطدم بعرقلة واشنطن لها»، ولفت إلى «دعم بلاده الجهود المصرية الرامية لوقف إطلاق النار والقتال في غزة».

وأضاف: «بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، من الضروري تنظيم عملية تسليم الإمدادات الإنسانية بصفة فورية؛ لأن الدورة الإنسانية في قطاع غزة كارثية، والوضع في الضفة الغربية ليس أفضل بكثير».

الوزيران تناولا مختلف أوجه العلاقات الثنائية بجانب استعراض مختلف القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك (الخارجية المصرية)

وجدّد الوزيران تأكيدهما «ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني، وعاصمتها القدس الشرقية».

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية إن «المباحثات تناولت قضية (سد النهضة) الإثيوبي»؛ إذ أكد عبد العاطي «أهمية قضية الأمن المائي المصري، وضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء السد وتشغيله، ورفض أي إجراءات أحادية، وأي ضرر يلحق بدولتي المصب».

وبين مصر وإثيوبيا نزاع ممتد لأكثر من عشر سنوات بشأن «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن يؤثر في حصتها بالمياه.

وتطرّقت المباحثات أيضاً إلى التوترات في منطقة البحر الأحمر؛ إذ أكد عبد العاطي «أهمية أمن منطقة البحر الأحمر»، مشيراً إلى «تداعيات التوترات في المنطقة على العالم أجمع».

وقال عبد العاطي: «مصر هي المتضرر الأكبر من الأزمة في البحر الأحمر التي تؤثر في عائدات قناة السويس»، مطالباً بـ«وقف التصعيد، ووقف الحرب على غزة والحفاظ على حرية الملاحة».

تراجع عائدات قناة السويس

تراجعت عائدات قناة السويس المصرية، إثر تصاعد التوترات في البحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وبشأن الوضع في ليبيا، أكد وزير الخارجية المصري «ضرورة حل الأزمة الليبية، دون أي تدخلات خارجية، وإجراء انتخابات رئاسية تُنهي الأزمة القائمة». كما دعا إلى «وضع حد للحرب الدائرة في السودان»، مشيراً إلى أنه «أطلع نظيره الروسي على جهود مصر في حل الأزمة السودانية». وقال: «أكدنا ضرورة استبعاد أي حلول عسكرية».

وجدّد وزير الخارجية المصري تأكيد «رفض بلاده الكامل أي إجراءات أحادية تنال من وحدة الصومال وأمنه».

وشهدت الفترة الأخيرة تصاعد التوترات بين مصر والصومال من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر، إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي في بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية؛ الأمر الذي رفضه الصومال، وسط دعم عربي ومصري. وفي نهاية أغسطس (آب) الماضي، أعلن الصومال «وصول معدات ووفود عسكرية مصرية للعاصمة مقديشو، في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، وهو ما عارضته أديس أبابا، متوعدة بأنها «لن تقف مكتوفة الأيدي».

بدورها، أكدت أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتورة نورهان الشيخ، أن «الزيارة تستهدف التنسيق بين مصر وروسيا في مختلف القضايا الإقليمية»، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن «موسكو دولة مهمة، ولها ثقل ودور وعلاقات قوية مع أطراف مختلفة في المنطقة من أبرزهم إيران، ولذلك من المهم التنسيق معها، لا سيما مع مخاوف اتساع رقعة الصراع في المنطقة».

لكن على الرغم من ذلك فإن «روسيا قد لا يكون لها تأثير في الحل النهائي لأزمة غزة، وتداعياتها على منطقة البحر الأحمر»، حسب الشيخ التي تقول إن «دور موسكو مهم في خفض التصعيد، لكن الحل النهائي رهن الموقف الإسرائيلي ومدى تعاون تل أبيب مع الأطراف الدولية الأخرى».

على صعيد العلاقات الثنائية، أكد وزير الخارجية المصري «أهمية استمرار وتيرة التنسيق والتشاور المشترك بين القاهرة وموسكو، والعمل على تعزيز أوجه التعاون الثنائي في مختلف المجالات»، لا سيما قطاعات الطاقة والأمن الغذائي والسياحة والنقل واللوجيستيات، الأمر الذي يُسهم في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى آفاق أرحب، خصوصاً مع انضمام مصر إلى عضوية تجمع «بريكس».

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير تميم خلاف، إن «المباحثات بين الوزيرين تناولت تطورات عدد من المشروعات المهمة التي يجري تنفيذها، وعلى رأسها محطة إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية في الضبعة، والمنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس».

وهنا أشارت الشيخ إلى أن «الزيارات المتبادلة بين روسيا ومصر هي جزء من اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين». وقالت: «هناك لقاءات وزيارات مستمرة بين مسؤولي البلدين في إطار تفعيل الشراكة، وتأتي السياسية منها رافعة لباقي المجالات».

ويعود تاريخ العلاقات بين البلدين إلى عام 1943؛ إذ بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والاتحاد السوفياتي. وكانت مصر في طليعة الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، عام 1991. واكتسبت العلاقات المصرية - الروسية «قوة دفع قوية» في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حسب «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا نحو 5.1 مليار دولار خلال عام 2023، حسب بيان «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» في مصر خلال يناير (كانون الثاني) الماضي.

وخلال زيارته لموسكو عقد وزير الخارجية المصري لقاء مع وزير الصناعة الروسي أنطون أليخانوف، «تناول آخر المستجدات المتعلقة بمشروعات التنمية المشتركة بين مصر وروسيا، وسبل تعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية بين البلدين في مختلف المجالات، والعمل على تسهيل زيادة الصادرات المصرية إلى روسيا»، حسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الخارجية المصرية.


مقالات ذات صلة

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.