مرة أخرى تتصدر الفتاوى الدينية الجدل في مصر، إثر إحالة أستاذ بجامعة الأزهر للتحقيق في فتواه بـ«إباحة سرقة الكهرباء والمياه والغاز»، ما أثار تساؤلات بشأن مدى إمكانية أن تتعرض الفتاوى لأمور ينظمها ويحكمها القانون، ناهيك عن معارضتها.
وأحالت جامعة الأزهر الدكتور إمام رمضان إمام، الأستاذ بقسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية في الجامعة، إلى التحقيق بسبب ما عدّته «فتوى شاذة تتضمن مخالفات فقهية وتتعارض مع تعاليم الدين الحنيف»، وفق وسائل إعلام محلية.
وكان إمام قد أفتى، في فيديو عبر صفحته على «فيسبوك»، بـ«جواز سرقة الماء والكهرباء والغاز»؛ ما أثار موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر الفتوى «الترند». وسبق لإمام أن أثار جدلاً في مصر قبل 5 سنوات، أسفر عن التحقيق معه وإيقافه عن العمل وقتها.
ودعت الإعلامية داليا أبو عمر، في منشور عبر حسابها على «إكس»، إلى «القبض على صاحب الفتوى» التي عدّتها «تحريضاً».
هو الحقيقه المفروض يتقبض عليه لان ده تحريض علي جريمه https://t.co/zyvTeDXPrP
— Dalia Abou Omar (@daliaAO) September 6, 2024
ورفض أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، إطلاق اسم فتوى على ما أدلى به إمام. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما قاله إمام رأي شاذ يخصّه ولا يخص الأزهر، أو يعبر عنه»، مؤكداً أن «حرمة المال العام كحرمة المال الخاص، وخيانة الدولة والمجتمع وسرقة المرافق والأموال العامة محرّمة ومجرّمة شرعاً ولا يقرّها عاقل».
وبشأن إمكانية أن تتعرض الفتاوى الدينية لأمور يحكمها القانون. قال كريمة إن «هذا غير ممكن، فلا تعارض بين الأحكام الشرعية الأساسية والقانون والعرف والعادة».
بدورها، قالت الأمين المساعد لـ«مجمع البحوث الإسلامية» بالأزهر، الدكتورة إلهام شاهين، إن «الفتوى الدينية لا يمكن أبداً أن تتعارض مع النصوص القانونية». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «الدستور المصري ينص على أن الشريعة الإسلامية، هي مصدر أساسي للتشريع، وبالتالي فإن القوانين تشرع بناء على النصوص الدينية». وأضافت أنه «عند وضع أي قانون في مصر يتم تشكيل لجنة من العلماء لبيان مدى توافقه مع النصوص الدينية، وبعد وضع القانون ومناقشته يرسل مرة أخرى إلى مجمع البحوث الإسلامية أو هيئة كبار العلماء حسب نوعيته، لمراجعته وإجازته، أو إرسال ملاحظات عليه». وقالت: «القانون يوضع وفق نصوص الشريعة الإسلامية».
يأتي هذا في وقت شددت فيه الحكومة المصرية إجراءات مواجهة سرقة الكهرباء، عبر إجراءات تقضي بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين». بينما كثفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «للإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في وقت سابق، عن «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة».
وفرض القانون رقم 192 لعام 2020 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الكهرباء، الصادر بالقانون رقم 87 لعام 2015، عقوبات على سارقي التيار الكهربائي، من بينها ما تضمنته المادة 71 على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي»، وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين» (الدولار يساوي 48.40 جنيه في البنوك المصرية).
وأكد المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة في مصر، محمد رضا، أن «سرقة الكهرباء مجرّمة قانوناً». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يمكن أن تتعارض الفتاوى الدينية مع النصوص القانونية، لا سيما أن مراحل إقرار القانون تستلزم استطلاع الرأي الشرعي فيها».
وأعلن جهاز «تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك» أخيراً أسعار شرائح استهلاك الكهرباء الجديدة (7 شرائح متصاعدة حسب الاستهلاك) التي تم تطبيقها بداية من 17 أغسطس (آب) الماضي، على العدادات مسبقة الدفع (الكارت). وتطبق على فواتير شهر سبتمبر (أيلول) الحالي بالنسبة للعدادات القديمة. وجاء رفع أسعار الكهرباء للمنازل بنسب تراوحت ما بين 14 إلى 40 في المائة، وللقطاع التجاري ما بين 23.5 إلى 46 في المائة، وللقطاع الصناعي ما بين 21.2 إلى 31 في المائة.