​استخدام «الممر الجزائري» نحو إسبانيا في ازدياد

تفكيك شبكتين لتهريب البشر إلى جنوب أوروبا

طرق الهجرة نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (منظمات إسبانية غير حكومية)
طرق الهجرة نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (منظمات إسبانية غير حكومية)
TT

​استخدام «الممر الجزائري» نحو إسبانيا في ازدياد

طرق الهجرة نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (منظمات إسبانية غير حكومية)
طرق الهجرة نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (منظمات إسبانية غير حكومية)

أعلنت الشرطة الجزائرية، الاثنين، عن اعتقال 19 شخصاً بشبهة تنظيم رحلات هجرة سرية إلى سواحل جنوب أوروبا، فيما كشفت منظمة غير حكومية إسبانية، أن أكثر من 10 آلاف مهاجر غير نظامي وصلوا إلى مدن إسبانيا، انطلاقاً من الجزائر، خلال العام الماضي.

وذكرت شرطة محافظة تيبازة (70 كلم غرب العاصمة الجزائرية)، بحسابها بالإعلام الاجتماعي، أن المعتقلين يعملون لحساب شبكتين تنشطان في تنظيم رحلات غير شرعية عبر البحر الأبيض المتوسط، مؤكدة أن هذا العمل «يعرّض حياة الأشخاص للخطر»، ومبرزة أن القسم المتخصص بمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر بها، تحرّى في القضية وملابساتها.

وأوضحت الشرطة أن شلّ نشاط الشبكتين «تم بفضل استغلال معلومات عن تحركات أفرادها، الذين كانوا يحضّرون لرحلات إبحار سرّية، انطلاقاً من الواجهة البحرية للبلدتين الصغيرتين، دواودة وقوراية، وأن التحريات حول القضية أثبتت ضلوع أعضاء الشبكتين في عمليات نصب على ضحايا والاستيلاء على أموالهم، مقابل إيهامهم برحلة هجرة آمنة»، موضحة أن أعضاء الشبكتين «كانوا سيعرّضون حياة ضحاياهم لخطر الموت».

اعتقال أشخاص بشبهة تهريب مهاجرين عبر البحر (الشرطة الجزائرية)

وتابع البيان أن الشرطة «حجزت على قاربين كانا على أهبة الإبحار، وأجهزة اتصال لاسلكي وبوصلة بحرية وكميات من الوقود. كما صادرت أكثر من 4 آلاف يورو، كونها عائدات إجرامية». وأحالت الشرطة المعتقلين الـ19 على القضاء، وفق البيان ذاته.

يُشار إلى أن قانون العقوبات الجزائري ينص على عقوبة بالسجن تصل إلى 10 سنوات ضد أي شخص تثبت ضده تهمة «تعريض حياة الغير للخطر»، بتنظيم رحلات غير قانونية عبر القوارب.

وكانت وزارة الدفاع أعلنت، الخميس الماضي، أن خفر السواحل منع 226 شخصاً من ركوب قوارب الهجرة السرّية، خلال أسبوع واحد (بين 4 و10 من الشهر الحالي)، في حين اعتقلت قوات الأمن 191 مهاجراً غير نظامي، داخل البلاد، يتحدرون من منطقة جنوب الصحراء في الفترة ذاتها.

وفي سياق ذي صلة، أكد تقرير حديث لمنظمة الأمم المتحدة للاجئين (أونروا) أن 10 آلاف و639 شخصاً وصلوا إلى إسبانيا عام 2023 على مسار بحري سمته «الطريق الجزائري»، مبرزاً أن نحو 8 آلاف شخص أخذوا هذا المسار نحو الأراضي الإسبانية، منذ بداية 2024 إلى شهر أغسطس (آب) الماضي.

مهاجرون غير نظاميين من النيجر على حدود الجزائر (حسابات ناشطين في غوث المفقودين)

ويمثل «الطريق الجزائري» مجموع عمليات مغادرة القوارب غير القانونية من الجزائر، خصوصاً من أربع مدن رئيسية هي: الجزائر العاصمة، ووهران، ومستغانم، وشلف غرباً. وتقع نقاط الوصول على الساحل الشرقي لإسبانيا، وتحديداً في ألميريا، أو في الجنوب، وصولا إلى مورسيا وأليكانتي، وحتى إيبيزا في جزر البليار. وتُسمى هذه القوارب «باتيراس»، وهي مصنوعة من الألياف الزجاجية، وتعمل بمحركات تتراوح قوتها بين 40 و60 حصاناً، وبقدرة استيعابية تصل إلى عشرة أشخاص.

وغالباً ما تكون هذه القوارب محملة بـ20 شخصاً، ويدفع المهاجرون ما بين ألفين و4 آلاف يورو لكل رحلة عبور، ويزداد السعر إلى الضعف عندما تكون القوارب أسرع وأقوى وأكثر أماناً، وفق شهادات مهاجرين جزائريين، نقلتها صحف إسبانية، بعد وصولهم إلى «بر الأمان».

ومع العواصف وتعطل المحركات وحوادث الغرق، تقدّر تنظيمات إسبانية تشتغل على موجات المهاجرين، أن 500 مهاجر يفقدون حياتهم كل عام. ومع ذلك، تستمر عمليات المغادرة في الزيادة. ومعظم المهاجرين هم شباب جزائريون «يشعرون بانسداد الأفق في البلاد، خصوصاً مع تدني القدرة الشرائية بسبب ارتفاع نسب التضخم وقلة فرص العمل»، بحسب «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» التي حلّتها السلطات العام الماضي.

ونظراً لعدم وجود اتفاق لإعادة المهاجرين، بين إسبانيا والجزائر، يبقى هؤلاء في الأراضي الإسبانية ثم ينتقل معظمهم إلى فرنسا حيث فرص العمل غير القانوني متوفرة.

وفي 2022 قلّصت فرنسا حصة الجزائر من تأشيرة الدخول إليها بنسبة 50 في المائة، بحجة أن قنصلياتها رفضت إصدار تراخيص الترحيل إلى البلاد، لآلاف المهاجرين الجزائريين الذين صدرت بحقهم قرارات بالطرد من التراب الفرنسي، وفق وزارة الداخلية الفرنسية. وتسبب هذا الإجراء في أزمة حادة ما زالت قائمة.

دورية لخفر السواحل الجزائري في البحر المتوسط (وزارة الدفاع الجزائرية)

كما أن عدد الأشخاص المقبلين من دول جنوب الصحراء، الذين يسلكون «الطريق الجزائري» في ازدياد، خصوصاً الماليين الذين يفرون من مناطق النزاع في بلادهم. ويسعى كثير منهم إلى البحث العمل في ورش البناء الكثيرة في الجزائر، لجمع نصيب من المال يسمح لهم بحجز مكان في قارب للهجرة.

ووفقاً لتقارير دورية للشرطة الإسبانية، يصل نصف المهاجرين إلى هدفهم دون أن يتم اكتشافهم. بينما يموت النصف الآخر في البحر غرقاً، بحكم خطورة الممر بين الجزائر وأقرب الجزر في إسبانيا.

من جهتها، أكدت وزارة الداخلية الجزائرية في تقارير، أن المهاجرين غير النظاميين الذين يدخلون البلاد يتحدرون من 44 بلداً أفريقياً، مع حضور لافت لمواطني النيجر بحكم القرب الجغرافي. وفي وقت سابق صرّح وزير الداخلية لوسائل الإعلام، بأن الحكومة وضعت «استراتيجية وطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ويجري تنفيذها في ظل الاحترام التام للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، خصوصاً ما تعلق منها بحقوق الإنسان وكرامة المهاجرين، مع الحرص على الحفاظ على العلاقات المميزة للجزائر مع بلدانهم».

ووفق الجزائر، تتسبب الصراعات والأزمات بمنطقة الساحل في نزوح أعداد كبيرة من رعايا دول هذه المنطقة إليها، خصوصاً بعد الانقلابات التي شهدتها مالي والنيجر وبوركينافاسو في العامين الأخيرين.


مقالات ذات صلة

ستارمر يناقش الهجرة مع ميلوني ويتفقان على ضرورة التوصل إلى اتفاق بشأن غزة

أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع نظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني (أ.ف.ب)

ستارمر يناقش الهجرة مع ميلوني ويتفقان على ضرورة التوصل إلى اتفاق بشأن غزة

يجتمع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع نظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني، في روما، الاثنين، للبحث في طريقة التعامل مع الهجرة غير النظامية.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (د.ب.أ)

الداخلية الألمانية: إجراءات الرقابة الحدودية المزمعة لن تكون شاملة بل موجهة

قبيل توسيع نطاق عمليات الرقابة على الحدود بقليل، كشفت وزارة الداخلية الألمانية عن تفاصيل إضافية حول الإجراءات المخططة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا مهاجرون يستعدون للصعود على متن قطار متجه إلى السويد في محطة بادبورج بجنوب الدنمارك (رويترز)

السويد تعرض على المهاجرين 34 ألف دولار ليعودوا إلى بلدانهم

أعلنت الحكومة السويدية إنها ستبدأ بعرض ما يصل إلى 350 ألف كرونة سويدية (34 ألف دولار) على بعض المهاجرين مقابل العودة إلى بلدانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ يتلقى مهاجرون هايتيون دروساً باللغة الإنجليزية في سبرينغفيلد (أ.ف.ب)

مهاجرون من هايتي يقلقهم ارتفاع منسوب العنصرية في سبرينغفيلد الأميركية

يخشى مهاجرون هربوا من العصابات في هايتي واستقروا في سبرينغفيلد بولاية أوهايو الأميركية التعرض للعنف العنصري.

«الشرق الأوسط» (سبرينغفيلد)
أوروبا الزعيم السياسي القومي الهولندي خيرت فيلدرز (أ.ب)

هولندا تسعى لتشديد القيود لتصبح دولة «غير جذابة» للمهاجرين

قالت الحكومة الهولندية، الجمعة، إنها تستهدف تطبيق مجموعة من التدابير للحد من الهجرة في الأشهر المقبلة تتضمن عدم البت في كل الطلبات الجديدة.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)

تحالف مدني سوداني يجدد الدعوة لتسليم البشير ورفاقه لـ«الجنائية الدولية»

إبراهيم موسى زريبة (مواقع التواصل)
إبراهيم موسى زريبة (مواقع التواصل)
TT

تحالف مدني سوداني يجدد الدعوة لتسليم البشير ورفاقه لـ«الجنائية الدولية»

إبراهيم موسى زريبة (مواقع التواصل)
إبراهيم موسى زريبة (مواقع التواصل)

استهل تحالف مدني سوداني جديد، نشاطه السياسي بالدعوة «لتضافر الجهود المدنية كافة لإنهاء الحرب وبناء السلام، وإلى تأسيس جيش مهني وقومي واحد، وإرساء قواعد عدالة انتقالية ومحاسبة على الجرائم التي ارتكبت بحق البلاد، بما في ذلك تنفيذ أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد رأس النظام السابق ومساعديه المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».

وقال الأمين العام لـ«تحالف القوى المدنية المتحدة» (قمم) إبراهيم موسى زريبة، في مؤتمر صحافي عقد في كمبالا الأوغندية الاثنين، إن «تحالف (قمم) الذي تكون في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الشهر الماضي، يضم 68 تنظيماً سياسياً وحركات مقاومة شبابية ورموزاً في المجتمع المدني، إضافة لحركات مسلحة موقعة على اتفاقيات سلام مع الحكومة السودانية».

واتهم زريبة مباشرة حزب «المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، بإشعال شرارة الحرب بمهاجمة قوات الدعم السريع في المدينة الرياضية»، وقال: «هذا ما حدث وكلنا شهود عليه».

وراج في وسائط التواصل الاجتماعي الموالية للإسلاميين وأنصار استمرار الحرب، أن التحالف الجديد «قمم»، يمثل الواجهة السياسية لقوات «الدعم السريع»، وهو الأمر الذي نفاه زريبة بشدة بقوله: «هذا ليس سوى تنميط جهوي، بحسبان أن كل من ينتمي لجهة سياسية معينة يتهم بأنه (دعم سريع)»، وتابع: «(الدعم السريع) جهة عسكرية فرضت عليها الحرب، ونحن شهود، أما (قمم) فهو تحالف مدني بأجندة وبرامج معلنة».

مسلّحون من «الدعم السريع» في سنار (مواقع التواصل)

وتستند تلك الاتهامات إلى أن رئيس التحالف هارون مديخير، كان يشغل منصب رئيس اللجنة الاجتماعية بالمجلس الاستشاري لقائد قوات «الدعم السريع»، وأمينه العام إبراهيم موسى زريبة كان يشغل منصب كبير المفاوضين في مفاوضات السلام بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة، التي أفضت لتوقيع «اتفاق جوبا لسلام السودان»، بيد أن زريبة قطع بأن التحالف «لا يمثل جهة؛ بل هو تحالف مدني قومي تشارك فيه تنظيمات وقوى سياسية من كل ولايات البلاد».

ووفقاً لزريبة، فإن التحالف «يدعو لوقف الحرب ووضع مرتكزات بناء الدولة، وتحديد فترة انتقالية تفضي لتحول مدني ديمقراطي، وتأسيس الدولة على أسس جديدة، وتأسيس جيش واحد مهني قومي ينأى عن السياسة والانحيازات الجهوية والعرقية، ويعكس تنوع أهل السودان وثقافاتهم».

ووجه زريبة مناشدة لطرفي الحرب؛ الجيش وقوات «الدعم السريع» للتجاوب مع دعوات الأسرة الدولية للتفاوض ووقف نزيف الدم والوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار يحمي المدنيين ويسهل وصول العون الإنساني إليهم، بما يفضي لمباحثات سياسية لا تستثني سوى «حزب المؤتمر الوطني» وواجهاته.

ودعا لتخفيف معاناة المواطنين في أماكن سيطرة كل طرف، وعدم استخدام الغذاء سلاحاً، ومعاملة الأسرى وفقاً للمواثيق والعهود الدولية المعنية، وقال: «نناشد الطرفين إطلاق سراح جميع الأسرى».

وأشاد زريبة بـ«الاستجابة المتكررة» لقيادة قوات «الدعم السريع» لكل الدعوات المقدمة من الأسرة الدولية من أجل السلام، وفي الوقت ذاته، أدان «الاستهداف الانتقائي للمجتمعات الآمنة من قبل الطيران العسكري»، بقوله: «يقتل الأبرياء والأنعام وتدمر المستشفيات ومحطات الكهرباء وموارد المياه ومساكن المواطنين بشكل انتقائي، ينم عن استهداف عنصري جهوي، غير مسبوق في تاريخ السودان». وتابع: «ندين بشدة كل الانتهاكات ضد المدنيين العزل، وندعو لمعالجة أمراض العنصرية وخطاب الكراهية».