خيبة أمل لفشل مفاوضات حل أزمة «المركزي» في ليبيا

الأمم المتحدة تعدّ «القرارات الأحادية» للأفرقاء تكرّس للانقسام المؤسسي

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة ديكارلو متحدثة وتجاورها خوري في لقاء بممثلين من المجتمع المدني الليبي (البعثة الأممية)
وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة ديكارلو متحدثة وتجاورها خوري في لقاء بممثلين من المجتمع المدني الليبي (البعثة الأممية)
TT

خيبة أمل لفشل مفاوضات حل أزمة «المركزي» في ليبيا

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة ديكارلو متحدثة وتجاورها خوري في لقاء بممثلين من المجتمع المدني الليبي (البعثة الأممية)
وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة ديكارلو متحدثة وتجاورها خوري في لقاء بممثلين من المجتمع المدني الليبي (البعثة الأممية)

عبرت قطاعات ليبية كثيرة عن «خيبة أملها» بعد فشل مشاورات مكثفة رعتها البعثة الأممية لممثلي مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» بشأن أزمة المصرف المركزي، كما «أسفت» البعثة الأممية لكون الطرفين لم يتوصلا بعد إلى اتفاق نهائي.

وتسبب قيام المجلس الرئاسي الليبي في عزل محافظ المصرف الصديق الكبير، وتعيين خلف له في إغلاق سلطات شرق ليبيا للحقول والموانئ النفطية، وسط مخاوف مما قد يترتب على ذلك خلال الأيام المقبلة.

خوري في لقاء سابق مع قوى ليبية (البعثة الأممية)

واستضافت البعثة مشاورات أطراف أزمة المصرف على مدار أسبوعين، شملت مندوبين من مجلس النواب في بنغازي، ومندوبين من مجلسي «الأعلى للدولة» و«الرئاسي» في طرابلس. لكنها لم تُشِر إلى مشاركة وفد المجلس الرئاسي في جلسة المحادثات الأخيرة التي انتهت مساء الخميس، ولم تثمر «حلاً نهائياً».

وأوضحت البعثة أنها يسّرت مشاورات بين ممثلي مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» بشأن أزمة «المركزي»، مرحبة بما سمّته «التقدم المحرز» بشأن المبادئ والمعايير والآجال التي ينبغي أن تنظم الفترة الانتقالية المؤدية إلى تعيين محافظ ومجلس إدارة جديدين للمصرف المركزي.

غير أن البعثة عبرت عن أسفها «لكون الطرفين لم يتوصلا بعد إلى اتفاق نهائي»، مذكرة الأطراف الليبية كافة «بمسؤوليتها عن معالجة هذه الأزمة على وجه السرعة، كون استمرارها ينطوي على مخاطر جسيمة على رفاهة الليبيين وعلى علاقات ليبيا مع شركائها الدوليين».

ودعت البعثة «الأطراف إلى إعطاء الأولوية لمصلحة ليبيا العليا وإخراج المصرف من دائرة الصراعات السياسية»، مجددة حديثها بشأن أن «القرارات الأحادية» التي اتخذها الجميع من شأنها تقويض الثقة بين الأطراف السياسية والأمنية وتكريس الانقسامات المؤسسية.

وانتهت البعثة إلى أن «الحوار الهادف والشامل» يظل «السبيل الوحيدة» لتحقيق التوافق بين الليبيين، وكسر الحلقة المفرغة للمراحل الانتقالية، والوصول بليبيا إلى سلام واستقرار مستدامين.

وكانت «الميديا» الليبية في حالة ترقب مساء الخميس، لما قد يسفر عنه الاجتماع من نتائج قد تسرّع من إعادة ضخ النفط، لكنها عبرت عن أسفها هي الأخرى مما سمته «تحكم الأطراف المتصارعة في مصير الشعب لأغراض سياسية».

وأعلن ممثلا مجلسي «النواب» و«الدولة» عقب الاجتماع عن الاتفاق على «مواصلة وتوسيع مشاورات» حل للأزمة المتعلقة بإدارة المصرف، وفق 6 محاور، من بينها السعي للاتفاق في أقرب الآجال على ترتيبات مؤقتة ضمن فترة زمنية محددة تكفل تسيير أعمال المصرف إلى حين تعيين محافظ ومجلس إدارة جديدين، بالإضافة إلى العمل على ترسيخ معايير الشفافية والإفصاح والحكم الرشيد في كل أعمال مصرف ليبيا المركزي.

كما قالا إنهما اتفقا على الالتزام بتبني اتفاق يحفظ المكانة الاعتبارية والمالية لمصرف ليبيا المركزي على الساحة الدولية، ويحمي موارد الشعب الليبي من الهدر وسوء الاستخدام.

ومن دون تحديد موعد لاجتماع جديد، قالا إنهما «سيواصلان خلال الأيام القليلة المقبلة، برفقة بقية أعضاء المجلسين، المشاورات الرامية إلى إنهاء الأزمة استناداً إلى مقتضيات الاتفاق السياسي والاتفاقات اللاحقة والتشريعات الليبية السارية».

وقال المحلل السياسي الليبي فرج فركاش، إن هناك «مماطلة متعمدة» في حل أزمة المصرف، أرجعه وفق رأيه، إلى وجود «مؤامرة داخلية» لفرض واقع جديد لتغيير الواقع الراهن بأسلوب بعيد عن السياسة؛ حتى لو كان ذلك نتيجته انهيار الدينار الليبي.

وأضاف فركاش في تصريح صحافي، أن «البعض للأسف ينظر لمصلحته السياسية والسلطوية الآنية، وما سيحققه من مكتسبات أولاً، بموازاة آخرين همهم على الوطن والمواطن».

وتتصاعد مخاوف الليبيين إثر الاستمرار في إغلاق النفط.

وكانت بيانات لشركة «كبلر» أظهرت نهاية الأسبوع، أن صادرات النفط الليبية هبطت نحو 81 في المائة بعد أن ألغت المؤسسة الوطنية للنفط الشحنات وسط أزمة حول السيطرة على مصرف ليبيا المركزي وعائدات النفط.

ويعتقد وكيل وزارة الخارجية بالحكومة الليبية المؤقتة حسن الصغير، في إدراج له على عبر حسابه على «فيسبوك»، أن «المخزون السلعي المحدود، بالإضافة إلى المتداول من النقد الأجنبي ينبآن بأزمة حادة بدءاً من منتصف الأسبوع المقبل».

ويرى محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، الذي أقاله المجلس الرئاسي في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز»، أن المصرف «لا يزال معزولاً عن النظام المالي العالمي» في ظل أزمة مستمرة منذ أسابيع أدت إلى توقف إنتاج النفط في البلاد.

وقال الكبير متحدثاً من محل إقامته في إسطنبول، إن مجلس إدارة المصرف، الذي عينه «الرئاسي» بدلاً منه، «يسيطر على نظام المدفوعات الداخلية في البلاد، لكن البنوك الأجنبية لا تجري معاملات معه».

المنفي مستقبلاً عدداً من أعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس الرئاسي)

وكان محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، حض أعضاء بالمجلس الأعلى للدولة التقاهم مساء الخميس، على ضرورة توحيد الجهود حول قضية المصرف، للمساعدة في «تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي في أنحاء البلاد كافة».

الدبيبة مستقبلاً السفير البريطاني لدى ليبيا مارتن لونغدن (حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة)

والتقى عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، في طرابلس، السفير البريطاني لدى ليبيا مارتن لونغدن، وتباحثا حول التطورات السياسية والاقتصادية في البلاد.

ونقلت منصة «حكومتنا» التابعة للحكومة عن السفير، «دعم المملكة المتحدة الكامل للدفع بالعملية السياسية في ليبيا بالذهاب مباشرة نحو إجراء انتخابات نزيهة تضمن استقرار البلاد».

جانب من تعرض سودانيين لحادث بصحراء الكفرة جنوب شرقي ليبيا (جهاز الإسعاف)

في شأن مختلف، لقي 4 سودانيين حتفهم بعد انقلاب حافلة كانت تقلهم مع آخرين جنوب مدينة الكفرة جنوب شرقي ليبيا.

وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ بالكفرة، اليوم (الجمعة)، أن الحادث وقع بالقرب من العوينات إثر انقلاب حافلة غادرت مدينة الكفرة تقل مجموعة من السودانيين.

ونوه الجهاز بأن الحادث أسفر عن وفاة 4 أشخاص وإصابة مثلهم بكسور، لافتاً إلى أن المصابين تم نقلهم إلى مستشفى الشهيد عطية الكاسح التعليمي لتلقي العلاج.


مقالات ذات صلة

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

شمال افريقيا المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

حسمت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الجدلَ حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

تتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.