«تنسيقية تقدم» تؤكد دعمها لتقرير لجنة تقصي الحقائق حول السودان

«الخارجية» في بورتسودان رفضته «جملة وتفصيلاً»

أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)
أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)
TT

«تنسيقية تقدم» تؤكد دعمها لتقرير لجنة تقصي الحقائق حول السودان

أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)
أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)

أكدت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، الأحد، دعمها الكامل للتوصيات التي جاءت في تقرير البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في البلاد، بشأن إرسال قوات دولية بشكل عاجل لحماية المدنيين في البلاد.

ورحبت «تقدم»، وهي التحالف السياسي الأكبر في البلاد، في بيان، بما ورد في التقرير الذي وثق الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها طرفا النزاع: الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، والقوات المتحالفة معهما. وأضافت: «نؤكد دعمنا لكل التدابير التي تقود لإنهاء الحرب وحماية المدنيين وتوصيل المساعدات الإنسانية وتحقيق العدالة، وإنصاف الضحايا وعدم إطالة أمد الحرب».

قوة بالجيش السوداني في أحد شوارع العاصمة الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

وذكر البيان أن «التقرير أثبت الحجم الواسع للانتهاكات ضد المدنيين، ما يستدعي اتخاذ التدابير اللازمة لوقف هذه الجرائم والتصدي لها». ودعا «مجلس حقوق الإنسان لتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق»، مشدداً على «أهمية رفع وتيرة التواصل والتعاون مع القوى المدنية الديمقراطية في السودان لتوثيق الانتهاكات والتوصية بسبل وآليات إنهاء معاناة المدنيين».

وقالت «تقدم» إن حماية المدنيين «لن تتحقق إلا عبر وقف فوري للحرب والأعمال العدائية بآليات مراقبة متفق عليها بين الطرفين». وطالبت «بالمزيد من تنسيق الجهود الإقليمية والدولية، للضغط على الأطراف السالبة التي ظلت تعرقل محاولات وقف الحرب، وتقف حائلاً دون وضع حد لهذا النزاع الدامي». وحضت «الأطراف المتحاربة على الالتزام بتنفيذ كل ما اتفق عليه في المنابر التفاوضية السابقة، عبر قرارات وآليات ملزمة تقود لإنهاء الحرب.

وعلى الجانب الآخر، أعلنت وزارة الخارجية السودانية في الحكومة التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، في بيان ليل السبت - الأحد، رفضها «جملة وتفصيلاً» توصيات بعثة تقصي الحقائق. وقالت إن البعثة «هدفت إلى العمل الدعائي قبل بدء مداولات مجلس حقوق الإنسان للتأثير على مواقف الدول الأعضاء لتحقيق أهداف سياسية لتمديد عمل البعثة».

متطوع يوزّع الطعام على النازحين في أحد أحياء أم درمان بالسودان (أرشيفية - رويترز)

وقالت البعثة الدولية في أول تقرير لها، الجمعة الماضي: «إن طرفي النزاع ارتكبا انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان والجرائم الدولية، ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».

ووفق التقرير، فقد «تبين أن القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» والقوات الحليفة لهما، مسؤولة عن انتهاكات واسعة النطاق، تضمنت الهجمات العشوائية والمباشرة التي نفذت عبر الغارات الجوية والقصف ضد المدنيين والمدارس والمستشفيات وشبكات اتصال، وإمدادت المياه والكهرباء».

وذكر التقرير أن «الأطراف المتحاربة استهدفت المدنيّين من خلال الاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي، والاحتجاز التعسفي والاعتقال، بالإضافة إلى التعذيب، وسوء المعاملة، وقد ترقى هذه الانتهاكات إلى جرائم حرب».

وتوقّع خبراء دوليون في حقوق الإنسان أن يُطرح إرسال قوات لحماية المدنيين في اجتماعات «مجلس حقوق الإنسان»، الثلاثاء المقبل، أو إحالته إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي.

وقال مسؤول أممي رفيع في المجلس لـ«الشرق الأوسط»، إن وفد الحكومة السودانية سيرفض التمديد لولاية البعثة، بالتنسيق مع بعض الدول في «مجلس حقوق الإنسان». لكنه استبعد أي اعتراض من قبل دولتي روسيا والصين، فيما يتعلق بما ورد في التقرير بشأن التحقيق الدولي في الجرائم المرتكبة من طرفي القتال في السودان.

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري أقيم بمناسبة يوم الجيش في القضارف 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

ورجح المسؤول الأممي «أن يصوت المجلس على تجديد تفويض البعثة بتوافق كبير من قبل أعضاء المجلس».

وذكرت البعثة أن التقرير «مستمد من تحقيقات وزيارات إلى دول (تشاد، كينيا وأوغندا) وإفادات مباشرة لأكثر من 182 ناجياً وأفراد أسرة وشهود عيان، ومشاورات مكثفة جرت مع خبراء متخصصين ومنظمات مجتمع مدني».

وشدّد التقرير على أنه «يجب على السلطات السودانية التعاون بشكل كامل مع المحكمة الجنائية الدولية وتسليم جميع الأشخاص المتهمين، بمن فيهم الرئيس السابق عمر البشير».

وأشارت البعثة إلى «أن جهود السلطات السودانية في التحقيق، وتقديم المسؤولين عن الجرائم الدولية إلى العدالة، انتقائية وغير محايدة؛ لذلك سيكون تحقيق المساءلة للضحايا تحدياً كبيراً».

عائلات نازحة بولاية كسلا بالسودان في 10 يوليو 2024 (رويترز)

وأدى النزاع في السودان إلى قتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيّين ونزوح نحو 8 ملايين سوداني داخلياً، وأكثر من مليوني شخص إلى اللجوء إلى البلدان المجاورة للسودان.

وأنشئت اللجنة بقرار من «مجلس حقوق الإنسان» في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي؛ للتحقيق في جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي، وإثبات الوقائع والظروف والأسباب الجذرية لها، بما في ذلك المرتكبة ضد اللاجئين.


مقالات ذات صلة

قوافل طبية مصرية إلى السودان

شمال افريقيا وزير الصحة المصري يناقش إجراءات تسيير قوافل طبية للسودان (وزارة الصحة المصرية)

قوافل طبية مصرية إلى السودان

أعلنت الحكومة المصرية، الأحد، عزمها إرسال قوافل طبية إلى السودان؛ للتخفيف من حدة الوضع الإنساني والصحي، الذي يواجه السودانيين، خلال فترة الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا من مستشفى الأطفال في بورتسودان (أ.ف.ب)

«مدير الصحة العالمية»: الوضع الصحي في السودان «منهار تماماً»

25 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة، منهم 14 مليوناً في حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا رجال وجنود من الجيش السوداني يحملون أكياساً من الإمدادات الغذائية لمساعدة الأشخاص العالقين في شرق السودان (أ.ف.ب)

السودان يرفض توصيات بعثة حقوق الإنسان بنشر «قوة مستقلة» لحماية المدنيين

رفضت الحكومة السودانية توصيات بعثة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، واتهمتها بأنها «هيئة سياسية»، بعد أن دعت إلى نشر قوة «مستقلة ومحايدة» في السودان.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا مدير منظمة الصحة العالمية يتفقد جناح الأطفال بمستشفى بورتسودان (الشرق الأوسط)

«الصحة العالمية»: الوضع الصحي في السودان منهار

قالت منظمة الصحة العالمية إن النظام الصحي في السودان «منهار ومعقد في عدد من المناطق، ومتماسك في مناطق أخرى بسبب الجهود التي يبذلها الأطباء في تقديم الخدمة».

وجدان طلحة (بورتسودان)
المشرق العربي الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي» (رويترز)

السودان: حميدتي يصدر أوامر لقواته بوقف الانتهاكات ضد المدنيين

أصدر قائد «قوات الدعم السريع»، محمد دقلو «حميدتي»، أوامر لقادته العسكريين، مشدداً فيها على الامتناع عن أي هجوم وانتهاكات يمكن أن تتسبب في ضرر على المدنيين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

​ترقب ليبي لإنهاء أزمة «المركزي» وتشغيل النفط لمواجهة «تردٍّ معيشي»

عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)
عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)
TT

​ترقب ليبي لإنهاء أزمة «المركزي» وتشغيل النفط لمواجهة «تردٍّ معيشي»

عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)
عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)

وسط سيطرة «المجلس الرئاسي» الليبي، على إدارة المصرف المركزي بطرابلس العاصمة، والتغاضي عن رفض سلطات بنغازي للأمر، تترقب الأوساط الليبية اجتماعاً لممثلي «المجالس الثلاثة» (الرئاسي والنواب والأعلى للدولة) برعاية أممية، علّه ينهي الصراع على المصرف ويُعيد تشغيل النفط، وذلك للحد من الأزمات المعيشية.

لقاء سابق بين المنفي والكبير (المجلس الرئاسي الليبي)

وسبق للبعثة الأممية أن رعت اجتماعين لممثلي المجالس الثلاثة الأسبوع الماضي بقصد التوصل إلى حل يضع حداً للصراع على رئاسة المصرف.

وقالت البعثة إن ممثليْ مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» طلبا مهلة إضافية من خمسة أيام لاستكمال مشاوراتهما، والتوصل إلى توافق نهائي بشأن الترتيبات اللازمة لإدارة المصرف إلى حين تعيين محافظ جديد ومجلس إدارة. ويُنتظر الرد خلال الساعات المقبلة.

ورهنت سلطات شرق ليبيا، النفط (إنتاجاً وتصديراً) بالإبقاء على محافظ «المركزي» الصديق الكبير، في موقعه، لكن «المجلس الرئاسي» تجاهل ذلك، وعين بديلاً عنه عبد الفتاح عبد الغفار محافظاً مؤقتاً، ما أبقى الأزمة على حالها، وسط مخاوف ليبيين من تأثيرات استمرار توقف إنتاج وتصدير النفط بصفته المورد الرئيسي على حياتهم المعيشية.

وفي الأيام الأولى للأزمة توقف أكثر من نصف إنتاج ليبيا من النفط، أو نحو 700 ألف برميل يومياً، وتجاوز راهناً هذا الرقم بكثير، لكن «المؤسسة الوطنية للنفط» لم تصدر بياناً حتى الآن، وكانت ليبيا تنتج نحو 1.18 مليون برميل يومياً في يوليو (تموز) الماضي.

ويرى اقتصاديون أنه في «حال عدم توصل الأطراف المتنازعة على إدارة المصرف المركزي إلى اتفاق يسمح بإعادة تشغيل النفط بكامل طاقته مرة ثانية وسريعاً، فإن ذلك سينعكس بالسلب على الأوضاع المعيشية للمواطنين ويزيدها تردياً»، مشيرين إلى أن «طبقات ليبية كثيرة تضررت خلال الأشهر الماضية، وتراجعت دخولها بسبب الزيادة في الأسعار أمام ضعف رواتبها».

وتأتي أزمة «المركزي» وإغلاق حقول وموانئ النفط، لتُضاف إلى مشكلات قائمة بالفعل؛ إذ تعاني ليبيا من نقص في السيولة منذ سنوات، مع صعوبة الحصول على الأوراق النقدية من الدينار والدولار، حتى بالنسبة لمن يملكون كثيراً من الأموال في حساباتهم البنكية.

وأُدخل النفط مجدداً على مسار الأزمة السياسية، عندما أعلنت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، في 26 من أغسطس (آب) الماضي، حالة «القوة القاهرة» على جميع الحقول والموانئ، وإيقاف إنتاج وتصدير النفط، رداً على تغيير الكبير من قبل سلطات طرابلس.

ويرى تاجر الزيوت الليبي بطرابلس عبد الرؤوف الزادي، أنهم «ضاقوا ذرعاً من كثرة الأزمات، واستخدام النفط وسيلة للضغط بين المتنفذين في البلاد»، وقال: «إدارة المركزي الجديدة تقول للناس اطمئنوا، لكننا نعاني طوال الوقت وخصوصاً في الأعياد من نقص السيولة وارتفاع أسعار السلع والغذاء».

الإدارة الجديدة للمصرف المركزي برئاسة المحافظ المؤقت عبد الفتاح عبد الغفار (المصرف المركزي)

وتشير تقارير دولية، إلى أن استعادة ليبيا كامل إنتاجها النفطي المعطل، قد يستغرق وقتاً بالنظر إلى أن توقفه يصيب منظومة ضخه بالعطب ويلحق بها أضراراً تتطلب صيانة بحسب «المؤسسة الوطنية للنفط».

والبعثة الأممية التي تنتظر رداً من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، سبق لها تحذير الأطراف الليبية كافة من «التأثيرات السلبية» لاستمرار أزمة «مصرف ليبيا المركزي» على الحياة اليومية للمواطنين، وعلى ثقة المؤسسات المالية الدولية بالنظام المصرفي الليبي.

ودعت البعثة الأطراف كافة «إلى الوفاء بالتزاماتها، والامتناع عن أي قرارات وإجراءات أحادية الجانب، والحرص على تكثيف الجهود للتوصل إلى اتفاق دون تأخير».

وفي مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي، أعلنت السلطات المحلية وبعض الاختصاصيين بقطاع النفط، عن تشغيل ثلاثة حقول نفطية، ما عدّه كثير من الليبيين انفراجة على مسار الأزمة، لكن بعد ثلاثة أيام أعلنت «المؤسسة الوطنية للنفط» حالة «القوة القاهرة» بحقل الفيل، وسط ضبابية المشهد السياسي العام.

ولم يعرف جُل الليبيين الأسباب التي أدت إلى تشغيل الحقول الثلاثة، ولا مصير باقي الحقول، لكن مصادر محلية بررت عملية التشغيل حينها «بضمان استمرار تشغيل محطات الكهرباء وتوفير الوقود»، وتوقعت «إعادة تشغيل الحقول والموانئ النفطية المغلقة كافة تباعاً».

بموازاة ذلك، تطمئن الإدارة الجديدة المؤقتة للمصرف المركزي، بأن الأمور «تسير نحو الأفضل»، مفندة أخباراً تم تداولها خلال الأيام الماضية عبر بعض منصات التواصل الاجتماعي، حول توقف مصارف أجنبية التعامل مع المصرف.

وأكد «المصرف المركزي» بطرابلس: «استمرار التواصل الوثيق مع جميع المصارف المراسلة المعتمدة لديه في الخارج، وأن الإجراءات المتبادلة تسير بشكل طبيعي، ووفق العمل المتفق عليه»، مشدداً على أنه «سيُكثف جهوده خلال الأسبوع المقبل، لاستعادة الدينار الليبي قيمته بعد إضعافه من قبل الإدارة السابقة بإجراءات مخالفة للقانون». (الدولار يساوي 7.21 دينار في السوق الموازية، بينما يبلغ سعره في السوق الرسمية 4.76).