مَن هم المرشحون الثلاثة لانتخابات الرئاسة الجزائرية؟

أصوات الناخبين ستُحدد غداً السبت الفائز بلقب رئيس الجمهورية

جزائريتان تمران بجانب لوحة دعائية تحمل صور المرشحين الثلاثة (إ.ب.أ)
جزائريتان تمران بجانب لوحة دعائية تحمل صور المرشحين الثلاثة (إ.ب.أ)
TT

مَن هم المرشحون الثلاثة لانتخابات الرئاسة الجزائرية؟

جزائريتان تمران بجانب لوحة دعائية تحمل صور المرشحين الثلاثة (إ.ب.أ)
جزائريتان تمران بجانب لوحة دعائية تحمل صور المرشحين الثلاثة (إ.ب.أ)

يُعد يوسف أوشيش أصغر المرشحين الثلاثة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، لكن ذلك لا يعني أنه مبتدئ في عالم السياسة، خصوصاً أنه ينتمي للحزب العريق، «جبهة القوى الاشتراكية»، الذي أسسه رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد عام 1963.

وُلد أوشيش في عام 1983 في بوغني بمحافظة تيزي وزو، كبرى حواضر القبائل الناطقة بالأمازيغية، وهو حاصل على شهادة في العلوم السياسية من جامعة الجزائر العاصمة؛ إذ كان من أبرز نشطاء «تجمع الطلاب المستقلين». وقد سبّب نشاطه السياسي إزعاجاً للسلطات، فأحالته على القضاء الذي حكم عليه بالسجن 6 أشهر، مع وقف التنفيذ عام 2004، بتهمة «تنظيم تجمعات غير قانونية»، لكنه حصل على البراءة في الدرجة الثانية من التقاضي.

وبرز أوشيش في الساحة السياسية عام 2002، بصفته عضواً في «جبهة القوى الاشتراكية»، وهو حزب علماني يملك تجذراً شعبياً في منطقة القبائل، التي غالباً ما تقاطع الانتخابات. واشتغل أيضاً صحافياً بين 2008 و2012، قبل أن يُنتخب عضواً في البرلمان عن حزبه من 2017 إلى 2022، ثم ترأس المجلس الشعبي لولاية تيزي وزو، وانتُخب عضواً في «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) عام 2022.

ويترأس أوشيش سكرتارية «القوى الاشتراكية» منذ 2020. وفي يونيو (حزيران) 2024 رشحه الحزب للانتخاب، إثر نقاش داخلي حاد، احتدم بين مؤيد ومعارض للمشاركة في الاستحقاق. وقال أوشيش في هذا الاجتماع: «سنكون صوت الشعب، خصوصاً صوت المنسيين والمضطهدين». وتعهّد بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، في حال أصبح رئيساً.

وهذه هي المرة الثانية، التي يُشارك فيها الحزب في انتخابات رئاسية بعد انتخابات 1999، بعدما انسحب يومها مؤسسه ومرشحه حسين آيت أحمد، رفقة 6 مرشحين آخرين من السباق بعد نهاية الحملة، متهمين الجيش بـ«الانحياز» لعبد العزيز بوتفليقة، الذي صار رئيساً. وشعار أوشيش في هذه الانتخابات هو: «رؤية للغد».

أما عبد العالي حساني شريف (57 عاماً) فيتحدّر من ولاية ميلة، جنوب شرقي الجزائر، التي يتنازعها سياسياً الإسلاميون والمحافظون المنتمون لحزب «جبهة التحرير الوطني» المؤيد للسلطة.

يملك حساني شهادة مهندس دولة في الهندسة المدنية، ودرجة في العلوم القانونية والإدارية. وقد نشط في الحركة الطلابية في جامعة ميلة حتى عام 1992، وعمل في مديرية الأشغال العمومية في ولايته لمدة 8 سنوات، حتى عام 2002.

انضم حساني إلى «حركة مجتمع السلم» في سن مبكرة، وهي حزب إسلامي يزعم قطاع من مناضليه أنه امتداد لـ«الإخوان المسلمين»، الذي تأسس في عام 1990، وكان زعيمه الراحل محفوظ نحناح راديكالياً ضد السلطة في أيام النشاط السري خلال سبعينات القرن الماضي، لكنه بدّل موقفه باعتماد «سياسة المشاركة» في السلطة، فحصل حزبه على حقائب في الحكومة بدءاً من سنة 1997 إلى 2012، بعدما انتقل إلى المعارضة على خلفية «أحداث الربيع العربي».

وفي ميلة أصبح حساني عضواً في مكتب حزبه المحلي عام 1995، ثم نائباً لرئيس المجلس الشعبي للولاية من 2002 إلى 2007، وعضواً في البرلمان من 2007 إلى 2012. وترأّس مكتب «مجتمع السلم» في ميلة بين 2008 و2013، وكان يدير حتى عام 2023 ملفات التنظيم والتكنولوجيا في المكتب الوطني للحزب.

في البداية، كان من المتوقع أن يكون المرشح هو الرئيس السابق عبد الرزاق مقري، الذي انتقد «تضييق دائرة الترشيحات» في حزبه، عادّاً أن ذلك كان «مفروضاً من طرف السلطة».

وبشعار «فرصة»، يشارك «مجتمع السلم» للمرة الثانية في الانتخابات الرئاسية بعد انتخابات 1995، مدعوماً من «حركة النهضة» الإسلامية، في حين رفض القيادي الإسلامي البارز، عبد الله جاب الله، أن يُعطي توجيهات لمناضلي حزبه «جبهة العدالة والتنمية» بالتصويت لحساني، مفضلاً أن يكون انتخابهم بالورقة البيضاء.

وقال حساني في حملة الانتخابات: «إنه يحمل مشروعاً يوفر فرصة لجميع الجزائريين والجزائريات، لتغيير ظروف معيشتهم نحو الأفضل».

أما عبد المجيد تبون، الذي وُلد عام 1945 في منطقة المشرية بولاية النعامة بالجنوب الغربي، فقد تخرج عام 1969 في «المدرسة الوطنية للإدارة» التي أمدّت أجهزة الدولة والمؤسسات الحكومية بآلاف الكوادر والمسيرين، في الخمسين سنة الماضية.

وأصبح تبون إدارياً، ثم «مكلفاً بمهمة» بهيئات حكومية، وأخيراً أميناً عاماً في عدة ولايات من البلاد حتى نهاية ثمانينات القرن الماضي. ومن 1991 إلى 2017، شغل عدداً من المناصب الوزارية، بما في ذلك وزارة الإسكان والتعمير، قبل أن يُعين رئيساً للوزراء في يونيو (حزيران) 2017، ليزاح من المنصب بعد 3 أشهر، بسبب خلاف مع سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وكبير مستشاريه سابقاً، ومجموعة من رجال الأعمال النافذين في الحكم. ويقول تبون عن نفسه إنه «ضحية» هؤلاء الذين يصفهم بـ«عصابة».

انتُخب عبد المجيد تبون رئيساً للجزائر في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019 في استحقاق شهد نسبة مشاركة 39 بالمائة، وكان مرفوضاً من طرف المتظاهرين في الحراك، الذي أدى إلى سقوط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد 20 عاماً من الحكم.

ويعدّ عبد المجيد تبون نفسه «صاحب إصلاحات عميقة» طالت، حسبه، كل القطاعات. لكن يأخذ عليه الحقوقيون والنشطاء السياسيون المستقلون، أنه قلص مساحات الحرية في البلاد خلال ولايته الأولى.

ويترشح بون لولاية ثانية تحت شعار «من أجل جزائر منتصرة»، بدعم من عدة أحزاب، وقد صرح خلال تجمع دعائي بأنه «أنقذ البلاد من الانهيار المالي»، وباتت الجزائر، وفق تصريحاته، «مهابة الجانب، وكلمتها مسموعة في العالم».



دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».