محادثات مصرية - أميركية في القاهرة تتناول الأزمة السودانية

بيرييلو أكد ضرورة الضغط على طرفي الصراع لإنهاء الحرب

أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية من جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)
أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية من جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)
TT

محادثات مصرية - أميركية في القاهرة تتناول الأزمة السودانية

أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية من جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)
أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية من جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)

يكثف المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، من مشاوراته في القاهرة، مع مسؤولين مصريين، وممثلي قوى سياسية ومدنية سودانية، للبحث عن حلول لإنهاء الحرب الدائرة في السودان.

ووصل بيرييلو، إلى القاهرة، عقب مشاورات أجراها مع مسؤولين في العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء، لـ«تنفيذ إعلان جدة، ومواصلة الجهود الدولية لإنهاء الحرب وتقديم المساعدات الإنسانية»، حسب إفادة للمبعوث الأميركي على حسابه الرسمي بمنصة (إكس)، الخميس.

ودعت «الخارجية الأميركية»، في منتصف أغسطس (آب) الماضي، الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، للمشاركة بصفتهم مراقبين، في مفاوضات حول الأزمة السودانية، في العاصمة السويسرية جنيف. ورفضت الحكومة السودانية حينها المشاركة في المحادثات، في حين شارك فيها ممثلون عن «الدعم السريع».

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت نحو 13 مليون سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وسعياً للبحث عن حلول لوقف الحرب في السودان. قال المبعوث الأميركي للسودان، إنه «جاء لمصر، لإجراء مباحثات تتعلق بالبحث عن حلول للحرب في السودان». وذكر في تصريحات متلفزة، مساء الأربعاء، أن «واشنطن تتعاون مع القاهرة في أزمة السودان، ومع شركاء آخرين، بهدف إنهاء أزمة السودان». وأوضح بيرييلو أن «بلاده تسعى لتقليل العنف في السودان»، مشيراً إلى أن «هناك أطرافاً أخرى تنخرط في الصراع الدائر بين (الجيش السوداني وقوات الدعم السريع)، وتريد إطالة أمد الحرب». وعدّ من بينها «عناصر تابعة للنظام السوداني السابق (نظام عمر البشير)». وقال إن «هناك أسلحة تحصل عليها الأطراف المتنازعة من الخارج».

جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)

وتحدثت مصادر سودانية (التقت المبعوث الأميركي للسودان بالقاهرة) عن أن «بيرييلو يستهدف التشاور مع المسؤولين في مصر، لدفع وفد الحكومة السودانية المشاركة في مائدة المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية في جنيف».

وقالت المصادر - التي فضلت عدم ذكر اسمها - لـ«الشرق الأوسط»، إن المبعوث الأميركي «يريد أن يشارك طرفا الحرب (الجيش السوداني والدعم السريع) معاً داخل قاعة اجتماعات مباحثات وقف الحرب». وأوضحت أن المبعوث الأميركي «يعول على القاهرة، في إقناع الحكومة السودانية للمشاركة في المفاوضات بشكل مباشر». وأشارت إلى أن «بيرييلو يرى أن بند وقف العدائيات والحرب، يقتضي المشاركة المباشرة من الحكومة السودانية في الاجتماعات، بدلاً من التواصل عن بعد».

وناقش وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، في مباحثات مع نظيره السوداني، حسين عوض، بالقاهرة، الاثنين الماضي، «نتائج اجتماعات جنيف، مع تقييم أعمالها، والجهود الدولية المبذولة لحل الأزمة». وأكد عبد العاطي «دعم بلاده لوحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية».

من جهته، أشار المبعوث الأميركي للسودان إلى اجتماعه مع «أعضاء من المجتمع المدني السوداني بالقاهرة». وقال في إفادة له عبر (إكس)، الخميس، إنه «استمع إلى مطالبهم الواضحة من المجتمع الدولي، بضرورة الضغط بشكل أكبر لإنهاء الحرب في السودان»، مشيراً إلى أن «الشعب السوداني يدعو باستمرار إلى السلام وتوافر الغذاء والأمن».

ويرى الباحث السوداني، في «المركز المصري للفكر والدراسات السياسية»، صلاح خليل، أن «تدخلات الإدارة الأميركية في الأزمة السودانية، تواجه إشكالية، بسبب عدم نجاح مفاوضات جنيف في اتخاذ إجراءات لوقف الحرب». وقال إن «واشنطن لم تستطع ممارسة ضغوط على (الدعم السريع) لتنفيذ مخرجات اتفاق (جدة) الإنساني، حتى يمكن مشاركة الحكومة السودانية في المفاوضات».

وأشار خليل إلى «غياب الحلول الحاسمة للأزمة السودانية، بسبب استمرار الدعم الخارجي لطرف (الدعم السريع)»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يوجد حل، ووقف لإطلاق النار، إلا بتنفيذ إعلان جدة ومخرجاته». وحذر في الوقت نفسه من «استمرار العمليات العسكرية في ولايات ومدن عديدة في السودان أخيراً»، عادّاً الجيش السوداني «حقق تقدماً في بعض الولايات مثل سنار».

جهود دولية من (وسطاء جنيف) لوقف الحرب في السودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)

وعقب اندلاع الحرب الداخلية في السودان، استضافت مدينة جدة، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، انتهت إلى توقيع ما عرف بـ«إعلان جدة الإنساني». ونص حينها على حماية المدنيين والمرافق الخاصة والعامة والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية.

بينما يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة «التيار» السودانية، أن «استمرار الاتصالات الدولية، تعكس أن مفاوضات جنيف، تحولت إلى آلية مستمرة، تتواصل على مدار الساعة مع الأطراف المختلفة، لوقف الحرب، وإنفاذ المساعدات الإنسانية»، مشيراً إلى أن «جهود الوساطة الدولية استطاعت تحقيق تقدم في دخول المساعدات الإغاثية للمتضررين من الحرب». وأوضح ميرغني لـ«الشرق الأوسط» أن «الأولوية المطلقة حالياً (لوسطاء جنيف) هي كيفية وقف الحرب». وقال إن «استمرار غياب وفد الحكومة السودانية عن المفاوضات، سيظل عقبة أمام إنجاح الجهود الدولية». وأشار إلى تأثير «الضغوط السياسية التي تمارسها قوى الإسلاميين في السودان (المحسوبين على نظام عمر البشير) لوقف مشاركة الحكومة في المفاوضات».


مقالات ذات صلة

مصر: تصاعد الخلاف بين «تشريعية النواب» و«الصحافيين» بسبب «الإجراءات الجنائية»

شمال افريقيا جانب من مناقشات اللجنة لمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» (اللجنة)

مصر: تصاعد الخلاف بين «تشريعية النواب» و«الصحافيين» بسبب «الإجراءات الجنائية»

تصاعد الخلاف بين لجنة «الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب المصري ونقابة الصحافيين، الخميس، على خلفية موافقة اللجنة على مشروع قانون «الإجراءات الجنائية».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري السيسي ونظيره الصومالي محمود في القاهرة أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)

الصومال يترقب وصول قوات عسكرية مصرية

يترقب الصومال وصول قوات عسكرية مصرية للمساهمة في «دعم قدرات الجيش الصومالي»، وتمهيداً للمشاركة في قوات حفظ السلام.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا المتهم داخل القفص خلال جلسة سابقة لمحاكمته (الشرق الأوسط)

مصر: الإعدام شنقاً لـ«سفاح التجمع»

قضت محكمة جنايات القاهرة، الخميس، بالإعدام شنقاً على المتهم كريم محمد سليم، المعروف إعلامياً بـ«سفاح التجمع».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - حساب بايدن على منصة «إكس»)

لماذا قررت واشنطن عدم تعليق مبالغ من مساعداتها العسكرية لمصر؟

في خطوة عدَّها مراقبون مؤشراً على «إدراك واشنطن أهمية القاهرة في المنطقة»، قررت الولايات المتحدة الأميركية «عدم تعليق مبالغ من مساعداتها العسكرية لمصر».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
رياضة عربية إيهاب جلال خلال أحد تدريبات منتخب مصر

وفاة إيهاب جلال تُجدد الهجوم على اتحاد الكرة المصري

أثارت وفاة مدرب كرة القدم المصري إيهاب جلال، مساء الأربعاء، حالة من الجدل في الشارع الرياضي المصري، وجددت الاتهامات ضد اتحاد كرة القدم.

محمد عجم (القاهرة)

مصر: تصاعد الخلاف بين «تشريعية النواب» و«الصحافيين» بسبب «الإجراءات الجنائية»

جانب من مناقشات اللجنة لمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» (اللجنة)
جانب من مناقشات اللجنة لمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» (اللجنة)
TT

مصر: تصاعد الخلاف بين «تشريعية النواب» و«الصحافيين» بسبب «الإجراءات الجنائية»

جانب من مناقشات اللجنة لمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» (اللجنة)
جانب من مناقشات اللجنة لمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» (اللجنة)

تصاعد الخلاف بين لجنة «الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، ونقابة الصحافيين، الخميس، على خلفية «موافقة اللجنة على مشروع قانون (الإجراءات الجنائية)»، وانتقادات نقيب الصحافيين خالد البلشي، للجنة.

وعدَّت اللجنة البرلمانية في بيان، مساء الأربعاء، أن حديث البلشي «يفتقر إلى الدقة، ويعتمد على مغالطات فجة وتضليل للرأي العام»، مؤكدة أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ادعاءات مغرضة تهدف إلى إرباك الرأي العام وزعزعة الثقة في مؤسسات الدولة المصرية، حتى ولو صدرت من أناس يستترون خلف جدار حرية الرأي».

وكان البلشي، قد قال في مؤتمر صحافي، الأربعاء، إن «مشروع القانون لا يلبي كثيراً من المعايير لوجود نصوص تخالف الدستور، بالإضافة إلى نيله من مواد الدستور الخاصة بالتقاضي ونظام العدالة». وأعدت نقابة الصحافيين ملاحظات على مشروع القانون تضمنت «التأكيد على ضرورة مراجعة المشروع بشكل عام من قِبَل لجنة خبراء القانون الدستوري والجنائي والقانون الدولي العام، مع الإشارة إلى أهمية إجراء حوار مجتمعي قبل مناقشته في مجلس النواب».

ومن بين مطالب «الصحافيين» ضرورة وضع قواعد واضحة للتظلم من قرارات أو إجراءات يتم اتخاذها من إحدى السلطات، على أن يكون التظلم لجهة خارجية عنها ورقيبة عليها.

وقال عضو لجنة «الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب، النائب إيهاب رمزي، إن تصريحات نقيب الصحافيين لم تأت من واقع دراسة ودراية بمشروع القانون، والمسودة التي أعدت وطرحت للنقاش المجتمعي مع الأطراف المعنية على مدار نحو عامين، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التصريحات استخدم فيها عبارات «فضفاضة وعامة». وأضاف أن «نقابة الصحافيين لم تقدم إلى اللجنة أي مخاطبات مكتوبة أو اعتراضات مسببة على مواد بعينها في مشروع القانون الجديد، وعدَّ أن «ادعاءات البلشي لها أغراض أخرى».

لكن وكيل نقابة الصحافيين، محمد سعد عبد الحفيظ، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن تدخل النقابة وإعلان رفض مشروع القانون يأتي «انطلاقاً من أهمية القانون الذي يمس قطاعاً عريضاً من المصريين وحرياتهم في المقام الأول»، مشيراً إلى أنهم أعدوا ملاحظاتهم على القانون والتعديلات المقترحة بالفعل وجرى إعلانها للرأي العام بالتزامن مع إعلان البرلمان انتهاء المناقشات.

وأضاف عبد الحفيظ أن «وتيرة المناقشات في القانون وإغلاق الباب أمام اقتراح تعديلات بشكل سريع، في الوقت نفسه الذي كانت تعمل فيه نقابة الصحافيين مع محامين وحقوقيين وممثلين من أطياف مجتمعية عدة، يثير تساؤلات حول أسباب الاستعجال في الأمر»، مؤكداً أن «هناك تساؤلات حول طريقة تمرير القانون بهذه الطريقة».

رئيس مجلس النواب خلال استقباله نقيب المحامين (البرلمان المصري)

وكانت نقابة المحامين قد أعلنت موافقتها على مشروع القانون بعد الاستجابة لعدد من التعديلات التي اقترحتها، ومن بينها «إلغاء إمكانية التحقيق مع المتهم من دون وجود محاميه، وإحالة مذكرة رئيس الجلسة حال حدوث مخالفة إلى النيابة بدلاً من إحالة المحامي»، وهي الاستجابة التي أبدى نادي القضاة اعتراضاً عليها.

في السياق أشار عضو لجنة «الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب، النائب ضياء الدين داود، إلى وجود ممثلين من مختلف الجهات القضائية المعنية بالقانون في المناقشات الأولية التي استمرت على مدار نحو عامين، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «اعتراضات نادي القضاة مرتبطة بمطلب واحد فقط من أصل 540 مادة شملها القانون». وعدَّ داود أن «هناك من لا يرغب في صدور قانون جديد للإجراءات الجنائية رغم المزايا المتعددة التي يتضمنها المشروع الجديد، ومن بينها إقرار مبدأ التعويض عن الحبس الاحتياطي، وتأسيس إدارة للتعاون الدولي للتعامل مع الجرائم العابرة للحدود، بالإضافة إلى تقليص مدة الحبس الاحتياطي مع تفعيل البدائل الخاصة، وهي أمور لا يتحدث عنها رافضو مشروع القانون».

لكن وكيل نقابة الصحافيين يؤكد أن «المشكلة ليست فئوية ومرتبطة بالصحافيين الذين تمت الاستجابة لمطالبهم بتعديل المواد الخاصة بالتصوير وحظر النقاشات حول القضايا، لكن بإجراءات سير العدالة»، مؤكداً «إعداد النقابة ملاحظات متكاملة حول مشروع القانون والتعديلات المقترحة بشأنه».

ودافع مجلس النواب في بيان، الخميس، عن مشروع القانون كونه حمل استجابة 6 توصيات من الحوار الوطني، وتضمن دمج توصيات عدة لجان، مع التأكيد على أن مشروع القانون الذي سيُحال للعرض على البرلمان في دور الانعقاد المقبل خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لا تزال بعض التوصيات الخاصة به قيد الدراسة، مع اتضاح أن إدماج بعضها سيكون في قوانين أخرى بخلاف «الإجراءات الجنائية».

محمد سعد عبد الحفيظ أكد اعتزامهم إرسال مذكرات رسمية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، بالإضافة إلى لجنة الشؤون الدستورية، تتضمن «كل النقاط التي يعتقدون أنها تحتوي على عوار دستوري وتتعارض مع مواد الدستور، من أجل تحميلهم المسؤولية في حال قرروا تمرير القانون بصيغته الحالية».

وهنا يبدي ضياء الدين داود تخوفه من أن «يؤدي ما يحدث إلى تجميد القانون بدعوى المزيد من الدراسة، والاكتفاء بتعديلات محدودة خاصة بمواد الحبس الاحتياطي فحسب، الأمر الذي سيهدر مجهوداً قانونياً ونتاج مناقشات تهدف إلى إصدار قانون يواكب العصر».