محادثات مصرية - ألمانية تناولت «سد النهضة» ومستجدات المنطقة

السيسي أكد لشتاينماير أن «النيل هو مصدر المياه الوحيد» لبلاده

الرئيس المصري خلال محادثات مع نظيره الألماني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال محادثات مع نظيره الألماني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات مصرية - ألمانية تناولت «سد النهضة» ومستجدات المنطقة

الرئيس المصري خلال محادثات مع نظيره الألماني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال محادثات مع نظيره الألماني في القاهرة (الرئاسة المصرية)

استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، بقصر الاتحادية بالقاهرة، الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، في جلسة محادثات تناولت المستجدات الإقليمية، وآخر التطورات في ملف «سد النهضة» الإثيوبي.

ووصل شتاينماير إلى مصر، مساء الثلاثاء، برفقة وفد من رؤساء الشركات الألمانية، في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس ألماني للقاهرة منذ 25 عاماً.

وأكد الرئيس المصري أنه «اتفق مع نظيره الألماني على أهمية التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإيجاد آلية لزيادة المساعدات الإنسانية وكذلك إطلاق سراح الرهائن».

وأوضح السيسي، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، أن بلاده تعمل على تشجيع الأطراف كافة من أجل التوصل لاتفاق، مشيراً إلى أن «أكثر من 40 ألف فلسطيني سقطوا جراء الصراع، ثلثاهم من النساء والأطفال فضلاً عن وجود أكثر من 100 ألف مصاب».

ولفت الرئيس المصري إلى «استخدام الجوع سلاحاً داخل قطاع غزة، ما أثر بشكل كبير جداً على مصداقية وفكرة القيم الخاصة بحقوق الإنسان»، داعياً أوروبا إلى «أن تبذل جهداً كبيراً خلال هذه المرحلة، لتشجيع الأطراف المعنية، أو الضغط عليها للوصول إلى اتفاق يحقق الاستقرار ويخفف من معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة».

وتلعب مصر، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، دور الوساطة سعياً إلى اتفاق لوقف إطلاق النار... وعدّ الرئيس المصري ما يحدث في قطاع غزة «انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، يجري على مرأى ومسمع من الجميع»، محذراً من مخاطر اتساع رقعة الصراع في المنطقة. وقال: «المحادثات مع الرئيس الألماني تطرّقت إلى المواضيع الخاصة بإعادة الاستقرار في المنطقة مثل السودان وليبيا وبقية الدول التي توجد بها صراعات».

وأضاف السيسي أن «حالة الاضطراب الموجودة بالإقليم يجب أن تنتهي وتتراجع، كما يجب ألا تنزلق المنطقة إلى اضطراب أكبر من ذلك حتى لا يتسع الصراع أكثر من ذلك في الضفة الغربية وجنوب لبنان واليمن وغيرها».

جانب من المؤتمر الصحافي للسيسي وشتاينماير في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وفي شأن ملف المياه، قال السيسي إنه «بحث مع نظيره الألماني ملف مياه النيل، وتحديداً سد النهضة، والتفاوض مع إثيوبيا فيما يخص الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد». وأضاف: «أكثر من 10 سنوات حاولت فيها مصر الوصول إلى اتفاق طبقاً للمعايير والقوانين الدولية للمياه أو الأنهار العابرة للحدود»، مؤكداً أن «بلاده ليس لديها أي وسيلة أخرى للمياه غير نهر النيل، الذي يتحرك منذ آلاف السنين بلا عوائق».

وتطرّقت المحادثات بين الرئيسين المصري والألماني إلى الوضع على الحدود المصرية، في الاتجاهات الثلاثة، جنوباً مع السودان، وغرباً مع ليبيا، وشرقاً مع قطاع غزة، الذي وصفه السيسي بأنه «غير مستقر وله تداعيات كبيرة جداً».

وأشار الرئيس المصري إلى أن «تأثير هذه الأوضاع كان واضحاً خلال السنوات الـ12 الماضية؛ حيث وصل عدد الضيوف الذين نزحوا إلى مصر نتيجة الأزمات في بلادهم مثل اليمن وليبيا وسوريا والسودان وجنوب السودان إلى أكثر من 9 ملايين شخص»، مؤكداً أن «بلاده لم تصف هؤلاء بالنازحين أو اللاجئين، ولا يعيشون في معسكرات بل تم دمجهم في المجتمع». وشدد على أن بلاده كانت حريصة منذ سبتمبر (أيلول) 2016 على منع خروج أي قوارب هجرة غير مشروعة باتجاه أوروبا، من منظور إنساني وأخلاقي، لتفادي تعريض هؤلاء الأشخاص للخطر في البحر، وللحفاظ على أمن واستقرار شركائها في أوروبا.

كما شدد على «أهمية أن يعلم الناس أن مصر تعرضت على مدى 4 سنوات إلى أزمات ضخمة لا دخل لها بها، ابتداءً من الجائحة (كورونا)، مروراً بالحرب الروسية - الأوكرانية، وصولاً إلى أزمة قطاع غزة».

السيسي خلال استقبال الرئيس الألماني في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وعلى صعيد العلاقات بين مصر وألمانيا، أكد السيسي أن زيارة شتاينماير إلى القاهرة «تمثل إضافة كبيرة ومهمة لمسار العلاقات بين البلدين، وانعكاساً لتاريخ ممتد من علاقات الصداقة والتعاون المشترك»، مشيراً إلى أن «معظم المشاريع خلال السنوات الماضية كانت بالتعاون مع شركات ألمانية، لا سيما في الطاقة والنقل».

بدوره، وجّه الرئيس الألماني «الشكر إلى مصر على دورها في إنهاء التوترات والعنف في الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «وقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن المحتجزين ضروريان لإنهاء التصعيد بالمنطقة».

ولفت شتاينماير إلى تأثير توترات البحر الأحمر على حركة الملاحة العالمية، وقال إن «قناة السويس تمثل شريان حياة لنا ولأوروبا بالكامل»، مؤكداً «العمل على تقوية العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين».

السيسي أكد أن زيارة شتاينماير إلى القاهرة «تمثل إضافة كبيرة ومهمة لمسار العلاقات» (الرئاسة المصرية)

وأوضح الرئيس الألماني أن «المباحثات تناولت فرص تعزيز أواصر التعاون بين البلدين في مجالات التعليم والعلوم والسياسة الخارجية»، مشيراً إلى أن «التعليم الألماني يتمتع بمكانة عالية جداً». ونوه بـ«وجود 7 مدارس ألمانية في مصر، و29 مدرسة مشتركة أخرى يتم بها تدريس اللغة الألمانية، كما توجد جامعتان (ألمانية – مصرية)»، لافتاً إلى أنه «خلال الزيارة الحالية سيتم توقيع اتفاقية في مجال التعليم العالي، لتكون بمثابة إشارة أخرى على التعاون الجيد بين البلدين».

وبشأن العلاقات الاقتصادية، أشار شتاينماير إلى «وجود نحو 250 شركة ألمانية تعمل في القاهرة بشكل متميز»، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين». ولفت إلى «وجود اتفاق لتوقيع اتفاقية تتعلق بتشغيل السكك الحديدية وتدريب سائقي القطارات».

وعقد الرئيسان جلسة مباحثات مغلقة أعقبتها جلسة موسعة بحضور الوفدين الرسميين.

من جانبه، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «من المهم في الوقت الحالي الحديث مع ألمانيا بوصفها شريكاً أوروبياً في مختلف القضايا الإقليمية والدولية». ولفت إلى «عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما في قطاعات التعليم والنقل والبنية التحتية».


مقالات ذات صلة

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا صورة جماعية لقادة قمة «الدول الثماني النامية» داخل القصر بـ«العاصمة الإدارية» (الرئاسة المصرية)

مصر: «العاصمة الإدارية» تنفي بناء قصر الرئاسة الجديد على نفقة الدولة

أكد رئيس مجلس إدارة شركة «العاصمة الإدارية الجديدة» أن «خزانة الدولة لم تتحمل أي أعباء مالية عند بناء القصر الجديد».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس السيسي في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

صفقة سلاح أميركية جديدة لمصر تعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

أعلنت الحكومة الأميركية أنها وافقت على بيع معدات عسكرية لمصر تفوق قيمتها خمسة مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
TT

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، طرفي النزاع في السودان إلى «إلقاء السلاح» بعد عام ونصف العام من الحرب التي تعصف بالبلاد، عادّاً أن المسار الوحيد الممكن هو «وقف إطلاق النار والتفاوض».

وقال ماكرون خلال جولة في القرن الأفريقي، عقب اجتماع مع رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد: «ندعو طرفي النزاع إلى إلقاء السلاح، وكل الجهات الفاعلة الإقليمية التي يمكنها أن تلعب دوراً إلى القيام بذلك بطريقة إيجابية، لصالح الشعب الذي عانى كثيراً».

وأضاف وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «العملية الوحيدة الممكنة في السودان هي وقف إطلاق النار والتفاوض، وأن يستعيد المجتمع المدني الذي كان مثيراً للإعجاب خلال الثورة، مكانته» في إشارة إلى التحرك الشعبي الذي أطاح بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، وأثار تفاؤلاً كبيراً.

ومنذ أبريل (نيسان) 2023 اندلعت حرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو؛ وأدى القتال إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 11 مليون شخص.

ويواجه نحو 26 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وفقاً للأمم المتحدة التي دقت ناقوس الخطر مجدداً، الخميس، بشأن الوضع في البلاد التي قد تواجه أخطر أزمة غذائية في التاريخ المعاصر.

وهناك حاجة إلى مساعدات بقيمة 4.2 مليار دولار لتلبية حاجات السودانيين عام 2025، بحسب إيديم ووسورنو، رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.