الاستخبارات التركية تتحرك لـ«رأب الصدع» في ليبيا

غداة زيارة السيسي لأنقرة... ووسط أزمة «المركزي الليبي» والنفط

الدبيبة مستقبلاً رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين في طرابلس الخميس (وسائل إعلام تركية )
الدبيبة مستقبلاً رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين في طرابلس الخميس (وسائل إعلام تركية )
TT

الاستخبارات التركية تتحرك لـ«رأب الصدع» في ليبيا

الدبيبة مستقبلاً رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين في طرابلس الخميس (وسائل إعلام تركية )
الدبيبة مستقبلاً رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين في طرابلس الخميس (وسائل إعلام تركية )

بحث رئيس المخابرات التركية، إبراهيم كالين، مع المسؤولين الليبيين في طرابلس سبل التوصل إلى حلول توافقية بين الأطراف، من خلال حوار وطني شامل يضمن الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها.

وزار كالين طرابلس، أمس الخميس، حيث عقد، ونائبه جمال الدين تشاليك، مباحثات مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، ومسؤولين بالمجلس الرئاسي الليبي، حول النزاعات في البلاد، وشدَّد على التزام بلاده بوحدتها واستقرارها.

وجاءت زيارة كالين لطرابلس غداة الزيارة التي قام بها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لأنقرة، حيث تناولت مباحثاته مع الرئيس رجب طيب إردوغان والوزراء والمسؤولين في حكومته، ومنهم رئيس المخابرات إيراهيم كالين، الملف الليبي، الذي كان أحد الملفات الخلافية بين البلدين اللذين اتفقا على إجراء مزيد من المباحثات بشأنه، في إطارٍ يضمن انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بما يضمن وحدة أراضي ليبيا وسلامتها واستقرارها، وفق ما أكد السيسي، في مؤتمر صحافي مع إردوغان، الأربعاء.

جانب من مباحثات الدبيبة وكالين في طرابلس الخميس (وسائل إعلام تركية)

وأرسلت تركيا آلافاً من جنودها وعناصر من المقاتلين السوريين المرتزقة من الفصائل السورية المُوالية لها إلى ليبيا، وفق تقارير الولايات المتحدة، منذ بداية عام 2020 بموجب مذكرة تفاهم للتعاون الأمني والعسكري مع حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة، برئاسة فائز السراج، وقّعها مع إردوغان في إسطنبول 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.

كما جاءت زيارة كالين إلى طرابلس في وقت تعمل فيه السلطات الليبية المتنافسة على نزع فتيل مواجهة سياسية تدور أساساً حول الإطاحة بمحافظ البنك المركزي الليبي، الصديق الكبير، والذي كان مقرَّباً من تركيا.

وتناول الدبيبة مع كالين العلاقات الثنائية بين البلدين والملفات ذات الاهتمام المشترك، ومستجدّات الشرق الأوسط، بما في ذلك الأحداث الجارية في غزة، وفق بيان لحكومة الوحدة.

وقالت مصادر أمنية تركية، الجمعة، إن المباحثات ركزت على ضرورة العمل المشترك لدعم الاستقرار الإقليمي وحماية المدنيين، مع التركيز على تعزيز التعاون في المجالات السياسية والأمنية.

وترتبط طرابلس بعدد من الاتفاقات الأمنية والعسكرية والاقتصادية، التي جرى توقيعها في عهد الدبيبة، وفي عهد حكومة السراج.

وسبق لقاءَ كالين والدبيبة، اجتماعٌ عقده رئيس المخابرات التركية، ونائبه جمال الدين تشاليك، مع نائبيْ رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبد الله اللافي، وموسى الكوني؛ لبحث التطورات السياسية الأخيرة في ليبيا، وسبل تعزيز الاستقرار، ودفع العملية السياسية إلى الأمام.

ووفق بيان للمجلس الرئاسي، أكد المسؤولان الليبيان أهمية الاحتكام إلى الإرادة الوطنية الخالصة في مواجهة التحديات الراهنة، وشدّدا على أن المرحلة الحالية تتطلب تكاتف جميع الليبيين للوصول إلى تسوية سياسية شاملة، لافتين إلى أهمية دعم المجتمع الدولي، بما في ذلك تركيا، مسار الحوار الذي يُعزز فرص الوصول إلى حل سياسي يُنهي الأزمة ويحقق تطلعات الشعب الليبي في بناء دولة ديمقراطية ومستقرة.

واكتفت حكومة «الوحدة» بقول إن لقاء الدبيبة ورئيس جهاز الاستخبارات التركية تناول العلاقات الثنائية بين البلدين، والملفات ذات الاهتمام المشترك، ومستجدّات الشرق الأوسط، بما في ذلك الأحداث الجارية في غـزة، مؤكدين ضرورة العمل المشترك لدعم الاستقرار الإقليمي وحماية المدنيين، مع التركيز على تعزيز التعاون في المجالات السياسية والأمنية.

وقال مصدر مقرَّب من الحكومة، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إن اللقاء تمحور حول أزمة المصرف المركزي، وما ترتّب عليه من إغلاق النفط من قِبل سلطات شرق ليبيا، مشيراً إلى أن اللقاء يأتي في أعقاب الزيارة التي أجراها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتركيا، وما ترتَّب عليها من تأكيدات الطرفين «طيّ» صفحة الخلاف في ليبيا، والتشديد على ضرورة إخراج القوات الأجنبية.


مقالات ذات صلة

مصر والبرازيل لرفع العلاقات الثنائية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي  ونظيره البرازيلي لولا دا سيلفا قبل اجتماع في ريو دي جانيرو (ا.ف.ب)

مصر والبرازيل لرفع العلاقات الثنائية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقع مع الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، بياناً مشتركاً بشأن ترقية…

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع الوفدين المصري والتركي في مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالقاهرة (من حساب رئيس مجلس العليم العالي التركي في «إكس»)

مصر وتركيا تتفقان على إنشاء جامعة مشتركة في القاهرة

تم الاتفاق على إنشاء جامعة مصرية - تركية مشتركة بالقاهرة تنفيذاً لمذكرة تفاهم وُقِّعت بين الجانبين خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأنقرة في سبتمبر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تصاعد الدخان من المباني التي تعرّضت لقصف جوي إسرائيلي في صور جنوب لبنان (أ.ب)

السيسي يؤكد على أهمية وقف إطلاق النار العاجل في لبنان وغزة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الخميس)، خلال استقباله رئيس المخابرات الأميركية، أهمية التوصل بشكل عاجل لوقف إطلاق النار في لبنان وغزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية فلسطينيون ينظرون إلى الأضرار بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة المحيطة بمستشفى كمال عدوان في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)

مقترح أميركي للهدنة في غزة... وإسرائيل تبحث «مشروع اتفاق جديد»

أعلنت إسرائيل أمس (الاثنين)، أنها ناقشت مع المفاوضين المجتمعين في قطر «مشروع اتفاق» بشأن الإفراج عن رهائن محتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.