ليبيا: تأجيل مفاجئ لاجتماع حسم أزمة «المركزي» رغم الضغط الخارجي

«مفوضية الانتخابات» تحذر من تقويض المرحلة الأولى لاستحقاق البلديات

صورة وزعها «المصرف المركزي» للقاء قيادته مع قيادات «مؤسسة النفط» في طرابلس
صورة وزعها «المصرف المركزي» للقاء قيادته مع قيادات «مؤسسة النفط» في طرابلس
TT

ليبيا: تأجيل مفاجئ لاجتماع حسم أزمة «المركزي» رغم الضغط الخارجي

صورة وزعها «المصرف المركزي» للقاء قيادته مع قيادات «مؤسسة النفط» في طرابلس
صورة وزعها «المصرف المركزي» للقاء قيادته مع قيادات «مؤسسة النفط» في طرابلس

بشكل مفاجئ أُجل الاجتماع، الذي كان مقرراً عقده الاثنين في العاصمة طرابلس، بين ممثلي مجالس (الرئاسي والنواب والدولة) مع البعثة الأممية، لحل أزمة المصرف المركزي الليبي، إلى الأربعاء المقبل، رغم الضغط الأممي والغربي.

وكانت سفارات فرنسا وبريطانيا وأميركا قد حثت الأطراف المعنية بأزمة «المركزي» على الإسراع في التوصل إلى ما وصفته «التنازلات الضرورية»، لبدء استعادة نزاهة واستقرار المصرف ومكانته لدى المجتمع المالي الدولي.

صورة وزعتها السفارة الأميركية للقاء سفراء أميركا وبريطانيا وفرنسا في طرابلس

واعتبر بيان مشترك مساء الأحد، للسفارات الثلاث، «أن استقرار ليبيا الاقتصادي والمالي على المحك»، مؤكداً «الدعم الكامل لجهود القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية ستيفاني خوري، لجمع الأطراف الليبية لحل الأزمة المستمرة للمصرف».

وبعدما شجع البيان، جميع الأطراف «على العمل للتوصل إلى اتفاقيات طويلة الأمد بشأن توزيع عائدات النفط الليبي لصالح جميع مواطني ليبيا»، قال إنه «من الضروري في هذه اللحظة الحرجة، أن تتجنب جميع الأطراف اتخاذ المزيد من الإجراءات الأحادية التي قد تقوض استقرار ليبيا، وأن تتخذ بدلاً من ذلك خطوات جادة لتهدئة الأوضاع».

وقال عبد الفتاح عبد الغفار محافظ المصرف المكلف من «المجلس الرئاسي»، إنه بحث مساء الأحد، في طرابلس، مع خليفة عبد الصادق وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة»، ورئيس «المؤسسة الوطنية للنفط» المكلف مسعود سليمان، رؤية المصرف لاستعادة قيمة الدينار الليبي، وجهود المؤسسة لزيادة إنتاج النفط والغاز.

وكان رئيس «المجلس الرئاسي»، محمد المنفي، نقل عن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روز ماري ديكارلو، خلال لقائهما مساء الأحد بطرابلس، التأكيد على «ضرورة العمل المشترك لحث جميع الأطراف على الالتزام والمشاركة للوصول لنتائج توافقية تقود البلاد لمرحلة الاستقرار».

اجتماع المنفي مع وكيلة الأمم المتحدة (المجلس الرئاسي الليبي)

وجدد المنفي، في اللقاء الذي حضرته خوري، استمراره في دعم جهود البعثة الأممية، «والعمل معها بالشراكة عبر تعزيز الملكية الوطنية للحلول والتوافق وتوحيد المؤسسات في إطار مرجعية الاتفاق السياسي وخارطة الطريق المكملة له، لتعزيز الاستقرار وإنجاز الانتخابات».

كما عبرت ديكارلو، خلال لقائها بنائبي المنفي، عبد الله اللافي، وموسى الكوني عن دعمها «لمسار المصالحة، والعدالة الانتقالية، الذي يقوده المجلس الرئاسي، وضرورة استمرار هذه الجهود، بالتوازي مع العمل على مسار الانتخابات».

وشدد اللافي والكوني، على أهمية وجود «توافق إقليمي، يعزز التوافق المحلي داخلياً في ليبيا». وأشادا بدور البعثة الأممية في دعم المسار السياسي، لإيجاد حل سلمي للأزمة السياسية.

وبدوره، أعرب عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، وديكارلو، عن أهمية دعم جهود البعثة الأممية «لتحقيق الاستقرار المستدام في ليبيا، وتسهيل عملية الانتقال السياسي من خلال الحوار والمصالحة الوطنية».

وأوضح الدبيبة، في بيان أنه أطلع ديكارلو على «جهود الحكومة ضمن إطار حملة عاصمة السلام، التي تهدف إلى تحسين الأوضاع الأمنية في العاصمة طرابلس، بما في ذلك تعزيز الأمن والإفراج عن المحتجزين بشكل غير قانوني، وتعزيز سيادة القانون وتحقيق العدالة»، لافتاً إلى أنهما بحثا أهمية «الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام من أجل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفق قوانين نزيهة وعادلة».

وأوضحت البعثة الأممية، أن زيارة ديكارلو، التي ستمتد لثلاثة أيام، تستهدف «التأكيد على ضرورة إيجاد توافق شامل يقود إلى حل سياسي ويخفض من حدة للتوترات الأخيرة ويعيد بناء الثقة اللازمة لإعادة إطلاق العملية السياسية».

واعتبرت، «أن الانتخابات ذات المصداقية، والشاملة والآمنة، هي السبيل الوحيد لكسر الجمود السياسي وإنهاء دورة الترتيبات الانتقالية ووضع البلاد بثبات على مسار الوحدة والسلام والمصالحة الوطنية»، مشيرة إلى أنها سلطت الضوء في اليوم الأول من زيارتها، «على الحاجة إلى إنهاء أزمة المصرف المركزي، ودعم عملية سياسية شاملة بقيادة ليبية، وتيسير من البعثة الأممية، لمساعدة الشعب الليبي في إيجاد طريق نحو السلام الدائم».

بموازاة ذلك، حذرت «المفوضية الوطنية للانتخابات» مما وصفته «محاولات تقويض انتخاب بعض المجالس البلدية، المستهدفة في المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، عبر فرض الأمر الواقع القائم على سيطرة المجموعات النافذة، وتشكيل قوائم انتخابية بأساليب غير نزيهة تنم عن احتيال وتزوير لقواعد وواقع العملية الانتخابية».

وتعهدت المفوضية، في بيان «بعدم السماح لهذه المجموعات، بتقرير مسار العملية الانتخابية بعيداً عما نصت عليه اللائحة التنفيذية وما تضمنته من مبادئ ومعايير تحفظ الغاية من التداول السلمي على السلطة»، مشيرة إلى أنها «لن تتردد في اتخاذ القرارات الآنية التي من شأنها أن تحفظ أصوات الناخبين وتكفل حقوق المترشحين، وتُبطل محاولات الاعتداء على نزاهة العملية الانتخابية».

وبينما فشل محمد تكالة الرئيس السابق لـ«مجلس الدولة» في توفير النصاب القانوني لجلسة دعا إليها يوم الاثنين، استمر التململ الشعبي في العاصمة طرابلس، عبر خروج أهالي منطقة عين زارة وادي الربيع، للتعبير عن غضبهم بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر يومياً، كما جرت احتجاجات مماثلة في منطقة الحي الإسلامي بالمدينة... وأغلق الطريق السريع؛ رفضاً لإزالة بعض المباني والعمارات بالمنطقة.

بدورها، أكدت «المؤسسة الوطنية للنفط»، أن عمليات تزويد محطات الكهرباًء بالوقود والغاز تجري وفق البرامج المعتادة وبشكل منتظم. وأوضحت أنها تعمل على تنفيذ التزاماتها تجاه محطات الكهرباء في جميع أنحاء البلاد، وفق الجداول الزمنية والخطط الموضوعة مسبقاً، والتي تراعي احتياجات الجهات المستهلكة.


مقالات ذات صلة

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

شمال افريقيا زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

يعتقد ليبيون بأن «نفوذاً روسياً يتمدد في جنوب البلاد ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند الأخيرة إلى سبها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

المزرعة الليبية في غينيا تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً ومخصصة لإنتاج المانجو والأناناس وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

توقفت الاشتباكات التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية الليبية مخلفة 3 قتلى و5 جرحى.

خالد محمود (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.