«الري المصرية» تستعين بالمؤسسات الدينية للحض على ترشيد المياه

في ظل تعثّر ملف «سد النهضة» الإثيوبي

شيخ الأزهر خلال لقاء وزيري «الري» و«الأوقاف» بهدف التوعية بالمياه (الري المصرية)
شيخ الأزهر خلال لقاء وزيري «الري» و«الأوقاف» بهدف التوعية بالمياه (الري المصرية)
TT

«الري المصرية» تستعين بالمؤسسات الدينية للحض على ترشيد المياه

شيخ الأزهر خلال لقاء وزيري «الري» و«الأوقاف» بهدف التوعية بالمياه (الري المصرية)
شيخ الأزهر خلال لقاء وزيري «الري» و«الأوقاف» بهدف التوعية بالمياه (الري المصرية)

قررت وزارة الري المصرية الاستعانة بالمؤسسات الدينية في البلاد، لتكثيف حملات التوعية بترشيد استخدامات المياه، في ظل التعثر الذي يشهده ملف «سد النهضة» الإثيوبي.

وتستهدف الحكومة المصرية تكثيف حملات التوعية، للحفاظ على المياه، وترشيد استخداماتها، في وقت تعاني فيه البلاد من عجز مائي يبلغ 55 في المائة من احتياجاتها، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل، بحصة سنوية تصل إلى 55.5 مليار متر مكعب، حسب بيانات «الري المصرية».

يأتي ذلك، في ظل استمرار إثيوبيا في بناء «سد النهضة» وتشغيله دون اتفاق قانوني مع مصر والسودان. وأدانت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب لمجلس الأمن، خلال الأسبوع الماضي، تصريحات لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أخيراً، أعلن فيها «اكتمال بناء السد بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وحذّر الخطاب من «التأثيرات الخطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين».

وسعياً لمشاركة علماء الأزهر وأئمة وزارة الأوقاف المصرية (المسؤولة عن المساجد) في حملة توعية تستهدف الحفاظ على المياه في مصر، استقبل شيخ الأزهر أحمد الطيب، وزير الري المصري هاني سويلم، ووزير الأوقاف المصري أسامة الأزهري، السبت، في مقر «مشيخة الأزهر» بوسط القاهرة.

ووفق إفادة لوزارة الري المصرية، أكد الطيب «أهمية تقديم حملات مؤثرة لرفع الوعي بقضايا المياه، وترشيد استخدامها والحفاظ عليها»، إلى جانب «ضرورة تثقيف أئمة المساجد لتناول تلك القضية»، مشيراً إلى استعداد الأزهر «لتصميم مقرر دراسي لتناول القضايا المجتمعية المتعلقة بالمياه والبيئة والمناخ»، مشدداً على «صياغة تلك المقررات الدراسية بأسلوب سهل يتناسب مع المراحل التعليمية المختلفة».

وعدّ وزير الري المصري، مشاركة علماء الأزهر في حملات التوعية عبر خطب الجمعة والدروس الدينية «منبراً قوياً للحفاظ على المياه من منظور ديني وأخلاقي»، مشيراً إلى أن «التعاون مع المؤسسات الدينية سيشمل الكنيسة المصرية، ضمن إجراءات استهداف مراكز التأثير في المواطنين لتوصيل رسائل التوعية بالمياه».

وأشار الوزير سويلم إلى إجراءات أخرى ستشملها حملات التوعية بالمياه خلال المدة المقبلة، بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم وبعض الوزارات الأخرى، تتضمّن «إدخال المياه في المناهج الدراسية، للوصول إلى مختلف الفئات المجتمعية، وتوضيح محدودية الموارد المائية بمصر، مع تحدي خطر الزيادة السكانية والتغيرات المناخية».

جانب من «سد النهضة» الإثيوبي (رويترز)

ويقترب نصيب الفرد من المياه في مصر من حد الندرة المائية المطلقة بمعدل 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب «الري المصرية».

ويرى أستاذ الموارد المائية في «جامعة القاهرة»، عباس شراقي، أن «حملات التوعية لترشيد استخدامات المياه، من خلال رجال الدين، والمؤسسات التعليمية؛ ضرورية». وأرجع ذلك إلى «ضرورة تحمّل الأجيال الجديدة مسؤولية كيفية الاقتصاد في استخدام المياه، خصوصاً أن غالبية الموارد المائية لمصر تأتي من الخارج عبر نهر النيل». وطالب في الوقت نفسه بأن تشمل الحملات «ترشيد الاستهلاك في المؤسسات الحكومية، لإهدار كميات كبيرة من المياه بسبب عدم صيانة المرافق بها».

ودعا شراقي إلى ضرورة أن «تتنوع حملات التوعية، لتشمل ترشيد المياه في الزراعة والمنازل والصناعة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أهمية تلك الإجراءات في أن «توفير 10 في المائة من المياه في القطاع المنزلي يوفّر نحو مليار متر مكعب من المياه سنوياً، وتوفير النسبة نفسها في القطاع الزراعي يوفّر نحو 7 مليارات متر مكعب». وقال إن هذه النسب «مهمة، وتوفّر على الحكومة تكلفة مالية عالية».

وتصل استخدامات القطاع الزراعي من المياه في مصر نحو 76.7 في المائة من الحصة المائية لديها، بواقع 61.3 مليار متر مكعب، في حين تصل نسبة الاستخدامات المنزلية نحو 13.4 في المائة، بواقع 10.7 مليار متر مكعب، وبلغت باقي الاستخدامات 9.9 في المائة، بواقع 7.9 مليار متر مكعب، وفق تقرير لـ«الجهاز المركزي للإحصاء» بمصر في مارس (آذار) 2019.

بينما يرى أستاذ المياه في «جامعة القاهرة»، نادر نور الدين، أن «حملات التوعية السابقة لترشيد استخدامات المياه، لم تحقق النتائج المرجوة»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «إشراك المؤسسات الدينية والتعليمية في حملات الحفاظ على الموارد المائية، قد يحقق بعض الفوائد». وأرجع سبب الحملة المرتقبة من وزارة الري المصرية إلى «زيادة نسبة المياه المهدرة في المنازل العام الماضي بأكثر من 30 في المائة، ما يعادل 3.3 مليار متر مكعب».


مقالات ذات صلة

مصر تواصل هيمنتها على التصنيف العالمي للإسكواش

رياضة عربية نور الشربيني حافظت على صدارة التصنيف العالمي للاعبات الإسكواش (رويترز)

مصر تواصل هيمنتها على التصنيف العالمي للإسكواش

حافظ الثنائي المصري علي فرج ونور الشربيني على صدارة التصنيف العالمي للإسكواش لفئتي الرجال والسيدات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا شرطيون ألمان (أرشيفية - رويترز)

ألمانيا: محاكمة رجل بتهمة احتجاز وإساءة معاملة امرأة في الغردقة

بدأت وقائع محاكمة ألماني أمام المحكمة الإقليمية الأولى في ميونيخ بتهمة احتجاز ألمانية في شقة على مدار شهرين في منتجع الغردقة المصري.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة» يوم الاثنين المقبل بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان».

أحمد عدلي (القاهرة)

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
TT

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان»، في ظل تضمين القرار أسماء عدد من قيادات الجماعة «المحظورة» رسمياً، أو محسوبين عليها، وعلى رأسهم يوسف ندا، ووجدي غنيم، وأمير بسام، ويحيى حامد، والأخير شغل منصباً وزارياً خلال حكم الجماعة بين عامي 2012 و2013.

وقررت محكمة الجنايات رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الإرهابيين استجابة لطلب النائب العام في قضية «تمويل جماعة الإخوان»، التي بدأ تحريكها عام 2014، بينما تضمنت حيثيات القرار إجراء «الأمن الوطني» تحريات تكميلية بشأن 808 أشخاص سبق إدراجهم في القضية البالغ عدد المتهمين فيها أكثر من 1500 شخص.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في مصر جدلاً بشأن تداعيات القرار، فبينما فسره البعض بوصفه «يمهد لإمكانية التصالح مع الإخوان»، نفى آخرون ذلك وبينهم برلمانيون مصريون، مشددين على أن «الإجراء طبيعي وقانوني ولا يمثل بداية لأي مصالحة مع الإخوان»، التي صنفت «إرهابية» بأحكام قضائية.

وذكر عدد من المدونين تأكيدات على استمرار إدراج بعض الأسماء على القوائم، لكن في قضايا أخرى بخلاف القضية التي جرى رفع اسمهم فيها.

ودشن عدد من المتابعين وسم «لا تصالح مع الإخوان» للتعبير عن رفضهم القرار، مستذكرين الضباط والجنود الذين سقطوا ضحايا للعمليات الإرهابية.

ودخل عضو مجلس النواب (البرلمان) النائب محمود بدر على خط السجال مستبعداً في تدوينة عبر حسابه على «إكس»، أن يكون القرار مقدمة للمصالحة مع «الإخوان»، مؤكداً أن الإدراج على القوائم «إجراء احترازي» لم تعد هناك حاجة لتطبيقه على الأسماء التي صدر قرار برفعها.

وأضاف أن بعض الشخصيات رحلت عن الحياة على غرار القرضاوي ونجل الرئيس الأسبق محمد مرسي، والبعض الآخر صدرت بحقه أحكام قضائية نهائية، والبعض صدر بحقه قرار بالعفو الرئاسي ويمارس حياته بشكل اعتيادي، ولم تعد هناك ضرورة لتطبيق هذا الإجراء الاحترازي بحقه.

وهنا يشير الصحافي المتخصص بالملف القضائي محمد بصل لـ«الشرق الأوسط»، إلى صعوبة تحديد أعداد المدرجين على قوائم «الإرهاب» بسبب وجود كثير من القضايا وتكرار أسماء بعض الشخصيات في أكثر من قائمة، الأمر الذي يؤدي أيضاً لصعوبة تحديد الأعداد الفعلية التي استفادت من قرار المحكمة الأخير، مشيراً إلى أن الأعداد الفعلية للمدرجين تقدر بـ«الآلاف».

وأضاف أن النيابة العامة والجهات القضائية وحدهما القادرتان على حصر الأسماء غير المتكرر إدراجها في قوائم أخرى لتحديد استفادتها من قرار المحكمة، مشيراً إلى أن القضية التي فتح التحقيق فيها قبل سنوات، لم يصدر أي قرار بحبس أي متهم فيها حتى الآن، ولم تتم إحالة المتهمين فيها للمحاكمة، وكان الإدراج على قوائم الإرهاب الإجراء القانوني الوحيد المتخذ بحق المتهمين.

لكن النائب محمود بدر كشف في تدوينته، عن وجود 4408 أشخاص وكيانات مدرجة على القوائم، بحسب آخر تحديث في 12 أغسطس (آب) الماضي.

ويفرّق مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور عمرو الشوبكي، بين «الإجراء القضائي الذي يهدف إلى رفع الصفة عن أشخاص طبقت عليهم إجراءات استثنائية في ظروف محددة كانت الدولة تواجه فيها مخاطر وجودية، ومتورطين في جرائم عنف وتحريض من الجماعة، لا يوجد مجال للتصالح معهم».

ويؤكد مستشار مركز الأهرام لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطوة رفع الأسماء من القوائم مهمة، خصوصاً مع وجود كثيرين يستحقون حذف أسمائهم من هذه القوائم».

ووفق بيان النيابة العامة، الأحد، فإن الـ716 الذين شملهم القرار، «ثبت توقفهم عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها».

ويقول محامي عدد من المتهمين في القضية محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط»، إن القانون لا يحدد مدة معينة لانتهاء الجهات المعنية من التحريات حول المتهمين، ومن ثم لا يمكن توقع أي توقيتات بشأن الفصل في مصير باقي الأسماء المدرجة على «قوائم الإرهاب» في القضية.

وعادة ما تتجاهل السلطات المصرية أي حديث عن مبادرة للتصالح مع «الإخوان»، التي كان آخرها ما طرحته الجماعة، في رسالة منسوبة لنائب القائم بأعمال «المرشد العام»، حلمي الجزار (مقيم في لندن)، في أغسطس الماضي، عن مبادرة تشمل إطلاق سراح سجناء الجماعة، مقابل اعتزال «الإخوان» العمل السياسي.

لكن الجزار عاد بعد شهر من طرح المبادرة، مؤكداً أن حديثه عبارة عن بحث لتسوية سياسية للوضع، لا يقتصر فقط على «الإخوان»؛ لكن يشمل كل الأطراف في الداخل والخارج.