«قفزة تاريخية» في تحويلات المصريين بالخارج... لماذا زادت؟

البنك المركزي أعلن ارتفاعها بنسبة 87 % خلال يوليو

سيدات مصريات في فرنسا يحملن علم مصر عقب التصويت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة (وزارة الهجرة)
سيدات مصريات في فرنسا يحملن علم مصر عقب التصويت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة (وزارة الهجرة)
TT

«قفزة تاريخية» في تحويلات المصريين بالخارج... لماذا زادت؟

سيدات مصريات في فرنسا يحملن علم مصر عقب التصويت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة (وزارة الهجرة)
سيدات مصريات في فرنسا يحملن علم مصر عقب التصويت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة (وزارة الهجرة)

سجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «قفزة تاريخية»، خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، مع وصول إجمالي تحويلاتهم إلى 3 مليارات دولار، وهو رقم لم يسجل من قبل في الشهر نفسه، منذ بداية رصد تدفقات تحويلات العاملين بالخارج، حسب «البنك المركزي المصري».

وزادت تحويلات المصريين بالخارج للشهر الخامس على التوالي، لترتفع مقارنة بشهر يونيو (حزيران) بنسبة 15.9 في المائة، وترتفع على أساس سنوي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي بنسبة 86.8 في المائة.

وتأتي تلك الأرقام في ظل تحركات حكومية للقضاء على «السوق الموازية»، منذ تحريك سعر الصرف مطلع مارس (آذار) الماضي.

وظل سعر صرف الدولار ثابتاً عدة أشهر في البنوك، عند حاجز لا يتجاوز 31 جنيهاً، بينما وصل في «السوق السوداء» لأكثر من 60 جنيهاً، ومع قرار «المركزي» بتحرير سعر صرف الدولار، ضمن سلسلة إجراءات اقتصادية، بلغ السعر الرسمي في الوقت الراهن متوسط 48.5 جنيه.

وتستهدف الحكومة زيادة تحويلات المصريين بالخارج لـ33 مليار دولار خلال العام المالي الحالي، وفق مستهدفات وزارة التخطيط والتعاون الدولي، فيما تخطط الحكومة لنمو تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 10 في المائة سنوياً خلال السنوات الـ6 المقبلة، لتصل إلى 53 مليار دولار سنوياً، وفق «وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري للفترة الرئاسية 2024 - 2030» التي أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهدت التحويلات تراجعاً كبيراً منذ مارس (آذار) 2022 وحتى مارس 2024، في ظل انتعاش «السوق السوداء» الموازية وبفارق كبير، كما توضح النائب السابق لرئيس بنك مصر، سهر الدماطي.

وترى سهر الدماطي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعدلات ستظل ترتفع مع وجود مرونة في سعر الصرف وتقليل الفجوة بشكل كبير بين السوق الرسمية والسوق الموازية، بما يجعل هناك رغبة من المواطنين في التعامل بالعملة عبر البنوك تجنباً للمشكلات القانونية ولمحدودية الفارق بشكل كبير».

وبلغت تحويلات المصريين خلال العام المالي 2021 - 2022 نحو 31.4 مليار دولار، قبل أن تسجل تراجعاً بنحو 30 في المائة خلال العام المالي قبل الماضي، لتسجل 22.1 مليار دولار، وهي الفترة التي شهدت انتعاشاً للسوق الموازية بشكل كبير.

يوجد عدد كبير من المصريين العاملين في السعودية (السفارة المصرية بالرياض)

سبب آخر لزيادة تحويلات المصريين بالخارج، توضحه أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتورة هدى زكريا، وهو ارتفاع أسعار السلع والخدمات في مصر خلال الفترة الماضية، مما يدفع من لديه أسر وعائلات لإرسال أموال أكثر لتلبية الاحتياجات الأساسية، والاستفادة من أسعار الفائدة بالبنوك وربما شراء وحدات سكنية وسداد أقساطها بما يجعل هناك مبالغ أكبر تحول بشكل شهري.

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة الاستعانة بالمصريين في سوق العمل الخارجي، الأمر الذي سيجعل هناك زيادة تلقائية في التحويلات المسجلة بشكل رسمي، مشيرة إلى أن تنامي فكرة السفر والعمل بالخارج أملاً في مستوى معيشي أفضل.

وتستهدف الحكومة، حسب وثيقة عملها، توفير 3.5 مليون فرصة عمل للشباب المصري بالخارج مع زيادة الاهتمام بالتعليم والتدريب المهني.

وهنا تشير أستاذ علم الاجتماع السياسي لدور التدريب والتأهيل في فتح فرص عمل جديدة أمام الشباب المصري بشكل أكبر من أي وقت مضى، لافتة إلى أن الأمر لفهمه وتفسيره بشكل أكبر يحتاج لضرورة توفير بيانات حول الدول التي زاد استقبال المصريين فيها للعمل.

وتؤكد النائب السابق لرئيس بنك مصر أن معدلات تدفق التحويلات ستزداد خصوصاً مع العوائد المرتفعة على الشهادات الموجودة في البنوك سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية، لافتة إلى أن العوائد الحالية جاذبة للمدخرات بشكل كبير مع الثقة الموجودة في الجهاز المصرفي وقدرته على تجاوز الأزمات المختلفة.

أمر آخر تشير إليه هدى زكريا مرتبط بالتوقيت في شهر يوليو مع حصول غالبية المغتربين على إجازتهم ووصولهم لقضاء وقت مع أسرهم، ما يتطلب منهم تحويل مبالغ مالية أكبر من المعتاد، لافتة إلى أن هذه الفترة تشهد وجود عائلات بأكملها قادمة من الخارج، وبالتالي يكون من الأفضل لهم إتمام التحويلات المالية قبل وصولهم لإنفاقها خلال العطلة.


مقالات ذات صلة

الدولار يعوض بعض خسائره وسط ترقب لخفض الفائدة الأميركية

الاقتصاد صورة توضيحية تظهر أوراقاً نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)

الدولار يعوض بعض خسائره وسط ترقب لخفض الفائدة الأميركية

عوّض الدولار بعض خسائره الاثنين بينما قلّص الين مكاسبه مع ترقب المستثمرين لحجم الخفض المتوقع لأسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي في وقت لاحق

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الصيني في بكين (رويترز)

ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي الصيني 32 مليار دولار في أغسطس

ارتفع إجمالي احتياطيات الصين من النقد الأجنبي، بنسبة 0.98 في المائة بنهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، ليصل إلى 3.2882 تريليون دولار، بزيادة 31.8 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رجل يعد عملة «النيرة» النيجيرية في أحد المحال (رويترز)

«المركزي» النيجيري يستأنف مبيعات النقد الأجنبي دعماً للعملة المحلية

استأنف البنك المركزي النيجيري مبيعات النقد الأجنبي، بعد أن تراجعت النيرة (عملة نيجيريا)، إلى مستوى منخفض جديد، مقابل الدولار هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
الاقتصاد نائب الرئيس التركي جودت يلماظ ووزراء المجموعة الاقتصادية خلال عرض البرنامج الاقتصادي الجديد (من البث المباشر بحساب يلماظ على إكس)

تركيا تعلن برنامجاً اقتصادياً جديداً يستهدف الاستقرار الكلي

أعلنت الحكومة التركية برنامجها الاقتصادي متوسط المدى الجديد الذي يغطي المدة من 2025 - 2027، متضمناً تعديلاً بالزيادة لمعدل التضخم، وبخفض توقعات النمو والصادرات.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أبراج وفنادق على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«موديز» تتوقع تراجعاً 6% في الدين المصري بنهاية عام 2025

أكملت وكالة «موديز»، مراجعة دورية لتصنيف مصر الائتماني، وأبقت تصنيفها للديون السيادية بالعملة المحلية والأجنبية عند «سي إيه إيه 1» دون تغيير، مع نظرة إيجابية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تبون ينضمّ لمندّدين بـ«التزوير» برغم حصوله على 94% من الأصوات

المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)
المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)
TT

تبون ينضمّ لمندّدين بـ«التزوير» برغم حصوله على 94% من الأصوات

المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)
المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)

وجّه المرشح الإسلامي لانتخابات الرئاسة الجزائرية عبد العالي حساني، الاثنين، اتهامات لـ«أطراف» لم يسمِّها، بـ«تزوير نتائج الانتخابات» التي أعطَته 3 في المائة من الأصوات، في مقابل فوز كاسح للرئيس عبد المجيد تبون بـ94 في المائة، بينما نال المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش 2 في المائة فقط.

وبدا حساني في قمة التذمّر وهو يندّد بـ«التلاعب بالأصوات»، ويطالب «المحكمة الدستورية» بمراجعة النتائج التي عدَّها «مؤلمة، فيها شنآن وظلم». ودان «ممارسات مشينة قتلت فرصة للتغيير»، مشيراً إلى «أطراف سعت إلى إفساد الانتخابات، ما نفّر المُواطن من العملية السياسية»، وحمل بشدّة على هيئة مراقبة الانتخابات التي وصفها بـ«المرتبكة»، وبأنها «عوّدتنا على سوء إدارة العمليات الانتخابية، لهذا لا نثِق في استقلالها».

ولم يذكر حساني (57 سنة) مَن هي «الأطراف» التي «زوّرت النتائج»، لكن كلامه يُوحِي بأنها محسوبة على الرئيس المرشح. واتهم الولاة الذين يتبعون لوزارة الداخلية بـ«تضخيم النتائج للبقاء في مناصبهم». ويُفهم من كلامه أن الرئيس تبون ليس مسؤولاً عن تضخيم النتيجة لصالحه، وإنما كوادر في الإدارة العمومية هم من فعلوا ذلك، «تزلُّفاً للرئيس، ولخدمة مصالح شخصية».

وأضاف بهذا الخصوص: «في ولاية معينة أعطوا 400 ألف صوت (لتبون، دون ذِكر اسمه)، لكن في الحقيقة لم يصوّت في العملية أكثر من 100 ألف»، وتابع: «أنتم تصنعون صورة مشينة عن البلد، بسبب تصرّفات تعيق كل إصلاح سياسي، بلدنا محل استهداف خارجي، وللأسف أطراف في الداخل تقدّم لها العون بممارسات التزوير الانتخابي، إنكم بهذا تُضعِفون نصرة الجزائر للقضايا العادلة، وعلى رأسها فلسطين والصحراء»، من دون أن يشرح كيف «يُضعف تزوير الانتخابات» دفاع الجزائر عن القضيتين الفلسطينية والصحراوية.

المرشح الإسلامي عبد العالي حساني (حملة المترشح)

وأكّد حساني الذي يترأس حزب «حركة مجتمع السلم»، أنه لا يعترف بعدد الأصوات الذي أعلنته سلطة الانتخابات لصالحه، وهو 170 ألفاً... وكانت مديرية حملته أكّدت، السبت، أنه فاز بـ300 ألف صوت على الأقل، ما يرفع النسبة إلى أكثر من 5 في المائة، وهو حد أدنى من الأصوات يعطيه الحق في الحصول على تعويض مالي عن نفقات الحملة الانتخابية، حسب ما ينص عليه قانون الانتخابات.

ووقعت ليل الأحد - الاثنين مفاجأة مدوية، تضمّنها بيان مشترك وقّعه مديرو حملة المرشحين الثلاثة، يهاجمون فيه رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» محمد شرفي، بسبب «تناقض في الأرقام المعلَنة، وغموض في النتائج المؤقتة التي غابت عنها معطيات أساسية»، في إشارة ضمناً إلى غياب نسبة التصويت وعدد الأصوات الملغاة؛ إذ اكتفت سلطة الانتخابات بتقديم عدد الأصوات المعبَّر عنها، وهو 5 ملايين و600 ألف صوت، وعدد الأصوات التي آلت لكل مترشح.

وأكثر ما يلفت في هذه الخطوة، أنها ضمّت الرئيس المرشح على الرغم من فوزه بأكثر من 5 ملايين و300 ألف صوت. وقال مؤيدون له إنه لم يقبل بـ«تضخيم النتيجة إلى نسبة لا تعكس وجود شرعية شعبية».

وأصدرت السلطة في حدود الثانية من صباح الاثنين، بياناً إزاء اتهامات المترشحين لكن لم تردّ عليها، واكتفت بالقول إن «عملية استكمال استقبال المحاضر الولائية الأصلية، لتركيز النتائج، ما تزال جارية»، موضحةً بأنها «تُعلِم مديري حملات المرشحين بأنها ستبلّغ المحكمة الدستورية بالنتائج المسجَّلة في المحاضر الأصلية فور استكمال استقبالها»، ومؤكدة أن نتائج التصويت التي تتضمّنها محاضر فرز الأصوات سيتم عرضها «وفقاً لمبدأ الشفافية، وحفاظاً على مصداقية العملية الانتخابية».

المحكمة الدستورية (الشرق الأوسط)

وكتب أستاذ علم الاجتماع السياسي القدير ناصر جابي، أن موقف المرشحين الثلاثة «أكّد لي الكثير من القناعات والتوجّسات ذات العلاقة بالحياة السياسية، والانتخابات تحديداً، منها على سبيل المثال، أنه يصعب بناء مؤسسات ذات مصداقية، مثل الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات، في نظام سياسي مغلق وغير شفاف، تعيش نُخَبه تدهوراً كبيراً على المستوى الأخلاقي».

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية محمد هناد، إن ما جاء في بيان المرشحين الثلاثة «عرّى الانتخابات من كل مشروعية، بحيث لم يَعُد هناك حل سوى إعادة العملية برُمّتها»، مشيراً إلى أن «الحدث غير مسبوق في تاريخ النظم السياسية؛ إذ كيف يمكن أن نتصوّر مرشحاً يشترك مع منافسيه للتنديد بانتخابات فاز بها؟».