غارات جوية على مواقع «الدعم السريع» عقب معارك ضارية في الفاشر

أنباء عن تقدم قوات «حميدتي» إلى قلب المدينة

سوق مدمَّرة جراء معارك سابقة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)
سوق مدمَّرة جراء معارك سابقة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

غارات جوية على مواقع «الدعم السريع» عقب معارك ضارية في الفاشر

سوق مدمَّرة جراء معارك سابقة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)
سوق مدمَّرة جراء معارك سابقة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

نفّذ الطيران الحربي للجيش السوداني، الجمعة، غارات جوية مكثفة على مناطق تمركز قوات «الدعم السريع»، في الجزء الشرقي من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)؛ لوقف أي هجوم محتمل للتقدم إلى وسط المدينة.

وسبق هذا الهجومَ الجوي معاركُ، وُصفت بـ«الضارية»، دارت بين الأطراف المتحاربة في الفاشر منذ اندلاع القتال حولها قبل 5 أشهر.

وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، ليل الخميس - الجمعة، إن القوات المسلَّحة والقوة المشتركة و«المقاومة الشعبية» دحرت هجوماً كبيراً شنّته ميليشيا آل دقلو (يقصد قوات «الدعم السريع») على الفاشر، وكبّدتها خسائر كبيرة في الأفراد والمركبات.

بدورها قالت القوة المشتركة للفصائل الدارفورية المسلّحة، التي تُقاتل في صفوف الجيش السوداني، إنها صدّت هجوماً واسعاً لقوات «الدعم السريع» على مدينة الفاشر من المحورين الجنوبي والشرقي.

وأضافت أن هذا الهجوم يُعدّ رقم 133 من حيث العدد، وأن قواتها تمكنت من القضاء على أكثر من 80 من جنود وضباط «الدعم السريع»، وتدمير أكثر من 20 آلية عسكرية.

امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)

وتحدثت منصات إعلامية، تابعة لـ«الدعم السريع»، عن مقتل عدد من أفرادها وقادتها الميدانيين، أبرزهم عبد الرحمن، الشهير باسم «قرن شطة».

وقال شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، إن طائرات الجيش حلّقت، صباح الجمعة، في سماء المدينة، وقصفت الأحياء الشرقية، التي تُعدّ مراكز متقدمة لـ«الدعم السريع». وأضافوا: «أعقبت الضربات الجوية سماع دويّ ضخم وانبعاث دخان وألسنة النيران من المناطق المستهدفة».

وكانت قوات «الدعم السريع» قد شنّت هجمات من عدة محاور على مدينة الفاشر، بعدما حشدت قوات كبيرة على مدار أسبوعين لاجتياحها.

لكن مصادر محلية مقيمة في الفاشر، أفادت بأن المعارك الشرسة التي دارت، الخميس، أسفرت عن مقتل أعداد كبيرة، وسط القوات من الأطراف المتحاربة.

وأوضحت المصادر نفسها، التي فضّلت حجب هويتها، أنه لا توجد اشتباكات برية، الجمعة، لكن قوات «الدعم السريع» مستمرة في القصف المدفعي على الأحياء السكنية.

وأعلنت «حركة تحرير السودان»، التي يتزعمها حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أن مدينة الفاشر تشهد هدوءاً نسبياً منذ ليل الخميس، وذلك بعد تدمير كل تحركات ميليشيات «الجنجويد»، والقضاء على معظم قيادتها الميدانية.

دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور على أثر معارك سابقة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» (د.ب.أ)

وأضافت، في بيان على حسابها بـ«فيسبوك»، أن جميع مقاتلي القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلّح على أهبة الجاهزية والاستعداد للتعامل مع بقايا «ميليشيا الدعم السريع» وردعها عسكرياً في كل المحاور حول المدينة.

وتجدّدت الاشتباكات والقصف المدفعي المتبادل، الخميس، بين الجيش السوداني وقوات الحركات المسلّحة من جهة، و«الدعم السريع» من جهة أخرى في الفاشر، غداة تجديد مجلس الأمن الدولي حظر السلاح في الإقليم.

وتُعدّ الفاشر المَعقل الأخير للجيش السوداني والفصائل المتحالفة معه، وبسقوطها تكون قوات «الدعم السريع»، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) تسيطر على كامل إقليم دارفور الغربي.

وتتحدث منصات محسوبة على قوات «الدعم السريع»، على منصة «إكس»، عن تقدم كبير لقواتها، وسيطرتها على الخنادق الدفاعية المتقدمة للجيش والقوات المتحالفة معه، على بُعد بضعة كيلومترات من القاعدة العسكرية الرئيسية، الواقعة غرب وسط الفاشر.

ونشرت تلك المنصات مقاطع فيديو لقوات من «الدعم السريع» تتوغل إلى مناطق في وسط، لم يتسنَّ التأكد من دقتها.

وتُظهر التسجيلات المصوَّرة المتداولة بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي، التقدم الكبير لقوات «الدعم السريع» في المحور الجنوبي للفاشر، وتجاوزها الدفاعات المتقدمة للجيش والفصائل المتحالفة بالقرب من المستشفى الجنوبي الذي يقع وسط المدينة. كما تتداول أنباء أخرى عن أن القائد الثاني لقوات «الدعم السريع»، عبد الرحيم دقلو، شقيق حميدتي، يشرف بشكل مباشر على المعارك التي تدور حالياً حول مدينة الفاشر.

وتفرض «الدعم السريع» حصاراً مُحكماً على الفاشر، بعدما أحكمت قبضتها على أربع مدن في إقليم دارفور، من أصل خمس.

وقُتل أكثر من 800 شخص، على الأقل، في صفوف المدنيين، في القتال الدائر بمدينة الفاشر، ونزح عشرات الآلاف، خلال الأشهر الماضية، بسبب القصف المدفعي والصاروخي العشوائي.

ووفقاً لإحصائيات «الأمم المتحدة» وشركاء العمل الإنساني في السودان، قُتل أكثر من 188 ألف شخص، وأُصيب أكثر من 33 ألف شخص، منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023.


مقالات ذات صلة

تضارب المعلومات عن معارك الفاشر

شمال افريقيا من آثار المعارك في مدينة الفاشر (أ.ف.ب)

تضارب المعلومات عن معارك الفاشر

تواصلت المعارك الضارية بين الجيش السوداني وحلفائه و«قوات الدعم السريع» في حاضرة ولاية شمال دارفور (الفاشر) لليوم الرابع على التوالي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نازحون سودانيون في مخيم بالقضارف (أ.ف.ب)

الفاشر بين الصمود والسقوط... معركة «النفَس الطويل»

تجدّدت المعارك العنيفة، السبت، في الفاشر، جنوب غربي السودان، حيث أُفيد بأن «قوات الدعم السريع» تشنّ هجوماً، في حين أفاد شهود بوقوع «عدة غارات لطيران الجيش على…

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا جانب من آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي (الري المصرية)

مصر تعوّل على تعيين «مبعوث أممي» لمواجهة «الندرة المائية»

تعوّل مصر على تعيين «مبعوث أممي للمياه» لمواجهة «الندرة المائية» التي تعانيها البلاد.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية من جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)

محادثات مصرية - أميركية في القاهرة تتناول الأزمة السودانية

يكثف المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، من مشاوراته في القاهرة، مع مسؤولين مصريين، وممثلي قوى سياسية ومدنية سودانية.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا عائلات نازحة بولاية كسلا بالسودان في 10 يوليو 2024 (رويترز)

أحكام السجن والإعدام «أدوات للحرب» في السودان

تحولت أحكام سودانية بالسجن والإعدام بحق مواطنين خلال الحرب، إلى ما وصفه قانونيون بـ«أدوات للحرب»، خاصة أن قرارات الإدانة ترتكز حول «التخابر» مع «الدعم السريع»

وجدان طلحة (بورتسودان)

«المركزي» الليبي يعلن «تصفير» الدين العام... والمحافظ السابق يدّعي عودته

وزير الخارجية التونسي خلال اجتماعه مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا (وزير الخارجية التونسي)
وزير الخارجية التونسي خلال اجتماعه مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا (وزير الخارجية التونسي)
TT

«المركزي» الليبي يعلن «تصفير» الدين العام... والمحافظ السابق يدّعي عودته

وزير الخارجية التونسي خلال اجتماعه مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا (وزير الخارجية التونسي)
وزير الخارجية التونسي خلال اجتماعه مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا (وزير الخارجية التونسي)

ادّعى المحافظ السابق لمصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، أنه «متأكد من رجوعه مجدّداً إلى ممارسة عمله في المصرف»، لكنه لم يحدّد موعداً لذلك، لافتاً إلى ما وصفه بـ«سلامة موقفه القانوني».

فيما أعلنت الإدارة الجديدة للمصرف المركزي، المكلّفة من المجلس الرئاسي، أنه تم إطفاء الدين العام بالكامل، ما يعنى أنه أصبح «صفراً».

وقال الكبير في تصريحات متلفزة، مساء الجمعة، من مقر إقامته في تركيا، بعد فراره من العاصمة طرابلس خوفاً على حياته، إن موظفي المصرف اعتمدوا في عودتهم إلى العمل على قرار من جهة غير مختصة للحفاظ على المصرف، مشيراً إلى أنه تم استخدام أدوات للترهيب، بالإضافة إلى «حملة اعتقالات وخطف لبعض المديرين والموظفين وذويهم، ما أجبرهم على العودة».

وعَدّ أن الجزء الخارجي الخاص بعمل المصرف «موقوف بالكامل بالنسبة للجهات الدولية التي يعمل معها المصرف المركزي»، قائلاً: «جميع التعاملات مع 30 مؤسسة دولية كبرى موقوفة».

كما ذكر الكبير أنه للحفاظ على المسار السياسي لا بد من الالتزام بالقوانين النافذة، مضيفاً: «التزِموا بذلك، نحن مع التغيير، وضد الالتفاف على مؤسسات الدولة بهذه الطريقة، نحن مع التغيير باتفاق مجلسَي النواب والأعلى للدولة».

في المقابل أصدرت الإدارة الجديدة للمصرف بيانها الشهري للإيراد والإنفاق العام، للفترة من مطلع هذا العام وحتى نهاية الشهر الماضي، لافتاً إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى إطلاع الجميع على الأداء المالي والاقتصادي بشكل واضح وشامل، واستمرار لجهود الإدارة الجديدة نحو تطوير قنوات تواصل مباشرة وفعّالة، لتحقيق أهدافه الرئيسية المتعلقة بالاستقرار النقدي والمالي.

وأكّد المصرف المركزي استمرار جهوده في «تحقيق أعلى معدلات الإفصاح والشفافية والمساءلة في عملياته كافّةً»، كما نشر تفاصيل طلبات فتح الاعتمادات المستندية التي تم تنفيذها أخيراً، استناداً إلى منشور إدارة الرقابة على المصارف والنقد بالمصرف بشأن الضوابط المنظمة للتعامل بالنقد الأجنبي، وموافقة الجهات الطالبةِ فتحَ الاعتمادات على قيام المصرف بنشر تفاصيل تلك الاعتمادات.

ونقلت وكالة «نوفا» الإيطالية، عن مسؤول إدارة الالتزام بالمصرف، عاصم الحجاجي، عودته إلى مرحلة الاستقرار مع عودة الموظفين كافةً، لافتاً إلى أن المصرف يركز حالياً على تعزيز الالتزام بالمعايير واللوائح الدولية، والالتزام بوضع السياسات والإجراءات التي تعزّز الشفافية، وتضمن الالتزام بالقوانين المحلية والدولية.

وأضاف أن جهود تحسين الأداء الداخلي، وتعزيز الشفافية، ساعدت في استعادة ثقة المؤسسات المصرفية الدولية، مشيراً إلى سعي الإدارة الجديدة للمصرف لإعادة التواصل مع البنوك والمؤسسات المالية الدولية.

إلى ذلك، جدّد وزير الشؤون الخارجية التونسي، محمد علي النّفطي، خلال لقائه، مساء الجمعة، مع القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني خوري، التزام تونس بمواصلة دعم الجهود الأممية. وعرض المساهمة فيما من شأنه أن يدعم الحوار والتوافق وجهود المصالحة، من أجل الوصول إلى حل سياسي دائم ليبي - ليبي، بما يمكّن من استعادة ليبيا لأمنها واستقرارها.

ونقل عن خوري إشادتها بدعم تونس المستمر للوساطة الأممية في ليبيا، وشُكرها لتونس على تعاونها ومساندتها لجهود البعثة الأممية المتحدة في ليبيا، وتوفيرها للتسهيلات اللازمة كافةً لتيسير مهامها.